شهدت الفترة الماضية استقراراً في أسعار الصرف ، واستقر سعر صرف الدولار حول 30 جنيهاً ، لتعود الأجواء إلي حالة من الهدوء بعد إجراءات مشددة اتخذها البنك المركزي لمواجهة عاصفة الدولارالتي أدت لوجود سعرين للصرف ، مما سبب فوضي في الأسواق ومضاربات علي الذهب والدولار وباقي العملات الحرة .
وبلاشك ساهمت إجراءات البنك المركزي في تهدئة أسواق الصرف، وفي مقدمتها خفض الجنيه حوالي 50% في 6 شهور ، وأيضاً السماح بالعقود الآجلة غير قابلة للتنفيذ علي الجنيه ، ورفع أسعار الفائدة وشهادات الـ 25% علي الجنيه ، مما ساهم في تهدئة مخاوف المستثمرين الأجانب ، وكانت النتيجة عودة الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية ، وإن كانت العودة بحذر حتي الآن ، وكذلك زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الفترة الأخيرة ، مما ساهم في زيادة الاحتياطيات النقدية ولو بشكل طفيف ، ولكنه مؤشر جيد وقتيا .
ولاشك أن المخاوف من عودة العواصف مازالت قائمة لعدة أسباب ، أولها تأكيد محافظ الفيدرالي الأمريكي علي أن مخاطر التضخم مازالت قائمة ، وهناك احتمال لاستمرار سياسات التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة ، وهو ما يلقي ضغوطاً علي أغلب عملات العالم ومن بينها الجنيه المصري ، كما أن استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية مشتعلة واحتمالات بقاء الوضع كذلك لعامين أو ثلاثة يلقي أيضاً بظلاله علي الأسواق ومخاوف من ارتفاعات تضخمية جديدة .
ورغم كل الأسباب العالمية التي أثرت علي الاقتصاد العالمي وبالقطع أثرت علي مصر ، تظل أسباب الأزمة المصرية أسباب محلية خالصة في مقدمتها العجز المزمن في الميزان التجاري الذي يستهلك مدخلات مصر من العملات الحرة ، ولاسبيل لحل الأزمة إلا بخطط علي المدي المتوسط والطويل لإحلال الواردات بمنتجات محلية وزيادة الانتاج الصناعي والزراعي ، وحل مشاكل القطاعين بشكل سريع وإلا ستظل مصر عرضة لعواصف نقدية جديدة .