لا شك أن القطاع المصرفى المصرى ووحداته البنكية المختلفة ، أثبتت بالدليل القاطع والبرهان الساطع أنه رمانة الميزان ، وحجر الزاوية الرئيسى فى دعم الإقتصاد القومى ، خاصة فى الفترات الصعبة التى مرت بها البلاد وذلك منذ ثورة يناير 2011، بل ومن قبلها وتحديداً منذ الأزمة المالية العالمية .
وهذة الحقيقة يعلمها القاصى والدانى ، ولعل برنامج الإصلاح المصرفى وإعادة هيكلة البنوك فى عام 2004 كانت كلمة السر فيما وصلت إليه البنوك المصرية من قوة وسلامة مراكزها المالية ، ومن ثم قدرتها على تحمل كل الصدمات التى تعرضت لها البلاد سواء بالداخل أو بالخارج ، خاصة أن تلك الوحدات المصرفية كان يقودها قيادات مصرفية من طراز فريد ، اكتسبت الخبرة على مدار سنوات طويلة سواء بالبنوك الأجنبية التى كان لها تواجد فى مصر حينذاك، أو من خلال إلتحاق تلك القيادات المصرفية للعمل بالبنوك الأوروبية والأمريكية ، ما نتج عنه قيادات مصرفية على درجة عالية من الكفاءة والمهنية .
استطاعت تلك القيادات أن تتولى زمام القطاع المصرفى على مدار تلك السنوات الماضية ، ولم يتبق من تلك الكفاءات بالقطاع المصرفى إلا عدد قليل للغاية ، وهو ما يثير كثير من المخاوف عن مستقبل الصناعة المصرفية فى مصر ، خاصة فى ظل قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الجديد الذى يناقشه مجلس النواب حالياً تمهيداً لإقراره ، ذلك لأن أحد أهم المواد التى يتضمنها هذا القانون تكمن فى تجديد دماء القيادات المصرفية بشكل مستمر ، وتحديداً القيادات العليا التى تتولى رئاسة مجالس الإدارة التنفيذية للبنوك العاملة بالسوق المصرية .
ورغم وجاهة وواقعية هذة المبدأ الذى يتبناه قانون البنوك الجديد، المتمثل فى ضرورة إعطاء الفرصة للشباب لتولى المناصب القيادية العليا بالبنوك، إلا أن هناك عقبة قد تحول دون تحقيق ذلك بشكل أمثل ، وهى مدى توافر القيادات المصرفية الشابة القادرة على إدارة زمام الأمور ، نظراً لقلة الخبرات المصرفية وعدم وجود قيادات مدربة على أيدى وحدات مصرفية أجنبية كما كان فى السابق .
ولقد فطن البنك المركزى منذ فترة إلى خطورة هذا الأمر ،ولهذا أخذ يحث كل البنوك العاملة بالسوق المصرية على ضرورة الإهتمام بالتدريب ، وإلزامها برصد مبالغ مالية محددة للإنفاق على تدريب العاملين لديها ، ولم يكتف البنك المركزى بذلك ، بل راح يقوم بنفسه بالإهتمام بالتدريب من خلال تنظيم دورات تدريبية للعاملين بالقطاع المصرفى .. وهنا أقول أنه يجب على البنوك أن تسعى بكافة الطرق للعمل على رفع كفاءة العاملين بها وذلك عبر طريقتين، أولهما الإهتمام بإعطائهم دورات محلية ، وثانيهما إيفاد عدد من العناصر البشرية والكفاءات المصرفية للحصول على منح تدريبية بأكبر المؤسسات المصرفية الأوروبية والأمريكية .