ربما إعتقد البعض أن الإصلاح النقدي بمصاعبه الجمة كان هو المرحلة الأصعب في عملية الإصلاح الإقتصادي المعقدة جداً ، ولكن علي العكس ربما كان الإصلاح النقدي هو الأسهل والأكثر وضوحاً في مفرداته ، وتكمن صعوبته فقط في أنه احتاج قرارات شجاعة وجريئة من محافظ البنك المركزي في توقيت حرج وغاية في الصعوبة ، وربما كان في مقدمة القرارات الصعبة في تلك المرحلة هو تحرير سعر الصرف ، ومانتج عنه مرحليا من ضغوط تضخمية كبيرة بدأت تتلاشي مع مرور الوقت ، كما استخدم البنك المركزي السياسات النقدية بحكمة في إدارة وتوجيه الاقتصاد رغم الظروف الاقتصادية محلياً وعالمياً وصولا لجائحة كورونا التي قضت علي كثير من المكاسب ، وحولت النمو في بعض الدول لنمو سلبي.
وظهر واضحاً من تصريحات المسئولين أن الدولة بدأت في التوجه نحو المرحلة الثانية من عملية الإصلاح الاقتصادي ، وهي الإصلاح الهيكلي ، والتي تتسم بغزارة وكثرة التفاصيل وتداخلها وتعقيداتها ، بهدف زيادة كفاءة منظومة الإنتاج في الدولة بالكامل ، والتخلص من المعوقات التي تمنع الاقتصاد المصري من تحقيق انطلاقة حقيقية ، وربما نحتاج لتعديلات تشريعية منها قانون عمل موحد أو مايسمي قانون الخدمة المدنية ، وكذلك تعديل وضع بعض المؤسسات تشريعياً وقانونياً ، والتخلص من العمالة الزائدة أو غير الماهرة وتدريبها بشكل أفضل، وكذلك تحسين وسائل العمل وتطوير التكنولوجيا المستخدمة ، والربط بين كافة القطاعات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار ومبادرات الأعمال وصغار المستثمرين ومن يمتلكون أفكار خلاقة للمستقبل ، وللحقيقة هناك ألغام في طريق الإصلاح الهيكلي تحتاج لشجاعة وكذلك سعة أفق ورؤية لتحقيقها بدون حدوث مشاكل علي أرض الواقع .
ومما يدعم وضع مصر لتحقيق الإصلاح الهيكلي هو الاستقرار النسبي للإقتصاد المصري رغم جائحة كورونا ، واستمرار مصر في تحقيق معدلات نمو ايجابي ، رغم تحول أغلب دول العالم للنمو السلبي.
محمد النجار يكتب : الإصلاح الهيكلي ..المرحلة الأصعب
كتب محمد النجار