تسعى الدولة المصرية لتدعيم إحتياطى النقد الأجنبي ، لتأمين إحتياجاتها من السلع الأساسية ، وتوفير غطاء نقدي يحميها من أي صدمات إقتصادية مستقبلية محتملة ، ولذلك يعمل البنك المركزى على رفع حجم الإحتياطي من النقد الأجنبي ، ولكن أيضاً يزيد إحتياطي الذهب بالتوازي .
حيث إرتفع حجم الذهب ضمن مكون الإحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي ، بعد الحصول على دفعة من منجم السكري الشهر الماضي، تحتاج شركة “سنتامين” – صاحبة الإمتياز في المنجم – تدفقات بالعملة المحلية لإستمرار عملياتها، وإستطاع “المركزي” توفيرها مقابل الحصول على شحنة من الذهب لدعم الاحتياطي ، بدلاً من إستبدالها من السوق المحلية بالدولار.
وزادت مساهمة رصيد الذهب في الإحتياطي الأجنبي هامشياً بنسبة 0.7% (تعادل 20 مليون دولار) بنهاية مارس على أساس شهري، لتبلغ نحو 2.825 مليار دولار مقارنة بنحو 2.805 مليار دولار في فبراير السابق، وعلى أساس سنوي، ارتفعت مساهمة الذهب في مارس 2018 بنسبة 8%، مقابل 2.62 مليار دولار في مارس 2017.
ويبلغ وزن الذهب المصري المدرج في خزائن البنك المركزي 75.6 طن، وتم جرده في سبتمبر 2011، إذ كانت قيمته تبلغ وقتها 4.4 مليار دولار، بسبب إرتفاع أسعار الذهب وقتها، ويتم جرد إحتياطي الذهب كل 5 سنوات بمعرفة البنك المركزي والجهاز المركزي للمحاسبات.
وتعد الوظيفة الأساسية للإحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هي توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية ومواجهة الأزمات الإقتصادية في الظروف الإستثنائية.
كان قد أعلن المهندس “طارق الملا” وزير البترول والثروة المعدنية – خلال الجلسة العامة لمجلس النواب قبل ثلاثة أشهر – أن الدولة تسعى لزيادة رصيد مصر من الذهب لدى البنك المركزي، عبر توريد جزء من إنتاج الذهب بمنجم السكرى للبنك المركزى، وهو ما تم بالفعل الشهر الماضي.
الدكتورعادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات الإقتصادية والسياسية ، قال أن إحتياطي الذهب نشأ عالمياً في الأساس بغرض تغطية العملة الورقية عن طريق معادلتها بمقياس أساسي من الذهب، حيث تم إستخدامه لتثمين العملات إستناداً إلى كونه عملة غير قابلة للتلف.
أضاف أن الذهب استخدم كإحتياطي لتأمين الدول في أوقات الأزمات، لتجنب تذبذب سعر الدولار الأمريكي، وتم إعتباره ركيزة أساسية لإستقلال الدول على المستوى الدولي، واستخدم في أوقات الأزمات كعملة للتداول.
أشار إلى أنه بعد زيادة ديون الكثير من الدول الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها من الدول العظمى عملت البنوك المركزية على خفض أرصدتها من الذهب لتغطية مديونيتها، ما أدى إلى خفض الاحتياطي العالمي منه، حيث اضطرت تلك الدول إلى جزء كبير من أرصدتها فانخفض الاحتياطي من 60% في عام 1980 إلى 10% في عام 2006.
ونوه “عامر” ، إلى أنه بعد أزمة إنخفاض الإحتياطي العالمي من الذهب قل الإعتماد عليه في تقييم العملات الورقية، وضماناً لعدم تكرار تلك الأزمة اتفقت الدول ذات أكبر احتياطي ذهب على عدم عرضه في السوق العالمي إلا بقدر محدد، حيث جرى الاتفاق بين 15 بنك مركزي أوروبي والبنك المركزي الأمريكي في سبتمبر 1999 على ما يسمى اتفاق البنك المركزي للذهب، واتفقت تلك الدول على ألا يتجاوز هذا الحد ما قيمته 400 طن سنويا خلال الفترة من (1999–2004) و500 طن خلال الفترة من (2004–2009 )، وألا يتجاوز 400 طن خلال الفترة من (2009–2014).
الدكتور مجدي عبد الفتاح، الخبير المصرفي، قال أن هذه الزيادات في حجم إحتياطي الذهب ناتجة عن تفعيل الإتفاق الموقع في نهاية عام 2016، بين البنك المركزي وشركة “سنتامين” صاحبة امتياز منجم السكري، والذي بمقتضاه يقدم البنك للشركة إحتياجاتها الشهرية بالعملة المحلية والتي تقدر بنحو 50 مليون جنيه، مقابل توريد الشركة ذهبًا للبنك بالقيمة المعادلة لهذا المبلغ بالدولار، بما يعني إمداد الشركة للبنك المركزي بنحو 70 كيلو من الذهب بما يعادل 2250 ألف أوقية شهريًا.
أكد “عبد الفتاح” ، أن هذا الإتفاق يوفر مصدراً مستقراً للشركة لتلبية احتياجاتها المالية اللازمة للتشغيل ودفع الرواتب وغيرها من الإلتزامات المحلية، بينما يوفر للبنك المركزي آلية دورية لزيادة احتياطي الذهب لديه دون الحاجة للجوء للسوق العالمية أو السداد بالعملات الأجنبية بما يضمن ارتفاع احتياطي الذهب دون المساس بالإحتياطي النقدي.
أضاف أن قوة الإحتياطي الأجنبي يؤكد على قوة الإقتصاد المصري من جهة، ومن جهة أخرى يحسن صورة الاقتصاد لدى المجتمع الدولي بشكل عام ووكالات التصنيف الائتماني بشكل خاص، فضلاً عن تقديم رسالة طمأنة للمستثمرين الأجانب.