لم أعد أنظر إلى أى كيان أو شركة بشكل عاطفى ، ولكن بمحددات إستثماراية أهمها الأرباح الصافية والعائد على رأس المال ومعدلات نمو الأصول والإستثمارات وحقوق الملكية ومعدلات التشغيل وفرص العمل والقدرة على المنافسة والتصدير .
وقياساً على ذلك لو نظرنا إلى شركة الحديد والصلب المصرية، سنجد الديون قد وصلت إلى 9.1 مليا ر جنيه ، والخسائر المرحلة 410 % من رأس المال، والشركة تعمل بـ 7 % من طاقتها ، وهناك مشكلة فى خامات الواحات وأسوان من الحديد ، وخسائر الـ 9 شهور الاولى من العام المالى الجارى 780 مليون جنيه ، وهناك عمالة زائدة فى الإداريين 4 أضعاف الإحتياج ونقص فى العمالة الماهرة.
وبالتالى تحتاج الشركة لسداد ديونها وإستهلاك خسائرها المرحلة وتطويرها ربما لمبلغ يزيد عن المليار دولار، ووفقاً لكل هذة العوامل سيصبح من المنطقى جداً تصفية الشركة ،ولكن هناك حكم التاريخ وظروف تأسيس الشركة التى خلقت فى وقتها حالة من التعاضد والتماسك الوطنى ، وكذلك دورها فى الصناعة الوطنية.
ومن ثم فأى متخذ للقرار سيظل حائراً بين تاريخ رائع صنعته الشركة وواقع مذرى وأليم، وقد يقول قائل أن سبب خسائر الحديد والصلب المصرية وبعض الشركات الأخرى مثل غزل المحلة وسماد طلخا هو إهمال الدولة بتكديس العمالة فوق الحاجة ، وعدم ضخ إستثمارات أو تحديث للمصانع والمنتجات ، وعدم تنافسية مدخلات الإنتاج .. والأجابة كل هذة العوامل صحيحة ، والدولة مسئولة تماماً خلال 50 عاماً عن تدمير ثروات الدولة والقطاع العام.
ولكن هناك تساؤل أخر.. لماذا يتحمل متخذ القرار الحالى إهمال وفساد سابقين خلال 5 عقود ؟.. ويظل السؤال الحائر أيهما سينتصر فى تقرير مصير الحديد والصلب المصرية .. التاريخ أم الواقع ؟.