أكد خبراء أنه على الرغم من الظروف الإقتصادية السيئة التي مرت بها كافة دول العالم ، وتوقف النشاط الإقتصادي في عدد كبير من تلك الدول جراء جائحة كورونا ، إلا أن تحويلات المصريين بالخارج شهدت صعوداً قوياً خلال تلك الفترة ، موضحين أن تلك الزيادة لعبت دوراً قوياً في دعم الإحتياطي الأجنبي ، بإعتبارها أحد الموارد الهامة والأساسية من موارد النقد الأجنبي.
أشاروا إلى أن هناك عدة عوامل ساهمت بشكل قوي في إرتفاع تحويلات العاملين بالخارج منها: ثقة المصريين بالخارج بقوة وقدرة الإقتصاد المصري، وتنافسية أسعار الفائدة على الجنيه مقابل العملات العربية والأجنبية، فضلا عن نجاح البنك المركزى المصرى فى إحتواء جائحة كورونا ، والمحافظة على إستقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
رمضان أنور العضو المنتدب لبنك الإتحاد الوطني – مصر سابقا ، قال إن تحويلات المصريين في الخارج تعتبر مصدر هام من مصادر العملات الأجنبية في مصر، لافتاً إلى أن لها تأثير مباشر على إحتياطي العملات الأجنبية التي تقوم بتدبيرها وإدارتها السلطات النقدية ممثله في البنك المركزي.
أضاف، أن تحرك حجم تحويلات العاملين بالخارج صعوداً أو هبوطاً يعتبر مؤشر ومقياس لحالة الإستقرار التي يشهدها الإقتصاد المصري بخلاف الحالة الأمنية والسياسية ، مشيراً إلى أن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة المصرية ، وتأثيرها الإيجابي على النمو الإقتصادي ،وتشجيع فرص الإستثمار الواعدة يجعلها جاذبة لأموال المصريين في الخارج والتمتع بإيرادتها المتنامية ، والتي تعتبر أفضل من مثيلتها في الخارج ، فضلاً عن توافر عناصر الأمان التي توفرها مصر لهذه الأموال ، وذلك عن مثيلتها في الخارج.
أشار أنور ، إلى أن التقارير الإقتصادية والتقييم الإئتماني التي تنشره بيوت الخبرة والموسسات الدولية عن حالة الإقتصاد الواعد في مصر، يشجع المصريين العاملين في الخارج على عدم الإحتفاظ بأموالهم في مناطق عملهم ، وتفضيل تحويلها إلى بلدهم مصر إما لإستثمارها أو قضاء إحتياجاتهم المالية.
أوضح أن التأثير السلبى لفيروس كورونا والمنتشر في مجتمعات عملهم في الخارج ، وعدم إستطاعتهم التحرك خارج هذه المجتمعات في الوقت الحالي، بدون شك يؤثر سلباً على عامل الإطمئنان لديهم ، ودفعهم لتحويل دخولهم ومدخراتهم إلى موطنهم في مصر سعياً لموطن أمن ، بخلاف رغبته في الإستفاده من فرص الإستثمار ، وعملا على المشاركه في النهوض الإقتصادي الواعد والآمن في موطنهم مصر، والذى تشهد به كل الموسسات الدولية في الخارج.
الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي ، قال إن توقف بعض الموارد الدولارية للإقتصاد المصري نتيجة الإجراءات الإحترازية التي طبقتها العديد من الدول لمواجهة أزمة كورونا ، وعلى رأسها قطاعى السياحي والطيران بالخارج بسبب إغلاق الحدود والحظر الكلي والجزئي، وإنخفاض إيرادات قناة السويس المصرية بسبب إنخفاض حركة التجارة العالمية ، وتوقف المصانع خلال أزمة كورونا التي كان لها الأثر الملحوظ على كافة الإقتصاديات، فضلاً عن أثره السلبى في إنخفاض الإحتياطي النقدي المصري بالعملات الأجنبية خلال تلك الفترة ، وسرعان ما نجح البنك المركزي في زيادة حجم الإحتياطي مسجلا 38.4 مليار دولار .
أضاف، أنه مع بدء تحسن الأوضاع بشكل نسبي بدأت بعض الموارد الدولارية في العودة مرة أخرى لنشاطها من جديد ، وبالنظر لواحد من الموارد الدولارية الرئيسية كتحويلات المصريين بالخارج ، فقد كان أدائها مختلف خلال فترة إنتشار أزمة فيروس كورونا، حيث شهدت تحسن ملحوظ وبلغت 7.9 مليار دولار في الربع الثالث للعام المالي 2019/2020، بنسبة زيادة 27.5% بالمقارنة 6.2 مليار دولار لنفس الفترة بالعام المالي 2018/2019، وبنسبة زيادة تصل إلى 21.5% بالمقارنة 6.5 مليار دولار لنفس الفترة بالعام المالي 2017/2018 ، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الإحصاء والبنك المركزي المصري.
أشار إلى أنه فيما يتعلق بالربع الرابع من العام 2019/2020 ، فقد بلغت قيمة تحويلات المصريين بالخارج لتصل إلى 9.1 مليار دولار، مقارنة 9.5 مليار دولار خلال نفس الفترة بالعام الماضي، لافتاً إلى أنه بشكل عام فقد إرتفعت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 8.2% منذ بداية العام الحالي حتى نهاية يوليو 2020 ، بزيادة قدرها 1.3 مليار دولار لتصل إلى 17 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة للعام 2019، بينما زادت قيمة تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 11.5% في شهر يوليو 2020، حيث بلغت 2.9 مليار دولار بالمقارنة 2.6 مليار دولار لنفس الشهر بالعام 2019 ، وذلك على الرغم من تدهور الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم حاليا.
أوضح شوقى ، أن هناك علاقة طردية بين تداعيات أزمة فيروس كورونا وتحويلات المصريين بالخارج، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب ساهمت في إرتفاع قيمة تحويلات المصريين بالخارج ، لعل أهمها ثقة المصريين بالخارج بقوة وقدرة الإقتصاد المصري على تجاوز الأزمة الراهنة ، وذلك في ضوء إجراءات الإصلاح الإقتصادي التي مرت بها الدولة المصرية خلال الأربع سنوات الماضية.
ذكر، أن الإجراءات الإحترازية التي سعى البنك المركزي من خلالها للحفاظ على تدفق ودوران حركة الأموال في الإقتصاد المصري ، ودعم تطبيق المدفوعات الإلكترونية للحد من إنتشار فيروس كورونا ، والتي تم تأكيدها بشكل ملموس بقانون البنك المركزي الجديد رقم 194 لسنة 2020 .
بالإضافة إلى بدء فتح الحدود وعودة حركة عمل الإقتصاديات المختلفة ، وتقليل نسب تخفيض أحجام العمالة في المؤسسات والمصانع ، وبدء عودة العمالة المصرية للعمل في الدول ، بخلاف الإجراءات والبروتوكولات الصحية المطبقة من كافة المؤسسات والمصانع للحفاظ على أحد أهم العوامل المؤثرة في دوران وحركة الإقتصاديات والمتمثلة في العنصر البشري.
أحمد الألفي الخبير المصرفي ، ذكر إنه على الرغم من أن كل التوقعات التى أصدرتها عدة مؤسسات دولية وفى مقدمتها صندوق النقد ، توقعت حدوث تراجع كبيرفى تحويلات العاملين بالخارج إلى دولهم الأم ومن بينها مصر، بسبب تداعيات جائحة كورونا على الإقتصاد العالمى ,إلا أن تحويلات المصريين بالخارج حققت زيادة خلال التسعة شهور الاولى من عام 2020 وخالفت هذه التوقعات .
أضاف ، أن هذه الزياده ترجع إلى حالة الخوف التي شهدتها كل دول العالم جراء جائحة كورونا ، فضلاً عن إغلاق المطارات والموانى, ومن ثم حول العديد من المصريين العاملين بالخارج مدخراتهم إلى مصر الوطن الأم الأكثر أمانا ،والأقل تاثراً بهذه الجائحة .
أشار إلى أن أهم الأسباب أيضاً يتمثل في تنافسية أسعار الفائدة على الجنيه مقابل العملات العربية والأجنبية التى تراجعت بشكل كبير ، وكذلك نجاح البنك المركزى المصرى فى إحتواء الجائحة والمحافظة على إستقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بالإضافه إلى التراجع الكبير لمعدل التضخم فى مصر إبان جائحة كورونا ، مما أضاف جاذبية كبيرة للجنيه ، وكذلك العودة النهائية للعديد من المصريين العاملين بمنطقة الخليج العربى، بسبب تقليص الوظائف هناك تأثراً بتبعات جائحة كورونا ، وبالتالي عاد المصريين بكامل مدخراتهم.
يذكر أن البنك المركزي قال إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر يوليو الماضي قد زادت للشهر الثاني على التوالي ، بعد زيادته في شهر يونيو الماضي بنسبة 34 في المئة مسجلًا 2.6 مليار دولار مقارنة بمعدلاته في يونيو 2019 البالغة 1.9 مليار دولار فقط.
كما إستمرت معدلات الزيادة خلال شهر يوليو 2020 بنسبة بلغت 9.4 في المئة لتسجل خلال الشهر 2.9 مليار دولار مقابل 2.6 مليار دولار في يوليو 2019، وذلك بعد تراجعها خلال شهري أبريل ومايو الماضيين بنسبة 10.9% و38.7 % على الترتيب على أساس سنوي.