جاءت قرارات البنك المركزي الأخيرة والتي تم إتخاذها في لجنة السياسات النقدية في 22 سبتمبر الحالى، لتعكس تطوراً جديداً في استخدام آليات إدارة الاقتصاد ، فبدلاً من رفع سعر الفائدة لمجابهة التضخم قرر البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة ، كما قرر رفع الاحتياطي الإلزامي في البنوك من 14% إلي 18%.
القرارات كانت مفاجأة للسوق ، حيث كانت التوقعات وفقاً لأغلب بنوك الاستثمار العالمية والمحلية هو رفع الفائدة 1% علي الأقل ، وخصوصاً بعد رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة يوم 21 سبتمبر 75 نقطة أساس ، وتبعه في ذلك أغلب البنوك المركزية في العالم .
ومن الواضح أن قرارات المركزي استهدفت تحجيم السيولة في الأسواق بعد رفع الاحتياطي الإلزامي بنسبة 4% ، وهو مايستهدف بالطبع التضخم ، إلا أنه قد يؤثر بالسلب علي أرباح البنوك ، وقد يقلل من هذا التأثير حجم السيولة المرتفع في الجهاز المصرفي وانخفاض معدلات توظيف الودائع .
كما استهدف القرار محاولة تشجيع الاستثمار وخفض تكلفة التمويل ، وهو ما يشجع الشركات علي التوجه للقطاع المصرفي للاقتراض للتوسع أو إنشاء مشروعات جديدة ، وهو ما قد يؤدي إلي زيادة توظيف الودائع وزيادة فاعلية القطاع المصرفي في تمويل الشركات.
وتوقع البنك المركزي أن ينخفض التضخم بعد تراجع أسعار أغلب السلع عالمياً ، وهو ما لايستدعي بالضرورة رفع الفائدة ، وربما يستمر الاتجاه وربما التخفيض خلال اجتماعات لجنة السياسات النقدية القادمة ، ولكن هناك شروط لتحقيق ذلك في مقدمتها كيفية التعامل مع نقص الدولار ، ومدي مرونة المركزي في التعامل مع ارتفاعه أمام الجنيه المصري .
مازلنا نكرر ما كتبناه علي صفحات “بنوك اليوم” أن البنك المركزي يتعامل مع أوضاع غاية في الصعوبة ، ولن تنتهي بشكل سريع ولكنها تحتاج لخطوات جريئة من الحكومة لتشجيع الاستثمار ودعم النمو الصناعي والزراعي ، بالإضافة إلى خفض عجز الموازين لتقليل الحاجة للاقتراض من الخارج.