الخميس , 21 نوفمبر 2024

محمد النجار يكتب :«ست جيرانها»

كتب محمد النجار

في ريفنا المصري تجد حكم وأمثال من مئات وربما ألاف السنين ارتبطت بخبرات الحياة وتفاصيلها اليومية ، والحالات التي قد تصيب الإنسان من عسر ويسر وصحة ومرض ورخاء وفقر ، وأيضاً هناك أمثال عن سلوكيات البشر ، ومن هذه الأمثال مثل شهير يقول “القادرة ست جيرانها” ، ومعني المثل ببساطة أن القوي سليط اللسان يفرض سطوته علي جيرانه ، وبالفعل هذا المثل ينطبق علي سلوكيات بعض البشر ، والأدهي والأمر أنه ينطبق أحياناً علي سلوكيات بعض الدول سياسياً واقتصادياً ومالياً.

وربما نموذج الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشأن نموذج يدرس كتطبيق حي للمثل المصري القديم “القادرة ست جيرانها” ، فلا توجد دولة في العالم لم تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شئونها ، وإملاء شروط وطلبات عليها ، وإلا قامت بمعاقبتها اقتصادياً ، ولا يخرج عن هذا العقاب إلا حلفائها ومن يأتمرون بأمرها بشكل مباشر.

والأمر من ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية التي دفعت 800 ألف قتيل في الحرب الأهلية بين عامي 1861 و1865 لمنع الجنوب من الانفصال ، ومنع تقسيم الدولة هي نفسها التي ساهمت بتدخلاتها في شئون الدول الأخري في تقسيم يوغوسلافيا إلي أكثر من 5 دول، وتقسيم تشيكوسلوفاكيا إلي جمهورتي التشيك وسلوفاكيا ، وكذلك إنهيار وتقسيم الاتحاد السوفيتي ، بالإضافة إلي تحطيمها للعراق الشقيق وتدميره لأغراض شيطانية ، وأصبح العراق في وضع طائفي مأساوي معرض فيه للانقسام .

ولولا خوف الولايات المتحدة الأمريكية من تداعيات تقسيم العراق لقامت بتقسيمه ، إلا أنها تخاف من وجود دولة شيعية تابعة لإيران في الجنوب ، كما ترفض تركيا وجود دولة كردية في الشمال ، وأيضاً لعبت أمريكا وحلفائها دوراً محورياً في حروب ومجاعات إفريقيا ، مثل حرب الصومال وتقسيم السودان ودورها التاريخي في تكريس الكيان الصهيوني وتدمير دولة فلسطين وغيرها.

والآن تحول الصراع حول أوكرانيا بين روسيا وأمريكا من صراع إقتصادي إلي صراع سياسي ، ولكن موازين القوي تغيرت بوجود الصين ، وتحول أوربا إلي السيدة العجوز ، وخوف العالم من تفاقم التدخلات الأمريكية ، وبلا شك أمريكا التي تحاول أن تفرض رؤيتها علي العالم ، وكأنها تمتلك الحق والفضيلة لا تملك كليهما ولكنها أطماعها السوداء.

 

شاهد أيضاً

محمد النجار يكتب لـ بنوك اليوم : التضخم من جديد !

  ليس هناك عدو للإقتصاد ألد من التضخم ، ولذلك تضع البنوك المركزية في العالم …