قال محمد مصطفي جاد ، رئيس شركة البريد للإستثمار، أن البنك المركزي المصري أطلق العديد من المبادرات لمواجهة جائحة كورونا ، وذلك بهدف الحد من تأثيراتها السلبية ، سواء على العملاء أوالقطاع المصرفي وكذلك الوضع الإقتصادي , متوقعاً أن يستعيد الوضع الإقتصادى عافيته خلال الربع الثانى من العام القادم 2021.
توقع “جاد” ، فى حوار خاص لـ “بنوك اليوم” ، أن يحقق الإقتصاد المصرى معدلات نمو تتراوح ما بين 2% إلى 2.5% , مؤكداً أن تلك الأرقام جيدة للغاية في ظل ما تمر به البلاد ودول العالم من أزمة أقتصادية كبيرة، بسبب جائحة كورونا.
وفى نفس الوقت يرى، أن سعر العائد على الإيداع والإقراض حالياً ، قد يكون مناسباً ومتماشياً مع معدلات التضخم الحالية ، متوقعاً حدوث تثبيت لأسعار العائد حتي نهاية العام الحالى ، وإذا حدث خفض سيكون بنحو 1 % أو 1.5 % على الأكثر ، مشيراً إلى أن تراجع الإحتياطي النقدي الأجنبي في ظل هذه الظروف الراهنة يعد أمراً طبيعياً ، خاصة بعد خروج ما يقرب من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة .
-
«كورونا» أثر سلباً على موارد الدولة من النقد الأجنبى
-
إنخفاض إيرادات قناة السويس بفعل تراجع حركة التجارة العالمية
-
الوضـع الإقتصـادى سوف يستعيد عافيته .. خـلال الـربع الثانى مـن «2021»
-
أتوقع تحقيق معدلات نمو تتراوح ما بين 2 % إلى 5 %
-
مستويات الفائدة الحالية تتماشى تماماً مع معدلات «التضخم»
-
القطاع المصرفى أقل تضرراً من سائر القطاعات الإقتصادية
-
أشعر بالقلق دائماً من تنامى حجم الدين الخارجى
-
تراجع الإحتياطى الأجنبى أمر متوقع فى الوقت الراهن
-
قانون البنوك سيحقق طفرة فى مستقبل الجهاز المصرفى
** لا شك أن فيروس كورونا ألقى بظلاله السلبية على الأداء الإقتصادى لمصر خلال الفترة الأخيرة .. كيف ترى ذلك ؟
** بلا شك فإن هناك تأثيرات سلبية على القطاع الإقتصادي بشكل عام والمصرفي بشكل خاص، خاصة بعد أن تسبب كورونا في فرض حظر جزئي ، وكذلك غلق الأماكن بمختلف أنشطتها ، ومن ثم تعطلت عجلة الإقتصاد .
وفيما يتعلق بالقطاع الإقتصادي، فإن مصر من أكثر الدول التي تضررت من تفشى فيروس كورونا، خاصة أن مصر كانت لديها في الأصل مشكلة قبل ظهور “كورونا”، وتحديداً فى القطاع الصناعي ، وبحلول فيروس كورونا زاد التأثير السلبي بشكل أكبر على الصناعة ، بالإضافة إلى تدهور القطاع السياحي الأمر الذي أثر سلباً على إيرادات الدولة من موارد النقد الأجنبي ، بخلاف تراجع حركة التجارة العالمية بين الدول بشكل كبير وملحوظ، ما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس.
وبالتالى أعتقد أن الوضع الإقتصادي لن يستعيد عافيته قبل الربع الثانى من العام المقبل 2021، خاصة وأن الأمر في حاجة لتحرك عجلة الإنتاج والإقتصاد الذي سيستغرق وقتاً طويلاً، ولابد من حدوث التوازن بين دوران عجلة الإنتاج والسيطرة على حالات الإصابة من فيروس كورونا وتراجع عدد الإصابات بفيروس ، خاصة وأنه مع زيادة الإصابات لن يكون لعودة الوضع الإقتصادي قيمة خاصة في القطاع السياحى، ولن يكون هناك إقبال من جانب السائحين من مختلف دول العالم خوفاً على حياتهم، فهم يريدون الإستمتاع مع الشعور بالأمان وعدم تعرضهم للإصابة ، والعامل الأكثر أهمية يتمثل في تزايد أو تراجع عدد الحالات ، وبناءاً عليه سيتم تحديد وجهة السائحين والقطاع السياحى بأكمله.
** ما هي توقعاتكم لمعدلات النمو للدولة المصرية ، خاصة في ظل جائحة “كورونا” ؟
** أعتقد أن ميزانية 2020/2021 التي ستنتهي في 30/6/2021 قد تأثرت بشكل كبير بجائحة كورونا ، الأمر الذي يصعب معه تحقيق معدلات نمو قوية ، وأتوقع تحقيق معدلات نمو تتراوح ما بين 2% إلى 2.5% ، وهو رقم يعد جيداً للغاية في ظل الظروف المحيطة محلياً وعالمياً.
** منذ اللحظة الأولى تعامل البنك المركزى مع أزمة كورونا، وذلك من خلال إطلاق عدد من الإجراءات الإحترازية والمبادرات الإستباقية .. ما هو رأيكم ؟
** أطلق البنك المركزي المصري العديد من المبادرات لمواجهة جائحة كورونا، وللحد من تأثيراتها السلبية على العملاء والقطاع المصرفي ، وكذلك الوضع الإقتصادي ، فكانت مبادرة تأجيل الأقساط لمدة 6 أشهر ، كما دعم البنك المركزي القطاع الصناعي والقطاع السياحي ، ويمكن الإستفادة من برامج تحديث الصناعة والمساعدة الفنية، مثل دراسة التسويق والإدارة والبنية التحتية التكنولوجية، خاصة وأن التمويل هو مجرد عنصر واحد فقط بجانب باقي العناصر ، ومن ثم فمسئولية البنك المركزي تكمن في التمويل فقط ، أما باقي العناصر منوط بها جهات أخرى مختلفة .
** لجأت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزى، وذلك فى إجتماعها الأخير إلى تثبيت أسعار الفائدة .. ما هى توقعاتك لمصير الفائدة حتى نهاية 2020 ؟
** من وجهة نظرى ، أعتقد أن مستويات أسعار العائد حالياً قد تستمر حتى نهاية 2020 ، خاصة وأن الظروف التي تمر بها البلاد لا تساعد بشكل كبير على دوران عجلة الإقتصاد بشكل سريع وقوى , وكذلك تراجع أسعار البترول ، كما أن كافة العوامل حالياً لا تؤدى إلى إرتفاع معدلات التضخم ، وبالتالي ليس هناك مجال لرفع أسعار العائد ،بإعتبار أن المحرك الأساسي لتحديد أسعار الفائدة هو التضخم ، وأن البنك المركزي يستهدف دائماً التضخم ، خاصة وأن التضخم مقترن بالنمو ، وهذا هو دور المجلس التنسيقي بين وزراة المالية والبنك المركزي ، ومن ثم أرى أنه في حالة حدوث خفض، فإنه لن يتعدى نسبة الـ 1% أو 1.5% ، وذلك حتي نهاية العام.
وبشكل عام تعامل البنك المركزي، بصورة إحترافية في إدارة ملف السياسة النقدية خلال الفترة الصعبة الماضية، منذ قرار تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016 ، الأمر الذي ساهم بقوة في نجاح تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادي، الذي أشادت به معظم المؤسسات المالية الدولية ،مما إنعكس بشكل إيجابي على التصنيف الإئتماني لمصر،على الرغم من تراجع معظم التصنيفات الإئتمانية لكل دول العالم مؤخراً .
** يبدو أن القانون الجديد للبنك المركزى والجهاز المصرفى أصبح فى الطريق لإدخاله حيز التنفيذ .. كيف ترى هذا القانون ؟
** اللجنة الإقتصادية بمجلس النواب تناقش قانون البنوك الجديد، إلا أنه لابد من مناقشته في جلسة عامة ، وعند النظر إلى قانون البنوك نظرة سريعة نجد أن هناك الكثير من مواد القانون تحمل تعديلات من واقع الخبرة منذ عام 2003 عند صدور القانون رقم 88 حتى الآن ، وبالتالي فقانون البنوك أمر جيد لأن القانون لابد وأن يكون مرن ويتوافق مع الممارسات والسياسات والنظم الجديدة التي تضيف للقطاع ، وأعتقد أن هذا القانون سيكون إيجابى، وأن فكرة الحوكمة الخاصة بمجالس إدارات البنوك ، وكذلك الوظائف التنفيذية في مجالس الإدارات ومددها ، فهي كانت تحتاج إلى إعادة النظر ، خاصة وأنها تتحدث عن مؤسسات يتم تداول أسهمها في بورصة الأوراق المالية ، ومؤسسات أخرى يتم تداول أسهمها في البورصات العالمية.
** كثر الحديث خلال الأيام الماضية عن تأثير فيروس كورونا على نتائج أعمال البنوك، خلال النصف الأول من العام الحالى .. ما هو رأيكم فى ذلك ؟
** فيما يتعلق بتأثيرات كورونا على القطاع المصرفي ، يمكن القول بأنه على الرغم من التأثيرات السلبية على كثير من القطاعات، إلا أن القطاع المصرفي من أقل القطاعات التي تأثرت سلباً من تلك الأزمة، فعلى الرغم من قرار البنك المركزي المصري بتأجيل سداد الأقساط لمدة 6 شهور ، فإن البنوك لم تتوقف عن تحصيل الفوائد ، وبالتالي تأثير الأزمة أقل ما يكون على القطاع المصرفي ، وقد تتراوح نسبة التأثر ما بين 5% إلى 10% ، ومن ثم لن تتأثر نتائج أعمال وصافى أرباح البنوك بدرجة كبيرة.
** هناك من يرى أن الدين الخارجى ، أصبح يمثل عامل ضغط على الإقتصاد المصرى ، خاصة بعد أن تجاوز مستوى الـ 109 مليار دولار .. ما هى رؤيتكم لهذا الملف ؟
** بلا شك فإن الدين الخارجي مرتبط بالناتج القومي، وهو أمر هام لكن الأهم من ذلك هو إمكانية حصول الدولة على موارد من العملة الأجنبية لخدمة الدين الخارجي ، وعلى المستوى الشخصي أشعر بالقلق من إرتفاع مستويات الدين الخارجي، خاصة وأن القدرة على الوفاء بالإلتزامات تراجعت في ظل تراجع إيرادات الدولة من موارد النقد الأجنبي، مثل إيرادات قناة السويس نظراً لتأثر حركة التجارة العالمية بين الدول ، بالإضافة إلى تأثر السياحة بعد إغلاق حركة الطيران بين دول العالم .
كما أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تأثرت سلباً بعد توقف الأنشطة الإقتصادية في معظم البلاد ، وكذلك حصيلة الصادرات الأمر الذي يفرض علينا حالياً ضرورة دعم القطاع الصناعي والصادرات في ظل تراجع موارد النقد الأجنبي ، وبالإعتماد على الصناعة سيتم تقليل الواردات وزيادة الصادرات ومن ثم زيادة الحصيلة الدولارية .
ولابد هنا من الإشارة إلى أن البنك المركزي في حقيقة الأمر هو مسئول عن إدراة الإحتياطي الأجنبي، وليس تكوين الإحتياطي الأجنبي والذي هو مسئولية الحكومة والوزارات الإقتصادية المنوط بها توفير الفرص الإستثمارية ، والعمل على تحسين قيمة وحجم الصادرات ، وكذلك العمل على تهيئة المناخ العام للقطاع السياحي ، فضلاً عن متابعة أحوال العاملين بالخارج ، والعمل على زيادة قيمة تحويلاتهم لمصر عبر القنوات الشرعية.
** كشف البنك المركزى عن تراجع إحتياطي مصر من النقد الأجنبي ليسجل 36 مليار دولار نهاية مايو الماضى .. كيف ترى سيناريو الإحتياطى النقدى خلال الفترة القادمة ؟
** تراجع الإحتياطي الأجنبي النقدي في ظل تلك الظروف أمر طبيعي ومتوقع، وذلك بالتزامن مع تراجع موارد العملة الأجنبية من مصادرها الرئيسية المتمثلة في: إيرادات قناة السويس، والسياحة،وتحويلات العاملين بالخارج ،والصادرات والإستثمارات سواء المباشرة أو غير المباشرة ، فضلاً عن خروج ما يقرب من 20 مليار دولار من الإستثمار في أذون الخزانة خلال الشهرين الماضيين، الأمر الذي أثر سلباً على حجم الإحتياطي الأجنبى.
وكما سبق وذكرت سابقاً ، فالبنك المركزي يقوم بإدارة ما لدية من سيولة دولارية “الإحتياطى النقدى الاجنبى” ، أما توفير وتكوين الإحتياطى الأجنبى فهو مسئولية كافة الجهات الحكومية والإقتصادية الأخرى.
** شهد سعر صرف الدولار أمام الجنيه حالة من التحرك مجدداً ليدور حول مستوى الـ 16.20 جنيه .. ما هو تحليلك لهذا الأمر؟
** بدون شك فإن خروج الأموال الساخنة أدى بشكل مباشر إلى تراجع الإحتياطي الأجنبي، فكان من الطبيعي إرتفاع سعر الدولار ، ومن الممكن أن يشهد سعر الدولار إرتفاعاً أخر ، وذلك شريطة عدم وجود موارد دولارية إضافية ، فمن المهم رصد الموارد الدولارية حتى لا يكون أغلبها من الأموال الساخنة ، وتشجيع الإستثمار المباشر والمستدام ، وتخفيض الضغط على الدولار ، الأمر الذى يزيد من قوة وتماسك العملة المحلية.
** نجح القطاع المصرفى فى دعم ومساندة الإقتصاد المصرى خلال الفترة الماضية.. كيف ترى مستقبل الجهاز المصرفى المصرى؟
** الجهاز المصرفي ليس محل شك أو تردد ، فالجهاز المصرفي من أقوى الأجهزة والمؤسسات المالية في مصر ، إلا أن السؤال هو هل نحن مستمرين في دعم القطاع ليصبح دائماً من أقوى المؤسسات أم لا ؟ ، وأرجو أن يدعم قانون البنك المركزي الجديد دور القطاع المصرفي والمؤسسات المصرفية للإقتصاد المصري.
وأعتقد أن القانون سيعمل على تحقيق طفرة قوية في الجهاز والقطاع المصرفي، خاصة وأنه يواكب كافة التطورات العالمية في القطاع ، ويهدف البنك المركزي من خلال هذا القانون إلى إستمرار قوة وصلابة القطاع المصرفي ، والذي شهد تطورات قوية خلال الفترة الماضية ، والتي ظهرت بوضوح أمام كافة العقبات والمشكلات الإقتصادية التي مرت بها منذ عام 2011، وليس هذا فقط بل يعتبر القطاع المصرفي هو العمود الأساسى الذي حمى مصر من الهزات الإقتصادية .
** تأسست شركة البريد للإستثمار منذ عام 2006 ، كشركة مساهمة مصرية مملوكة بالكامل لهيئة البريد .. ما هى أهداف الشركة خلال المرحلة المقبلة ؟
** في حقيقة القول دعني أؤكد لك على أمر غاية في الأهمية، وهو أن تأسيس شركة البريد للإستثمار عام 2006 كان بغرض واحد فقط ،وهو الدخول في شراكة مع شركة إتصالات مصر، خاصة أنه لا يجوز أن تدخل هيئة البريد بشكل مباشر في شراكة مع إتصالات مصر ، وتم تأسيس شركة جديدة للإستثمار للدخول في شراكة مع شركة اتصالات مصر ، واستمرت الشركة على هذا النهج والنمط حتى عام 2014 .
ثم تم تغيير الفكر من خلال إستقطاب بعض الكفاءات، سواء فيما يتعلق بمجلس الإدارة أو العاملين بها ، وأدى ذلك إلى تحول الشركة من شركة النشاط الواحد المتمثل في المساهمة في شركة اتصالات مصر، إلى الإستثمار المباشر فى أكثر من 10 أنشطة ، حتى وصل حجم أعمالها إلى 5 مليارات جنيه ، كما حققت الشركة لأول مره أرباح بحوالي 300 مليون جنيه، وذلك بنهاية ديسمبر 2019.