تتغير التحديات التي تواجه القطاع المصرفي العالمي بشكل متسارع ، بشكل يفرض على البنوك ضرورة إيجاد سبل مبتكرة للتوافق معها، فما واجهته المصارف في الأزمة المالية العالمية خلال الفترة بين عامي 2007 و2008 ، جعلها تسعى لتفاديه مستقبلاً .
ومن هنا ظهرت معايير محاسبية جديدة ، أبرزها المعيار الدولى للتقارير المالية
” ” ، الذى يفرض تكوين المخصصات بناءً على التوقعات بوجود خسائر أو تعثر في تحصيل بعض الأصول ، وليس على الخسائر المحققة بالفعل ، كما هو الوضع الآن.
مصرفيون أكدوا أن البنك المركزي المصري ألزم البنوك بالإلتزام بالمعايير الجديدة لتفادي أي مخاطر مستقبلية، إلا أنها في الوقت نفسه قد تؤثر هذه المعايير سلباً على كل من أرباح البنوك ورؤوس أموالها ، وكذلك معدل كفاية رأس المال.
أشرف القاضى، رئيس المصرف المتحد، قال إن المعيار المحاسبي يقيس المخاطر التى يمكن تحملها فى المستقبل، ما يعطي مؤشراً لمدى حاجة البنك لزيادة رأس المال وحجم المخصصات اللازم تجنيبها إستعداداً للمخاطر المسقبلية.
أشار إلى قيام المصرف المتحد بإعادة هيكلة لحقوق الملكية خلال العامين الماضيين ، وضخ 2.5 مليار جنيه قيمة نصف القرض المساند الذي حصل عليه من البنك المركزي ، برأس المال ليرتفع لنحو 3.5 مليار جنيه، وهو ما دفع معدلات كفاية رأس المال لأكثر من 20% ، وبالتالى فالبنك حتى مع تطبيق المعايير الجديدة لديه مساحة للتحرك على مستوى النمو والإقراض.
أكد إجراء مصرفه حالياً تحليلاً للمركز المالي ، ومعدلات كفاية رأس المال للسنوات الخمس المقبلة ، لتحديد المخصصات المطلوبة للتماشي مع المعايير المحاسبية الجديدة ، وتفادي أي مخاطر محتملة.
أكرم تيناوي، الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة العربية المصرفية الدولية ” ABC” – مصر ، أكد أن التغيرات الإقتصادية العالمية المتلاحقة تستلزم ضرورة التطوير في المعايير المحاسبية لتتوافق معها والمعيار “IFRS9” أحدها، حيث ظهرت بشكل واضح في الأزمة المالية في 2008 بعد الكشف عن ضعف شديد فى الملاءة المالية للبنوك والشركات ، وأغلبها كان يحصل على تصنيفات ائتمانية عالية جدًّا من الوكالات العالمية ، لأن معيار المخصصات التى يتم تكوينها لمواجهة ضعف الأصول ، كان يتم بناء على الخسائر المحققة فعلياً.
أضاف أن المعيار الجديد يتطلب أبعد من ذلك ، من خلال تكوين المخصصات بناءً على التوقعات بخسائر أو تعثر محتمل، مشيراً إلى أن البنوك والمؤسسات المالية حينها لم يكن لديها معلومات عن مدى كفاية رأسمالها لامتصاص الصدمات المستقبلية.
أشار إلى أن المعيار سيعطي نظرة مستقبلية على حجم القروض والأصول المالية ومدى جودتها وتوقعات الخسائر ، وتكوين المخصصات بناء على ثلاث فئات، الأولى تتعلق بالقروض عالية الجودة والاستثمارات فى السندات والديون الحكومية ، سيتم أخذ مخصص عليها ليس فى مصر ، وإنما فى مراكز البنوك الأم، والفئة الثانية تضم أغلب الائتمان، أما الفئة الثالثة تشمل القروض غير المنتظمة.
أكد “تيناوي” ، أن البنك المركزي المصري يجمع حالياً معلومات من جميع البنوك لبحث مدى استعدادهم لتطبيق المعيار الجديد ، مع العلم أن البنوك الأجنبية العاملة في القطاع المصرفي المصري ستبدأ في تطبيقها هذا العام، بينما ستبدأ البنوك المحلية في ذلك بداية من العام المقبل.
توقع أن تتأثر كل من أرباح البنوك ورؤوس أموالها ومعدل كفاية رأس المال سلباً من هذه المعايير المحاسبية الجديدة، لافتاً إلى أن البنوك ستلتزم بتنفيذها بعد إعتمادها في كثير من المصارف العالمية رغم صعوبتها على القطاع المصرفي.
حمدى عزام، نائب رئيس بنك التنمية الصناعية ، قال أن البنك أنتهى بالفعل من تشكيل اللجنة المسؤولة عن تطبيق المعايير الجديدة ، والتوافق مع معيار ” 9 ” ، وفقاً لما جاء فى تعليمات البنك المركزي.
وكشف استعداد البنك لإصدر أول ميزانية تجريبية للربع الأول من العام الجارى ، في إطار تأكيده على الإلتزام بالتطبيق في المواعيد التي حددها البنك المركزي.
أوضح عزام ، أن مصرفه سيتعاون مع أحد المكاتب المتخصصة للتوافق مع القواعد الجديدة فى إعداد الميزانيات، فضلاً عن تدريب العاملين القائمين على تطبيق المعاييرالمحاسبية الدولية على كل جوانب الميزانية.
أضاف أن الودائع والقروض ستتأثر، حيث يساهم المعيار المحاسبي في تعزيز ثقة المودعين فى البنوك ،بفضل ما توفره من ضمانات أكثر حماية من السابق، وهو ما يمكن البنوك من توفير السيولة والوفاء بالتزاماتها.
وتابع “عزام”، قائلاً أنه من ناحية القروض فإنها ستؤدى إلى تعزيز الدراسة السليمة لملاءة العملاء الائتمانية ، ما يمثل حماية للبنوك من أية مخاطر تتعلق بعدم وفاء المقترضين بإلتزاماتهم المالية.