الجمعة , 22 نوفمبر 2024

أثار «كورونا» .. تراجع أسعار النفط .. بين الرفض والتأييد !!

كتب   أميرة محمد

 

يرى عدد من الخبراء الإقتصاديين أن التراجع الكبير الذى لحق بأسعار النفط فى أعقاب أزمة فيروس كورونا ، من شأنها أن تساهم فى تخفيض عبء الموازنة العامة للدولة ، مستبعدين أن تتأثر السوق المصرية سلباً بهذا الأمر، إلا فيما يتعلق بعمليات التنقيب على الغاز من قبل الشركات الأجنبية على المدى المتوسط والطويل  .

توقع الخبراء استمرار أزمة تراجع أسعار النفط فى العقود الأجلة فى يوينو، طالما أن المصانع وعجلة الإنتاج فى كافة دول العالم ستظل متوقفة بسبب “كورونا” ، مشيرين إلى أن توصل منظمة الأوبك لإتفاق قد يخفف من حدة الأمر .

أشاروا إلى أن الميل للتراجع ظاهرة متوقعة وحدثت من قبل أثناء حرب العراق بداية العقد الأخير من القرن الماضي، ففي أكتوبر من عام 1990 كان السعر الفوري للنفط 40 دولاراً للبرميل، بينما كان سعر العقود الآجلة للتسليم في غضون 18 شهراً يساوي 25 دولاراً للبرميل.

يأتى ذلك فى الوقت الذى سجلت فيه أسعار النفط العالمية أدنى مستوياتها وذلك يوم 20 أبريل الجارى ، لتواصل موجة الخسائر الممتدة بفعل مخاوف متنامية بشأن نفاد أماكن تخزين الخام المنتج في الولايات المتحدة، بعد أن أثبت إتفاق خفض الإنتاج لتحالف “أوبك+” عدم فاعليته في تعويض خسائر إنهيار الطلب على النفط.

أرجع بعض الخبراء أسباب إنهيار أسعار الخام الأمريكي إلي مخاوف المستثمرين من أن مراكز تخزين الخام بولاية أوكلاهوما الأمريكية، قد تستنفد قريباً سعتها التخزينية الي حد يضطر المنتجون الأمريكيون معه الي دفع أموال للعملاء نظير شراء الخام للتخفيف من تخمة المعروض وتوفير مواقع التخزين.

يأتى إختفاء الطلب نتيجة جائحة فيروس كورونا مع حالة الإغلاق التي طالت أجزاء واسعة من العالم، وتوقف الطيران والسفن والشاحنات والسيارات والخدمات اللوجيستية عن الحركة ، وبالتالي تراجع رهيب في استهلاك الوقود ، كما يعود أيضاً إلى  حرب الحصص السوقية بين كبار المنتجين خاصة السعودية وروسيا، مما أدى لزيادة المعروض بشكل كبير وتراجع الأسعار قبل أن يخفف اتفاق أوبك+ من حدته.

أشارت منظمة “أوبك” في تقريرها الشهري الصادر ، إلى أن سوق النفط شهد حالة “”Contango كبيرة خلال مارس الماضى، حيث كان من المتوقع أن يؤدي التراجع الهائل للطلب على النفط، والتخفيضات الكبرى في المصافي وإرتفاع المعروض العالمي من النفط إلى فائض كبير في السوق.

كما توقعت وكالة الطاقة الدولية منذ فترة إنكماش الطلب على النفط بحوالي 23 مليون برميل يوميًا في الربع الثاني من 2020، وفي المتوسط 9.3 مليون برميل يوميًا خلال العام الجاري بأكمله.

يأتى ذلك فى الوقت الذى نقلت فيه كالة بلومبرج عن فاندانا هاري، مؤسس مجموعة فاندا انسايتيس بسنغافورة قوله: مستوى الأسعار الحالية يبلور عجز اتفاق تحالف “أوبك بلس” بشأن خفض الإنتاج عن تعويض الانهيار المسجل في معدلات الطلب لتظل أسواق الطاقة تحت رحمة فيروس كورونا المستجد.

أضاف المحلل الاقتصادي :حتى نقترب من الإعلان رسمياً من إعادة فتح الإقتصاد الأمريكي، قد نشهد مزيداً من الإنخفاض في أسعار لنفط أو قد يظل قرب المستويات الحالية.

كما أظهرت بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي إرتفاع حجم المخزونات الأمريكية بنحو 48% الي 55 مليون برميل منذ نهاية شهر فبراير الماضي ، مشيرة إلي أن السعة التخزينية بمراكز تخزين الخام تستوعب 76 مليون برميل كحد أقصى حتى 30 من سبتمبر المقبل .

المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، قال إن البورصات الثلاث المسئولة عن تحديد أسعار البترول عالمياً، هم خام برنت وغرب تكساس وسلة الخليج، طبقًا لحالة العرض والطللب ، مؤكداً أن الثلاثاء 20 أبريل الحالى كان أخر يوم للعقود الآجلة ، وماحدث أن أمريكا لم تستطع تصريف المخزون لديها، لذلك لجأت إلى تخفيض السعر بدلاً من تحمل تكاليف اضافية مقابل عمليات التخزين ، مشيراً إلى أن إنتاج العالم يوميًا من البترول يصل إلى 105 مليون برميل، منها 42 مليون برميل لاوبك.

كان الاستهلاك العالمي قبل كورونا لا يتجاوز 90 مليون برميل، وهو السبب الرئيسي في وجود فائض من عمليات الإنتاج، ومع وجود كورونا بلغ الاستهلاك 70 مليون برميل وهو ما انعكس سلباً على الفائض ،وأصبح هناك فائضاً يبلع 35 مليون برميل بسبب توقف حركة الملاحة والطيران، وهو ما دفع كبار المستثمرين من الشركات الى تعليق إستثماراتهم بنسبة تتراوح بين 25-30% .

أضاف كمال، أن مصر لديها طاقة تخزينية معروفة لايمكن تجاوزها وماحدث من إنهيار للأسعار في أمريكا هو أمر لحظي ومؤقت ، مشيراً أنه في حالة قيام الدولة المصرية بالتخزين بكميات كبيرة قد يعود بفائدة على الموازنة العامة على المدى القريب، بقيمة 10 مليارات جنيه، إلا أنه على المدى المتوسط والبعيد سيؤدي إلى قيام الشركات الأجنبية التي تقوم بعمليات البحث والاستكشفات إلى تأجيل إستثماراتهم ،مما يعود بالسلب على الاقتصاد الوطني.

عبدالحميد أمام خبير أسواق المال ، قال أنه يتم تداول السلع مثل النفط والغاز الطبيعي في السوق الفورية وسوق العقود المستقبلية ، ويعد السعر الفوري ببساطة عبارة عن سعر برميل النفط الذي يتم تسليمه الآن، مشيراً إلى أن سوق العقود المستقبلية يتعلق بما الذي يتفق عليه المشترون والبائعون بخصوص سعر تسليم السلع في تواريخ مستقبلية .

أوضح أنه في أسواق النفط يتم تسعير عقود لشحنات لن تسلم إلا بعدها بشهور أو سنوات ،ويتم تحديد أسعار هذه العقود من قبل المراهنين على اتجاه أسعار السلع (المضاربين)، وكذلك من قبل المنتجين الذين يرغبون في التحوط ضد خطر إنخفاض الأسعار، مشيراً إلى أنه في أسواق العقود المستقبلية تعتبر العقود بمثابة إلتزامات بدفع مبلغ معين في المستقبل مقابل تسلم قدر معين من سلعة محددة ولا تعتبر “خيارا” ، مؤكداً أنه ينبغى  أيضاً إستيعاب معنى السوق المقلوب والسوق الطبيعي، حيث يعبر هذان المصطلحان عن حالتين ممكنتين للأسعار في سوق العقود المستقبلية مقارنة مع الشهر الحالي .

أضاف أمام، أنه  ببساطة إذا كانت أسعار العقود المستقبلية أعلى من المستويات الحالية، ففي هذه الحالة يظهر ما يسمى بـ”منحنى العقود المستقبلية الطبيعي”، ويعتبر هذا المنحى شرطاً أساسياً للقول بأن السوق في حالة “كونتانجو” ، موضحاً أنه  أما إذا كانت أسعار العقود الآجلة أقل من المستويات الحالية، فيظهر “منحنى العقود المستقبلية المقلوب”، وهو أيضاً شرط أساسي لحالة “الميل إلى التراجع” بالسوق.

أضاف أن دخول السوق في حالة “كونتانجو” يعني ببساطة أن أسعار العقود المستقبلية أعلى من الأسعار الفورية، وهذا يقترن بوجود “منحنى العقود المستقبلية الطبيعي”، مشيراً إلى أن  الملاحظة الأهم هنا، هي أنه في موعد الاستحقاق سيتساوى سعر العقد المستقبلي مع السعر الفوري، موضحاً أن هذه الحالة كانت واضحة جداً بعد الإنخفاص الحاد الذي عانت منه أسعار النفط لمدة عامين تقريباً إلى أن وصلت دون مستوى 30 دولاراً بداية عام 2016.

أكد أمام ، أن ما حدث من تراجع لأسعار النفط فى العقود الأجلة فى 20 ابريل الحالى، كان طبيعى لأن العالم مغلق بسبب فيروس كورونا فالإنتاج متوقف والمصانع متوقفة والطيران متوقف، والتناقلات متوقفة، واستهلاك الوقود والبنزين متوقف، أي لا أحد يستخدم النفط أو البنزين حاليًا، مما أدى إلى تراجع الطلب العالمي على النفط ، ولكن  المشكلة تكمن فى أن الإنتاج ما زال مستمرًا في أمريكا وجميع الدول المنتجة للنفط وكأن شيئًا لم يحدث ، فكانت النتيجة تخمة المعروض، إذ أصبح سوق النفط غارقًا بالنفط ولا يجد من يشتريه.

يأتى ذلك فى الوقت الذى لم يؤثر فيه إتفاق الأوبك، لأن التخفيض التاريخي للإنتاج لن يدخل حيز التنفيذ إلا في 1 مايو، ومع ذلك تبحث السعودية وباقي أعضاء المنظمة في تفعيل الإتفاق فوراً، ومن المتوقع إنخفاض الطلب على النفط بمقدار 20 – 30 مليون برميل يوميًا بسبب فيروس كورونا، لذلك لن ثؤثر تخفيضات أوبك بلس بمقدار 10 مليون برميل يوميًا كثيرًا، لأن العرض سيظل مرتفعًا بما لا يقل عن حوالي 15 مليون برميل يوميًا عن الطلب، وسيحتاج النفط إلى المزيد من التخفيضات لإعادة توزان السوق.

شاهد أيضاً

  أبرزها زيادة رؤوس أمولها .. المراكز المالية للبنوك حائط الصد الأول !

  أكد عدد من الخبراء ومسؤولى البنوك أن إرتفاع المراكز المالية للبنوك العاملة بالسوق المحلية …