تفاوتت أراء المحلليين وخبراء السوق حول قرارات البنك المركزى الأخيرة ، والخاصة بالإبقاء على أسعار الفائدة عند معدلاتها السابقة دونما تغيير ، بالإضافة إلى رفع الإحتياطى الإلزامى للبنوك من 14 % إلى 18 % ، ومدى تأثير ذلك على سوق الأسهم والبورصة.
وبالتزامن مع قرارات البنك المركزى المصرى ، اندلعت عاصفة عنيفة من التراجعات بالبورصات العالمية والعربية ، وذلك بعد قرار روسيا إعلان تعبئة جزئية للجيش للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية لتتصاعد من جديد الأزمة الأوكرانية ، وهو الأمر الذي أضاف لمخاوف المستثمرين بالأسهم والتي زادت مؤخراً بسبب رفع أسعار الفائدة الأمريكية للمرة الثالثة.
وفى الوقت نفسه سيطرت حالة من الرعب وعدم الإستقرار على أغلب الأسواق العالمية والإقليمية، والتى مرت بحالة من التقلبات القوية خلال شهر سبتمبر ، وذلك على وقع تراجع شهية المخاطرة لدى المتعاملين ومواصلة البنوك المركزية الكبرى رفع الفائدة.
رضوى السويفى رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار “الأهلى فاروس”، قالت أنه لن يترتب على قرار البنك المركزى برفع نسبة الاحتياطى الإلزامى للبنوك، أى تأثيرات على الشركات خاصة أنه ليس من المتوقع إقدام المصارف على رفع فائدة القروض.
أضافت، أن الأوضاع الراهنة، قد تُحد من قدرة البنوك على رفع فائدة القروض، وبالتالى فإن الخيار المتاح أمامهم سيكون اللجوء إلى خفض العائد على الودائع، مشيرة إلى إلى أن قرار رفع الاحتياطى الإلزامى هو أداة فعالة للتشديد النقدى تساعد البنك المركزى على سحب السيولة الزائدة أو تقليل المعروض.
توقعت أن تظهر انعكاسات القرار على السوق خلال 6 أشهر، مرجحة أن يؤثر سلبًا على النمو وعجز الموازنة، موضحة أن البنك المركزى يقدر السيولة الفائضة فى الجهاز المصرفى بنحو 600 مليار جنيه، ويتوقع أن تساعد الزيادة فى الاحتياطى الإلزامى بنسبة %4 على سحب 140-150 مليار جنيه منها، مشيرةً إلى أنه تم استخدام هذه الأداة فى أكتوبر 2017 عندما تم رفع الاحتياطى الإلزامى من 10 إلى %14.
عمرو الألفى رئيس قسم البحوث بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، قال إن البنوك صغيرة الحجم هى الأكثر تأثرًا بقرار رفع الاحتياطى الإلزامى، مشيراً إلى أنها تشمل قناة السويس والمصرى الخليجى و المصرى لتنمية الصادرات، وفى المقابل فإن كريدى أجريكول و فيصل الإسلامى و التجارى الدولى وقطر الوطنى هى الأقل تضرراً.
أضاف، أن هناك عدة عوامل قد تُحد من الأثر السلبى المتوقع على القطاع على المدى القصير من بينها إقدام البنوك على رفع أسعار الفائدة خلال الفترة المتبقية من العام ، مما قد يحقق ربحًا يكافئ تكلفة زيادة الاحتياطى الالزامى بــ%4.
محمد الفقى الرئيس التنفيذى لمنصة “سيمبل” ، يرى أنهُ حال لجوء البنوك لرفع معدلات الفائدة على الإقراض سيُحدث ذلك تبعات سلبية على الشركات العاملة بهِ ومن بينها كيانات التمويل الاستهلاكى والدفع الآجل، التى تعتمد على التسهيلات الائتمانية.
أضاف، أن الشركات سيكون أمامها عدة طرق لمواجهة ذلك ، أولها تمرير نسبة رفع الفائدة للعميل، وأيضًا قد تلجأ لتقليل فترات التمويل بهدف جمع السيولة بمعدلات أسرع، وأخيرًا الإتجاه لإلغاء أو خفض برامج التقسيط بدون فائدة للسلع والخدمات.
طاهر مرسي الخبير المالى ، قال إن وصول معدلات رفع الفائدة لمستويات غير قابلة لمزيد من الاستيعاب بأسواق الأسهم دفع مؤشراتها للثبات بالمسار الهابط الذي في طريقه للقاع، مشيراً إلى أن آي ارتفاعات متقطعة بها لا تشكل سوى التقاط للأنفاس يتبعه استئناف هبوط مرة أخرى حتى الربع الأول من 2023 على الأقل.
أكد أن النبرة الحازمة لرئيس الفيدرالي، وكذلك بيان لجنة السوق المفتوحة الأمريكية الأخير، قد أوصلا رسالة واضحة بشأن استمرار تشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة بمعدلات مرتفعة، حتى الوصول بالتضخم للمستهدف عند 2% وهو ما يضر بمسار سوق الأسهم العالمية والأمريكية تحديدا.
محمود عطا مدير الاستثمار بشركة يونيفرسال لتداول الأوراق المالية، قال أن المخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي أسرع بكثير مما كان متوقعاً ، حيث تفاقمت المخاوف لدى المستثمرين بالأسواق العالمية وسط التوقعات بسقوط حرّ لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500″ الأمريكي الذي يضم أسهم أكبر 500 شركة مالية أمريكية من بنوك ومؤسسات مالية.
أشار إلى أن هناك شركات وبنوك كبرى كـ”جولدمان ساكس” قامت بخفض تقييماتها للأسهم، مؤكدا أن تزايد التوقعات برفع أكبر لأسعار الفائدة سينعكس سلباً على تقييمات الأسهم. يذكر أن أسهم أكثر من 400 شركة مدرجة على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” الأمريكي أتت قرب أدنى مستوياتها المسجلة بالجلسات الثلاثة الأخيرة من الأسبوع الماضي.
أوضح، إن التراجعات بالأسواق الخليجية جاءت أقل حدة بالأسواق العالمية ولكنها تأثرت باتخاذ الفيدرالي الأمريكي سياسة نقدية متشددة للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة والمخاوف بأن يؤدي رفع أسعار الفائدة الى تباطؤ اقتصادي عالمي أكبر يقود الى الركود.
توقع، أن تشهد أسواق المنطقة تماسكا بالفترة القادمة لعدة أسباب من بينها تماسك أسعار النفط فوق المستويات المعتمدة بميزانيات دول الخليج رغم هبوطها الأخير، مشيرا إلى أن السيطرة على معدلات التضخم بالمنطقة إلى الآن قد يكون عاملا قويا لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للأسواق العربية.
وفي ظل وصول مؤشر الدولار لأعلى مستوياته في عقدين والمخاوف حيال الطلب مع رفع أسعار الفائدة الذي يهدد بدفع اقتصادات كبيرة إلى الركود هبطت أسعار النفط بنحو يتجاوز 5% حيث هبط خام برنت تسليم شهر نوفمبر 5.7% ونزل خام تكساس الأمريكي تسليم نوفمبر أيضا 7.1%.
حنان رمسيس خبيرة سوق المال بشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، قالت إن هناك عوامل ستدعم عودة الارتفاعات بأسواق المنطقة منها التوقعات بموسم جيد لأرباح الشركات الكبرى المدرجة لاسيما بعد إعلان بعضها عن توزيعات مرتفعة بالنصف الأول من 2022.
أشارت إلى أن من تلك العوامل استقرار دول الخليج وهو الأمر الذي يعزز من النشاط الاقتصادي ويقود الى النمو تزامنا مع زيادة المركز المالي القوي لهذه الدول.
حسام عيد خبير الأسواق المال، توقع أن تعود مؤشرات البورصة المصرية تدريجياً للصعود لاسيما بعد تثبيت أسعار الفائدة مخالفاً لدول المنطقة وأغلب دول العالم، مشيراً إلى أن تثبيت الفائدة سيكون عاملا مفيداً للبورصة ، وخصوصا مع عدم الاتجاه لاصدار شهادات استثمار جديدة بفائدة مغرية كما حدث من قبل.