يبدو أن عام 2025 الحالى سوف يشهد سيناريو مختلف لأسعار الفائدة التى ظلت على مدار الفترة الماضية تعيش فى برج عالى ، حيث شهدنا معدل الفائدة يرتفع بوتيرة غير مسبوقة على الإطلاق ، وكان السبب الرئيسى وراء ذلك تسجيل معدل التضخم أرقاماً قياسية لم تشهدها أيضاً السوق المصرية من قبل .
ولذلك هناك توقعات قوية أن تبدأ لجنة السياسات النقدية العمل على خفض أسعار الفائدة خلال العام الحالي 2025 ، وذلك في ضوء مستهدفاتها للتضخم حيث يمكن الوصول إليها مع تطبيق السياسات المالية ، خاصة في ظل الإنخفاض التدريجي المتوقع للتضخم ، والذي يساهم في مزيد من الخفض لأسعار الفائدة لتصل معدلات الخفض إلى حوالي 6%.
والحقيقة إن هناك 6 دوافع محورية وهامة يمكن أن تكون مؤثرة فى فى توجهات إستمرار تثبيت أسعار الفائدة على ما هى عليه، خاصة أن أهم تلك العوامل تتمل في استمرار ارتفاع حجم السيولة المحلية بشكل مضطرد منذ بداية العام الجارى، حيث سجلت فى ديسمبر من العام الماضى 8.9 ترليون جنيه وارتفعت فى فبراير من العام الجارى إلى 9.1 ترليون جنيه وإلى 10.1 ترليون فى أبريل ، والى 10.6 ترليون فى يونيو ، واستمرت فى الارتفاع لتسجل 10.9 ترليون جنية فى أغسطس وصولاً إلى 11.1 ترليون جنيه فى سبتمر من العام الجارى .
بالإضافة إلى استمرار زيادة حجم السيولة المحلية بهذا المعدل المتزايد الأمر الذى حدى بالبنك المركزى أن يعمق من آليه العملية الرئيسية أسبوعياً ، وذلك جنباً إلى جنب مع آلية رفع الفائدة لمزيد من الضغط لمواجه التضخم ، ولتخفيف السيولة الفائضة لدى البنوك ، وذلك فى اشارة مؤكدة إلى نيته الاستمرار فى تطبيق سياسة نقدية بالغة التشدد فى المرحلة الحالية ، وكذلك المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة ، والمشتعلة فى منطقة الشرق الأوسط.
أضف لما سبق أننا فى قلب وبؤرة هذا الصراع ففى حال تمددها وتوسع اطرافها – لا قدر الله – فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الامداد وبالتالى إرتفاع الاسعار، أى أن هناك مخاوف احتمال تولد ضغوط تضخمية مركبة جديدة تقتضى التوجس منها ، بخلاف الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولى بأهمية الاستمرار فى إتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجه التضخم.
وبالتالى فعند إفتراض استمرار تثبيت أسعار الفائدة للجنيه المصرى على مستواها الحالى، واستمرار الإنخفاض التدريجى فى سعر الفائدة على الدولار الأمريكى ، فإن ذلك يمكن أن يعزز من جاذبية الجنيه المصرى فى نظر المتعاملين الأجانب فى الاستثمار المباشر وغير المباشر ، ويحسن من مركزنا التنافسي فى أسوق النقد والمال، مقارناً بالدول الصاعدة الأخرى ، ويحفز تدفق تحويلات العاملين المصريين فى الخارج ، خاصة مع إعلان البنك المركزى إطلاق خدمة التحويلات اللحظية من خارج مصر.
خلاصة القول، ففى ضوء الإعتبارات السابقة يمكن القول أن الاتجاه الأغلب فى ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، ورغم التوجه العالمى فى أوربا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج إلى خفض أسعار الفائدة ، يمكن أن نرى خفض تدريجى لأسعار الفائدة بالسوق المصرى ، خلال العام الحالى “2025” .