الجمعة , 19 أبريل 2024

رغم خفض تكلفة التعامل.. « البورصة المصرية».. تبحث عن منقذ !!

كتب شيماء محمد

 

 

يبدو أن الجهات الرقابية والتنظيمية المسئولة عن سوق المال المصرية بدأت تفطن لخطورة وضع البورصة المصرية ، وأداءها غير المقنع على مدار الشهور الماضية ، على الرغم من الإداء الإقتصادى الجيد الذى تقوم به المجموعة الإقتصادية والنقدية، ولذلك شرعت تلك الجهات للعمل على تخفيف الأعباء عن كاهل المستثمرين بسوق المال من خلال خفض تكلفة مقابل التعامل بالبورصة المصرية.

محللو سوق المال إعتبرو تلك الإجراءات غير كافية تماماً لتنشيط سوق المال والبورصة المصرية ، مؤكدين أن قيمة الخفض غير كافية لزيادة السيولة بالبورصة المصرية، قائلين أن الخفض الحقيقي المنتظر في قيمة ضريبة الدمغة التي تزيد أعباء التداول بالبورصة.

كانت هيئة الرقابة الماليَّة المصريَّة وافقت على خفض تكلفة مقابل الخدمات المحصَّلة من مؤسسات السوق عن عمليات التداول بالبورصة المصريَّة، وإرسال مشروع القرار إلى رئيس مجلس الوزراء لإتخاذ إجراءات استصداره.

من المعروف أن هيئة الرقابة الماليَّة المصريَّة تختص بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات الماليَّة غير المصرفيَّة بما في ذلك أسواق رأس المال، وبورصات العقود الآجلة، وأنشطة التأمين، والتمويل العقاري والتأجير التمويلي والتخصيم والتوريق، وذلك بهدف تحقيق سلامة واستقرار تلك الأسواق والأدوات وتنظيم الأنشطة وتنميتها وتعظيم قدرتها التنافسيَّة على جذب مزيد من الاستثمارات المحليَّة والأجنبيَّة، وتعمل على الحد من مخاطر عدم التنسيق ومعالجة المشكلات التي تنتج عن اختلاف الطرق أو الأساليب الرقابيَّة.

محمد عمران رئيس هيئة الرقابة الماليَّة ، قال إن مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه الأخير، وافق على خفض تكلفة مقابل الخدمات المحصلة من مؤسسات السوق عن عمليات التداول بالبورصة المصريَّة ، مشيراً إلى إرسال مشروع القرار إلى رئيس مجلس الوزراء لإتخاذ إجراءات استصداره .

أضاف، إن مشروع القرار ينص على خفض هذه التكلفة بواقع نسبة 20% لمقابل عمليات التداول للهيئة لتصبح 5 في المئة ألف بدلاً من 6.25 في المئة ألف، وخفض بنسبة 20% لعمليات المقاصة والتسويَّة لتصبح 10 في المئة ألف بدلاً من 12.5 في المئة ألف، وأيضاً بنسبة خفض 17% للبورصة لتصبح 10 في المئة ألف بدلاً من 12 في المئة ألف”.

أوضح أن اللجنة الاستشاريَّة للهيئة في مجال سوق رأس المال أوصت بخفض مصاريف صندوق حمايَّة المستثمر بنسبة 50% لتصبح 5 في المئة ألف بدلاً من 1 في العشرة آلاف، وتخفيض مقابل الخدمات عن عمليات التداول على السندات وصكوك الدين وأدوات الدين الأخرى المقيدة بالبورصة بنسبة خفض 50% مقابل الخدمات عن عمليات التداول على الأسهم بعد تعديلها.

أكد أيضاً أن القرار يأتي حرصاً منها على تنميَّة سوق رأس المال، والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات وحمايَّة المتعاملين به بما يحقق كفاءة الأسواق، والإسهام في زيادة نمو الاقتصاد القومي المصري”، موضحاً أن الهيئة سبقت تلك الخطوة بعقد كثير من الاجتماعات وإجراء المناقشات مع أطراف السوق، وطرح وتلقي المقترحات المتعلقة بخفض تكلفة المعاملات بالبورصة المصريَّة، بهدف تشجيع الاستثمار وخلق بيئة استثماريَّة تنافسيَّة بين الأسواق الماليَّة العالميَّة والإقليميَّة لتصبح المصريَّة الأقل تكلفة في قيمة عمليات التداول بين الأسواق المحيطة.

مايكل نجيب مدير علاقات العملاء بشركة عربية أون لاين، قال إن قرار خفض قيمة التعامل إيجابي، ولكنه غير مؤثر بشكل كبير على تداولات البورصة، مشيراً إلى أن القرار يعتبر جزءاً من الكل، مؤكداً أن السوق في إنتظار خفض ضريبة الدمغة المرتفعة.

أضاف أن خفض ضريبة الدمغة سيؤدي إلى إرتفاع أحجام التداول بالبورصة المصرية، حيث بلغت قيمة التداول ببورصة مصر خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري نحو 292.3 مليار جنيه.

أيمن فودة رئيس لجنة سوق المال، أكد أن القرار إيجابي على الجانب المعنوي وليس على مستوى التداولات، موضحاً أن قيمة الخفض غير ملموسة والأهم منها خفض ضريبة الدمغة، حيث فرض القانون الحالي ضريبة دمغة بنسب متدرجة على تعاملات شراء وبيع الأوراق المالية ، كانت الشريحة الأولى بنسبة 1.25 في الألف، وانتهى العمل بها في 31 مايو 2017، والثانية وهي الحالية بنسبة 1.5 في الألف من أول يونيو 2018 وحتى 31 مايو 2019، والشريحة الثالثة بنسبة 1.75 في الألف وكان من المفترض تطبيقها العام الجاري ولكن مجلس النواب قرر تثبيتها.

يذكر أنه في مايو الماضي، إنتهت وزارة المالية المصرية من إعداد مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القانون رقم 76 لسنة 2017 الخاص بضريبة الدمغة على تعاملات البيع والشراء بالبورصة المصرية.

ينص التعديل التشريعي على إلغاء تطبيق الزيادة الثالثة على ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة بجميع أنواعها والمدرجة بالقانون الحالي؛ بحيث تظل ثابتة عند مستواها الحالي عند سعر 1.5 في الألف للبائع ومثلها للمشتري ،وذلك في تعاملات البيع والشراء اليومية بسوق المال.

كان مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، قد وافق على مقترح مقدم من هيئة الرقابة المالية يتضمن خفض تكلفة التداول بالبورصة بنسبة 50%، بالإضافة إلى توسيع نطاق صندوق حماية المستثمر.

من ناحية أخرى كشفت دراسة حديثة لهيئة الرقابة المالية ، أن تكاليف التداول ضمن العوامل الأكثر أهمية التى تؤثر على جاذبية الأسواق المالية، وتضم 4 عوامل وهى أولا المؤسسية، والتى تتضمن البنية الأساسية للأسواق، البيئة التشريعية (قوانين ولوائح )، تطور القطاع المصرفى، التنوع داخل السوق، حماية المتعاملين والافصاح والشفافية.

أشارت إلى أن البعد الثانى عوامل الاقتصاد الكلى والتى تتضمن السياسة النقدية، السياسة المالية، سياسات الشراكات الأجنبية، عوامل تطور الاقتصاد تكنولوجياً، ثم بعدى العرض والطلب حيث، يتضمن بعد العرض كل من حجم السوق، معدل نمو السوق، عدد الشركات المدرجة، قيم التداولات، الإدراجات الجديدة والاكتتابات، أما بعد الطلب فيتضمن خصائص المستثمرين الأفراد والمؤسسات، العائد والمخاطرة، تكلفة التداول، عوائق الدخول والخروج من السوق.

استعانت دراسة هيئة الرقابة المالية، بدراسة استقصائية أجرتها The Economic Intelligence Unit لتحديد أهم العوامل للمستثمرين عند اختيار سوق الأوراق المالية، حيث لا تزال السيولة هى العوامل المهيمنة عند  اختيار سوق الأوراق المالية لأغراض الاستثمار.

كما أشار الاستطلاع، إلى أن أسواق الأسهم فى الأسواق المتقدمة (DM) لها مزايا من شأنها  يصعب على الأسواق الناشئة التغلب عليها فى المستقبل القريب، العامل المهيمن كانت السيولة، حيث لا تزال معظم بورصات الأسواق الناشئة لا تملك السيولة اللازمة لمنافسة نظرائهم فى الاسواق المتقدمة، احتلت السيولة المرتبة الأولى فى اهتمامات المستثمرين فى الأسواق المالية، تلاها عامل التقييم ثم تكلفة الإدراج، وجاء فى المركز الأخير التوافق الثقافى وقبله سرعة عملية الإدراج.

أوضحت أن تكاليف التداول ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسيولة السوق، وهو عامل مهم جدًا فى عالم سوق المال، إذ أن سيولة السوق تعبر عن سهولة تداول الأدوات المالية، وتعد تكاليف التداول مهمة للمستثمرين لأنها واحدة من المحددات الرئيسية لقراراتهم الاستثمارية، فتكاليف التداول المرتفعة تقلص العوائد، ومع مرور الوقت يمكن أن يكون لهذه التكاليف تأثير سلبى على مقدار رأس المال المتاح للاستثمارات.

أشارت الدراسة، إلى أن هناك نوعان من تكاليف التداول، وهما التكاليف المباشرة والضمنية وتتضمن أولا تكاليف مباشرة تتكون من عمولات السمسرة، رسوم السوق، تكاليف المقاصة والتسوية وضرائب / رسوم الدمغة، ثانيا التكاليف الضمنية، على سبيل المثال لا الحصر، فرق سعر العرض، وتأثير السوق، وتكاليف الفرصة التشغيلية، وتكاليف الفرصة البديلة لتوقيت السوق، وتكاليف الفرص التجارية الضائعة.

كما أكدت ، أن هناك عدة فوائد لتخفيض تكلفة التداول، سواء بالنسبة للشركة المصدرة، خاصة أن تخفيض التكاليف يساهم فى أولا زيادة رأس المال فى السوق وتشجيع الاستثمار الإنتاجي، ثانيا تحسين السيولة، والتى بدورها تقلل من علاوة السيولة التى يطلبها المستثمرون ، وبالتالى تقليل تكلفة جمع الأموال، ثالثا زيادة توافر الأموال لإعادة الاستثمار فى أسواق الأسهم بشروط مواتية، رابعا زيادة إجمالى العوائد على رأس المال وإعادة استثمار رأس المال، هذا بدوره يعمل على تشجيع الشركات على التوسع فى فرصة استثمار مثمرة جديدة، خامسا السماح للشركات بزيادة توزيع الأرباح على المساهمين، سادسا تحسين القدرة الإنتاجية للاقتصاد.

قالت أنه بالنسبة للمستثمرين، فأن تخفيض تكاليف التداول يساهم فى أولا المزيد من السيولة فى السوق مرتبطة بتراجع تكلفة التداول، وبالتالى القدرة على  شراء / بيع الأوراق المالية بسرعة بسعر عادل، ثانيا الحد من تقلب العوائد، الذى يؤدى إلى ارتفاع العائد المعدل بالمخاطر، ثالثا زيادة حجم التداول، رابعا رفع ثقة المستثمرين وشهوتهم الاستثمارية، خامسا قدرة أكبر على التحرك بسهولة داخل وخارج الأوراق المالية ، وزيادة جاذبية للمستثمرين ، والتى تؤدى إلى استخدام أفضل للسوق، سادسا قدرة أكبر على جذب مستثمرين جدد وممارسة الأعمال التجارية.

كما يساهم أيضا خفض تكاليف التداول فى التأثير إيجابيا على الاقتصاد من خلال تشجيع الاستثمار، زيادة الإنتاج، الحد من البطالة، زيادة مساهمة سوق المال فى نمو الناتج المحلى الإجمالى، موضحة أنه بمقارنة سوق المال المصرى بالأسواق المجاورة من البلدان العربية، يكشف أن البورصة المصرية الأقل رسوماً بين كافة الأسواق العربية، خاصة أن سوق الأسهم المصرى هو الأدنى من حيث رسوم التداول (الحالية) والتى بلغت 0.0408 ٪، تلاه سوق الكويت للأوراق المالية مسجلاً 0.0415٪.

وفى نفس الوقت سجل سوق الأوراق المالية السعودى ثالث أقل رسوم تداول بنسبة 0.050 ٪، ثم سوقى البحرين وقطر للأوراق المالية، واللتان تتقاضى رسومًا إجمالية قدرها 0.055٪ لكل منها، ويأتى سوق دبى المالى فى أسفل القائمة، مع إجمالى رسوم التداول 0.1500٪، فى حين تبلغ تكلفة التداول فى بورصة الدار البيضاء 0.1% للبورصة وعمولات أخرى 0.1% أى إجمالى 0.2%، بينما البورصة التونسية تبلغ قيمة العمولات حوالى 0.15%.

يذكر أن سوق أبو ظبى المالى قد خفض مؤخرا تكلفة التداول إلى عمولة السوق إلى 0.025 بالمائة، عمولة المقاصة 0.025%، عمولة الهيئة 0.05% بدلا من عمولة السوق 0.05 %، وعمولة المقاصة 0.05 %، وعمولة الهيئة 0.05%.

 

شاهد أيضاً

خبراء البورصة :« التمويل المستدام».. حجر الزاوية للإقتصاد الأخضر!

نظمت الهيئة العامة للرقابة المالية ممثلة في المركز الإقليمي للتمويل المستدام ، ومعهد التخطيط القومي، …