قفزت إحتياطات النقد الأجنبى لدى البنك المركزى لمستويات تاريخية غير مسبوقة خلال عام 2019 ، حيث قفزت بنحو 2.744 مليار دولار خلال 11 شهراً ، لتصل إلى 45.354 مليار دولار فى نوفمبر الماضى ، مقابل 42.61 مليار دولار فى يناير 2019 .
وزادت إحتياطات النقد الأجنبى المصرى بوتيرة منتظمة طوال عام 2019 ، فيما زاد بمقدار 1.45 مليار دولار فى فبراير 2019 ليصل إلى 44.06 مليار دولار ، وذلك بسبب دخول شريحة صندوق النقد الدولي قبل الأخيرة، بقيمة ملياري دولار، وتدخل شريحة قرض الصندوق، حسابات البنك المركزي بالقيمة الدولارية، على أن يقوم المركزى بسداد الإلتزمات الخارجية بالعملة الأجنبية، بالإضافة إلى تحويل جزء من تلك الشريحة بالجنيه المصري إلى الخزانة العامة للدولة، لتلبية إحتياجات الموازنة العامة.
كما تسلمت مصر، 10 مليارات دولار من إجمالي قيمة قرض الصندوق المقدر بـ12ملياراً على 3 سنوات، وكانت الشريحة الأخيرة منه بقيمة ملياري دولار وحصل عليها المركزى فى فبراير الماضى، حيث واصل الإحتياطى النقدى الارتفاع بمعدلات تدور حول 52 ، و57 مليون دولار فى شهر مارس ، ومايو وأغسطس 2019 ، فيما بلغت قيمة الزيادة نحو 106 ، و 128 ، 149 مليون دولار فى شهور أبريل ، وسبتمبر وأكتوبر 2019.
توقع عدد من قيادات البنوك أن يواصل الإحتياطى النقدى الإرتفاع خلال الفترة المقبلة ، مؤكدين أن الإحتياطى يسير بخطى ثابتة نحو الوصول لمستوى الـ 50 مليار دولار خلال العام المقبل .
أعلن البنك المركزي المصري أن صافي الإحتياطيات الأجنبية ارتفع بنحو 107 مليون دولار ليصل إلى 45.354 مليار دولار في نوفمبر مقابل 45.246 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر السابق عليه، وجاء ذلك رغم إلتزام البنك المركزى بسداد الإلتزامات الخارجية الواقعة عليه فى موعدها .
طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى، أكد أن التطورات السياسية حولنا بالمنطقة العربية تتصل اتصالاً وثيقاً بالعمل المصرفى، حيث أدت هذه الأحداث إلى نوع من الصدمة وتجمد للسياسات المالية ، مشيراً إلى أن مصر لديها تجربة ناجحة فى هذا الشأن.
أضاف أنه فى بداية السنوات الأولى من هذا العقد أثرت الأوضاع السياسية على الأوضاع الاقتصادية والمالية ، وتزايد العجز فى الموازنة العامة للدولة فى هذا الوقت بنسبة 16% ،الأمر الذى ترتب عليه إنفجار موجات من التضخم بعدها بسنوات ،حيث لم تستطع السياسة النقدية إستيعاب الأحداث أو الصدمة السياسية وانعكس ذلك على مؤشرات أسعار الصرف والفائدة ،والسبب كان وجيه وهو الحفاظ على مستويات الأسعار والتى تشكل عنصر مهم وكبير للمجتمع المصرى ،ولكنه أدى لفقد الإحتياطى النقدى مما أثر سلباً على ثقة المؤسسات فى الإقتصاد فى ذلك الوقت .
طارق عامر، أكد أن أهم الدروس المستفادة هى عدم إتخاذ أى قرارات أو فرض قيود تؤدى لزعزعة الثقة بالإقتصاد فى هذا التوقيت ،مشيراً إلى أنه لاينبغى أن تتسرع السياسة النقدية فى أوقات الأزمات أو الصدمات بفرض قيود لأننا واجهنا هذه المشكلة حتى تمكنا من إستعادة الثقة مجدداً ورفع اى قيود ، مشيراً إلى أن البنك المركزى وجد الدعم الكامل من القيادة السياسية متمثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى ،مما عزز إتخاذ القرار الجرىء بتحرير سعر الصرف .
أوضح أن تطبيق برنامج الإصلاح الإقتصادى عزز تدفقات النقد الأجنبى لتتجاوز 200 مليار دولار فى أربعة سنوات ، مؤكداً أن مصر أصدرت سندات خارجية بأكثر من ٢٠ مليار دولار وصلت مدتها الى ٤٠ سنة ، حيث تلقت مصر طلبات على السندات الخارجية بأكثر من ٧٠ مليار دولار .
رامى أبو النجا وكيل محافظ البنك المركزى، قال فى تصريحات سابقة، أن إحتياطى النقد الأجنبى يكفى لتغطية إحتياجات مصر من الواردات لمدة تزيد عن 9 أشهر ، حيث تستورد مصر بما يعادل متوسط 5 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 60 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى للإحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 7.2 شهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الورادات السلعية لمصر.
محمد الإتربى رئيس مجلس إدارة بنك مصر، قال أن الإحتياطى النقدى كان قد استنزف إلى 14 مليار جنيه ، ليرتفع إلى أعلى مستوى تاريخى له عند 45.3 مليار دولار ، وهو الأمر الذى ساهم فى إستعادة ثقة المؤسسات الدولية فى الإقتصاد المصرى، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج الى 26 مليار دولار .
أضاف أن البنك المركزى المصرى نجح فى إتخاذ خطوات مهمة نحو الإصلاح الإقتصادى عبر تحرير سعر الصرف ،وتوقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولى لإعادة الثقة فى الإقتصاد المصرى ، وبالفعل تم تطبيق برنامج كامل التزمت به الحكومة والمركزى لتتحسن من 3% إلى 5.6 %، مشيراً إلى إرتفاع اجمالى الاصول من 3.1 تريليون جنيه الى 5.3 تريليون جنيه ، كما زادت القروض من 1.1 تريليون جنيه إلى 1.75 تريليون جنيه بزيادة 62 % وزيادة الودائع من 2.5 تريليون جنيه الى 4 تريليون جنيه بزيادة 60%.
أشار إلى زيادة التدفقات النقدية من العملات الأجنبية ،حيث بلغت إجمالى تدفقات النقد الأجنبى فى بنك مصر فى أ9 أشهر خلال عام 2019 نحو 13 مليار دولار ، كما تزايد إيرادات السياحة لتصل إلى 12.4 مليار دولار ، كما تراجع معدل التضخم السنوى الى 2 7 %ومن المتوقع أن يتراجع عن مستهدفات البنك المركزى ، وبالفعل تم خفض أسعار الفائدة لتصل إلى 12.25% للايداع ، 13.25% للاقراض ، مشيراً إلى تراجع معدلات التعثر من 6 %الى 4.2% ، وتحسن معدلات كفاية رأس المال من 14% الى 16%.
أوضح الاتربى، أن البنوك حققت نتائج إيجابية فى الشمول المالى وريادة الأعمال ،لتصل اجمالى ما حققته البنوك بنحو 160 مليار جنيه ،وفى بنك مصر زادت من 1.5 مليار جنيه إلى 27 مليار جنيه وسنصل إلى 28 مليار جنيه ، مؤكداً أن المبادرات التى أطلقها وعلى رأسها التمويل العقارى ساهمت فى دعم القطاع، وبلغت محفظة التمويل العقارى بينك مصر من 20 مليون جنيه إلى 200 مليون جنيه .
محمد عبد العال الخبير المصرفى، توقع إرتفاع حجم الإحتياطى النقدى بنحو 5 مليارات دولار خلال العام المقبل ليقفز إلى 50 مليار دولار ، موضحاً أن الإحتياطى النقدى قد ارتفع فى عام 2017 بمقدار 12.7 مليار دولار ، وواصل الإرتفاع فى عام 2018 بمقدار 5.5 مليار دولار ، وتزايد فى النصف الثانى من عام 2019 بنحو 2.9 مليار دولار .
أضاف قائلاً : أنه من الصعب أن يتأثر الإحتياطى النقدى بالإلتزامات الواقعة على مصر خلال العام المقبل ، مشيراً إلى أن هناك إلتزام تام من الدولة بسداد المستحقات الواقعة عليها فى موعدها .
كما عرض إلى تكوين الإحتياطى النقدى لمصر ، قائلاً أن هناك 41.3 مليار دولار من إجمالى قيمة الإحتياطى النقدى من العملات الأجنبية ، و 3.2 مليار دولار إجمالى الإحتياطات الرسمية من الذهب ، ولقد إنخفضت مؤخراً بحوالى 115 مليون دولار، وذلك نتيجة لإنخفاض سعر أوقية الذهب من1560 دولار إلى 1472 دولار ، وتمثل وحدات حقوق السحب الخاص من 367 مليون دولار ولقد زادت مؤخراً من 365 مليون دولار .
أضاف عبد العال، أن هناك تطور ملحوظ فى كافة القطاعات الإقتصادية الرئيسية التى تعتبر الموارد الرئيسية للنقد الأجنبى ، حيث تزايدت الإيرادات المتحققة من السياحة من 12.7 مليار دولار إلى 16.7 مليار دولار ، ومن المتوقع أن تواصل الإرتفاع لتسجل 18.7 مليار دولار بحلول عام 2020 ، و24 مليار دولار بحلول عام 2022 -2023 ، مشيراً إلى إرتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 27 مليار دولار ، بالإضافة إلى تحسن أسعار الغاز بعد أن أصبحنا مصدرين للغاز بدلاً من إستيراده .
أكد أيضاً، أن مصر لم تتأخر مطلقاً فى سداد أقساط القروض والالتزامات الواقعة عليها ، مشيراً إلى أن إجمالى الدين الخارجى لمصر نحو 106 مليار دولار بما تمثل نسبته 31% من إجمالى الناتج المحلى ، وتعد هذه النسبة عند الحدود الأمنة ، ولقد تم سداد أقساط ديون وفوائد خلال الفترة من عام 2013 إلى 2019 نحو 37 مليار دولار ، كما تم سداد 25 مليار دولار منها خلال الفترة من مارس 2017 إلى عام 2019 ، حيث يتم سداد 3.4 مليار دولار بشكل ربع سنوى ، 5.1 مليار دولار أقساط ديون ، 946.6 مليون دولار فوائد الديون، ورغم ذلك لم يتأثر إحتياطى النقد الأجنبى .
أشار إلى أن هناك إلتزامات تتمثل فى الوديعة الكويتية وقيمتها 2.7 مليار دولار ، والوديعة السعودية 5.25 مليار دولار ، و78 مليون فوائد وديعة الامارات ، وهذه الإستحقاقات تم تأجيل سدادها ، ويصبح المبلغ المطلوب خلال العام المقبل نحو 7 مليار دولار من إجمالى إلتزامات سنوية تقدر بنحو 14 مليار دولار ، وفى ظل إرتفاع أرصدة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 27 مليار دولار ، وزيادة إيرادات السياحة ستكون مصر قادرة على سداد إلتزاماتها ، وفى نفس الوقت سيتزايد الإحتياطى النقدى بنحو 5 مليارات دولار فى العام المقبل .
عبد العزيز الصعيدى الخبير المصرفى، أكد أن من أهم النتائج الإيجابية للإصلاح الإقتصادى زيادة الإحتياطى النقدى إلى 45 مليار دولار ،والذى يعد عند أعلى مستوى له على الاطلاق، وهو مايعد غطاء نقدى أمن من العملة الصعبة وخطة الإصلاح تسير على أفضل مايكون ، وإنخفاض سعر الدولار، وإستعادة ثقة المستثمر الأجنبى والمحلى والعربى، حيث باتت الإستثمارات تتوجه لمصر، وهناك معدلات ثقة فى الإقتصاد المصرى والسياسات المالية والنقدية المتعبة لمصر .
توقع الصعيدى، أن يواصل الإحتياطى النقدى الإرتفاع خلال الفترة المقبلة ، ليصل لمستويات قياسية جديدة ، فى ظل إلتزام مصر بسداد الأقساط الواقعة عليها فى موعدها ، كما أن تراجع الدولار محلياً ، وزيادة تدفقات النقد الأجنبى ، يعزز الحفاظ على المعدلات الراهنة من إحتياطات النقد الأجنبى ، بل من المتوقع زيادتها لمستوى جديد عند الـ 50 مليار دولار .
كان صندوق النقد الدولي، قد توقع أن ترتفع الإحتياطيات النقدية لمصر إلى 45.4 مليار دولار بنهاية العام المالي المقبل 2020/2019، و46.7 مليار في العام المالي التالي، وأن تواصل الإرتفاع حتى تصل إلى 51 مليار دولار بنهاية العام المالي 2023/20223.
قال الصندوق، في تقرير المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الإقتصادي، إن الإحتياطي النقدي من المقرر أن يبلغ 44.9 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي 2019/2018، متوقعاً أن يسجل الإقتصاد المصري نموًا بنسبة 5.9% خلال العام المالي الحالي مقابل 5.5% في المراجعة الثالثة، مع تراجع معدل نمو الديون إلى 83.3% مقابل 86% خلال الفترة المقارنة ذاتها.
يذكر أن الإحتياطي النقدي الأجنبي لمصر يحتل المرتبة الخامسة بين الدول العربية، بعد المملكة العربية السعودية التي تمتلك أحد أكبر الإحتياطيات الدولية عالمياً والبالغ 519.3 مليار دولار في يونيو الماضي، والإمارات العربية المتحدة التي تمتلك إحتياطي نقدي أجنبي قدره 101.8 مليار دولار في مارس الماضي، والجزائر التي أظهرت أخر إحصائيات رسمية لها تسجيل الإحتياطي النقدي الأجنبي لنحو 88.6 مليار دولار في يونيو من العام الماضي، وقطر التي إرتفع إحتياطي النقد الأجنبي بها إلى 52.5 مليار دولار.
كما سجل الإحتياطي النقدي نمواً على مدار الـ 7 أشهر الأولي من العام الجاري بنسبة 5.6% مرتفعاً بنحو 2.4 مليار دولار، ليسجل 44.9 مليار دولار في نهاية يوليو 2019، مقابل 42.5 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2018، وتفوقت مصر على باقي الدول العربية ومنها ثلاث دول خليجية في مقدمتها الكويت التي جاءت في المرتبة السادسة برصيد قائم من الاحتياطي النقدي الأجنبي قدره 39.4 مليار دولار في مايو 2019، حيث نجحت منذ مطلع العام الجاري في بناء إحتياطي نقدي أجنبي قياسي عقب تأثره خلال العام الماضي بتراجع أسعار النفط عالميًا.
كما سجل الإحتياطي النقدي الأجنبي للمغرب نحو 23.8 مليار دولار في مايو 2019، محتلاً المركز السابع، ثم سلطنة عمان في المركز الثامن برصيد قدره 16.1 مليار دولار بنهاية مايو 2019، ثم الأردن تاسعاً بنحو 15.9 مليار دولار في مايو الماضي، بينما قُدر الاحتياطي النقدي الأجنبي لتونس بنحو 5.1 مليار دولار في مايو 2019، وقُدر بالبحرين بنحو 3.4 مليار دولار في يونيو 2019.
وتتكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة “اليورو”، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصينى، وهى نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسؤولى البنك المركزى المصرى.