توقع عدد من الخبراء وقيادات البنوك أن يواصل معدل النمو إرتفاعه خلال الفترة المقبلة ، خاصة أن الإقتصاد المصرى إستطاع الصمود أمام التحديات المحلية والعالمية ، ومن بينها أزمة فيروس كورونا ، وأرجعوا السبب فى ذلك إلى نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى والإجراءات التى تم إتخاذها وعلى رأسها القرار الجرىء بتحرير سعر الصرف الذى يمر عليه 4 سنوات فى نوفمبر الجارى،والذى ساهم فى نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى .
وفى ذات السياق أكدت وكالة “بلومبرج” الأمريكية أن مناخ الأعمال المصري يواصل أداءه القوي، بعد أن سجل أعلى معدل نمو منذ ستة أعوام خلال شهر أكتوبر الماضي، وذلك للشهر الثاني على التوالي ، مدعوماً بزيادة في نمو الطلبيات الجديدة ومستويات الإنتاج.
قالوا إن قرار البنك المركزى المصرى بتحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016 ، ساهم فى دعم الإقتصاد المصرى ونجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى مما عزز قدرة الدولة فى مواجهة أزمة كورونا ، بالإضافة إلى النتائج الإيجابية الملموسة التى حققها تحرير سعر الصرف وعلى رأسها إرتفاع إحتياطى النقد الأجنبى لمستويات قياسية غير مسبوقة .
أكدوا ، أن النجاح فى تحرير سعر الصرف ساهم فى إستعادة ثقة مؤسسات التصنيف الإئتمانى والمؤسسات الدولية ، مما أدى بدوره إلى الحفاظ على التصنيف الإئتمانى لمصر والنظرة المستقبلية المستقرة للإقتصاد المصرى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى كشف فيه مسئول مصرفى ، عن أن إجمالي التدفقات بالنقد الأجنبي على البنوك والجهاز المصرفي المصري بلغت منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 وحتى الآن أكثر من 400 مليار دولار.
أشارت الشبكة الإخبارية الأمريكية- في تقرير بثته على موقعها إلى أن بيانات شركة “إتش آي إس” ماركت، أظهرت نمو مؤشر مديري المشتريات، والذي يقيس أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر، إلى 51.4 نقطة، فيما تعد أعلى معدل قراءة له منذ شهر ديسمبر من عام 2014، وثاني نمو على التوالي ، بعد أن حقق 50.4 نقطة في سبتمبر الماضي.
لفتت “بلومبرج”، إلى أن معدل نمو الطلبيات الجديدة جاء الأعلى على مدار الأعوام الستة الماضية، مدعوماً بتحسن الأوضاع الصحية منذ بدء تفشي جائحة فيروس كورونا والتراجع القياسي في معدل الإصابات اليومية منذ شهر يونيو الماضي.
كما رأت ، أن التحدي الآن يتمثل في مواصلة ذلك الأداء القوي، بينما تستعد إقتصادات عالمية إلى إعادة فرض تدابير العزل والإغلاق لمواجهة الموجة الثانية من إنتشار الفيروس، مشيرة إلى أنه بينما يواصل مناخ الأعمال المصري زخمه، سجل القطاع الخاص الإماراتي غير النفطي تراجعا إلى دون 50 نقطة، التي تعد الحد الفاصل بين النمو والانكماش، وذلك للمرة الأولى منذ شهر أغسطس الماضي.
محمد الاتربى رئيس بنك مصر، قال إن القضاء تماماً علي السوق الموازية وقوائم الإنتظار لفتح الإعتمادات وإرتفاع الإحتياطي النقدي من ١٥ مليار دولار إلي ٤٥ مليار دولار ثم إلي ٣٩ مليار دولار بسبب كورونا، يقع على رأس المكتسبات التى تحققت مع قرار البنك المركزى قبل ٤ أعوام بتحرير سعر الصرف.
أضاف، أن قرار تحرير سعر الصرف وضبط السوق ساهم فى إستعادة ثقة المؤسسات العالمية في الإقتصاد المصري، وثبات تقييم مصر من مؤسسات التقييم العالمية رغم كافة التطورات العالمية التى طرأت فى الأونة الأخيرة وعلى رأسها أزمة كورونا.
يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلى المصرى، قال إن قرار تحرير سعر الصرف أنقذ الإقتصاد المصري ووضعه علي الطريق الصحيح للإنطلاق، موضحاً أن قرار التعويم منح مصر المزيد من الثقة للمستثمرين المصريين والخارجين في قدرة وتنوع الإقتصاد المصري.
محمد بدير رئيس مجلس ادارة بنك عودة- مصر، قال أنه عند إتخاذ البنك المركزى قراره بتحرير سعر الصرف كان هناك حتميه لهذا القرار لمسانده التصدير والسياحة وتشجيع الإستثمار المحلي والأجنبي .
أشار إلى أن أثار القرار من أهم أسباب نجاح الإصلاح الإقتصادي وذلك بشهادة كافه مؤسسات التمويل والتقييم الدولية ، مؤكداً أن قرار التعويم ساهم فى تحقيق نتائج إيجابية ملموسة على مستوى ضبط وإستقرار سوق الصرف ، وقفزة الإحتياطى النقدى لمستوى تاريخى غير مسبوق يعد الأعلى على الإطلاق.
علاء فاروق رئيس البنك الزراعي المصري، قال إن البنك المركزي المصري كان له دور محوري في نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى، من خلال سياسته النقدية وقراره بتحرير سعر الصرف،الذي أدى إلى إزدياد الإحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى معدلات غير مسبوقة،بالإضافة إلى زيادة الإستثمارات الأجنبية وإستقرار الأسواق.
أضاف، أنه بمناسبة مرور 4 سنوات على قرار تحرير سعر الصرف، فإن إنجازات البنك المركزي برئاسة المحافظ طارق عامر،خاصة في إطار السياسة النقدية تزامنت مع مساهمته القوية في تعافي الإقتصاد المصري، وذلك من خلال إطلاقه العديد من المبادرات التي مكنت القطاع المصرفي بقيادة البنك المركزي من مساندة ودعم مختلف القطاعات والأنشطة الإقتصادية ، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الأمر الذي أدى إلى تعزيز النمو الإقتصادي وتوفير الخدمات وفرص العمل للمواطنين.
أشار فاروق، إلى أن القطاع المصرفى إستطاع، بفضل متانته وقوته، أن يحمى إقتصاد البلاد فى مواجهة أقصى الظروف والأزمات التي مرت بمنطقتنا والعالم.
أيمن محمد رئيس قطاع التمويل العقارى بالمصرف المتحد،قال إن قرار البنك المركزى المصرى فى نوفمبر ٢٠١٦ بتحرير سعر الصرف كان قرار تاريخى، ساهم فى تحقيق خطوات الإصلاح الإقتصادى وأدى بدوره إلى القضاء تماماً على السوق السوداء وإختفائها نهائياً.
ذكر ، أن تحرير سعر الصرف ساهم فى عودة الثقة للإقتصاد المصرى بشهادة كافة الجهات والمؤسسات الدولية والعالمية،مشيراً إلى أن قرار التعويم كان له تأثير كبير نحو جذب الإستثمارات الأجنبية،بالإضافة إلى تأثره الواضح على نجاح الإقتصاد المصرى فى عبور جائحه كورونا ، وذلك بفضل المبادرات التى أطلقها البنك المركزى فى كافه القطاعات الإقتصادية.
الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى، قال إن قرار تعويم الجنية المصري مقابل العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016 ، وتركة لقوى العرض والطلب قوبل وقتها بالعديد من الإنتقادات الشديدة من قبل العديد من المحللين والاقتصاديين وأصحاب المصالح، على الرغم من ترحيب مجموعة أخرى من المؤسسات والاقتصاديين بهذا القرار، والذي صنف في حينه تحدي كبير أمام متخذي القرار بالبنك المركزي المصري، إلا أن هذا القرار كان له دور كبير في تخطي الأزمة الحالية التي يمر بها العالم الآن.
أضاف، أن الهدف الرئيسي من ذلك القرار في هذا التوقيت الصعب كان ضبط منظومة أسعار صرف الجنية ، والتي تمثل أحد أهم إجراءات عمليات الإصلاح الاقتصادي وعصب برنامج الإصلاح ،والتي ساهمت في تحقيق العديد من المكاسب والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري ،أهمها: المساهمة الحقيقية في القضاء على عمليات المتاجرة في العملات الأجنبية خارج القطاع المصرفي بالسوق الموازي، وكبح جماح الأثار السلبية للسوق السوداء التي أثرت بشكل ملموس في كافة القطاعات الإقتصادية.
أضاف، أن قرار التعويم ساهم فى خفض معدلات التضخم لأدنى مستوياتها ، حيث إنخفض ليصل إلي أرقام أحادية 3.69% بنهاية سبتمبر 2020 مقارنة 19.42% منذ تاريخ التعويم، ومقارنة بأعلى نقطة للتضخم العام 31.46% بنهاية أبريل 2017 أي بإنخفاض يمثل حوالي عشر أضعاف معدل التضخم الحاليـ والذي مهد الطريق للمزيد من التيسيرات النقدية بالإقتصاد المصري ، وعلى رأسها تخفيض أسعار الفائدة وتحقيق معدلات ربحية أعلى والتأثير المباشر في أسعار السلع .
يأتى ذلك فى الوقت الذى رفع فيه صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن نمو الإقتصاد المصرى خلال عام 2020، وذلك في إشارة واضحة على نجاح إجراءات الإصلاح الهيكلي والإقتصادي ، ونجاح خطة الحكومة في مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة “كوفيد-19”.
توقع الصندوق – في عدد أكتوبر من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي – إرتفاع معدل نمو الإقتصاد المصري إلى 3.5%، لتحافظ مصر على موقعها وسط مصاف الدول من حيث معدلات النمو، في ظل موجة من الإنكماشات لأكبر الإقتصادات حول العالم مع استمرار تداعيات تفشي فيروس “كورونا” المستجد.
بنك الإستثمار بلتون فاينانشيال ، أكد أن قرار البنك المركزي المصري في الثالث من نوفمبر من عام 2016، نجح في إستعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الإقتصاد المصري، وجعل مصر الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية بين الأسواق الناشئة.
علياء ممدوح كبير الاقتصاديين في بنك الإستثمار بلتون، قالت إن قرار تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر 2016، كان ضروريا للغاية في ذلك التوقيت ولم يكن في صالح الإقتصاد المصري تأخيره أكثر من ذلك، خاصة بعد تردى كثير من الأوضاع والمؤشرات الإقتصادية، سواء على صعيد الإحتياطي النقدي أو الإستثمار الأجنبي ، فضلاً عن وجود سعرين للصرف الأجنبي في البلاد وتركز التعاملات في ذلك الوقت في السوق السوداء ما كان يزيد المخاطر على الإقتصاد.
أضافت، أن الإقتصاد المصري لم يكن قادراً على تحمل المزيد من الأعباء الناتجة عن عدم تحرير سعر الصرف في ذلك الوقت ، خاصة سيطرة السوق الموازي على تعاملات النقد الأجنبي، وصلت لحد إستحوازها على غالبية تحويلات المصريين في الخارج ، والتي تشكل أحد الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي في مصر.
أشارت إلى أن التحرك السريع لأسعار الصرف في السوق الموازي في ذلك الوقت، كان يعوق الإستثمارات الأجنبية ويزيد من حالة عدم الثقة في الإستثمار ، ويزيد من الصعوبات على الشركات في وضع ميزانياتها المستقبلية ودراسات الجدوى الخاصة بها.
أكدت أن الأوضاع الإقتصادية قبل التعويم كانت جميعها تشير إلى ضرورة الحاجة إلى توفير مصادر دخل بالعملة الأجنبية ،وهذا ما كان ليأتي دون إستعادة ثقة المستثمرين الأجانب ، والتي لم تكن تأتي فى ظل وجود سعرين للصرف، فضلاً عن التدهور الكبير في صافي الأصول الأجنبية لدى بنوك القطاع المصرفي بالكامل، وهو ما كان يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بإلتزاماتها وتغطية فاتورة الواردات .
وكان صافي الأصول الاجنبية لدى الجهاز المصري قد بلغ بالسالب نحو 14 مليار دولار، في حين عاود الإرتفاع مرة أخرى بعد تحرير سعر الصرف لسجل صافي موجب بأكثر من 19 مليار دولار.
أشارت إلى أن أن مصر قبل عام 2016 كانت دولة مستوردة للغاز ، وذلك قبل إكتشافات حقول الغاز المختلفة، والتي ما كان يتم إكتشافها لولا تحرير سعر الصرف، كما أن تلك الفترة لم يكن هناك سيولة كافية بالعملة الأجنبية لإستيراد المواد الخام اللازمة في عملية الإنتاج والتصنيع .
ذكرت أن الإحتياطي النقدي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته قرب الخط الأحمر الذي يضعه صندوق النقد الدولي للدول النامية، حيث لم يكن يسد إحتياجات البلاد الإستيرادية من السلع الأساسية سوى لأقل من 3 أشهر، مقابل 8 أشهر حالياً بعد تحرير سعر الصرف، مشيرة إلى أن إحتياطي مصر من النقد الأجنبي هبط لأدنى مستوياته قرب 13 مليار دولار، قبل تحرير سعر الصرف ، قبل أن ينطلق في رحلة صعود تاريخية مسجلا 45.5 مليار دولار بعد تحرير سعر الصرف بأكثر من عامين.
أوضحت ، أن القطاع الصناعي بدأ يتعافي بعد تحرير سعر الصرف، وظهر ذلك بشكل كبير خلال 2020، بعد مبادرات البنك المركزي التي أطلقها لدعم الإقتصاد والصناعة ،والتي تعد هي أيضا أحد نتائج تحرير سعر الصرف، مؤكدة أن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية عادت من جديد إلى السوق المصرية بعد أن هجرتها لأشهر طويلة، خاصة في أدوات الدين التي تمثل قناة مهمة لتدفقات النقد الأجنبي لمصر، وباتت مصر أكثر تنافسية وجاذبية لدى الصناديق الدولية مقارنة بدول أخرى مماثلة في الأسواق الناشئة.
بالإضافة إلى التحسين الكبير في مؤشرات الإقتصاد الكلية ، وتصنيفات مصر الإئتمانية سواء السيادية أو القطاعية، ما ساهم في إستعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الإقتصاد المصري ، وعزز من قدرة مصر على تجاوز الأزمات التي تلت عملية تحرير سعر الصرف ،ومنها أزمة الأسواق الناشئة والحرب التجارية الأمريكية الصينية في 2018، وأيضاً أزمة كورونا في 2020.