أعلنت وزارة المالية عن إصدار سندات مالية خضراء بقيمة 750 مليون دولار، للمرة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، موضحة أن أجل السندات خمس سنوات، وبسعر عائد 5.250%، بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدام.
كشف عدد من الخبراء ، أنه من المقرر أن تستخدم حصيلة “السندات الخضراء” في تمويل النفقات المرتبطة بمشروعات خضراء صديقة للبيئة ، وتحقيق خطة التنمية المستدامة في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والتكيف مع تغير المناخ، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي، وذلك في ضوء رؤية “مصر 2030” .
محمد معيط وزير المالية ، قال إن الإصدار شهد إقبالاً كبيراً جداً من المستثمرين، حيث تجاوزت طلبات الشراء الحجم المقبول 750 مليون دولار بما يعادل 5 مرات”، موضحاً أن هذا الإصدار جذب قاعدة جديدة من المستثمرين بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وشرق آسيا والشرق الأوسط.
أضاف، أن الإكتتاب القوى جداً على طرح السندات الخضراء السيادية الحكومية ، الذي وصل لأكثر من 3.7 مليار دولار، ساعد وزارة المالية على خفض سعر الفائدة على السندات المطروحة بنحو 50 نقطة أساس مقارنة بالأسعار الإفتتاحية المعلن عنها عند بداية عملية الطرح.
أكد أن ذلك يعكس تزايد الطلبات على السندات الدولية الخضراء التي تطرحها مصر لأول مرة فى تاريخها، وتزايد ثقة المستثمرين في الأوضاع الإقتصادية والمالية والنقدية ومستقبل مصر والالتزام بسياسات التنمية المستدامة لمصر.
أشار معيط ، إلى أن مصر تقود منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو الإستثمار الأخضر، من خلال توفير التمويل المستدام للمشروعات الصديقة للبيئة، فى مجالات الإسكان والنقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والتكيف مع تغير المناخ ورفع كفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي؛ بما يُسهم فى إرساء دعائم التنمية الشاملة بمراعاة البعد البيئى.
الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، قال إنه يتطلع أن يكون طرح السندات السيادية الخضراء نقطة إنطلاق لمصر لتلعب دورًا قياديًا في التنمية الخضراء، ونشر مشروعات الإستثمار الأخضر، وباكورة خير تُسهم في تنويع مصادر التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أضاف، أن مصر إتخذت عددًا من الإجراءات والسياسات الإصلاحية بقطاع الطاقة، وذلك لضمان تأمين الإمدادات والاستدامة والإدارة الرشيدة، بما أسهم فى القضاء نهائيًا على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، حيث تمت إضافة قدرات كهربائية أكثر من ۲۸ ألف ميجاوات بنهاية عام ۲۰۱۹، بما يفى بمتطلبات المستثمرين في سائر أنحاء الجمهورية .
أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية ، قال إن إصدار السندات السيادية الخضراء إنجاز مهم، يعكس تناغم أداء فريق العمل بالحكومة وتكامل الاختصاصات لتحقيق المستهدفات، والتخطيط الجيد للمستقبل بنهج استراتيجي يتسق مع رؤية مصر ٢٠٣٠.
أشار إلى أنه تم الإتفاق مع البنك الدولي على تقديم المساعدة الفنية لإعداد وإصدار التقارير السنوية المطلوبة عن أوجه إستخدام حصيلة السند الأخضر، والأثر التنموي والبيئي المتوقع للمشروعات المؤهلة، بما يتوافق مع مبادئ السندات الخضراء لرابطة أسواق رأس المال الدولية ؛ لضمان الشفافية والإفصاح وفقًا للممارسات الدولية.
أضاف أن هذا الإصدار يُسهم في تنويع قاعدة المستثمرين حيث شهد هذا الطرح إضافة ١٦ مستثمرًا جديدًا لأول مرة في إصدارات السندات بالدولار الأمريكي، مما يبرز استمرار النجاح في تنمية قاعدة المستثمرين الكبيرة الحالية، فى ظل تزايد التوجه العالمي لسوق السندات الخضراء، وإقبال العديد من الدول على مثل هذه الطروحات الممولة للمشروعات الصديقة للبيئة، بما يمثل بداية لمصر في الإستفادة من وسائل التمويل المستدام، خاصة أنه من المتوقع أن يبلغ حجم الاستثمار العالمي الأخضر من ١٧٥ إلى ٢٢٥ مليار دولار بنهاية عام ٢٠٢٠.
الدكتور أحمد كمالى نائب وزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية، أشار إلى حرص الحكومة على إدماج المعايير البيئية فى الاستثمارات العامة، لافتًا إلى أن هناك ٦٩١ مشروعًا أخضر باعتمادات تبلغ ٣٦.٧ مليار جنيه بما يُعادل ١٥٪ من إجمالى المخصصات المالية المقررة للاستثمارات العامة بموازنة العام المالى الحالى، التى نستهدف زيادتها إلى ٢٠٪ خلال العام المالى المقبل.
أضاف، أن إصدار السندات السيادية الخضراء يُسهم فى توفير التمويل المستدام لتحفيز الإستثمار ذات البعد البيئى من أجل الإسهام الفعَّال فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقًا للأجندة الأممية، ورؤية مصر ٢٠٣٠، بمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، على النحو الذى يُسهم فى خلق المزيد من فرص العمل.
محمد عبد العال الخبير المصرفى، قال إن السندات الخضراء تعد من أحدث الأدوات التمويلية فى أسواق المال حالياً ، والأحدث منها السندات الزرقاء ، مشيراً إلى أن الحاجة لهذه النوعية من السندات ظهرت قبل عقد من الزمان عندما شعرت مجموعه من صناديق التقاعد بالقلق خوفاً من المخاطر المُحتملة على محافظهم الإستثمارية من جراء ظاهرة تغير المناخ .
أضاف، إن هذه الصناديق أخذت فى البحث عن منتج جديد يأخذ شكل السند ، ويتمتع بالسيولة ، ولا ينطوى على مخاطر إضافية ، وفى نفس الوقت يحقق لهم ما يستهدفونه من أن أموالهم المستثمرة فى تلك السندات توجهه فعلاً لتمويل مشروعات تأخذ فى إعتبارها تقليص المخاطر البيئية والإجتماعية ، كما تساعد على رفاهية المجتمع .
أشار إلى أنه قد تم تصميم وإصدار أول سند أخضر برعاية البنك الدولى فى عام ٢٠٠٨ ، حيث لاقى إهتماماً وقبولاً فى دوائر أسواق المال فى كل العالم ، وساعد على ذلك زيادة الوعى بالمخاطر التى تكتنف ظاهرة تغير المناخ ، وأصبحت تلك السندات المبتكرة مع مرور الوقت ،تعرف بالسندات الصديقة للبيئة فهي تمول مشروعات خضراء ونظيفة ، وأصبح الفرق بينها وبين السندات التقليدية العادية واضحاً ، فحينما تفكر دولة أو مؤسسة فى الإقتراض عبر أسواق المال ، وليس عبر الإقتراض المباشر من البنوك ، فهى تقوم بإصدار سندات ، فى مثل تلك السندات العادية لا يهتم ولا حتى يبالى كلٍ من مُصدِر السند أو المستثمر ، بالآثار البيئية والاجتماعية الضارة التي يمكن أن تفرزها المشروعات التى تمولها أموال تلك السندات كالمشروعات الملوثة مثل مصانع الإسمنت والأسمدة .
ذكر عبد العال، أنه على العكس تماماً في حالة السندات الخضراء ، حيث يهتم المستثمرين بالأهداف الاجتماعية والبيئية لإستثماراتهم جنباً الى جنب مع الأهداف المالية الاخرى ، ومن أمثلة تلك المشروعات مشروعات الطاقة المتجددة النظيفة ، والمشروعات التى تقلل من الإنبعاث الحرارى ، ولذلك يتم في الغالب إعفاء تلك السندات من مختلف أنواع الضرائٔب لتشجيع المستثمرين على تمويل المشروعات التى تهتم بالحفاظ على البيئة وتقلل من نسب التلوث .
أوضح إن إصدار السندات الخضراء قد شهد نمواً ملحوظاً فى الأونه الأخيرة ، حيث أصبحت قيمه المعاملات فيها تفوق الـ ٢٠٠ مليار دولار فى أقل من عشر سنوات، وإلى جانب السندات الخضراء ظهرت مؤخراً السندات الزرقاء ،التى تهتم بالمشروعات المستدامة للأنشطة البحرية ومصائد الاسماك، ولذلك أطلقوا عليها السندات الزرقاء كلون البحر .
قال إن الخطوة التى إتخذتها وزارة المالية فى توجهها نحو السندات الخضراء جيدة جداً ، بدليل نجاح الإصدار البالغة قيمته 750 مليون دولار ، حيث أن القيمة المُضافة من التعامل في هذا السوق لا تقتصر منافعه فقط على إيجاد مصادر جديدة للحصول على قروض من مستثمرين جدد ، ولكن الأمر يمتد إلى الإستفادة من الإنخفاض النسبى لأسعار فائدة أو تكلفة تلك القروض عن السندات الاخرى التقليدية أو حتى من القروض الإئتمانية المصرفية المباشرة من خارج سوق المال .
أضاف، أن الإهتمام المصرى الحالى بالتحول إلي المشروعات النظيفة وتضامنها مع محددات ومتطلبات التغير المناخى يجعلها فى وضع يشجعها للتعامل مع أسواق رأس المال فى شقه الأخضر ، ولكن الدخول لسوق السندات الأخضر ليس بتلك السهولة التي يتوقعها المتعاملين ، فالأمر يتطلب من المقترضين من هذا السوق بناء قاعدة تعامل تشريعية ، وهيكل إجراءات وسياسات تضمن لكل الأطراف سلامه التعاملات .
ذكر ، أن من أهم المتطلبات لدخول سوق السندات الخضراء أن يتقدم المقترض “مُصَدِّر السند الأخضر”، سواء أكان مؤسسة كبرى خاصة أو جهة حكومية بعرض كامل لإستراتيجيته البيئية المستقبلية ، وخطته التى توضح كيف سوف تستخدم أموال السند فى المساهمة فى تطوير البيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة .
أكد عبد العال، أن هذه الأنواع من وسائل التمويل المبتكرة ، ستتصاعد أهميتها حجماً وقيمه وتنوعاً ، وسوف تنافس سوق السندات التقليدية ، لأنها تحقق مصلحة المستثمر ورفاهية المجتمع فى آن واحد ، مشيراً إلى أنه سوف يكون لتلك السندات الخضراء نصيب الأسد فى الخطط التمويلية ومنصات التداول العالمية فى الحقبة القادمة .
الدكتورة نجاة مرعى الخبيرة الإقتصادية ومستشار الشمول المالي، قالت أن مصر أصبحت أول دولة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُصدر السندات الخضراء السيادية؛ حيث أصدرت وزارة المالية المصرية أول طرح للسندات الخضراء السيادية الحكومية بقيمة 750 مليون دولار لأجل 5 سنوات بسعر عائد 5.250%، بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدام، والهدف من إصدار تلك للسندات الخضراء هو تنويع مصادر التمويل، وجذب مستثمرين جدد، وتعزيز الإستثمارات النظيفة المستدامة للمشروعات الصديقة بالبيئة، وخفض تكلفة التمويل على الأوراق الحكومية مع زيادة الوعي بالبرامج البيئية وزيادة حجم الإستثمار الأجنبي.
أضافت، أن السندات الخضراء تمثل إحدى أدوات التمويل المستدام التي توجه لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة والمسئولة إجتماعياً في إطار التنمية المستدامة، ويلتزم المصدر بالوفاء بقيمة السندات والعائد المستحق عليها، وتشمل هذه المشاريع الطاقة الجديدة المتجددة،كفاءة إستخدام الطاقة، والنقل النظيف، والإدارة المستدامة للمياه، والتكيف مع تغير التغيرات المناخية، والإدارة المستدامة للنفايات لمنع التلوث ومكافحته، والزراعة المستدامة، والبناء المستدام والعمارة الخضراء ، وهو ما يتوافق مع توجه الدولة المصرية نحو التوسع في الطاقة الجديدة وإنشاء مدن وفقاً لأحدث المعايير مثل العاصمة الإدارية الجديدة.
أشارت إلى أن زيادة الطلب علي تلك السندات الخضراء التي طرحتها مصر لأول مرة يعكس زيادة ثقة المستثمرين في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ومدي الالتزام بسياسات التنمية المستدامة في مصر.
أكدت أن هناك توجه عالمي لسوق السندات الخضراء من خلال إقبال العديد من الدول علي إصدارها ،وذلك للتوافق مع التوجه البيئي العالمي نحو المشروعات الصديقة للبيئة ،وكذلك مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي “أتحضر للأخضر”، وقد احتل البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية مكانة رائدة في السوق كأكبر جهتي إصدار للسندات الخضراء، حيث يقومان بتعبئة الأموال اللازمة للتمويل المناخي من مجموعة متنوعة وواسعة من المستثمرين من المؤسسات والأفراد، لذا فإن مجموعة البنك الدولي من الرواد في تطوير سوق السندات الخضراء، حيث أصدر البنك الدولي أول سند أخضر في عام 2008، وفي عام 2013 أصبحت مؤسسة التمويل الدولية أول مؤسسة تصدر سنداً أخضر بقيمة مليار دولار، وتعتبر فرنسا وبولندا ونيجيريا من أكبر الدول في إصدار السندات الخضراء.
لقد بحثت مصر إنشاء دليل لـ”السندات الخضراء”، نظراً لأهميتها في تنوع أدوات الدين، وجذب استثمارات محلية وأجنبية جديدة، والوصول إلى مستثمرين جدد يركزوا على الإستثمارات المستدامة ، والمستثمرين الذين يجعلون المعايير البيئية والإجتماعية جزءاً من تحليلهم الاستثماري، والحد من الانبعاثات في المستقبل، وخدمة التوجه العالمي في خفض الكربون وتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة، كما تساعد السندات الخضراء أيضاً على زيادة الوعي بالبرامج البيئية للمصدرين، حيث ذكر البنك الدولي علي أن السندات الخضراء أداة فاعلة في زيادة الوعي وفتح حوار شامل مع المستثمرين بشأن المشروعات التي تساعد على التصدي لتحدي تغير المناخ وغيره من التحديات البيئية، زيادة ثقة المستثمرين في أن أموالهم ستستخدم في أغراض معينة، توفير منتجات استثمارية منصبه علي البيئة.
أوضحت الدكتورة نجاة مرعى، إن إصدار السندات الحكومية الدولية الخضراء وضع مصر على خريطة التمويل المستدام، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة وفقًا لرؤية “مصر ٢٠٣٠”، ونظراً لأهمية هذا التوجه من أجل تحقيق التنمية المستدامة، فعلينا المزيد من الإجراءات والحوافز لتفعيل وتشجيع الشركات على إصدار السندات الخضراء، مع تهيئة بيئة عمل تنظيمية ومعيارية داعمة لتطور الإقتصاد الأخضر في مصر.