بدأت الصيرفة الإلكترونية تفرض نفسها على الساحة بشكل لافت للنظر ،حيث توسعت البنوك فى تقديم الخدمات الرقمية والإلكترونية ، ونشر المحافظ الذكية ليتجاوز عددها 11 مليون محفظة فى الآونة الأخيرة ، كما قام البنك الأهلى المصرى بإطلاق 3 فروع إلكترونية متطورة حتى الوقت الراهن ، وذلك لتعزيز الشمول المالى ونشر الثقافة المالية .
كان البنك المركزى أعلن فى أكتوبر الماضى عن إلزام البنوك بزيادة المحافظ الإلكترونية علي المحمول بنسبة 30% سنوياً ، حيث أكد وكيل محافظ البنك المركزى لنظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات ، أن البنك المركزى قام بإصدار ضوابط تنص علي إلزام البنوك بتحقيق نسبة نمو 30% في المحافظ الإلكترونية عبر الهاتف المحمول ، وأن تكون نسبة العملاء النشطة علي إستخدام محفظة المحمول لا تقل عن 10% من إجمالي المحافظ الإلكترونية للبنك.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أطلق فيه البنك الأهلى المصرى، المرحلة الأولى من الفروع للخدمة الإلكترونية، التى يسعى من خلالها إلى إتاحة تجربة جديدة فى تقديم الخدمات المصرفية للعملاء، عن طريق نموذج متطور من الفروع التى تقدم بعض الخدمات المصرفية بالكامل إلكترونياً للعملاء، من خلال قنوات بديلة دون الإستعانة بتدخل بشرى كامل ، وإنما فقط ممثلين لخدمة العملاء على أعلى مستوى من الكفاءة والتدريب بهدف تقديم المعلومات المصرفية التى سيحتاجها العملاء وإرشادهم لكيفية إنهاء معاملاتهم المصرفية.
هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، قال إن اطلاق البنك الأهلى لفروع الخدمة الإلكترونية لأول مرة فى مصر ، يؤكد على ريادة البنك فى السوق المصرفية المصرية، حيث سيعمل هذا النمط من الفروع ضمن منظومة فروع البنك المتكاملة على تقديم الخدمات للعملاء بأعلى مستوى من الكفاءة والجودة، حيث ستمتد ساعات العمل بها لفترات أطول ، بما يتيح التيسير على العملاء فى الحصول على الخدمات المصرفية .
أوضح أن تلك المرحلة من المشروع تشمل إطلاق أربعة فروع بسيتي ستارز بمدينة نصر، المركز التجاري Point 90 بالتجمع الخامس ، مول العرب بالسادس من اكتوبر وسيتي سنتر بالإسكندرية ، مشيراً إلى أنه سيتم تعميم التجربة خلال المراحل القادمة من المشروع ،لتغطي بشكل كبير المناطق الجغرافية والفئات التي يستهدفها البنك من العملاء ،وذلك لمواكبة أحدث الأساليب التكنولوجية العالمية .
يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، أكد إن المرحلة الأولى من المشروع تتضمن العديد من الخدمات المصرفية التى يتم اتاحتها للعملاء لأول مرة فى السوق المصرفية المصرية مثل خدمة الـ “E-form”، التى تمكن العميل من تقديم طلبات الحصول على بعض الخدمات المصرفية مثل الاشتراك فى خدمات الأهلى نت- فون كاش – NBE Pay ، وربط الشهادات واستمارات تعديل البيانات ، والحصول على كشف حساب معتمد وبطاقات مسبقة الدفع .
داليا الباز، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى،قالت أن البنك يسعى خلال الفترة القادمة الى تعميم تلك الفروع ، وافتتاح مزيد من فروع الخدمة الالكترونية، لتغطى بشكل كبير المناطق الجغرافية والفئات التى يستهدفها المشروع من العملاء، وذلك لمواكبة أحدث الأساليب التكنولوجية العالمية .
أكدت أن المشروع سيتضمن مراحل أخرى لاحقة ، بحيث يتم إضافة ما يستحدث من خدمات ومنتجات يقررها البنك ،استناداً إلى الدراسات التى يجريها للسوق المصرية وما تتضمنه من احتياجات مختلفة للعملاء، وإجراء المزيد من التطوير وتحسين الخدمات المتاحة بالفعل من أجل رفع مستوى الخدمة المقدمة للعملاء .
كان البنك المركزى أختتم عام 2018 ، بإطلاق منظومة بطاقات الدفع الوطنية بشكل رسمى خلال شهر ديسمبر تحت الاسم التجارى “ميزة”، وذلك كأحد مبادرات المجلس القومى للمدفوعات لتوسيع قاعدة الشمول المالى، وامتلاك منظومة دفع وطنية تتيح للعملاء الشراء والتعامل مع أى أداة تحصيل الكترونى داخل مصر.
وقامت البنوك العاملة بالسوق بتهيئة شبكة ماكينات الصراف الألى لديها لقبول البطاقة الوطنية ، مثل بطاقات الدفع الأخرى ، كما أنه من المقرر أن تتيح البطاقة الوطنية مزايا للتجارة مثل إنخفاض العمولة المقررة ، وهو الأمر الذى سيخفف التكلفة عن العميل عند الشراء بميزة ، مما يعزز من ثقاقة الشمول المالى .
محمد الكتاتني الرئيس التنفيذي لمجموعة التجاري وفا بنك، قال إن خطة البنك التوسعيةً في مصر تركز على التوسع في إطلاق المنتحات الإلكترونية ، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتمويل المشروعات الخاصة ، مشيراً إلى أن البنك يخطط لإطلاق الموبايل بنك والمحفظة الذكية والإنترنت بانكينج .
أشار إلى أن البنك يخطط لإطلاق فروع جديدة في مصر، بمناطق مختلفة علي مستوي الجمهورية لتحقيق الشمول المالي .
ورغم كل هذه الخطوات الملموسة التى أتخذتها البنوك لتقديم الخدمات المصرفية المبتكرة ، إلا إنه لايزال هناك بعض التحديات والتى تأتى على رأسها البنية التحتية ، والوعى المصرفى والتى تعوق نشر الخدمات الإلكترونية والرقمية لتحقيق الشمول المالى ، إلا أن عدد من عملاء البنوك أكدوا أنهم يفضلون الذهاب لصالات الفروع ،وإنهاء تعاملاتهم بالبنوك بدلاً من إستخدام الصرافات الآلية أو الإنترنت البنكى والموبايل بانكينج ، وذلك بسبب تكرار مشكلة سقوط أنظمة الحاسب الآلى المشغلة لهذه الخدمات .
أشاروا إلى إن عدد كبير منهم يواجه صعوبة فى تنفيذ الخطوات المطلوبة لتنفيذ المعاملة عبر الإنترنت ، الأمر الذى يجعلهم يفضلون الذهاب للبنك بدلاً من إستخدام الخدمات الرقمية ، كما أن الكثيرين منهم يتخوفون من إحتمالية عدم تنفيذ العملية ، وتعرضهم لمخاطرة وذلك بسبب تجارب سلبية سابقة تعرض لها العملاء .
وفى المقابل تعكف البنوك حالياً على تطويرالخدمات المصرفية الرقمية والإلكترونية بما يلبى احتياجات العملاء ،ويساهم فى القضاء على الزحام بالبنوك ويحفز على إستخدام المنتجات الإلكترونية والرقمية .
محمود محمد، عميل أحد البنوك، أكد أن لديه رغبة كبيرة فى إستخدام الخدمات الإلكترونية ،وذلك لتخفيف ضغوط الذهاب لفرع البنك ،والإنتظار لساعات فى طوابير للحصول على الخدمة، الأمر الذى يجعله يهدر المزيد من الوقت وهو ما يؤثر بدوره على عمله ، ولكنه يواجه دائماً مشكلة تعطل الصرافات الآلية .
أضاف أن هناك صرافات آلية تقبل الإيداع النقدى وسداد الفواتير ،وكلما يحاول إستخدامها يجدها معطلة أو بها مشكلة ، مشيراً إلى إنه يضطر فى النهاية للذهاب للفرع وتحمل الزحام .
مصطفى عبد المنعم ، موظف وعميل أحد البنوك ، قال أنه واجه مشكلة كبيرة بسبب رغبته فى إستخدام التكنولوجيا ، حيث قام بإيداع قسط القرض الشخصى فى إجازة العيد ، وفوجىء بأن القسط لم يتم إحتسابه ،وتم فرض غرامة عليه لتأخره فى سداد القسط فى موعده .
منى محمود ، عميلة أحد البنوك العامة ، أكدت أنها تخشى تماماً التعامل مع الإنترنت وخدمات الموبايل بانكينج، وذلك لعدم ثقتها فى إتمام المعاملة ، ولتخوفها من أن يتم إختراق حسابها البنكى أو نسخ الباسورد الخاصة بها .
أضافت أنها تعشق المنتجات المعروضة عبر الإنترنت ،ولديها عروض ومزايا كثيرة عبر بطاقة الخصم الخاصة بها ، ولكنها رغم ذلك لا تفضل التعامل عبر الإنترنت ببطاقات الخصم ،وتخشى أن يتم إختراق حسابها .
آمال عبد السلام ، عميلة بنك الاسكندرية، قالت أنها لا تفضل مطلقاً التعامل عبر الصراف الآلى أو الموبايل أو الإنترنت، وذلك لعدم رغبتها فى إنهاء أى معاملات عبر هذه الوسائل ، وتفضل الذهاب للفرع وإنهاء التعاملات الخاصة بها بشكل مباشر .
أكدت أنها لاتفضل مطلقاً هذه الخدمات أو إستخدام الخدمات الإلكترونية ، خاصة أنها لاتتقن التعامل بالبطاقات أو حفظ الرقم السرى والإحتفاظ به بشكل صحيح .
وتسعى البنوك لتطوير أدائها وتعديل المزايا والخدمات التى تتيحها البطاقات وأدوات الدفع عبر الهواتف المحمولة ، وذلك للتيسير على العملاء وخاصة أصحاب المعاشات وكبار السن الذين لايجيدون التعامل بوسائل الدفع الحديثة ، وهو الأمر الذى سيتحقق عبر بطاقات الدفع الوطنية ميزة .
حازم حجازي ،نائب رئيس مجلس ادارة بنك القاهرة، أكد أن البنك يعمل خلال الفترة الراهنة على تطوير الخدمات المقدمة لعملائه ، للتيسير عليهم ولتشجيعهم على إستخدام وسائل الدفع الحديثة .
قال أن البنك يقوم بالفعل بتدريب الموظفين ليصبحوا قادرين على توعية العملاء وتحفيزهم لإستخدام هذه الخدمات من خلال إقناع العملاء بها وبدورها فى توفير الوقت والجهد .
أضاف حجازى، أن طرح الكارت الوطني للخصم ، والذي يختلف تماماً عن كروت الإئتمان فيزا وماستر كارد، موضحاً أن الكارت الوطني سيتم إستخدامه في المشتريات الداخلية من داخل جمهورية مصر العربية فقط ، فلن يتم إستخدامه في الخارج، وبالخصم من حساب العميل صاحب الكارت.
طارق بخيت، مدير فرع أحد البنوك العامة، أكد أن مشكلة إنتشار الخدمات المصرفية الإلكترونية ، والقضاء على الزحام تعود إلى عدم تهيئة البنية التحتية بالشكل اللازم فى كافة البنوك ، وبالصورة التى تجعل العملاء لايواجهون أزمات متكررة مثل نفاذ النقدية أو وقوع شبكة نظام الحاسب الآلى أو تعطل الصرافات الآلية .
أضاف أنه رغم رغبة البنوك المستمرة فى تطوير أدائها عن طريق مراقبة الصرافات الآلية من خلال شاشات على مدار 24 ساعة حتى لايواجه العملاء أزمة نفاذ النقدية ، وتعاقد البنوك مع الشركات للتغذية ، إلا أن هناك مناطق تتواجد بها الصرافات الآلية يتم تصنيفها على إنها ذات كثافة عالية تجعلها عرضة لهذه المشكلة ، كما أن مشكلة وقوع الأنظمة أمر يتعلق بشبكات الإتصالات والإنترنت لاتزال ليست بالقوة المطلوبة .
أشار إلى إن المشكلة الثانية تتعلق بثقافة العملاء ، حيث لايزال هناك مشكلة لدى العملاء تجعلهم غير مقتنعين بانهاء تعاملاتهم عبر الإنترنت أو بالبطاقات ، خوفاً من عدم إنهاء المعاملة ، وهو الأمر الذى تسعى البنوك للقضاء عليه عبر تدريب الموظفين لتوعية العملاء بعناصر تأمين وأمان هذه الخدمات المصرفية المقدمة عبر الهواتف المحمولة أو بالإنترنت.
أوضح أن الخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة تتسم بأنها أسهل وأكثر مرونة ، لأنها لاتتطلب إدخال بطاقة أو التعامل مع أى مشاكل أو أعطال تتعلق بماكينة الصراف الآلى ، بل أن الامر كله يعتبر تنزيل تطبيق على الهاتف المحمول يسمح بالدخول على الحساب وسداد الرسوم المختلفة ، وإجراء كافة التعاملات .
ويعكف البنك المركزى حالياً على تعديل قانون البنوك ، وإضافة باب كامل عن أمن المعلومات والخدمات التكنولوجية والإلكترونية والأمن السيبرانى، بما يضمن الحماية المطلوبة للعملاء، وقبول مستندات الدفع الإلكترونى وقبولها بالمحاكم ، وذلك من خلال وضع الأطر القانونية الخاصة بمؤسسات الدفع التي تسهم في تطوير المنتجات المالية التكنولوجية ، وتساعد على تعميم خدمات الشمول عبر تمكين الشرائح الضعيفة (المهمشة) من النفاذ الى منظومة الدفع.