أكد عدد من الخبراء ومسؤولو البنوك، أن تقرير موديز الذى توقعت فيه إرتفاع معدلات النمو الإقتصادى لمصر لمستوى 5 % خلال العام المالى 2026 ، يعتبر إيجابى جداً ويستند إلى الاجراءات الإصلاحية التى قامت بها الحكومة المصرية ، والتقارير الإيجابية من قبل صندوق النقد الدولى وتحسن التصنيف الإئتمانى ، كما أنه يستند إلى توقعات تراجع معدلات التضخم وإنخفاض أسعار الفائدة خلال عام 2026 ، بالإضافة إلى زيادة العوائد الاستثمارية لمشروع رأس الحكمة والمشروعات الجديدة .
ولقد توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، نمو الاقتصاد المصري 5% في العام المالي 2026، وذكرت الوكالة في تقرير حديث أن متوسط معدل التضخم في مصر سيتراجع العام المالي المقبل إلى 16% مقابل 27.5% في العام المالي الحالي قبل أن يتراجع إلى 13% في 2026.
أشارت الوكالة إلى إستقرار الظروف الإقتصادية والتمويلية ما يدعم جودة الائتمان لحكومات وشركات ومؤسسات الأسواق الناشئة خلال عام 2025، مضيفة أن النمو فى الناتج المحلى الإجمالى في الأسواق الناشئة يبقى مستقراً بشكل عام، مع تباطؤ معدلات التضخم وبدء تخفيض معدلات الفائدة.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري ، قد التقى مع كريستالينا جورجييفا، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، على هامش مشاركته في مؤتمر “COP29” في أذربيجان.
كشفت “كريستالينا جورجييفا” عن تقديرها للدولة المصرية ، وجهود الحكومة والخطوات الناجحة والملموسة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتقدم الذي أحرزته في هذا السياق، مؤكدة دعمها إلى الاستقرار والتنمية الاقتصادية لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.
يذكر أنه في مطلع نوفمبر الجاري، عقدت مديرة صندوق النقد الدولي لقاءات مهمة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ضمن زيارتها للقاهرة لمناقشة برنامج التمويل مع مصر.
قالت “موديز”، إن هناك استقرارًا في الظروف الاقتصادية والتمويلية ما يدعم جودة الائتمان لحكومات وشركات ومؤسسات الأسواق الناشئة خلال عام 2025، موضحة أنه قد تحدث إضطرابات كبيرة إذا قام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بتنفيذ السياسات التى تحدث عنها أثناء حملته الانتخابية.
ولكن في حال كانت هذه الاضطرابات محدودة، ستواصل الظروف الاقتصادية مسارها نحو الاستقرار، قائلة: “إن النمو في الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة يبقى مستقرًا بشكل عام، مع تباطؤ معدلات التضخم وبدء تخفيض معدلات الفائدة” ، حيث تشير الفروق الإئتمانية المتقلصة وارتفاع إصدار السندات إلى زيادة شهية المستثمرين للاستثمار في سندات الأسواق الناشئة.
محمد عبد العال الخبير المصرفى، قال أن تقرير موديز ايجابى جداً وينبع من التوقعات الخاصة بتحسن معدل التضخم خلال عام 2026 ، واحتمالات الإتجاه لخفض أسعار الفائدة ، وهو الأمر الذى سيتزامن مع زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة .
أوضح قائلأ: أن أثر عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب على الأوضاع الإقتصادية ، محلياً داخل الولايات المتحدة الأمريكية ، وعالمياُ ، واقليميا بما فيها الدولة المصرية – سيظل – “افتراضيا ” ، وذلك إلى حين أن يستقبل البيت الأبيض ، رسمياً الرئيس الجديد فى العشرين من يناير القادم ٢٠٢٥، حين أذن يبدأ الرئيس الجديد وفريق عملة فى مراجعة برامجه، وتحويل الممكن منها من مجرد وعود وبرامج إنتخابية إلى استراتيجيات وخطط تأخذ طريقها للتنفيذ الفعلى على أرض الواقع .
ويستطرد قائلاً : ولذلك ليس أمام من يرغب فى توقع إنعكاسات هذا الحدث التاريخى على الأوضاع الإقتصادية المصرية ، إلا رسم عالم افتراضي لخطوات الرئيس المنتخب المستقبلية، والتى يمكن توقعها قياساً على تَوجهاتِه وقراراته السياسية والاقتصادية السابقة .
أضاف، صحيح أنه عندما يتعلق الأمر بتغير فى الرئاسة الأمريكية يكون الأمر بشكل عام هاماً وعميقاً ، ولكن حينما يكون الرئيس القادم هو دونالد ترامب ، فإن كل الاحتمالات والمخاطر والفرص تكون متاحة ، حيث قد تمثل عودته “صدمة ” ذات تداعيات مختلفة كل منها قد يتعارض مع الآخر فى الإتجاه والأهداف .
أشار محمد عبد العال، أنه من هذا المنطلق يمكن تحديد الثلاث مسارات التالية لسياسات دونالد ترامب المستقبلية وتاثيرها على دول الشرق الأوسط ومصر فى القلب منه :-
أولهما : إمكانيات الرئيس الجديد فى تحقيق أحد أهم مستهدفاته الانتخابية وهى السيطرة على بؤر الحروب والتوترات الجيوسياسية المشتعلة فى العالم ، وبالأخص الحرب الروسيه الأوكرانيةً وحرب غزة ولبنان ، والصراع الإسرائيلى الايرانًى وتوترات البحر الأحمر، لقد كان ترامب كثيراً ما يكرر أنه لو كان فى سدة الحكم ما كانت الحرب الروسية الأوكرانية قد وقعت أصلاً !؟ .
ومن ثم فإن عودة الرئيس إلى الساحة الدولية قوبلت بتساؤلات حول قدرته على وقف بؤر الحروب والصراعات الجارية في العالم، فلا يملك الرئيس عصا سحرية لتحقيق السلام، ولكن من المهم التساؤل حول ما إذا كان يمتلك الأدوات والقدرات السياسية والدبلوماسية لتوجيه الجهود الدولية نحو حلول مستدامة لتلك الصراعات .
لا أحد يغيب عليه حجم المعاناه التى واجهتها مصر من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ثم حرب غزة وتوترات البحر الأحمر، تداعيات نقدية ، ومالية ، أثرت سلباً على كل مؤشرات الاقتصاد القومى ، وعلى الأوضاع الاجتماعية ، نتيجة إرتفاع معدل التضخم بوتيرة غير مسبوقة ، فإذا ما نجح الرئيس الأمريكى العائد لحكم أكبر بلد فى العالم ، فى أن يوقف تلك التوترات ويعيد الهدوء إلى مناطق النزاع المشتعلة، فإن الدول المتنازعة ودول الجوار ومنها مصر، سوف تعود لتركيز إمكانياتها الاقتصادية إلى دفع خطط النمو والتنمية المستدامة ، وتعويض ما فقدته من إيرادات من النقد الأجنبى من مصادرها التقليدية ، والعالم كلة بشهادة صندوق النقد الدولى يعلم كيف أصبحت مصر ثانى أكبر دولة مقترضة من الصندوق فى ترتيب الدول الناشئة ، وكيف فقدت حتى تاريخه نحو60 % من ايرادات قناة السويس ، ناهيك عن الإنخفاض فى ايرادات السياحة وتباطئ الاستثمار المباشر عما هو كان مخطط .
ويمكن القول بلا تردد أنه إذا نجح ترامب فى وقف نزيف تلك الحروب فإن مصر ستستفيد بشكل مباشر من إنتظام خطوط الامداد العالمية ، وإنخفاض أسعار السلع الاستراتيجية ومستلزمات الانتاج اللازمة لتوطين الصناعة وانتاج سلع التصدير ، وإنخفاض تكاليف الشحن والتأمين ، كل ذلك وغيره سوف يؤدى إلى إنتظام عجلة الانتاج وزيادة عرض السلع المستوردة والمنتجة محلياً ، وتبدأ الأسعار فى الإنخفاض ، ويأخذ بالتالى معدل التضخم مساراً هابطاً ، فتتحول السياسة النقدية التقييدية إلى سياسة نقدية تيسيرية مستهدفة النمو والتشغيل .
من ناحية أخرى من المتوقع أن يتجه الرئيس إلى تدعيم علاقاته السابقة بدول الخليج ودول شمال افريقيا ، ساعياً لتنمية وتقوية العلاقات التجارية فى مواجه الصين وروسيا ، وهو ما قد يتيح لمصر فرصاً لزيادة الدعم الفنى والعسكري لمصر ويوسع من مجالات التعاون والدعم الأمريكى على كافة الانشطة ، وبصفة عامة إذا ما نجح ترامب فى فرض السلام ووقف اطلاق النار فى مناطق النزاع فإن ذلك سوف يعزز دعائم الأمن والسلام للاقتصاد العالمى والاقليمى ، ويعزز فرص استقرار الأسعار، وإنتعاش إقتصادات الدول .
ثانيهما : رؤيته فى تصعيد أو تخفيف السياسات الحمائية التجارية ضد الدول والتجارة الدولية ، ومدى حماسة إلى مزيد من تطبيق سياسات الحرب الاقتصادية واستراتيجيات الخنق والحصار الاقتصادى، بهدف تحقيق أهداف سياسية دون اللجوء إلى الحروب العسكرية ، أن استمرار تلك السياسات فى فرض الرسوم الجمركية على جميع الواردات الأمريكية لكل الدول أو لدول بعينها ( الصين ) سوف يؤدى حتماً إلى عودة تصاعد معدلات التضخم للعالم ويعرض الدول الناشئة والمستوردة للسلع ، خاصة النفط والوقود ، إلى عودة حالات عدم الاستقرار النقدى والاقتصادى إلى كافة الأسواق العالمية .
ثالثهما : قدرته على احداث التوازن الأمثل بين تحقيق شعار “أمريكا أولا” وبين متطلبات تحقيق الحد الأدنى المطلوب للود السياسى بين الدول الصديقة والحليفة، وهنا سوف نتسائل هل سوف يعود لتحمل تكاليف المشاركة فى خطط تغير المناخ العالمية ؟ ، كيف سوف يعالج مشكلة الديون العالمية التى سجلت هذا العام وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولى نحو مائة ترليون دولار ، الولايات المتحدة والصين ، هما أصحاب النصيب الأكبر فيها ؟، والعبرة هنا بتأثير تلك الديون وتضخمها واستمرارها على مسيرة وحياة شعوب الدول النامية ، هل سيفكر فى معاقبة الدول التى تنادى بالتجمعات الاقتصادية الساعية لبناء نظام نقدى متعدد الأقطاب بعيداً عن الدولار الامريكى ؟.
عبد العزيز الصعيدى الخبير المصرفى، أكد أن توقعات موديز إيجابية وتستند إلى التوقعات الايجابية لمستقبل الاقتصاد على المستوى المحلى والعالمى ، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تهدأ وتيرة الحروب فى المنطقة وفقاً لوعود الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب ، وذلك بالإضافة إلى تراجع معدل التضخم والاتجاه لخفض العائد .
أضاف، أنه من المتوقع أيضاً زيادة الإستثمارات الأجنبية المباشرة سواء من خلال زيادة عوائد السياحة وصفقة رأس الحكمة ، أو من خلال برنامج الطروحات الحكومية وذلك مع نجاح طرح المصرف المتحد .