أعلنت وكالات التصنيف الإئتمانية العالمية مؤخراً ، عن تغيير التصنيف الإئتمانى لمصر ، وهو الأمر الذى أكد الخبراء أنه أمر طبيعى، خاصة فى ظل أزمة نقص العملة الأجنبية ، وارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية ، وتوقعوا تعديل النظرة المستقبلية لمصر خلال عام 2024 ، بعد دخول قرض صندوق النقد الدولى .
يذكر أن وكالة التصنيف العالمية – ستاندرد آند بورز، قامت مؤخراً بخفض التصنيف السيادي طويل الأجل لمصر إلى “-B” من “B”، مشيرة إلى تزايد ضغوط التمويل على البلاد.
بالإضافة لذلك غيرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”، مشيرة إلى المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد، وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.
وكان من المتوقع أن يؤدي استمرار الحصول على الدعم المالي الرسمي من صندوق النقد الدولي إلى زيادة قدرة مصر على تحمل الديون، لكن “إجراءات السياسة وأوجه الدعم الخارجي قد تكون غير كافية لمنع إعادة هيكلة الديون” نظراً لضعف مقاييس أعباء الدين.
وقالت موديز في بيان لها مؤخراً، إن الزيادة الكبيرة في مدفوعات الفائدة والضغوط الخارجية المتزايدة أدت إلى تعقيد عملية تكيف الاقتصاد الكلي، متوقعة أن يساعد سجل مصر في مجال تنفيذ الإصلاح المالي بالمساعدة في الحصول على المزيد من الدعم المالي من صندوق النقد الدولي.
يذكر أن وكالة فيتش مطلع نوفمبر الماضي، قامت بخفض تصنيف مصر على المدى الطويل بالعملات الأجنبية إلى “B-” هبوطاً من “B”، مشيرة إلى زيادة المخاطر على التمويل الخارجي وارتفاع في الديون الحكومية، موضحة إن التخفيض يعكس زيادة المخاطر على التمويل الخارجي لمصر واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل.
وشهد سعر الدولار في السوق غير الرسمية في مصر إرتفاعات قوية خلال الأسابيع الماضية، في ظل ارتفاع وتيرة المضاربات مع تصاعد الضغوطات التي يواجهها الاقتصاد المصري، بما في ذلك مخاطر التوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب في غزة أخيراً.
وتدور الأسعار في السوق الموازية حول مستوى الـ 60 جنيها للدولار، طبقاً لما تُظهره بعض الصفحات المتخصصة في مراقبة أسعار التنفيذ الفعلية في السوق الموازية، بينما لا يزال السعر الرسمي حول الـ 31 جنيهاً.
وردت وزارة المالية المصرية على تخفيض وكالة “موديز انفستورز سرفيسز” نظرتها المستقبلية لتصنيف الإصدارات الحكومية المصرية من مستقرة إلى سلبية، موضحة إن الحكومة تعمل على إدارة مخاطر الاقتصاد الكلي، بمرونة لإحتواء الصدمات الخارجية المتتالية، وتتعامل بتوازن وحرص شديد مع الآثار السلبية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية المؤثرة على النشاط الاقتصادي،وتحرص على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين ، والتوسع في الحماية الاجتماعية مع الالتزام بالانضباط المالي في ظل هذه التحديات شديدة التعقيد.
أوضحت، أن هذا المسار المرن الذي تنتهجه الحكومة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، انعكس في أداء متوازن للموازنة العامة للدولة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 2023/2024 في الفترة من يوليو حتى ديسمبر الماضيين، حيث تم تسجيل فائض أولي 150 مليار جنيه، مقارنة بـ25 مليار جنيه عن ذات الفترة من العام المالي الماضي، رغم توفير كل احتياجات أجهزة الموازنة، وزيادة حجم المصروفات بنسبة 56% لتخفيف الأعباء عن المواطنين بقدر الإمكان.
أضافت، تعليقا على تثبيت موديز للتصنيف الائتماني السيادي لمصر عند “Caa1” مع تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، أن مؤسسة “موديز” لم تأخذ في اعتبارها الجهود الحالية للحكومة عند تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، حيث إن برنامج “الطروحات” يعزز قدرتنا على تلبية الاحتياجات التمويلية خلال العامين المقبلين.
بالإضافة إلى أنه يسهم في جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، والحد من الاحتياج للتمويل الخارجي، لافتة إلى نجاح الدولة في التخارج من عدد من الأنشطة الاقتصادية بقيمة 3.5 مليار دولار ضمن برنامج “الطروحات”، بما يساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري.
أشار البيان إلى إمكانية الحصول على نحو 5 مليارات دولار سنويا بشروط ميسرة من البنوك التنموية متعددة الأطراف، الأمر الذي يعكس ثقة هذه المؤسسات الدولية في المسار الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة المصرية بسياسات مالية أكثر قدرة على تحقيق الانضباط المالي، والحفاظ على تسجيل فائض أولي بشكل مستدام، جنبًا إلى جنب مع المضي في تنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز النمو الاقتصادي من خلال إفساح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص باعتباره قاطرة التنمية الشاملة.
أشارت إلى أنها أن حددت مصادر توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية للموازنة العامة للدولة حتى نهاية العام المالي الحالي المقدرة بـ 4 مليارات دولار، مع استهداف الاستمرار في تنويع الأسواق الدولية، خاصة بعدما نجحنا في العودة مجددًا للأسواق اليابانية، وقد تم تنفيذ الإصدار الدولي الثاني من سندات الساموراي بقيمة 75 مليار ين ياباني، تعادل نحو نصف مليار دولار، بتسعير متميز للعائد الدوري بمعدل 1.5% سنويا، بأجل 5 سنوات، وإصدار سندات دولية مستدامة بسوق المالية الصينية “الباندا”، التي تخصص لتمويل مشروعات بنحو 3.5 مليار يوان صيني بما يعادل نحو نصف مليار دولار.
أكد، أننا نعمل على وضع معدلات الدين للناتج المحلى فى مسار نزولى والمتأثرة فى الوقت الحالى بالتضخم وارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الصرف، مشيرًا إلى الإجراءات الجديدة والتدابير الإصلاحية لإدارة الدين الحكومي التي تشمل وضع سقف ملزم للأعباء السنوية لضمان المسار النزولي لمعدل الدين للناتج المحلي وصولاً لأقل من 85% مع نهاية يونيو 2028، وإطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليبلغ 4 سنوات في المدى المتوسط بدلا من 3 سنوات في الوقت الحالي لتقليل الحاجة إلى التمويلات السريعة.
أضافت، أن هناك استراتيجية تخضع للتحديث السنوي لخفض نسبة وخدمة الدين للناتج المحلي، واستمرار تطوير سوق الأوراق المالية الحكومية لجذب المزيد من المستثمرين بمواصلة العمل على تنويع مصادر التمويل، إضافة إلى مسار جديد لمقايضة الديون بالعمل المناخي وتعزيز الاستثمارات الصديقة للبيئة، وإصدار أدوات جديدة ومتنوعة ذات تكلفة أقل .
طارق متولى الخبير المصرفى ، ونائب رئيس بنك بلوم سابقاً ، قال أن تغيير التصنيف الإئتمانى لمصر من قبل مؤسسات التصنيف العالمية، يعد أمراً متوقعاً فى ظل ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية ، وزيادة مخاطر سداد المديونيات المستحقة .
أضاف، أن مصر لم تتخلف مطلقاً عن سداد التزاماتها أو الاستحقاقات الواقعة عليها ، وهو الأمر الذى أكدت عليه الحكومة المصرية ، حيث أشارت إلى أنها تعمل على وضع معدلات الدين للناتج المحلى فى مسار نزولى ، والمتأثرة فى الوقت الحالى بالتضخم ، وارتفاع أسعار الفائدة وأسعار الصرف.
أشار إلى أن الإجراءات الجديدة والتدابير الإصلاحية لإدارة الدين الحكومي التي تشمل وضع سقف ملزم للأعباء السنوية لضمان المسار النزولي لمعدل الدين للناتج المحلي ، وذلك وصولاً لأقل من 85% مع نهاية يونيو عام 2028 .
أوضح متولى، أنه مع التوصل لإتفاق مع صندوق النقد الدولى ، ستتحسن الأوضاع ، وستقوم هذه المؤسسات بتعديل التصنيف خلال العام الحالى 2024 ، مؤكداً أن البنك المركزى قادراً على ضبط أداء السوق ، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية للقضاء على السوق الموازية ، مشيراً إلى أن مصر لديها من الفرص مايتطلب استغلالها بشكل صحيح بما يخرج البلاد من هذه الأزمة .
يأتى ذلك فى الوقت الذى تناقش فيه بعثة صندوق النقد الدولي الموجودةُ في القاهرة إلى جانب برنامج الإصلاحات المصري تمويلاً إضافياً، وذلك لتخفيف ضغوط حرب غزة على الاقتصاد المصري التي زادت حدتُها بعد هجمات البحر الأحمر، وفى حالة التوصل لإتفاق سيتم ضبط أداء السوق .
الدكتور أحمد نصار الخبير المصرفى، قال أن تخفيض التصنيف من قبل المؤسسات العالمية أمر وارد فى ظل أزمة الضغط على النقد الأجنبى ، وإرتفاع سعر الدولار ، لكنها مسألة مؤقتة ، ومن المتوقع بعد تحسن الأوضاع أن يتم تعديل التصنيف بشكل إيجابى .
أضاف، أن هذه المؤسسات استندت إلى احتمالية تخلف مصر عن سداد الديون المستحقة عليها فى العام الحالى 2024 ، والتى من المقرر أن تصل قيمتها إلى 41 مليار دولار .