بدأ البنك المركزى رحلة تخفيض أسعار العائد على الجنيه فى عام 2018، لأول مرة منذ قراره بتحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 ، حيث قامت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى بتخفيض سعر العائد لأول مرة فى إجتماعين فى فبراير ومارس 2018 ، ثم ثبيتها على مدار 6 إجتماعات متتالية فى مايو ويونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر ونوفمبر 2018 ، وذلك مع تراجع معدل التضخم .
وكان البنك المركزى قد رفع العائد بنحو 7% فى أعقاب قراره بتحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 وحتى نهاية عام 2017 ، ليقرر البنك المركزى خفض العائد بواقع 2% خلال عام 2018 ، ولتستقر معدلات العائد بعد ذلك وسط تراجع ملموس لمعدل التضخم السنوى لدى البنك المركزى لمستوى 14.5% .
قام البنك المركزى برفع أسعار العائد بنحو 7% فى عام 2017 وذلك بعد تحرير سعر الصرف لإحتواء أثار التضخم ، لتسجل نحو 18.75 % للإيداع ، 19.75% للإقراض ، وقامت البنوك بتقديم أوعية إدخارية بعوائد مرتفعة تصل لـ 20% ، وفى عام 2018 ومع تراجع معدل التضخم قام البنك المركزى بخفض العائد لأول مرة فى فبراير 2018 حيث تراجع معدل التضخم فى يناير 2018 إلى 17% ، الأمر الذى عزز توجه البنك المركزى لخفض أسعار العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة لديه إلى 17.75% للايداع ، 18.75% للاقراض ، ولقد أعقبه بخفض العائد مرة أخرى فى إجتماع السياسة النقدية فى مارس الماضى ليسجل 16.75% للايداع ، 17.75% للاقراض .
كما تراجع المعدل السنوى للتضخم إلى 13.6% فى أغسطس الماضى ، مقابل 33.2% فى أغسطس 2018 ، ومع معاودة معدل التضخم للإرتفاع بفعل إجراءات رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء ، قام البنك المركزى بتثبيت أسعار العائد خلال ثلاثة إجتماعات متتالية للجنة السياسة النقدية فى شهور مايو ويوليو وأغسطس .
ورغم إرتفاع معدل التضخم مجدداً ، إلا إن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى قررت تثبيت أسعار العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة لديه عند نفس مستوياتها البالغة نحو 16.75% للإيداع ، 17.75% للإقراض فى إجتماعاتها فى 27 سبتمبر ، 15 نوفمبر 2018 .
ورغم عودة معدل التضخم للإرتفاع خلال شهر أغسطس ، إلا إن البنك المركزى نجح بفضل السياسات الإصلاحية فى إحتواء الضغوط التضخمية بدليل تراجع معدل التضخم من مستوى 35% عقب تحرير سعر الصرف ، ليسجل نحو 14.5% فى أغسطس الماضى .
كما أعلن البنك المركزى عن أن المعدل السنوى للتضخم الأساسى المعد من قبل المركزى سجل 8.8% فى أغسطس الماضى ، مقابل 8.5% فى يوليو الماضى ، موضحاً أن الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين المعد من قبل البنك المركزى المصرى شهد إستقراراً ملحوظاً للمعدل الشهري للتضخم حيث بلغ 0.6% فى أغسطس 2018 ، وهو نفس المعدل فى يوليو .
وسجل الرقم القياسى لأسعار المستهلكين للحضر الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء معدلاً شهرياً بلغ 1.8% فى أغسطس مقابل 2.4% فى يوليو ، وسجل المعدل السنوى للتضخم العام 14.2% فى أغسطس مقابل 13.5% فى يوليو .
كما ثبتت اللجنة أسعار العائد فى إجتماعها فى سبتمبر 2018 ، وذلك رغم إرتفاع معدل التضخم العام ، فيما إستقر معدل التضخم الأساسى لدى البنك المركزى ، وكذلك قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي في إجتماعهـا يـوم الخميس الموافق 15 نوفمبر 2018 الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند مستوى 16.75% و17.75% على الترتيب، وكذلك الإبقاء على كل من سعر العملية الرئيسية عند مستوى 17.25% وسعر الائتمان والخصم عند مستوى 17.25%.
وذلك رغم إرتفاع المعدل السنوي للتضخم العام إلى 16.0% و17.7% في سبتمبر وأكتوبر 2018 على الترتيب، وجاء هذا الإرتفاع بشكل أساسي نتيجة زيادة أسعار بعض الخضروات، وذلك بعدما أدت إجراءات ضبط المالية العامة للدولة الى إرتفاع المعدل السنوي للتضخم العام من 11.4% في مايو الماضي.
أكدت اللجنة أن السياسية النقدية التقييدية للبنك المركزي قد نجحت في إحتواء أثر الإرتفاعات على باقي السلع والخدمات، حيث إستمر المعدل السنوي للتضخم الأساسي في الانخفاض ليسجل 8.7% في المتوسط خلال الفترة ما بين يوليو وأكتوبر 2018 ، كما إستقر معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي في الربع الثاني من عام 2018 عند مستوي 5.4%، بعدما واصل الإرتفاع في الربع الأول من العام للربع السادس على التوالي. حيث انخفضت المساهمة الموجبة لكل من الطلب المحلي الخاص وصافي الصادرات، في حين إرتفعت مساهمة الطلب المحلي العام.
كما تم إحتواء أثر إنتقال تقلبات الأسواق المالية العالمية الي التضخم المحلي، وذلك نتيجة للإجراءات الإصلاحية التي دعمت من تحسن مقومات الاقتصاد الكلي محلياً، ومازالت أسعار البترول العالمية عرضة للتقلبات بسبب عوامل محتملة من جانب العرض، على الرغم من انخفاضها مؤخراً.
ونتيجة لتأثر معدل التضخم العام في أكتوبر 2018 بارتفاع أكبر من المتوقع في أسعار بعض الخضروات، إرتفعت المخاطر المحيطة بتحقيق المعدل السنوي للتضخم العام المستهدف والمعلن من قبل البنك المركزي في مايو 2017 وهو 13٪ (±3٪) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2018.
ولكن لجنة السياسة النقدية أكدت أن أدوات السياسة النقدية يتم إستخدامها للسيطرة على توقعات التضخم وإحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب والآثار الثانوية لصدمات العرض، ولذلك إتخذت قرارها بالتثبيت لكون إرتفاع معدل التضخم وقتى ، ونتيجة للطبيعة المؤقتة لإرتفاع أسعار بعض الخضروات.
ولقد ساهم رفع العائد على الجنيه فى زيادة إجمالى ودائع الجهاز المصرفى بنحو 1.446446 تريليون جنيه فى عامين لتصل إلى 3.569515 تريليون جنيه فى يونيو الماضى ، مقابل 2.123069 تريليون جنيه فى يونيو 2016 ، ومقابل 3.273298 تريليون جنيه فى نوفمبر 2017 .
طارق عامر محافظ البنك المركزى ، أكد أن البنك المركزى نجح فى تطبيق السياسة النقدية وحقق نتائج اكبر مما كنا نطمح فيها ، واشار إلى أن البنك المركزى إتخذ قراراته بشأن السياسة النقدية بعد دراسات كثيرة ومجهودات للوصول لمعلومات دقيقة عن الإقتصاد المصرى .
أوضح أنه فى يناير 2017 وبعد تحرير سعر الصرف ، كان قرار لجنة السياسة النقدية وفريق البنك المركزى المتمثل فى احمد بسيونى المسئول عن لجنة السياسة النقدية ، ورامى أبو النجا وكيل المحافظ المسئول عن الإحتياطى النقدى أن يتم زيادة أسعار الفائدة بنسبة 6% ، وذلك لمواجهة الضغوط التضخمية المحتملة ، مشيراً إلى إن رأى اللجنة كان زيادة أسعار الفائدة بنسبة 6% فى الوقت الذى أعترض فيه العملاء على زيادة الفائدة بنسبة 2%.
أوضح طارق عامر، أنه لابد أن نعى جيداً رؤية البنك المركزى ، وقال أن البنك المركزى يستهدف التضخم وهو أمر له غرض مهم جداً ، وكان هناك مقاومة شديدة لزيادة أسعار التضخم ولكننا نجحنا فى تحقيق نتائج أكثر من المتوقعة .
أشار إلى إنه كان يجب أن نختار بين البدائل إما زيادة أسعار الفائدة أو الإصطدام بزيادة سعر الصرف ، ومن الطبيعى أن نضحى بشىء للحصول على نتائج إيجابية فهى مسألة خيارات وأى مؤسسة تحتاج لاختيار ما هو أفضل لتعزيز بلدها .
أكد أن السياسة النقدية المتبعة نحجت فى إستعادة الثقة فى الإقتصاد المصرى وهو ما إتضح مع دخول صناديق الإستثمار العالمية والأجنبية للإستثمار فى سوق المال وطروحات الحكومة من أدوات الدين من أذون الخزانة بنحو 37 او 38 مليار دولار ، مشيراً إلى نجاح طرح السندات الدولية المصرية فى الأسواق الخارجية والتى تم تغطيتها 4 مرات .
عاكف المغربى نائب رئيس بنك مصر، قال إن البنك المركزى إستطاع إدارة السياسة النقدية بحرفية بالغة ، وإستطاع رفع العائد فى التوقيت المناسب لاحتواء التضخم ، وقرر حالياً تثبيت أسعار العائد ، فى الوقت التى تواجه إقتصاديات أخرى أزمات كبيرة دفعتها لرفع أسعار العائد لمستويات غير مسبوقة مثل دولة الأرجنتين التى لاتزال تقوم برفع أاسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة لـ 40% و45% ورفعتها مرة أخرى حالياً لـ 60% .
أضاف أن تعديل النظرة المستقبلية للإقتصاد المصرى ورفع التصنيف الإئتمانى من شأنها أن يساهم فى جذب الإستثمارات الأجنبية للبلاد ، ويقلل تكلفة الإقتراض الخارجى ، مشيراً إلى إن تعديل النظرة المستقبلة ورفع التصنيف يساهم فى تقوية وتعزيز تعاملات البنوك مع البنوك المراسلة بالخارج ، مؤكداً أنه كلما تراجعت المخاطرة كلما تزايدت الإستثمارات الأجنبية وتراجعت تكلفة الإقتراض .
أوضح أن هناك عدد كبير من الإجراءات الإقتصادية الإيجابية التى تم إتخاذها ضمن برنامج الإصلاح الإقتصادى وساهمت فى تحسين الوضع الاقتصادى ، وعادت حركة الإنتاج على مستوى الشركات المصرية المحلية والإستثمارات الأجنبية المباشرة .
طارق حلمى الخبير المصرفى، يرى أن البنك المركزى يعد الجهه الوحيدة القادرة على رسم مستقبل أسعار العائد فى ضوء توافر المؤشرات والبيانات اللازمة حول الإقتصاد المصرى ، مؤكداً أن المركزى إستطاع إستخدام أداة رفع العائد فى أعقاب قراره الجرىء بتحرير سعر الصرف ،وبالفعل قام بزيادة أسعار الفائدة بنحو 7% ،لإحتواء الضغوط التضخمية ونجح فى هذه المهمة بالفعل ، وإتجه بعدها لخفض العائد مجدداً .
أشار إلى إن المركزى قرر تثبيت أسعار العائد فى ظل معاودة التضخم الإرتفاع ، لتأكده من أن الزيادة الأخيرة فى معدلات التضخم ناتجة عن إجراءات الضبط المالى من قبل الحكومة ، وإرتفاع أسعار بعض السلع والخضروات ,هى مرحلة مؤقتة .
أوضح حلمى، أن جميع المؤشرات الإقتصادية بها تحسن فيما عدا إرتفاع معدلات الدين والتضخم ، موضحاً أنه مع إتجاه الحكومة لتخفيض الدين العام المحلى لـ 90% بدلاً من أكثر من 100% ،وهو الأمر الذى من المتوقع أن تشهد معه الفترة المقبلة رفع التصنيف الإئتمانى للبلاد .
أضاف أن البلاد مرت بالفعل بالمرحلة الأصعب ، وتشهد الفترة الراهنة تحسن واضح فى كافة المؤشرات الإقتصادية ، مشيراً إلى ضرورة إتخاذ خطوات ملموسة نحو خفض الدين الخارجى ، ولابد أن يتم ذلك بالتوازى مع إتخاذ بعض الاجرءات نحو معالجة المشكلات الأخرى والتى يقع على رأسها النمو السكانى والذى يعد قادراً على إلتهام أى نمو إقتصادى ،مؤكداً أن هناك جهود تعتزم وزارة التخطيط القيام بها لخفض معدل النمو الشكانى لأقل من 2.1% مقابل 2.7 % .
أشار إلى أن قرار مؤسسة موديز برفع النظرة المستقبلية للإقتصاد المصرى من مستقر إلى إيجابى ، كما قررت الإبقاء على تقييم مصر على المدى الطويل عند مستوى (بى 3)، وهو أمر جيد جداً ويعد خطوة متوقعة فى ظل تحسن كافة المؤشرات الإقتصادية ، الأمر الذى عزز قرار موديز .