أكد عدد من قيادات وخبراء القطاع المصرفى أن التحديات الجديدة التى طرأت على الساحة المصرفية تفرض على البنوك زيادة رؤوس أموالها، ورفع معيار كفاية رأس المال ، لمواجهة المستجدات وخاصة معايير الـ IFRS9 ، ومعايير بازل 4 ، الأمر الذى يفرض على المصارف التحوط للمخاطر المستقبلية بالمخصصات الكافية ، وهو ما يترتب عليه ضرورة زيادة رؤوس أموالها .
أشاروا إلى أن الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك عند 500 مليون جنيه لم يعد كافياً فى ظل هذه المستجدات ، ولقد عدل البنك المركزى المصرى الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك فى القانون الجديد ليصبح 5 مليارات جنيه ، وذلك لمواجهة التطورات الراهنة .
كما تواجه البنوك تحدى أخر يتمثل فى كونها تستعد حالياً للتوافق مع معيار الـ ifrs9 ، ولقد ألزم البنك المركزى جميع البنوك الخاصة والأجنبية العاملة بالسوق بتطبيق المعيار إعتباراً من يناير الماضى ، والبنوك العامة للتوافق مع المعيار إعتباراً من يوليو المقبل بعد إنتهاء العام المالى الحالى فى يونيو 2019 .
ولقد أنهت البنوك الإحتياطات اللازمة ومتطلبات البنك المركزى الخاصة بتخصيص نسبة 1% من المخاطر المرجحة بأوزان من إجمالى الأرباح المتحققة لديها ، كما قامت المصارف بتجهيز أنظمة الحاسب الآلى اللازمة لتطبيق معيار الـ ifrs9 اللازمة للتحوط للمخاطر المستقبلية .
جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، قال إن البنوك مطالبة بالتوافق مع تطبيق معيار الـ ifrs9 ، وبالفعل قامت أغلب البنوك العاملة بالسوق بتخصيص نسبة الـ 1% من أوزان المخاطر المرجحة لديها ، ومن الأرباح والإحتياطات ، مشيراً إلى إن المصارف العاملة بالسوق قامت بالفعل بالإستعداد لتطبيق المعيار الجديد عبر تجهيز البنية التحتية اللازمة وأنظمة الحاسب الآلى .
أضاف إن البنوك الخاصة مطالبة بالتوافق مع المعيار إعتباراً من يناير الماضى ، كما أن البنوك العامة ستكون مطالبة بالتوافق مع المعيار إعتباراً من يوليو المقبل ، وذلك مع إنتهاء العام المالى فى يونيو المقبل .
وقامت أغلب المصارف بالتعاون مع شركة مكميلان وودذ هشام الأفندى ، الذى أكد أن إجمالى التعاقدات التى تمت بين الشركة والبنوك وصلت لنحو 8 بنوك جديدة ، وستقوم الشركة بتوفير الخبرة اللازمة لها لتطبيق معيار الـ ifrs9 ، موضحاً أن الشركة تقوم بتدبير الخبرة اللازمة وأنظمة الحاسب الآلى لتهيئة البنك لتطبيق معيار الـ ifrs9 .
أوضح نجم، إن تطبيق المعيار الدولى للتقارير المالية IFRS9 من شأنه أن يؤثر على الودائع والقروض، موضحًا أنه من حيث الودائع سيعزز ثقة المودعين فى البنوك لأنها توفر ضمانات أكثر وحماية أوفر من السابق، وهو ما يمكن البنوك من توفير السيولة والوفاء بالتزاماتها.
وأجتمع طارق عامر،محافظ البنك المركزى برؤساء البنوك مؤخراً ، وذلك لعرض بنود المسودة النهائية لقانون البنوك الجديد ، وذلك بعد الإنتهاء منه ، وطلب محافظ البنك المركزى من قيادات البنوك تقديم مقترحاتهم النهائية بشأن القانون ، وذلك قبل إرساله لمجلس الوزراء وبعدها للبرلمان لإقراره .
ولقد تم مراجعة قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد، من قبل اللجنة القانونية المشكلة لهذا الغرض فى البنك المركزى المصرى، ولقد تلقى “المركزى” بالفعل المقترحات الخاصة بالقانون الجديد، من قبل إتحاد بنوك مصر، وقيادات القطاع المصرفى .
أكدت المصادر، أن مناقشة أوراق العمل المقدمة لهذا القانون، الذى أعده البنك المركزى المصرى، شهدت العديد من اللقاءات والإجتماعات داخل البنك المركزى المصرى، وإتحاد بنوك مصر ، مشيرة إلى أن مواد القانون الجديد الخاصة، تراعى تطبيق أحدث الممارسات الدولية والمبادئ الدولية الخاصة بالحوكمة، والتطور الكبير الذى حدث دولياً فى تكنولوجيا البنوك، والمعلومات المصرفية.
وتشمل مواد قانون البنوك الجديد رفع رؤوس أموال المصارف إلى 5 مليارات جنيه ، مقابل 500 مليون جنيه رأس المال المدفوع حالياً ، وهو الأمر الذى يتطلب من عدد كبير من البنوك زيادة رؤوس أموالها خلال الفترة المقبلة بعد تطبيق القانون الجديد ، ولقد أكدت المصادر أن هذه الزيادة مطلوبة لتوافق البنوك مع معايير الحوكمة وكفاية رؤوس الأموال بما يضمن تطبيق معيار الـ IFRS9 .
ماجد فهمى رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية، قال أن المعدلات الراهنة لرؤوس أموال البنوك المدفوعة والبالغة 500 مليون جنيه لم تعد مقبولة ، مشيراً إلى أن قانون البنوك الجديد عندما يصدر سيلزم البنوك بزيادة القاعدة الرأسمالية .
أضاف أن رأس المال أحد مكونات القاعدة الرأسمالية ، وقد تكون القاعدة الرأسمالية أكبر من رأس المال بكثير ، ولكن البنوك لابد أن تقوم بزيادة رؤوس أموالها ، لأنها وفقاً لسعر الصرف الحالى لا تزيد عن 25 مليون دولار ، وبالتالى فمع صدور القانون الجديد للجهاز المصرفى سيلزم البنوك بزيادة رؤوس أموالها ، وذلك لأن 500 مليون جنيه كرأسمال البنوك لم يعد مقبولاً ، وخاصة بعد قرار التعويم .
أوضح أن مسألة إحتياج البنوك لإعادة الهيكلة تتوقف على حالة كل بنك ، ولكن بصفة عامة البنوك المصرية فى حالة جيدة ، كما أن هناك قانون جديد للبنوك والجهاز المصرفى ، ومع صدوره سيلزم البنوك بزيادة القاعدة الرأسمالية وهذا أمر مطلوب وجيد ، وهناك بنوك تحتاج لخطة إصلاح ، ونحن نعلم جيداً ذلك وخاصة بعض البنوك العامة ، وكان أحدهم بنك التنمية الصناعية ، ولقد بدأنا خطة الإصلاح وبالفعل بدأت تؤتى بثمارها .
أكرم تيناوى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لبنك المؤسسة العربية المصرفية ABC – مصر، قال إن مؤشرات كفاية رأس المال قد تكون أحد أبرز التحديات التى تواجه القطاع المصرفى خلال الفترة المقبلة ، خاصة أنه بعد قرار التعويم أصبح هناك بنوك كثيرة تأثرت بها معدلات كفاية رأس المال وليست بعيدة عن الخط الأحمر.
أوضح أن مؤشرات كفاية رأس المال ليست كافية ، ولابد من زيادة رؤوس الأموال عن الـ 500 مليون جنيه ، ولكن فى نفس الوقت فإن معدلات توظيف السيولة بالبنوك ونسبة توظيف القروض للودائع لاتزال منخفضة ، وبالتالى عندما ترتفع نتجه وقتها للحديث عن زيادة رؤوس الأموال بالبنوك عن المعدلات الراهنة .
توقع تيناوى ،أن تتأثر معدلات الربحية خلال العام الجارى ، وذلك فى ظل تطبيق النظام المحاسبى الجديد الـ ifrs9 ،الذى سيكون له دور كبير فى زيادة مخصصات البنوك فى القروض .
أوضح أن البنوك لاتزال فى حاجة للإصلاح وإعادة الهيكلة ، مشيرأ إلى أن الإصلاح المصرفى لم يتوقف فهو مستمر، والوضع الراهن هو امتداد للإصلاح المصرفى وثورة التصحيح المصرية التى إتخذها الدكتور فاروق العقدة فى عام 2003 ، وبالتالى عندما نتحدث عن معدلات كفاية رأس المال ، ومنظومة بازل 4 ، والـ ifrs9 وغيرها فهى إصلاحات بالقطاع المصرفى فهو ديناميكى ولايتوقف ، والفرق أن الإصلاحات التى تتم حالياً هى مكملة لما حدث فى 2003 ، ولكن الإصلاحات لاتتطلب إصلاحات جوهرية مثل التى كان القطاع المصرفى يحتاجها فى 2003 .
طارق حلمى الخبير المصرفى،أكد أن معدلات رؤوس أموال البنوك الراهنة تعد غير كافية وتتطلب زيادتها بشكل أكبر فى المرحلة المقبلة ، ووفقاً لمعدلات بازل فإن معيار كفاية رأس المال 10.5% ، ويصل متوسط معيار كفاية رأس المال بالبنوك المصرية إلى 15.2%.
أضاف أن زيادة رؤوس أموال البنوك أصبحت ضرورة حتمية فى ظل متطلبات بازل 4 ، ومعيار الـ IFRS9 ، التى تحتاج لزيادة رأس المال بما يكفى لإتخاذ المخصصات المطلوبة مثل مخصص للمديونيات المرفوع بشأنها قضايا بالمحاكم ، ومخصصات القروض المتعثرة ، والتجزئة المصرفية ، وكل هذه المعايير ومتطلباتها تحتاج لقاعدة رأسمالية قوية لمواجهتها .
إستبعد حلمى، أن تتجه البنوك لإبرام صفقات دمج فى ظل إرتفاع قيمة الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك فى القانون الجديد ، مؤكداً أن المصارف تتمتع بمعدلات ملاءة مرتفعة تؤهلها لزيادة رؤوس أموالها .
وواصلت البنوك المحلية تعزيز قواعدها الرأسمالية، ومعدلات كفاية رأس المال فى إطار سعيها الدائم لتطبيق أفضل الممارسات الدولية ومتطلبات لجنة بازل، وسجلت القاعدة الرأسمالية إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر، والمعروفة بكفاية رأس المال المعدل قدره 16% فى المتوسط نهاية شهر سبتمبر الماضى، مقابل 13.7 % نهاية العام المالي، حسب النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزى المصرى .
ومعيار كفاية رأس المال هو نسبة مكونات رأسمال البنك إلى أصوله المرجحة بأوزان المخاطر العرضية، ويوضح العلاقة بين مصدر رأس المال والمخاطر المحيطة بأصول البنك وأي عمليات أخرى، وأنها أداة لقياس ملاءة البنك أي قدرته على مقابلة التزاماته ومواجهة أي خسائر قد تحدث فى المستقبل، بهدف حماية البنك والمودعين والمقرضين الأخرين .