الخميس , 21 نوفمبر 2024
ماجد فهمى رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقاً

ماجد فهمى رئيس بنك التنمية الصناعية سابقاً يكتب :صاحب الدكان

كتب ماجد فهمى

بدأت حياتى العملية فى واحد من أشهر البنوك التى انشأت برأسمال مصرى أمريكى مشترك ، وكانت الادارة أنذاك للجانب الامريكى ،كنت وقت القصة التى سأرويها ( والتى حفرت فى ذاكرتي ) أعمل فى ادارة تقوم بمهمة ادارة مخاطر الائتمان وان كان المسمى أنذاك مختلفاً ، وكان رئيسى المباشر شخص على قدر كبير من الاحترام والرقى والمهارة الفنية وكان بريطانى الجنسية .

أذكر أن قدمت لنا لابداء الرأى دراسة ائتمانية تقترح منح ائتمان لأحد العملاء الذى كان يحظى بإهتمام العضو المنتدب (وهو المنصب الأعلى فى البنك ويرأسنا جميعاً ) وهو أيضا لا يقل احتراماً وعلماً عن رئيسى المباشر – وكان لديه جنسية مصرية امريكية مشتركة ، بعد دراسة الطلب الائتمانى قررنا التوصية برفض طلب العميل لأسباب فنية قام بكتابتها بمهارة المدير البريطانى ، وحينما قدم الملف للعضو المنتدب ثارت ثورته ، وبعد نقاش وجدل رد كتابة على ملاحظات الرفض بأنه وبالرغم من كل ما ذكر فأنه يوافق على الاستجابة لطلبات العميل ، وأضاف غضبا جملة تحمل الكثير من الانفعال والتحدى وكانت باللغة الانجليزية This is my shop , I run it the way I like والترجمة (ان هذا متجرى أو دكانى أديره بالطريقة التى تروق لى ) .

حينما أرسل الملف الى المركز الرئيسى فى أمريكا وقرءوا هذة الجملة كانت حديث جميع فروع البنك فى كل بلاد العالم ، وتم توجيه مذكرة شديدة اللهجة إلى العضو المنتدب لتذكرته ان هذة مؤسسة وليست دكان أو عزبة خاصة يديرها كيفما يشاء ، وقيل أن هذة الجملة كانت سببا فيما بعد لعدم تجديد عقد العمل مع هذا الشخص رغم كفاءته ورغم الانجازات الكبيرة التى حققها للبنك خلال فترة توليه المسئولية ، ولكن كان خطأه الذى لم يغتفر أنه استخدم هذا الوصف الذى تطابق مع تصرفه فى ذلك الموقف فكانت النهاية .

هنا يأتى الحديث عن هذا الأسلوب فى الادارة وهذا النموذج من المسؤولين وأصحاب المناصب وهو نموذج ( صاحب الدكان أو ناظر العزبة ) ، هو لا يهتم بكفاءتك أو انجازاتك بقدر ما يعنيه طاعتك وانصياعك لأوامره وطلباته ، لا يقبل ولا يحتمل خلافا أو اختلافا فى الرأى – حتى لو كان الرأى الأخر هو الأصوب – فهو أضعف من ذلك بكثير ، معظم قراراته عبارة عن ردود أفعال تسوقها انفعالاته التى تسبق تفكيره ، وبالتالى وارد بل معتاد أن يتراجع فى قرار كان قد أصدره بالفعل ، اختياراته تحكمها مشاعره والخواطر والمصالح المتبادلة ، ويتراجع بل يتوارى معيار الكفاءة والاستحقاق، الحفاظ على المنصب والبقاء فيه أطول فترة ممكنة هو هدفه الاسمى ، ومستعد أن يفعل أى شيء وأن يقدم أى تنازلات فى سبيل ذلك .

من هنا بدأ وتفشى النفاق فالكل يعلم أن الاختلاف مع هذا النموذج من المديرين أو المسؤولين ( وليسوا القادة بالطبع فلا يمكن وصفهم بهذه الصفة ) سوف يأتى بعواقب وخيمة ، وبالتالى يكون السبيل الوحيد للسلامة والأمان ، وأكثر من ذلك لتحقيق مصالح ( ربما غير مستحقة ) هو ارضاء ناظر العزبة بل ونفاقه والتمادي والابداع فى النفاق ..
الاصلاح المؤسسى والذى يعتبر نواة أى إصلاح إقتصادى يبدأ بإختيار وتمكين القيادات والتخلص من أصحاب الدكاكين فليس وراءهم سوى الهدم والخراب .

شاهد أيضاً

محمد النجار يكتب لـ بنوك اليوم : التضخم من جديد !

  ليس هناك عدو للإقتصاد ألد من التضخم ، ولذلك تضع البنوك المركزية في العالم …