تستمر الأمراض إذا تم علاج الأعراض ولم يتم علاج المرض جذرياً ، ثم إتخاذ إجراءات الوقاية عملاً بالمقولة الخالدة الوقاية خير من العلاج ، هذه المقولة تصلح أيضاً تماماً عند الحديث عن أمراض ومشاكل الإقتصاد المزمنة ، التي تزداد حدة بمرور الزمن كلما تأخر العلاج.
من المشاكل المزمنة التي عاني منها الإقتصاد المصري عجز الميزان التجاري ، وترهل الجهاز الإداري للدولة ، وخسائر الهيئات والمؤسسات ، وعدم وصول الدعم لمستحقيه بل بالأحري من الممكن أن نقول فوضي الدعم ، وكذلك الديون سواء داخلية أو خارجية.
ومن الواضح أن المشاكل تنقسم الي مشاكل مالية ونقدية ومشاكل هيكلية ، وتحركت الدولة بخطوات سريعة مؤخراً لحل المشاكل النقدية بتحرير سعر الصرف ، كما بدأت في التحرك في الملف المالي لزيادة العوائد الضريبية ، كما بدأت في تخفيض الدعم بشكل سريع جداً لأغلب السلع ، إلا أن المشاكل الهيكلية في الإقتصاد مازالت قائمة ، فمازلنا دولة تحقق عجز كبير في الميزان التجاري ، ومازالت مصروفات الدولة أكبر من إيرادتها بشكل كبير ، فعلي سبيل المثال يتوقع أن تتجاوز أقساط وفوائد الديون تريليون جنيه بينما مازالت الإيرادات أقل من تريليون ، وهذا يعني ضمنياً أنه لن يتبق من الإيرادات شيئاً للصرف علي الصحة والتعليم والمرافق الأساسية والأجور وخلافه ، وهو ما يعني أنه لاسبيل أمام الدولة في الأجل القصير إلا المزيد من الإقتراض ، إنها حلقة جهنمية لافكاك منها إلا بالعمل سريعاً علي إعادة النظر في كيفية زيادة الإنتاج والتصنيع وتطوير الزراعة لتقليل عجز الميزان التجاري .
ومن الضروري أيضاً حل مشاكل ترهل الجهاز الإداري للدولة وخفض الإنفاق ، وبشكل متزامن مع زيادة الإيرادات من السياحة والضرائب وسائر القطاعات الأخري، يبدو الوقت ضيقاً والضغوط متزايدة وليس أمامنا الا التحرك بشكل سريع قبل حدوث أي أزمات.