الأربعاء , 11 ديسمبر 2024

“الإحتياطى النقدى”.. عينه على السياحة والتصدير

كتب أميرة محمد

 

سجلت إحتياطات النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى مستويات تاريخية غير مسبوقة ، حيث  إرتفع الإحتياطى النقدى بنحو 106 ملايين دولار خلال شهر أبريل الماضي، ليسجل نحو 44.218 مليار دولار بنهاية أبريل ، مقابل 44.112 مليار دولار بنهاية مارس السابق عليه ، ورغم الإرتفاعات المتتالية التى يشهدها الإحتياطى منذ تحرير سعر صرف الجنيه ، إلا أن هناك  مخاوف لدى البعض  من إستقراره عند هذه المعدلات التاريخية ، فى ظل إرتفاع الدين الخارجى بنهاية العام الماضي بنسبة 16.6% ليسجل 96.612 مليار دولار بنهاية 2018، مقابل 82.884 مليار دولار بنهاية 2017.

عدد من قيادات وخبراء القطاع المصرفى أكدوا أن الإحتياطى النقدى سيظل عند نفس مستوياته التاريخية غير المسبوقة الراهنة ، بل أنه مرشح للصعود بشكل أكبر ، مع إستمرار تحسن المؤشرات الإقتصادية وتعافى السياحة والتصدير ، خاصة فى حالة وصول عوائد السياحة لمستوى الـ 10 مليارات دولار بنهاية العام المالى الحالى فى يونيو المقبل .

البنك المركزي أوضح في بياناته مؤخراً، أن بند العملات الأجنبية بالإحتياطي إرتفع من 40.754 مليار دولار بنهاية مارس إلى 40.959 مليار دولار بنهاية أبريل، بينما تراجعت قيمة الذهب ضمن مكونات الإحتياطي النقدي، إلى 2.731 مليار دولار بنهاية أبريل، مقابل 2.828 مليار دولار بنهاية مارس السابق عليه، وسجلت حقوق السحب الخاصة نحو 525 مليون دولار.

وكان الإحتياطي النقدي قد إرتفع بشكل كبير عقب تعويم العملة المحلية، ليسجل 26.4 مليار دولار في يناير 2017 مقابل 23.058 مليار في نوفمبر من ذات العام، وسجل الإحتياطي نحو 37.02 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2017، ثم 42.551 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2018، وكان أعلى معدل وصل له الإحتياطي منذ التعويم التعويم خلال نوفمبر 2018 وبلغ 44.513 مليار دولار.

واصل الإحتياطى النقدى الصعود خلال شهر أبريل الماضى ، ليستكمل الإرتفاعات التي شهدها خلال 39 شهراً من تعيين طارق عامر محافظاً للبنك المركزي، منها 25 مرة صعوداً متتالياً ، و3 مرات فقط إنخفض فيها الإحتياطي مع سداد التزامات البلاد  الخارجية، نتيجة لتغيير سياسة البنك المركزي وقرار تحرير سعر الصرف الذي إتخذه في نوفمبر 2016.

سجل صافى الإحتياطيات الأجنبية 44.06 مليار دولار فى نهاية شهر فبراير الماضي، مقارنة بشهر يناير السابق، والذى سجل خلاله 42.616 مليار دولار ، وحقّق زيادة طفيفة خلال مارس الماضي، ليسجل نحو 44.112 مليار دولار.

كان الإحتياطي النقدي قد شهد زيادات مطردة في الفترة التالية على تعويم العملة المحلية،خاصة عقب توقيع إتفاق برنامج الإصلاح الإقتصادي مع صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.

وحصلت مصر على 5 شرائح بقيمة 10 مليارات دولار، آخِرها مطلع فبراير الماضي، ومن المقرر الحصول على الشريحة الأخيرة منتصف العام الحالي فى يونيو المقبل، كما حصلت على تدفقات ضخمة من مؤسسات دولية خلال العامين الماضيين.

وخلال عام 2017 إرتفع الإحتياطي بنحو 12.755 مليار دولار، بينما تراجعت الزيادة لمستوى 5.5 مليار دولار في 2018، وذلك مع استمرار نشاط القطاعات الحيوية يوفر دعمًا إضافيًّا للاحتياطي النقدى.

أظهرت بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي أن الدين الخارجي شهد إرتفاعاً بنسبة 4.3% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، مقارنة بنحو 92.643 مليار دولار بنهاية يونيو 2018.

وقُدر حجم الدين الخارجي طويل الأجل بنحو 86.271 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2018، مقابل 71.756 مليار دولار بنهاية 2017، فيما تراجع الدين قصير الأجل إلى نحو 10.341 مليار دولار، مقابل 11.128 مليار دولار خلال الفترة المقارنة.

كان محافظ البنك المركزي طارق عامر،أكد في تصريحات سابقة على وجود هاجس لدى البعض بشأن الدين الخارجي، موضحاً أن مصر لديها نموذجًا ماليًا تعمل في حدوده ، كما أنها لم تتأخر مطلقاً فى سداد أى إلتزامات خارجية واقعة عليها فى موعدها المحدد .

وقُدر إجمالي ما تم سداده من ديون خارجية بنحو 1.3 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 18/2019، مقابل نحو 1.2 مليار دولار خلال الفترة المقارنة، وفقاً للبيانات المبدئية لميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العام المالي 18/2019.

وأسفر ذلك عن وجود صافي إستخدام للديون الخارجية إقتصرعلى 872.3 مليون دولار خلال نفس الفترة، مقابل 3.5 مليار دولار خلال الفترة المقارنة، كما تراجع المستخدم من القروض والتسهيلات طويلة ومتوسطة الأجل ليسجل نحو 2.2 مليار دولار، مقابل نحو 4.7 مليار دولار.

ولقد تم  سداد مجموعة من الديون الخارجية خلال الربع الأول من عام 2019 ، منها  30.1 مليون دولار فى يناير، و 26.8 مليون دولار فى فبراير، و 117.3 مليون دولار فى مارس الماضى ، بالإضافة إلى سداد نحو 2.3 مليار دولار ديون قصيرة الأجل خلال نفس الفترة.

وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزى المصرى أن مصر تسدد ديون بقيمة 14.7 مليار دولار أمريكي خلال العام الجارى 2019 معظمها لصالح دول عربية “السعودية والكويت والإمارات” ، وتتوزع المبالغ المستحقة بين  6.129 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالى و8.608 مليار دولار في النصف الثاني.

ووفقا للبيانات الرسمية فإنها سيتم سداد نحو 8.5 مليار دولار لصالح الكويت والإمارات والسعودية من الديون المقرر أن يتم سدادها في 2019.

كما أعلن البنك المركزي مطلع العام الجارى عن تأجيل سداد وديعة سعودية بقيمة 2.6 مليار دولار لمدة عام إضافي ، بفائدة قدرها 3%، بعد مفاوضات أجراها البنك المركزى مع السعودية.

كانت مصر قد حصلت على الوديعة في عام 2013 لأجل 5 سنوات ، وأوضح البنك المركزي، أن تأجيل سداد الوديعة، يأتي في إطار زيادة الأجل الزمني للالتزامات الخارجية، وتعزيز إحتياطيات النقد الأجنبي للبلاد.

وحصلت الحكومة المصرية على 5 ودائع سعودية تقدر قيمتها بـ 8 مليارات دولار ، وفى شهر ديسمبر الماضي، تراجع الإحتياطي النقدي في مصر بنحو ملياري دولار، نتيجة سداد ديون خارجية، وتوفير إلتزامات الحكومة والوزارات.

كما أشار البنك المركزي، أن المفاوضات مع الحكومة السعودية أسفرت عن مد الأجل الزمني لوديعة أخرى بقيمة ملياري دولار، لمدة 12 شهراً تنتهي في يوليو 2019، بفائدة ثابتة قدرها 3%.

وأيضا تم مد الأجل لوديعة ثالثة بقيمة ملياري دولار، حصل عليها من السعودية في إبريل 2015 بفائدة ثابتة 2.5%، عاماً إضافياً، بدأ سدادها في إبريل الماضى وتنتهي إبريل 2021، مع الإبقاء على معدل الفائدة من دون تغيير.

وسددت الحكومة المصرية ما يقرب من 600 مليون دولار فقط من إجمالي الودائع السعودية، وسيتم تسديد الإستحقاق الأكبر من الودائع ( 5 مليارات دولار) في النصف الثاني من العام الجاري.

كانت دول الخليج الثلاث، السعودية والإمارات والكويت، قدمت ودائع نقدية للبنك المركزى المصرى بقيمة تصل إلى 18 مليار دولار لمساعدته في تجاوز أزمة نقص العملة التي تلت ثورة 25 يناير.

كما قدمت الإمارات العربية 5 ودائع بقيمة إجمالية 6 مليارات دولار مستحقة السداد على أقساط حتى نهاية عام 2023، وسجلت ودائع الكويت 4 مليارات تُسدد على أقساط أيضًا حتى منتصف عام 2020.

محمد عبد العال الخبير المصرفى ، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس ، قال أن الإحتياطى النقدى إرتفع لمستويات تاريخية غير مسبوقة ، ولن يحيد عنها بالشكل الذى يتخوف منه البعض ، مشيراً إلى أن الإحتياطى النقدى معرض للإرتفاع والهبوط ، وهو أمر طبيعى لأن دوره تعزيز قدرة الدولة على الوفاء بإلتزامتها، وتغطية إحتياجتها من السلع الأساسية والإستراتيجية .

أضاف أن البنك المركزى نجح فى زيادة تدفقات النقد الأجنبى ، بالشكل الذى ترتب عليه وصول الإحتياطى النقدى لمستويات غير مسبوقة ، وخاصة بعد نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى ، وتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار ، الأمر الذى أعقبه زيادة إستثمارات الأجانب فى أدوات الدين ، وإستعادة ثقة المؤسسات الدولية ، ومنحها لقروض مساندة لمصر .

أشار عبدالعال ، إلى أنه رغم إرتفاع معدل الدين الخارجى ، إلا أن هناك إلتزام تام بسداد المستحقات الواقعة على البلاد فى موعدها ، كما أن بعض الوادئع المستحقة تم تأجيلها لفترة ، كما قامت مصر بطرح سندات دولية ، مما عزز قدرتها على تنويع موارد النقد الأجنبى ، كما تعكف الحكومة حالياً على إعادة هيكلة الدين بما ينذر بعدم تأثر الإحتياطى النقدى فى المستقبل .

إتفق مع الرأى السابق، طارق حلمى الخبير المصرفى ، مؤكداً أن الإحتياطى النقدى وصل لمعدلات تاريخية غير مسبوقة تؤهله لتغطية إحتياجات البلاد من الواردات السلعية لمدة تزيد عن 9 أشهر ، وهو أمر جيد جداً ، ويمنح البلاد قدر كبير من الثقة أمام المؤسسات الدولية والمستثمرين .

أوضح أن الإلتزامات القريبة التى قد تسددها الحكومة ، يمكن توفيرها من خلال الشريحة الأخيرة لبرنامج صندوق النقد الدولى المقرر صرفها خلال شهر يونيو المقبل ، وكذلك سيساهم إستمرار تدفق الإستثمار الأجنبى وتحسن المؤشرات الإقتصادية وعلى رأسها زيادة عوائد السياحة والتصدير فى الحفاظ على الإحتياطى النقدى حول حاجز الـ 40 مليار دولار .

مصدر بإدارة الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، أكد إن الزيادة الطفيفة للإحتياطي النقدي خلال أبريل  مؤشر إيجابي في ظل عدم حصول البنك المركزي على أي تمويلات ضخمة خلال أبريل ومارس 2019.

أضاف أن تراجع مستوى الإقتراض الخارجي يعكس إقتناع البنك المركزي بقوة الإحتياطي وعدم الحاجة لتمويلات ضخمة أخرى لدعمه، في ظل وصوله لمستويات قياسية، خاصة في ظل وجود تدفقات نقدية ضخمة تدخل البنوك يوميًّا وتمكّنها من تلبية إحتياجات عملائها.

أوضح أن الفترة الحالية تعتبر أفضل فترات الإحتياطي النقدي المصري فهناك تدفقات تقابل الإلتزامات اليومية للبنوك والطلبات من قِبل العملاء، ومن ثم فالمركزي غير مضطرّ لإستخدام الإحتياطي، كما كان يحدث قبل تعويم العملة المحلية ،مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تدفقات ضخمة من تصدير الغاز والصادرات والسياحة التي تشهد إنتعاشة كبيرة، وكل هذه المؤشرات تسهم في دعم إستقرار الإحتياطي النقدي المصري.

ويتكون مكون العملات الأجنبية بالإحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من العملات الدولية الرئيسية،هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة “اليورو”، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى، وهى نسبة تتوزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسئولى البنك المركزى المصرى.

وتعد الوظيفة الأساسية للإحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الإقتصادية، فى الظروف الإستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الإضطرابات.

شاهد أيضاً

بدعم من برنامج الإصلاح.. النمو الإقتصادى يقاوم الصدمات !

أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي أن إبقاء صندوق النقد الدولي على توقعاته للنمو الاقتصادي …