كشف البنك المركزي المصرى عن تفاصيل مبادرته الخاصة بإسقاط فوائد الديون عن المتعثرين ، بهدف مساندتهم وتخفيض محافظ الديون المتعثرة ، وتخفيف العبء عن صغار العملاء الجادين فى السداد ، وإعادتهم لمزاولة أنشطتهم الإقتصادية .
ولكن يبدو أن السؤال الأهم الذي شغل بال المتابعين للشأن الإقتصادى المصرى ، هو هوية الجهة التي ستتحمل فاتورة إسقاط فوائد الديون، وما إذا كان سيتحملها البنك المركزي أم البنوك نفسها ؟ .
فمن المعروف أن هذا النوع من المبادرات طالما يواجه بأزمات سابقة، مثل تلك التي أطلقتها رئاسة الجمهورية في عصر الرئيس الأسبق مبارك، والخاصة بإسقاط فوائد الديون عن الفلاحين لدى البنك الزراعي المصري، والتي تسببت لاحقاً في مشكلة لا زالت تبعاتها حتى الآن بسبب تحمل البنك لتلك الأموال ، دون أدنى تدخل من وزارة لمالية لرد تلك الأموال لخزينة البنك لتعويض خسائره .
ويرى مصرفيون أن البنوك هي التي ستتحمل تلك المبادرة ، والتي ستعد بشكل كبير مكسب لها ولعملائها، حيث ستتخلص من جزء كبير من محفظة الديون المتعثرة، وستتلقى أصل المال بالكامل مقابل التنازل عن الفوائد أو الإجراءات القانونية والدعاوى القضائية ، التي كانت تكلف البنوك مبالغ كبيرة .
البنك المركزي المصرى كشف فى وقت سابق، أن المبادرة تستهدف تسوية المديونيات المتعثرة للشركات بأرصدة أقل من عشرة ملايين جنيه، وجميع مديونيات العملاء من الأفراد غير شاملة أرصدة البطاقات الائتمانية ، وفقاً للمركز فى 31/12/2017 سواء المتخذ أو غير المتخذ ضدهم إجراءات قضائية مع البنوك المشاركة في المبادرة.
ومن المتوقع أن يستفيد من هذه المبادرة أكثر من 3500 شركة و337 ألفاً من الأفراد في بنوك الأهلى المصرى، ومصر، والقاهرة، والمصرى لتنمية الصادرات، والعقارى المصرى العربى، والزراعي المصري، والمصرف المتحد، بالإضافة إلى بنك التنمية الصناعية .
وتعفى المبادرة العملاء المتعثرين من كامل الفوائد المتراكمة وغير المسددة، والتى يبلغ إجماليها 16.8 مليار جنيه، وذلك فى حالة التزامهم بسداد 100% من رصيد الدين فى 31/12/2017 نقداً، فى موعد غايته نهاية ديسمبر المقبل .
كما يتم التنازل من البنوك والعملاء عن جميع القضايا المتداولة والمتبادلة بينهم فى المحاكم، وإبراء ذمة المقترض نهائياً من البنك وفقاً للقانون، وتحرير كل الضمانات المقدمة من العملاء ضماناً لتلك المديونية، بالإضافة إلى حذف المقترض من القائمة السلبية لدى البنك المركزى، وكذلك لدى الشركة المصرية للاستعلام الائتمانى ( I- Score) وعدم سريان حظر التعامل عليه فيما يخص هذه المديونية، مع الإقرار عنه كعميل مبادرة لمدة 3 سنوات من تاريخ السداد.
سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقاً، قالت إن مبادرة البنك المركزي لتسوية المديونيات المتعثرة أقل من عشرة ملايين جنيه تعتبر قوية جداً ، وستساهم بفعالية في إنهاء تعثر الآلاف من الشركات والأفراد .
أضافت أنه على سبيل المثال ، بإفتراض أن هناك عميل متعثر بمبلغ مليون جنيه، 900 ألف جنيه عبارة عن فوائد متراكمة علي مر السنين ، وأصل المبلغ فعلاً ١٠٠ ألف جنيه في هذه الحالة ستتنازل البنوك عن 900 ألف ، وعلي الشركه المتعثرة أن تسدد ١٠٠ ألف فقط وتعطيه إبراء ذمة ، وبالتالي أصبح لديه فرصة غير مسبوقة لكي يزاول ويستكمل مشروعه، مطالبة كافة المتعثرين من شركات وأفراد بسرعة الإستفادة من هذه المبادرة.
أوضحت “الدماطي”، أن البنوك هي المستفيد الأول في جميع الأحوال من هذه المبادرة، ففي المقابل كانت ستدفع الكثير من المصاريف للتحصيل أو ستلجأ إلى التخلص منها كديون معدومة دون تحصيل أي جزء من الدين .
ومن جهته، أصدر البنك الأهلي المصري تعليمات لكل القطاعات بحصر العملاء المحتمل خضوعهم للمبادرة، ليتم مراسلتهم بخطابات مسجلة بعلم الوصول بتفاصيل المبادرة وكيفية الإستفادة منها .
يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصرى ، قال أن أي عميل يندرج تحت شروط المبادرة يمكنه التقدم بطلب الإستفادة للفرع التابع له، موضحاً أن البنك لديه 1650 شركة ضمن مبادرة دعم المتعثرين بمديونيات تصل إلى 400 مليون جنيه.
ومن جانبها، أوضحت “داليا الباز” ، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الاهلى ، قالت أن مصرفها لديه حوالي 50% من الشركات التي تتضمنها مبادرة المركزي ، نتيجة سياسات التوسع في شريحة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، والاستحواذ علي النسبة الأكبر في تمويل هذه الشريحة الداعمة للإقتصاد.
لفتت إلى أن نسبة عملاء البنك المتعثرين من الشركات الذين ينطبق عليهم مبادرة البنك المركزي لا تتجاوز 2% فقط من إجمالي الشركات من عملاء البنك ، في الوقت الذي لا تزيد مديونيتهم عن 1 في 10 الآف من محفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات بالبنك.
أضافت “الباز” أن إجمالي المستفيدين من المبادرة من الأفراد لا تزيد نسبتهم عن 1% من إجمالي عدد قروض عملاء البنك الاهلي من الأفراد البالغة 1.7 مليون قرض ، ولا تزيد مديونيتهم عن 0.5% من إجمالي مديونيات عملاء التجزئة المصرفية بالبنك.
“طارق فايد” رئيس مجس إدارة بنك القاهرة، قال أن هناك 21 ألف عميل مستفيد من مبادرة البنك المركزي لدعم المتعثرين من الأفراد والشركات، مشيرا إلى أن عدد العملاء المستفيدين ينقسمون إلى 3 آلاف شركة ما بين متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة، فضلاً عن 18 ألف عميل من الأفراد.
فيما يوجد في البنك الزراعي المصري نحو 110 ألف عميل ونحو 200 شركة ستسفيد من مبادرة البنك المركزي لتسوية المديونيات المتعثرة للشركات بأرصدة أقل من عشرة ملايين جنيه.
وكذلك يصل عدد العملاء المستفيدين من مبادرة البنك المركزي لإسقاط الفوائد عن ديون المتعثرين ببنك التنمية الصناعية إلى 150 عميلاً، بإجمالي مديونية تبلغ 370 مليون جنيه، ويسجل عدد العملاء المتعثرين نحو 270 عميلا متعثرا، وذلك بحسب حصر أجراه البنك حديثاً تماشياً مع المبادرة.