يشهد العالم صراعات متتابعة ، وما أن تهدأ إحدي بؤرات الصراع حتي يشتعل صراع جديد ، ومما لاشك فيه أن محيطنا العربي والإفريقي هو الأوفر حظاً من البؤس والصراعات الداخلية أو بين دول متجاورة .
ورغم تعدد البؤر المشتعلة بالصراعات في سوريا وليبيا واشتعال بؤرة جديدة في السودان ، والتوترات في العراق واليمن ولبنان ، وكذلك منطقة جنوب شرق آسيا بين الصين العملاق القادم وتايوان ، يظل الصراع الروسي الأوكراني هو أكثر الصراعات تأثيراً علي الأوضاع الاقتصادية والنقدية والسياسية ، وهو الصراع الذي ربما يؤدي لتسريع وتيرة التغيير في العالم ، وربما إرهاصات ميلاد نظام نقدي متعدد الأقطاب في العالم .
وتأتي أهمية وضخامة تأثير الصراع الروسي الأوكراني لأسباب متعددة أولها: أن هذا الصراع يمكن اعتباره حربا تقليدية بالوكالة بين حلف الناتو وروسيا الاتحادية ، ولا يبدو في الأفق القريب أن هناك منتصر ومهزوم في الصراع رغم استنزاف دول حلف الناتو لمخزونها من الأسلحة التقليدية .
أما عن الأثر الاقتصادي علي التجارة العالمية فهو ضخم بنفس ضخامة الصراع ، حيث تعتبر روسيا منتج رئيسي للطاقة من البترول والغاز والفحم ، بالاضافة لثقلها في أسواق المعادن وبعض المنتجات التكنولوجية المرتبطة بصواريخ ومركبات الفضاء، وكذلك الحجم الكبير لروسيا في صادرات القمح عالميا ، وكذلك تعتبر أوكرانيا من كبار المصدرين للقمح والذرة والمعادن والصويا وعباد الشمس ، وهو ما أثر علي التجارة العالمية ، ومع تضييق الدول الأوروبية ودول الناتو والعقوبات التي فرضتها علي مدفوعات روسيا تسارع الاتجاه نحو بديل نقدي عالمي ، خصوصا مع تخوفات دول كبري لها تأثير هائل علي التجارة العالمية من البلطجة والهيمنة الأمريكية و الأوروبية علي القرارات الاقتصادية الدولية .
وأصبحت ملامح نظام نقدي عالمي جديد علي وشك التكوين من خلال مجموعة البريكس ، والتي تضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا ، وهو تجمع مرشح للتوسع بقوة ليضم دولا جديدة من مختلف القارات ، إلا أن ميلاد نظام نقدي جديد قد يستغرق فترة من 5 إلي عشر سنوات ، ولكن في كل الأحوال التغيير قادم لعدم عدالة النظام النقدي الدولي ، بل يمكن اعتباره نظام مبني علي أفكار صبغتها عنصرية بين الشمال والجنوب .