تعددت التهم التى وجهت الى المقاول الهارب محمد على وتنوعت الصفات السيئة التى وصف بها كل من تابع الأحداث على مدار الأسابيع الماضية ، انضم اليه وهلّل به وله هذه النماذج البشرية السيئة أمثال معتز مطر ،محمد ناصر ، أيمن نور ، زوبع او زويبع (او أياً كان أسمه ) ووائل غنيم ………وغيرهم ممن تستطيع ان تضعهم جميعاً فى نفس الدرجة المتدنية من نوعيات البشر والذين اتفق الجميع على وصفهم بالخيانة والعمالة والخسة ….الى اخر تلك الصفات السلبية التى تنطبق بالفعل عليهم .
حينما أتأمل هذا المشهد يزداد يقينى بعبقرية الأديب المصرى الفذ المرحوم نجيب محفوظ، الذى استحق ومنح عن جدارة جائزة نوبل للأدب .. وهنا قد يتساءل البعض ما هى العلاقة بين نجيب محفوظ وهؤلاء ؟ وأنا أجيب ان نجيب محفوظ هو أبرع و أدق من وصف كل هؤلاء الأشخاص، وكما لو كان رحمه الله عليه ،قد قابلهم ودرس وحلل هذه الشخصيات تحليلاً نفسياً دقيقاً.. ستسألنى مرة أخرى ماذا تقصد ؟.. وأنا أجيب انه حينما كتب نجيب محفوظ قصته الشهيرة القاهرة ٣٠ التى أنتجت عام ١٩٦٦ فيلما من اخراج العبقرى صلاح ابو سيف، تمثيل احمد مظهر ، وسعاد حسنى ، وحمدى احمد ،أراد نجيب محفوظ ان يجسد فى دور محجوب عبد الدايم ، شخصية الانسان المنحط الذى يحيا بلا أى قيم أو مبادئ، ويمكن أن يبيع أى شيئ وكل شيئ مقابل المال .
نجيب محفوظ رحمه الله كان ( من وجهة نظرى) يجسد شخصية الانسان الذى يبيع شرفه ، والشرف الذى يعنيه نجيب محفوظ ،هو الشرف بمعناه الشامل (وليس فقط شرفه كزوج يحلل زوجته لآخر ) ،ولكنه جسد هذه الحالة لتأكيد فكرته لأنه يخاطب مجتمعنا المصرى الشرقي الذى يمقط ويحتقر هذا النموذج المنحط ، بالتالي نجح نجيب محفوظ ببراعة فى تجسيد هذه الشخصية الذى باع شرفه كزوج وتخلى عن أهله وإنسانيته وكل شيئ من أجل المال .
محمد على ،محمد ناصر ،أيمن نور ،معتز مطر ….الى اخر هذه الأسماء ، وكل من هذه الشخصيات هو محجوب عبد الدايم ، لقد باع كل منهم وطنه وشعبه و أهله من أجل المال ، وهل يبقى بعد ذلك معنى لأى شرف ؟ من باع كل ذلك يبيع أى شيئ أخر مثل زوجته واولاده وسوف يبيعون اسيادهم الذين يسخرونهم ويدفعون لهم المال اذا وجدوا من يدفع اكثر .. أنا لا أعتقد أنهم يرقوا حتى لوصفهم بالخنازير لأن الخنازير حيوانات والحيوانات ارقى وأشرف .. رحم الله نجيب محفوظ الذى رحل عن عالمنا ، ولكنه مازال بقلمه وفكره يقدم لنا أدق وصف لهذه النماذج المنحطه .