السبت , 27 أبريل 2024
حسام ناصر نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية الاسبق

حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق :الدين الخارجى .. مازال غير مقلق !  

كتب :عبداللطيف رجب - أعده للنشر : محمد على - عدسة : عبدالرحمن جلو

“مصر تجاوزت إختبارات قوية وصعبة خلال السنوات الماضية، وذلك بفضل السياسات الناجحة التى إتخذتها القيادة السياسية للدولة المصرية سواء على المستوى الإقتصادى أو السياسي .. هذا ما أكده حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق ، مشيراً إلى أن البنك المركزى تلقي كل الدعم والمساندة من القيادة السياسية، لاتخاذ الكثير من القرارات المصيرية.

قال حسام ناصر في حواره الشامل لـ “بنوك اليوم”، أن تحسن الوضع الإقتصادي المصرى مرهون بمدى قدرة الحكومة المصرية على التعامل مع كافة الأزمات الحالية ، مشيراً إلى وجود مدارس مختلفة فى إدارة السياسة النقدية ، ومن ثم فكل سياسة لها وقتها طبقاً للظروف المحيطة.

أضاف، أنه عند النظر للدين الخارجى منفرداً كرقم لايمكن الحكم عليه ، فالدين الخارجي مازال في الحدود الآمنة ، ولا يوجد ما يقلق على الإطلاق، لاسيما وأن توجيه القروض يكون في مشروعات يمكن من خلالها الحصول علي إيرادات وتدفقات منتظمة ، تساهم بشكل مباشر فى تسديد هذة الإلتزامات بشكل منتظم ، بالإضافة إلى إقامة المشروعات الإستثمارية القوية .

 

  • الإستعانة بالإحتياطي الأجنبي في الظروف الإقتصادية الصعبة .. مسألة طبيعية

  • البنك المركزي تعامل بحرفية مع الأزمات الإقتصادية .. طبقاً للمعطيات المتاحة

  • “المركزي” حاول توجيه سياساته بشكل يحافظ من خلالها على إستقرار الأسعار

  • أصبح هناك مرونة في تحديد سعر الدولار مقابل الجنيه .. والبداية كانت التعويم الأول

  • طريقة اختيار السياسة النقدية المناسبة تتوقف على طبيعة الظروف المحيطة

  • البنوك نجحت فى الحفاظ على تحقيق معدلات أداء جيدة رغم صعوبة الظروف الإقتصادية

 

 

 

** قام البنك المركزى المصرى بإطلاق عدداً من المبادرات لدعم ومساندة الإقتصاد المصرى .. ما هو رأيكم فى هذه المبادرات ؟

** في الحقيقة كانت تلك المبادرات هامة للغاية وكان الوضع الإقتصادي في حاجة لها ، لاسيما رجال الأعمال والمستثمرين والشركات الكبرى التي لديها تعاملات مع البنوك ، والتي عانت من عمليات تراجع الأنشطة لديهم، وفقدان جزء كبير من الإيرادات والسيولة لديهم وكذلك الأرباح، حيث إضطر البعض منهم للتخلص من العماله ، والبعض الأخر بدأ في تقليص رواتب العاملين لديهم، حتي يتمكنوا من التعايش معهم ويستمرون في أعمالهم.

وهنا أقول أن تدخل البنك المركزي كان في الوقت المناسب ، وأن الإجراءات التي أقرها في هذا الصدد كانت إجراءات ضرورية ، والبلد كانت في حاجه لها، وإلا كانت ستتعرض لكارثة كبيرة ، والمركزي لم يتخذ إجراء في إتجاه واحد فقط بل أقر إجراءات في عدة اتجاهات مثل: خفض أسعار العائد ، والحفاظ على أموال المودعين ، ورفع أسعارالعائد على شهادات الإيداع حتى لا يتعرض المواطن لظروف إقتصادية صعبة، وبالتالى كان تعامل البنك المركزي بحرفية مع الظروف الإقتصادية.

 

** إتبعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى، سياسة تثبيت أسعار الفائدة خلال الفترة الأخيرة.. كيف ترى مستقبل أسعار الفائدة بالسوق المصرية؟

** أسعار الفائدة تتحرك مع السوق ، وعندما يتعرض السوق لهزة إقتصادية، هنا يأتي دور البنك المركزى للحفاظ على مستوى الأسعار حتي لا تنفلت وترتفع معدلات التضخم، ويحاول البنك المركزي توجيه سياساته بشكل يحافظ من خلالها على إستقرار الأسعار، والحفاظ علي معدلات التضخم عند نسب معينة حتي لا ترتفع ولا تفلت منه الأمور.

كما أن سعر الفائدة حالياً لا يحرك المستثمر، خاصة وأنه لا وقت للإستثمار في الوقت الحالي، سواء في مصر أوالعالم كله بسبب الظروف المحيطة.

** هناك من يرى أن البنك المركزى نجح بكفاءة عالية فى إدارة ملف السياسة النقدية، وذلك منذ إتخاذه قرار “التعويم”.. ما هو رأيكم فى هذا الملف ؟

** قرار تحرير سعر الصرف كان قرار متأخر ، وكان يجب أن يتم إتخاذ قرار التعويم عام 2012 بعد ثورة يناير، خاصة مع فقدان جزء كبير من الإحتياطي الأجنبي ، وتراجعة من 36 مليار دولار إلى 16 مليار دولار خلال 8 شهور، وبالتالي كان لابد من وجود مرونة في تحديد سعر الدولار مقابل الجنيه المصري ، وللأسف هذا لم يحدث.

وأعتقد أن المسئولين عن ملف السياسة النقدية لم يكونوا على قدر المستوى العالى لفهم مجريات الأمور في لحظات الكوارث التي واجهت البلاد خلال عام 2011، خاصة مع هروب أموال كثيرة خارج البلاد ، وكان محافظ البنك المركزي يحاول الحفاظ على سعر الجنيه ، وهو توجه لم يكن صحيحاً، خاصة وأن كل الشواهد كانت تؤكد أن العملاء يفضلون الإحتفاظ بالدولار والهروب به خارج البلاد، وكانت النتيجة هو إتجاه الناس للإحتفاظ بالدولار، بإعتباره الرهان الذي سيحقق مكاسب رهيبة وهو ما حدث بالفعل .

ويمكن القول بأن قرار تحرير سعر الصرف كان لابد من إقراره ، والحقيقة كان يتطلب ذلك جرأة معينه ليس فقط من محافظ البنك المركزي ولكن من الدوله بأكمها ، وأعتقد انه لم يكن لدى محافظ البنك المركزي ومجلس إدارته الجرأءة لإتخاذه دون وجود دعم من القيادة السياسية ، بالإضافة إلى عرض سيناريوهات ونتائج القرار أولاً على المسئولين، وكانت موافقة القيادة السياسية على الخطوة هى البداية ، نظراً لما تتمتع به من بعد نظر، حيث دعمت القرار بإرتياح وثقة كبيرة ، وبالتالى تمكن البنك المركزي بعد قرار تحرير سعر الصرف من القضاء علي الدولرة ، والسوق السوداء تماماً .

 

** هناك مدرستين فى إدارة السياسة النقدية، أحدهما تميل إلى التحفظ وفرض بعض القيود على النقد الأجنبى ، والأخرى تميل إلى آلية العرض والطلب .. أيهما تفضل ولماذا؟

** كما قلت في السؤال مدرستين كل منهما له طريقة وأسلوب في التعامل ، وبالتالى يمكن القول بأن كل منهما كان له وقته ، بمعني أنه في وقت الإستقرار سيتم ترك الأمور للعرض والطلب ولا يوجد هناك داع للتحكم ، ولكن عند وجود مشاكل تواجه الدولة مثل ثورة 25 يناير أو جائحة كوورنا ، وخوف العملاء والمستثمرين سيتم اللجوء إلى سياسة التحكم في النقد الأجنبي .

وبالتالى هذا يؤكد أن كل سياسة لها وقتها طبقاً للظروف المحيطة، وكلا السياستين صحيحتين ، ولكن المهارة هنا هو تطبيق السياسة في الوقت السليم ، وأتمنى أن لاتتجه الدولة إلى إتباع سياسة التحكم في النقد الأجنبي مرة أخرى، لأنه يتم عند وجود الأزمات، وبالتالي لابد من التدخل لحماية النقد الأجنبي ، وإتخاذ بعض المحاذير والقواعد .

وأصدق دليل على ذلك أن السوق لم يشهد أي قيود حتي عام 2010 ، حيث كان السوق مستقر والدولار مستقر ، كما أن الإقتصاد كان يسير بخطى جيدة إلى حد ما ، ولم يكن هناك أي ضروة لتدخل البنك المركزي في إقرار عدد من القيود .

 

** دخل القانون الجديد للبنك المركزى والجهاز المصرفى حيز التنفيذ الفعلى .. ما هى وجهة نظركم فى هذا القانون ؟

** القانون الجديد للبنك المركزى يساعد علي تجديد الدماء دون شك ، خاصة أنه سيعمل على تغيير الوجوه ، ومنح الفرص القوية للأجيال المقبلة والشابة لتولي المناصب القيادية، بخلاف أن التمسك بالمناصب لفترات طويلة يجعل معدل أداء المسئولين بشكل قوي وبإستمرارية صعب تحقيقه ، فضلاً عن إصابته بالفتور والملل، ومن ثم يكون من الأفضل نقله إلى مكان جديد يخلق لديه الحافز لخلق سياسة جديدة ورؤية إصلاحية جديدة، هذا بعكس الإستمرار في منصب واحد لفترات طويلة.

** كيف ترى نتائج أعمال البنوك خلال العام الماضى 2022 ، وخلال النصف الثانى من العام الحالى 2023 ؟

** في حقيقة الأمر نجحت البنوك فى الحافظ على معدلات الإداء ، وذلك على الرغم من الظروف الإقتصادية الصعبة التى يمر بها الإقتصاد المصرى، خاصة أن عجلة الإنتاج والإقتصاد أبطئ مما كانت عليه خلال الفترة الماضية ، بالإضافة إلى تعثر الشركات بصروة كبيرة ، وإرتفاع معدلات البطالة ، مما يعني أن كل الشواهد تؤكد عل بطء الإقتصاد.

وبالتالى لم تتأثر معدلات أداء البنوك ونتائج الأعمال ، فضلاً عن قيام البنك المركزي بتأجيل أقساط العملاء لمدة 6 شهور، وهو قرار سليم وعادل للغاية ، رغم أنه ساهم في تعطيل حركة السيولة نوعاً ما ، إلا أنه في الوقت نفسه ما قلل من حدة تأثير هذا القرار، هو أن البنوك لديها سيولة كبيرة جداً فى الوقت الحالى .

 

** هناك من يرى أن الدين الخارجى ، أصبح يمثل عامل ضغط على الإقتصاد المصرى ، خاصة بعد أن تجاوز مستوى الـ 145 مليار دولار .. ما هى رؤيتكم لهذا الملف ؟

** عند النظر للدين منفرداً كرقم لايمكن الحكم عليه ، فالدين الخارجي يمثل عبء شديد على أمرين  وهما: سعر الفائدة الخاصة به وفترة السداد، فمثلاً عند الحصول على 10 مليار دولار قرض وفترة سداده على 3 سنوات، يكون مختلف لو فترة السداد 10 سنوات ، وكذلك سعر الفائدة هل أن سعر الفائدة تشجيعي 1% و2% أم 8% أو 9%  ؟!.

بالإضافة إلى كيفية توظيف القرض، فلابد من تشغيلة والحصول عل عائد منه يمكن من خلاله سداد القرض ، وكذلك وضع القرض في مشروعات إنتاجية وتشغيلية ، تساهم في زيادة معدلات التشغيل وتوفير فرص عمل للشباب ، ومنحهم قروض للبدء في مشروعات لهم ، وكذلك الإستثمار في تحسين الماكينات وأدوات الإنتاج .

ويمكن القول بأن الدين الخارجي مازال في الحدود الآمنة ولا يوجد ما يقلق على الإطلاق، لاسيما وأن توجيه القروض يكون في مشروعات يمكن من خلالها الحصول علي إيرادات وتدفقات منتظمة ، تساهم بشكل مباشر فى تسديد هذة الإلتزامات بشكل منتظم ، بالإضافة إلى إقامة المشروعات الإستثمارية القوية .

 

** كشف البنك المركزى عن وصول الإحتياطي الأجنبي الى مستوى 34.806 مليار دولار فى يونيو الماضى .. كيف ترى سيناريو الإحتياطى النقدى خلال الفترة القادمة ؟

** من الصعب حالياً تحديد مستقبل الإحتياطي الأجنبي، خاصة أن الإحتياطي الأجنبي يتم إستخدامه عند معاناة الدولة إقتصادياً من أمور معينة ، ولابد من تلبية الإحتياجات من السلع الأساسية والإستراتيجية، وذلك تمويلاً من الإحتياطي الأجنبي.

أضف لما سبق أن الدول تهتم ببناء إحتياطي أجنبي قوي حتي يتم الإستعانة به في الظروف الإقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ومن ثم كان من الطبيعي أن يتراجع حجم الإحتياطي الأجنبي خلال الفترة الماضية بالتزامن مع الأزمات الإقتصادية، والتي تسببت في توقف وضعف إيرادات الدولة من العملة الأجنبية.

بالإضافة لذلك فالمصدر الرئيسي للإحتياطي الأجنبي يأتى من الفائض في ميزان المدفوعات، وهو ميزان يوضح الإيرادات والمصروفات من العملة الأجنبية، حيث يبدأ من فاتورة الإستيراد والتصدير وإيرادات أخرى كالسياحة ، وإيرادات قناة السويس والعاملين بالخارج ، وبالتالي أعتقد أنه من الصعب إرتفاع حجم الاحتياطي الأجنبي خلال الفترة المقبلة .

 

** هناك من يرى أن القطاع المصرفى يعانى حالياً من عدم توافر الكفاءات المصرفية ذات الخبرة الطويلة .. كيف ترى ذلك؟

** القطاع المصرفي حالياً لا يعاني من عدم توافر الكفاءات المصرفية ذات الخبرة الطويلة، بل على العكس القطاع المصرفي ملئ بالكفاءات القادرة على مواصلة النجاحات التي حققها القطاع المصرفي خلال الفترة الماضية ، خاصة أن البنوك تعمل علي تخريج أجيال جديدة وبكفاءات جيدة ومتميزة للغاية، بالتزامن مع تحسن الخبرات وزيادة أعدادها .

 

** تمر الدولة المصرية بعدد من القضايا الشائكة والمصيرية.. كيف ترى قدرة مصر على تجاوز تلك الازمات ؟

** إلى حد ما مصر تجاوزت إختبارات قوية وصعبة للغاية خلال السنوات الماضية ، ولا أبالغ حين أقول أن أي بلد أخرى مهما كانت إمكانياتها وتعرضت لما تعرضت له مصر ، بالتربص بها من الطامعين في المنطقة ، وفي ظل الظروف المحيطة بنا لكانت دخلت في دوامة كبيرة، وذلك على عكس ما قامت به مصر ، حيث نجحت في عبور تلك الأزمات بفضل السياسات الناجحة، سواء على المستوي الإقتصادى أو السياسى .

نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية الأسبق فى حواره لـ بنوك اليوم

شاهد أيضاً

محمد مصطفى جاد نائب رئيس بنك التنمية الصناعية سابقاً :الخدمات الرقمية .. فرس الرهان !

قال محمد مصطفى جاد نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقاً ، أن المشكلة …