كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الإحتياطي النقدي من العملات الأجنبية للشهر التاسع على التوالى ليصل إلى 34.660 مليار دولار أمريكي ، وذلك بنهاية شهر مايو 2023، مقارنة بنحو 34.551 مليار دولار بنهاية شهر إبريل 2023، حيث شهد الاحتياطي النقدي الأجنبي، زيادة قدرها 109 مليون دولار خلال الشهر المنقضي، ويأتى ذلك رغم نجاح المركزى فى سداد فوائد وأقساط بقيمة 11.9 مليار دولار ، خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 2023/2022.
أشارت النشرة الاحصائية إلى سداد البنك المركزي فوائد وأقساط بقيمة 4.784 مليار دولار ، وذلك خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2023/2022 ، ونحو 7.154 مليار دولار خلال الربع الثاني.
أوضح، أن الفوائد المدفوعة بلغت 2.866 مليار دولار خلال الـ6 أشهر الأولى من العام المالي الجاري منها 1.555 مليار دولار بالربع الأول من العام ، و1.311 مليار دولار بالربع الثاني، بينما بلغت الأقساط المسددة نحو 9.072 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الجاري ، منها 3.229 مليار دولار بالربع الأول، و 5.843 مليار دولار بالربع الثاني.
أكد عدد من خبراء البنوك ، أن إستقرار الإحتياطى النقدى فوق مستوى الـ 34 مليار دولار رغم سداد فوائد وأقساط بقيمة 11.9 مليار دولار ، خلال النصف الأول من العام المالى الجارى يعكس مدى قدرة الاقتصاد المصرى على الصمود رغم الأزمة الإقتصادية العالمية والضغوط التضخمية.
طارق متولى الخبير المصرفى، قال أن إحتياطى النقد الأجنبى لمصر فى الحدود الأمنة ، والتى تكفى لتغطية الاحتياجات الاستيرادية لمدة تزيد عن الـ 6 شهور، مشيراً إلى أنه رغم أزمة سعر صرف الدولار ، إلا أن الإقتصاد المصرى أثبت قدرته على الصمود بدليل نجاح البنك المركزى فى سداد فوائد واقساط قروض بقيمة 11.9 مليار دولار ، وذلك خلال النصف الأول من العام المالى الجارى ، وفى نفس الوقت استمر الاحتياطى النقدى فى الإرتفاع .
أضاف، أن المشكلة الأساسية تكمن فى زيادة أعباء الديون والأقساط المستحقة خلال عامى 2023 ، و2024 ، ولقد نجحت الدولة المصرية فى سداد الأعباء الواقعة عليها حتى نهاية يونيو الجارى ، ويعكس ذلك أنه قد تم سداد هذه الأعباء من الاقتصاد الحقيقى ، مما ينم عن بدء تعافى الأوضاع.
أشار إلى أن الدولة المصرية لديها العديد من المقومات التى تساهم فى معالجة فجوة النقد الأجنبى ، مشيراً إلى أن الاحتياطى النقدى قبل ثورة يناير كان يصل إلى 36 مليار دولار، وكانت الديون الخارجية توازى نفس الرقم تقريباً ، و لكن المشكلة الراهنة أنه رغم ارتفاع الاحتياطى إلى قرب الـ 35 مليار دولار ، إلا أن الدين الخارجى يصل إلى فوق الـ 60 مليار دولار .
أوضح ، أن هذه الضغوط ستبدأ فى التلاشى مع حلول عام 2025 ، متوقعاً استمرار صمود الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية عند نفس معدلاته الراهنة، مشيراً إلى أن الحكومة تقوم فى الوقت الراهن بتخفيض فاتورة الإستيراد ، بما يساهم فى تحقيق وفرات من النقد الأجنبى .
يرى متولى، أن الفترة المقبلة ستشهد تحسن الأوضاع خاصة مع الايفاء بالالتزامات والأقساط المستحقة على الدولة خلال 2023 ، بالتزامن مع تسريع برنامج الطروحات الحكومية وزيادة إيرادات قناة السويس وعوائد السياحة .
أشار إلى أن إرتفاع الأسعار كان له تأثير مباشر فى دفع المواطنين لترشيد الاستهلاك ، وكذلك اتجهت الدولة لتخفيض فاتورة الاستيراد ، وهو الأمر الذى سيعزز قدرتها على تدبير النقد الأجنبى وضبط أداء سوق الصرف .
واتفق مع الرأى السابق عبد العزيز الصعيدى الخبير المصرفى، قائلاً : أن استمرار إرتفاع احتياطى النقد الأجنبى للشهر التاسع على التوالى يعكس تعافى الاقتصاد المصرى وقدرته على مواجهة التحديات الراهنة ، خاصة مع اعلان البنك المركزى المصرى عن سداد فوائد واقساط بنحو 11.9 مليار دولار فى النصف الأول من العام المالى الجارى .
وتوقع مواصلة الإحتياطى النقدى الصعود خلال المرحلة المقبلة ، مشيراً إلى أن بدء برنامج الطروحات الحكومية من شأنه تعزيز النقد الأجنبى ، وكذلك إرتفاع الايرادات السياحية ، والتى من المستهدف وصولها لأكثر من 14 مليار دولار خلال العام الجارى بجانب إيرادات قناة السويس.
أضاف، أنه رغم الإلتزامات الواقعة على مصر إلا أنها دائماً ملتزمة بسداد الاستحقاقات الواقعة عليها فى موعدها ، ولم تتأخر مطلقاً ، كما أنه من المتوقع تحسن أوضاع سعر الصرف بعد تصريحات السيد رئيس الجمهورية حول دعم الحكومة للجنيه المصرى .
ونجحت الدولة المصرية والبنك المركزى المصرى فى إعادة بناء احتياطى النقد الأجنبى بعد تراجعه لأدنى مستوى له فى أعقاب ثورة 25 يناير ، وكانت أول صدمة تلقاها الاحتياطي تراجعه من مستوى 36 مليار دولار إلى نحو 13.424 مليار دولار في شهر مارس من العام 2013، بإنخفاض بلغت نسبته 63 %.
كما أنه بعد ثورة 30 يونيو حصلت مصر في الفترة التالية لشهر يونيو 2013، على مساعدات من عدد من دول الخليج منها السعودية والإمارات والكويت، والتي تضمنت ودائع ومنحاً وتمويلات تنموية، من أجل دعم الاقتصاد المصري، ومنذ نهاية عام 2014 وحتى نهاية عام 2019، شهد الاحتياطي زيادات سنوية متتالية ارتفع الاحتياطي خلالها من 15.3 مليار دولار إلى 45.4 مليار دولار بزيادة نحو 197 %، قبل أن يصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في فبراير 2020 عند 45.515 مليار دولار، وذلك قبل جائحة كورونا.
وتزامن ذلك مع تنفيذ مصر لبرنامج للإصلاح الاقتصادي لفترة ثلاث سنوات بدأت من نوفمبر 2016 ، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي الذي مول البرنامج الإصلاحي بقيمة 12 مليار دولار، وتضمن عديداً من الإجراءات المهمة مثل تحرير سعر الصرف، واستكمال برامج خفض دعم الوقود والكهرباء، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وحصلت مصر أيضاً خلال هذه الفترة على عديد من التمويلات، منها قرض من البنك الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار لدعم الإصلاح، وأيضاً قرض بقيمة 1.5 مليار دولار من بنك التنمية الأفريقي، إلى جانب عدد من إصدارات السندات في الأسواق الدولية بالدولار واليورو.
ورغم تراجع احتياطى النقد الأجنبى لأول مرة من مستوياتها التاريخية التى سجلها فى فبراير 2020 عند 45.515 مليار دولار، قبل جائحة كورونا ، ولكنه عاود الارتفاع مجدداً ، ولقد إرتفع احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 847 مليون دولار خلال عام 2021 ليصل إلى 40.909 مليار دولار بنهاية نوفمبر 2021 ، مقابل 40.0625 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر 2020 .
كما أنه تراجع بسبب أزمة الدولار ، إلا أنه استطاع الصعود مجدداً للشهر التاسع على التوالى ليصل إلى 34.660 مليار دولار أمريكي بنهاية شهر مايو 2023 ، لنجد أنه على مدار 10 سنوات من 2013 ، وحتى 2023 ارتفع بما يزيد عن 20 مليار دولار .