يبدو أن هناك إتفاق عام على أن إستخدام الذكاء الإصطناعى لم يعد رفاهية ، ولكنه بات أمراً حيوياً ، ولهذا تحرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تعزيز مكانة مصر الدولية فى مجال الذكاء الاصطناعى ، والدفع بسبل التعاون الإقليمى والدولى ، ودعم عدد من المبادرات الدولية فى هذا المجال، لاسيما فى القضايا المتعلقة باستخدامات الذكاء الاصطناعى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى شاركت فيه مصر بفاعلية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD ، فى صياغة وثيقة التوصيات الخاصة بالذكاء الاصطناعى ، والتي تتضمن المبادئ التوجيهية للإستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعى ، ومنها بناء القدرات والحوكمة والمسئولية والإنسانية والشفافية وغيرها من المبادئ الهامة.
الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، قال إن استراتيجية مصـر الرقمية تم صياغتها فى إطار رؤية عمادها ومحركها الفاعل هو أدوات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ مشيراً إلى أنه يتم تنفيذها وفقاً لمنهج عمل يعتمد على تشجيع الابتكار لتطوير وتطبيق البحوث العلمية والتكنولوجيا البازغة فى مبادراتٍ محددة تهدف إلى توفير حلول غير تقليدية لتحديات حياتية واجتماعية ملحة، فضلًا عن تنمية المهارات الرقمية اللازمة بما يتيح فرص متميزة للتعلم والعمل للشباب والمرأة.
جاء ذلك فى كلمة الدكتور عمرو طلعت خلال مشاركته عبر الفيديوكونفرنس فى الدورة الرابعة والعشرين للجنة العلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية CSTD ، والتى تنظم فعالياتها منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” خلال ، عبر الوسائل الافتراضية وبالمشاركة الفعلية؛ حيث تدور جلساتها حول التقدم الذى تم إحرازه فى تنفيذ خطة عمل القمة العالمية لمجتمع المعلومات ومتابعة تلك النتائج على المستويين العالمى والإقليمى.
أضاف ،أنه تم إنشاء مركز الابتكار التطبيقى والذى من المقرر أن يكون مقره بالعاصمة الإدارية الجديدة بهدف إتاحة الفرصة لشـراكات ناجحة تجمع بين المتخصصين والأكاديميين والجهات المستفيدة والشـركات التكنولوجية الرائدة للعمل معا على ابتكار حلول فعالة لتحديات المجتمع المصـرى باستخدام التكنولوجيات الرقمية الحديثة؛ مستعرضاً نماذج من مشروعات ينفذها المركز ، وتعكس مسارات القمة وأهداف التنمية المستدامة ، ويتم خلالها توظيف التكنولوجيات البازغة فى الارتقاء بحياة المواطن؛ ومنها مشـروع يهدف إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى للكشف المبكر عن اعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكرى لتجنب الإصابة بفقدان البصـر مما سيكون له أثر فاعل ونافع على حياة المواطنين خاصة فى المناطق النائية والريفية.
بالإضافة إلى مشـروع آخر يهدف إلى تطوير حلول لتخطيط العلاج الإشعاعى للسـرطان وتحسين بروتوكولات العلاج الإشعاعى والمناعى، بالإضافة الى تبنى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى قطاع الزراعة؛ حيث يتم تنفيذ مشـروع بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية والشـركات متعددة الجنسيات لاستخدام الذكاء الاصطناعى والتصوير الفضائى فى عدة مجالات منها الحصـر الزراعى للمحاصيل المختلفة باستخدام البصمة الطيفية.
وكذلك التعاون مع وزارة الزراعة لتنفيذ مشـروع المرشد الزراعى المصـرى من خلال تطوير مساعد ذكى مدعوم باللغة العربية يقدم خدمة الإرشاد الزراعى للمزارعين بشكلٍ مباشر وشخصـى عبر تطبيق على الهاتف المحمول بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعى، ويقدم خدمات الإرشاد فى عدد من المجالات ومنها طرق الرى ومواعيد المحاصيل وأسعارها والتنبؤات الجوية وتأثيرها على المحاصيل، ويتم التباحث حاليًا لتنفيذ مشـروعات مشتركة لتطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعى للتحليلات التنبؤية والزراعة الدقيقة.
أشار إلى مشـروع “تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية المجتمعية الشاملة فى مجال الزراعة” ، الذى تم الإعلان عن اختياره كأحد أفضل خمسة مشـروعات فى مسابقة جائزة القمة العالمية حول مجتمع المعلومات لهذا العام.
أكد طلعت، اهتمام الدولة بأن يكون تطوير واستخدام التكنولوجيات الرقمية البازغة ملموساً من قِبل المجتمع ككل تحقيقًا لحياة أكثر رفاهةً وشمولًا ودمجًا لكافة فئات المجتمع وأطيافه وعلى رأسهم المناطق الأكثر احتياجًا والمناطق الريفية والنائية والأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة، مع إيلاء المرأة اهتمام خاص؛ موضحا الجهود المبذولة ضمن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” والتى تجمع فى طياتها عددًا كبيرًا من مسارات قرارات القمة ومن ثمَّ أهداف التنمية المستدامة التى تتلاقى معها سعيًا للوصول الرقمى الى ما يقارب 60 مليون مواطن فى 4500 قرية، على مدار ثلاث سنوات من خلال توفير البنية التحتية الرقمية وتحقيق الاتصال بالإنترنت للأماكن غير المتصلة، ومن ثم تقديم الخدمات الأساسية على نحو مرقمن.
لفت إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة “خارطة الطريق من أجل التعاون الرقمى”؛ مشيداً بالمنهج المتكامل الذى تعتزم منظمات الأمم المتحدة تبنيه فى سبيل المشاركة الفاعلة فى الخطط الوطنية الطموحة؛ مؤكدا على حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على المشاركة فى كافة الفعاليات ذات الصلة للاستفادة من تجارب الدول الأخرى المشاركة، وتعزيز التعاون الرقمى باعتباره عاملًا محفزًا للوصول إلى التنمية المستدامة المنشودة.
كما أثنى على تقرير تنفيذ نتائج القمة العالمية حول مجتمع المعلومات وجوانبه المختلفة التى تناولت الجهود الدولية والإقليمية فيما يتعلق بالأركان الأساسية لمجتمع رقمى شامل ودامج، مع الحد من الجرائم الإلكترونية والآثار السلبية على البيئة، فضلاً عن احترام الخصوصية، وكذلك أثنى على التجارب الناجحة لعدد من الدول المشاركة حول العالم؛ معربا عن تطلعه إلى أن يشمل تقرير اللجنة الذى سيرُفع الى المنتدى السياسى رفيع المستوى الخاص بمتابعة تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ تطوير آلية قياس تأثير التحول الرقمى واستخدام العلوم والتكنولوجيا الرقمية على الاقتصاد وعلى مستوى حياة الفئات المختلفة وخاصةً الأكثر احتياجًا فى مجتمعاتنا، بما يسهم فى دفع عملية التنمية المستدامة لصالح الجميع، دون استثناء.
الدكتورة جلستان رضوان مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للذكاء الاصطناعى،قالت أن مصر أيدت الوثيقة بعد قيام منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD بالإعلان عن إصدارها والتى تتماشى مع الرؤية الوطنية نحو تعزيز استخدام التكنولوجيا فى كافة مناحى الحياة وتحقيق التحول الرقمي؛ لتكون مصر أول دولة عربية وأفريقية تنضم رسمياً للدول المقرة بوثيقة منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية حول الذكاء الاصطناعى المسئول، مشيرة إلى مساهمة مصر فى ترجمة لنسخة من التوصية الى اللغة العربية لإضفاء البعد الإقليمى لها ولتعزيز المشاركة المصرية فى هذا المحفل الدول.
ولقد دعت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مصر لمشاركة تجربتها والمبادرات التي أطلقتها في مجال الذكاء الاصطناعى؛ مشيرة إلى أنه جارى التعاون مع المنظمة ضمن مجموعة الخبراء الذين تم اختيارهم لدراسة كيفية تطبيق التوصية على أرض الواقع ، بما يتماشى مع السياسات الوطنية التى تنتهجها الدول، حيث يأتى التطبيق من خلال عدد من المبادرات ذات الطابع التنموي.
كما انضمت مصر بصفة مراقب للشراكة العالمية للذكاء الاصطناعى والمعنية بالبحث العلمى فى مجال الذكاء الاصطناعى ، بما يتفق مع التوصية المشار اليها والمعنية بالاستخدام المسئول لهذه التكنولوجيا البازغة.
يذكر أن مصر تقود حاليا مجموعة العمل الإفريقية للذكاء الاصطناعى، وكذلك فريق عمل عربى للذكاء الاصطناعى لتوحيد الجهود فى الأنشطة الخاصة به بين الدول الأعضاء، كما تم اختيار مصر لمنصب نائب رئيس فريق الخبراء الدولى التابع لليونسكو المكلف بإعداد مسودة أول وثيقة دولية متعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعى، ونظمت مصر مشاورات إقليمية على المستوى العربي حول هذه الوثيقة بمشاركة أكثر من 15 دولة عربية وتشارك مصر حاليا في المفاوضات الحكومية الخاصة بالوثيقة تمهيدًا لاعتمادها فى نوفمبر2021 فى المؤتمر العام لليونسكو.
وتشارك مصر بقوة فى فعاليات المنظمات الدولية المتعلقة بمناقشة قضايا الذكاء الاصطناعى ومنها اليونسكو، والأمم المتحدة، والاتحاد الدولى للاتصالات، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، ومنظمة العمل الدولية، والقمة العالمية حول مجتمع المعلومات wsis ، ومنتدى حوكمة الإنترنت، ومنتدى العلوم والتكنولوجيا والابتكار STI، ومنتدى باريس للسلام والذى تم خلاله اختيار مشروع الذكاء الاصطناعى بعنوان “الاستغلال الأمثل للمياه للزراعة” من بين أفضل 100 مشروع.