تباينت أراء خبراء القطاع المصرفي حول إمكانية قيام البنك المركزى المصرى بفتح الباب من جديد ، لدخول بنوك مشتركة أو بنوك أجنبية جديدة ، تسهم فى خلق قيادات مصرفية قادرة على إستكمال مسيرة القيادات الحالية ، والتي يعد أغلبها ممن تدربوا وعملوا بتلك البنوك، أثناء تواجدها في السوق المصري، خلال الفترة الماضية .
إنقسم الخبراء إلى فريقين ، حيث يري الفريق الأول أن تواجد البنوك الأجنبية المشتركة بالسوق المصري سيكون له دور كبير في جلب الخبرات الإدارية والفنية المتميزة ، وكذلك خلق القيادات والكوادر المصرفية , بينما يري الفريق الثاني عدم جدوى تواجد البنوك الأجنبية للعمل فى مصر .
هاني أبو الفتوح , الخبير المصرفى ، قال أن قيام البنك المركزي مؤخراً بدراسة طلبات تقدمت بها عدة بنوك أوروبية للحصول على ترخيص لدخول السوق المصرفي المصري ، لا ينصب فقط على جلب رؤوس الأموال الجديدة والتقنيات الجديدة في مجال العمل المصرفي، بل ستعمل أيضاً علي جلب الخبرات الإدارية والفنية المتميزة ، والتي سوف تكون إضافة جيدة إلى القطاع المصرفي في مصر.
أوضح أن منح تراخيص جديدة للبنوك ودخول بنوك أوروبية للسوق المصري ، سيكون له أثر إيجابي في إنتقال الخبرات المصرفية الحديثة إلى أجيال جديدة من المصرفيين الشباب , لافتاً إلى أن ذلك سوف يعود بالنفع على القطاع المصرفي المصري ،من خلال خلق كوادر جديدة شابة وضخ دماء جديدة تستخدم أحدث الأساليب والتقنيات المصرفية.
أشار أبو الفتوح، إلى أن نشأة البنوك الأجنبية في مصر ترجع إلى فترة السبعينات وتوجه الدولة نحو الإنفتاح الإقتصادي في ذلك الوقت حيث تقدمت عدة بنوك أجنبية كبرى للعمل في مصر ، أشهرها بنك تشيس مانهاتن، وسيتي بنك ،و بنك اوف أمريكا وغيرها.
أضاف أن تلك البنوك جلبت معها الأنظمة المصرفية والإدارية التي تطبقها في الفروع الأم، كما وفرت للعاملين المتميزين برامج تدريبية مكثفة تعقد في مصر ومراكزها الرئيسية في الخارج , موضحاً أنه كان لهذا التدريب الراقي المتخصص الفضل في خلق جيل من المصرفيين شغلوا فيما بعد مناصب قيادية في البنوك المصرية والخليجية عبر عدة عقود من الزمن.
محمود نجم , الخبير المصرفى ، إتفق مع الرأى السابق قائلاً : أن دخول بنوك أجنبية جديدة للسوق المصري سيعمل على إثراء القطاع المصرفي من خلال إمكانيات وخبرات البنوك الجديدة والتى بالطبع ستستعين بخبرات و كوادر مصرفية مصرية ، و بالتالي فإن الكوادر المصرفية المصرية ستنال فرصة كبيرة لإكتساب خبرات مختلفه نتيجة لذلك.
أضاف أن الأمر ليس مقصوراً فقط على ضخ إستثمارات مالية جديدة ، بل يمتد ليشمل إستثمارات طويلة الأجل في الموارد البشرية للقطاع المصرفي ، الذي يحتاج بشده لتنوع الخبرات، وهو ما تميزت به فترة ما بعد الإصلاح المصرفي في ٢٠٠3 ، حيث شهد السوق المصرفي المصري تواجد مصرفي أجنبي ماكان له أبلغ الأثر على تطوير الفكر والثقافة المصرفية للمجتمع وللبنوك كذلك .
أوضح نجم ، أن الأمر كله يعتمد على مدى ثقل وغنى التجارب المصرفية للبنوك الأجنبية التى ستدخل السوق المصرى ,مشيراً إلى أنه كلما تميزت خبرات وإمكانيات تلك البنوك ، كلما إستفاد السوق المصرفي والمجتمع من تواجدها.
أكد أن قيادات القطاع المصرفي الحاليين ،الذين يلعبون دوراً بارزاً في القطاع ، ويرسمون خطط الإصلاح الإقتصادي بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص ، هم من نجحوا في إكتساب خبرات أجنبية مكنتهم من تطوير أعمال البنك تحت قيادتهم ، ومكنتهم من تغيير شكل الخدمات المصرفية في مصر بصورة عامه.
أما أحمد الألفى, الخبير المصرفى ، قال أن تجربة تواجد البنوك الأجنبية فى مصر منذ تبنى سياسة الإنفتاح الإقتصادى فى عام 1974، قد أسفرعن عدة إيجابيات لعل أهمها يتمثل في، إجبار البنوك المصرية على تحديث خدماتها وأنظمتها بشكل أسرع , وإضفاء روح المنافسة فى القطاع المصرفي, بالإضافة إلي ظهور عدة بنوك ناجحة أهمها، البنك التجارى الدولى ، بنك مصر الدولى الذى تم بيعه بالكامل لبنك كريدى أجريكول الفرنسى, وكذلك رفع المرتبات فى القطاع المصرفى بشكل عام, بالإضافة إلى تنوع فى الخدمات المصرفية بشكل عام.
أوضح أنه علي الرغم من تلك الإيجابيات بفضل وجود تلك البنوك الأجنبية إلا أنها أفرزت بعض السلبيات على كل من الإقتصاد والقطاع المصرفى منها ، ظهور عدة بنوك لم تحقق أي نجاحات والتي تم دمجها أو بيعها مثل بنك مصر إكستريور ، بنك مصر رومانيا ، بنك بيريوس , وكذلك إهتمام البنوك الأجنبية بشكل عام بتمويل الإستهلاك ،وعدم تحمل مخاطر تمويل المشروعات الإنتاجية , فهى تركز على بطاقات الإئتمان وتمويل السيارات والقروض الشخصية والتمويل التجارى القصير الأجل.
أشار الألفى، إلى أن تلك البنوك أيضاً لا تعيد توظيف أرباحها داخل الإقتصاد وتسارع بتحويلها للخارج أولاً بأول , كما أنها نشرت سياسات غير عادلة فى المرتبات بخلاف المغالاة فى فرض الرسوم والأتعاب المرتفعة على خدماتها المصرفية.
كما أبدي تحفظة علي قدرة البنوك الأجنبية أو المشتركة في خلق كوادر جديدة قادرة على قيادة القطاع المصرفي , لافتاً إلى أن هذة البنوك لا تأتى دائماً لدعم الإقتصاد لكنها تأتى بدافع الربح , فضلاً عن عدم قدرتها على خلق الكوادر المصرية، لأننا بالفعل لدينا مدرسة مصرفية وطنية بالفعل تستطيع قيادة العمل المصرفى بكفاءة عالية.
استدل على ذلك قائلا :” برغم حجم التواجد الأجنبى والعربى فى القطاع المصرفى المصرى , إلإ أن البنوك المصرية العامة ما زالت لها السيطرة الكاملة على السوق المصرفى لثقة الجماهير، وأعتقد أنه لا جدوى من منح المزيد من التراخيص للبنوك الأجنبية للعمل فى مصر في خلق كوادر مصرفية.