أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي، أن البنوك عادة ما تلجأ إلى القروض المشتركة لتمويل المشروعات القومية والكبرى لدعم التنمية المستدامة فى مصر ، خاصة أن حجم هذه المشروعات يتجاوز قدرة أى بنك على تمويله بمفرده ، سواء بسبب قيود السيولة أو المخاطر المرتبطة بتركيز الاستثمارات فى مشروع واحد.
أشاروا إلى أن القروض المشتركة شهدت طفرة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يعكس عدة نقاط رئيسية ، أهمها زيادة الطلب على التمويل الضخم وتوقيع قروض مشتركة ضخمة ، والتوسع في تمويل المشروعات القومية والعملاقة في مجالات الطاقة والكهرباء والمقاولات والطرق .
-
هاني حافظ : البنوك تسعى لتوزيع المخاطر المالية والاعتماد على تحالفات واسعة لضمان السيولة اللازمة
-
سامح هليل : الإسكان والإتصالات والطاقة تستحوذ على حصة كبيرة من القروض المشتركة
بداية قال الدكتور هاني حافظ الخبير المصرفي، إن نشاط القروض المشتركة (Syndicated Loans) شهد طفرة ملحوظة في الفترة الأخيرة، وهو ما يعكس عدة نقاط رئيسية ، أهمها زيادة الطلب على التمويل الضخم توقيع قروض مشتركة ضخمة، مثل قرض بنك مصر بقيمة مليار دولار، يشير إلى إرتفاع الطلب على التمويلات الكبرى، خاصة لمشروعات البنية التحتية، التوسع الصناعي، وتمويل عمليات الإستيراد الإستراتيجي ، فضلاً عن المؤسسات والشركات الكبرى التى تلجأ إلى القروض المشتركة لتلبية إحتياجاتها المالية بأقل مخاطرة ممكنة وبهيكلة مرنة.
أضاف، أن توسع البنوك في تعزيز دورها الإقليمي والدولي يسهم في إشراك بنوك دولية مثل الإمارات دبي الوطني كابيتال وبنك المشرق يعكس توجهاً نحو دمج خبرات إقليمية ودولية لتوفير التمويلات ، كما أن هذا التعاون يعزز من سمعة البنوك المحلية كجزء من النظام المالي العالمي، ويفتح فرصًا لتوسيع نشاطها خارج الحدود الوطنية.
أشار إلى أن تنويع مصادر التمويل زيادة مشاركة المؤسسات المالية “18 مؤسسة مالية في الصفقة الأخيرة”، حيث تؤكد أن البنوك تسعى لتوزيع المخاطر المالية والاعتماد على تحالفات واسعة لضمان السيولة اللازمة ، لافتا إلى أن هذا التوجه يعزز ثقة المستثمرين في السوق المحلي والإقليمي.
أوضح، أن ظروف السوق الحالية تلعب دوراً كبيراً في تراجع تكلفة الاقتراض دوليًا في بعض الأحيان، وتحسن بيئة الاستثمار نتيجة استقرار نسبي في بعض الدول العربية، ساهم في تحفيز مثل هذه القروض ، كما أن البنوك تبحث عن عوائد جيدة وسط ضغوط التضخم وأسعار الفائدة المتغيرة.
وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية لنشاط القروض المشتركة ، فأن استمرار النمو يرجه إلى الضغط على تمويل المشروعات الكبرى، ويتوقع استمرار نشاط القروض المشتركة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والمشروعات الاستراتيجية.
قال هانى حافظ، أن زيادة التنسيق الدولي لاسيما مع التعاون مع مؤسسات مالية عالمية سيصبح أكثر شيوعًا لجذب التمويلات الأجنبية وتخفيف الضغط على السيولة المحلية ، فضلاً عن التوجه نحو القطاعات الإنتاجية وأن البنوك قد تركز بشكل أكبر على تمويل القطاعات ذات العائد الاستراتيجي، مثل الصناعة والتصدير، لدعم النمو الاقتصادي.
أما عن التحديات المحتملة ، أوضح الخبير المصرفي، أنها تتمثل في تقلب أسعار الفائدة دوليًا الذى قد يؤثر على التكلفة النهائية لهذه القروض ، كما أن المخاطر الجيوسياسية أو الاقتصادية قد تؤثر على قدرة المؤسسات على الوفاء بإلتزاماتها.
من جهته قال الخبير المصرفي ، سامح هليل ، إن القروض المشتركة تؤدى دورًا مهمًا وبارزًا فى تمويل عدد من القطاعات المهمة والحيوية، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة ، حيث أن التحالفات المصرفية بين البنوك تساعد على ضخ تمويلات ضخمة لتمويل عدد من القطاعات المهمة والحيوية مثل الاستثمار العقارى والبترول والغاز والمقاولات بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصرى.
أوضح ، أن التحالفات المصرفية والقروض المشتركة يتم توجيهها لتمويل المشروعات العملاقة والتى قد يكون من الصعب تمويلها من خلال بنك واحد، وذلك بهدف توزيع المخاطر على أكثر من مصرف.
أشار إلى أن البنوك تلجأ إلى القروض المشتركة لتمويل المشروعات القومية والكبرى لدعم التنمية المستدامة فى مصر ، إذ إن حجم هذه المشروعات يتجاوز قدرة أى بنك على تمويله بمفرده سواء بسبب قيود السيولة أو المخاطر المرتبطة بتركيز الاستثمارات فى مشروع واحد ، كما أن البنوك لا تسعى لتحقيق أرباح مالية بقدر ما تسعى إلى أداء دورها الوطنى فى تمويل هذه المشاريع الحيوية.
أكد، أن قطاعات الإسكان والاتصالات والطاقة استحوذت على حصة كبيرة من القروض المشتركة ومن المتوقع استمرار هذا التركيز فى الفترة المقبلة ، خاصة مع التوقعات بخفض الفائدة العام المقبل ، ويعود هذا الى الطلب المتزايد على مشاريع هذه القطاعات وإسهامها الكبير فى النمو الاقتصادى وتحقيق منافع للدولة.
الجدير بالذكر أن عدد من البنوك خلال الفترة الأخيرة وقعت عدداً من القروض المشتركة الضخمة ، حيث كان أخرها توقيع بنك مصر صفقة تسهيل قرض مشترك غير مضمون لأجل التسهيل بقيمة مليار دولار ، وبتنسيق مشترك من شركة الإمارات دبي الوطني كابيتال وبنك المشرق الذين قاموا أيضاً بدور المنظمين الرئيسيين المفوضين الأوليين ومديري الاكتتاب للتمويل.
وفى نفس الوقت أعلنت الشركة المصرية للاتصالات مؤخراً عن نجاحها في الحصول على قرض طويل الأجل بقيمة 18 مليار جنيه من تحالف مصرفي يضم ثلاثة عشر مصرفاً، وذلك في إطار استراتيجيتها الهادفة إلى تحقيق التوازن في التدفقات النقدية وتعزيز المرونة المالية للشركة. وقاد التحالف المصرفي البنك التجاري الدولي – مصر (سي أي بي – CIB) وبنك مصر بصفتهما المرتبين الرئيسين الأولين ومسوقي التمويل، وبمشاركة البنك الأهلي المصري بصفته مرتب رئيسي ومسوق للتمويل.
قالت أنها سوف تستخدم هذا القرض، الذي يمتد لسبع سنوات، في إعادة تمويل التزاماتها الحالية قصيرة الأجل بالجنيه المصري، وذلك في خطوة استراتيجية تتفق مع الجهود التي تبذلها المصرية للاتصالات لتحسين تدفقاتها النقدية، وتعزيز السيولة المالية، وتحقيق المرونة المالية اللازمة لتمكين الشركة من تنفيذ خطط النمو طويلة الأجل.
ويعكس هذا القرض التزام المصرية للاتصالات بإدارة الأموال بصورة فعالة، ويعزز قدرتها على التعامل مع تحديات السوق، وتقليل المخاطر، وضمان تحقيق النمو المستدام.
المهندس محمد نصر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمصرية للاتصالات، قال أن هذا القرض يسهم في تحقيق مرونة مالية أكبر، ويمكننا كذلك من تحقيق توافق أكبر بين التزاماتنا ومواردنا المالية. وكلي ثقة في قدرة برنامج إعادة هيكلة الديون، الذي بدأ تنفيذه شهر مايو الماضي، بالإضافة إلى جهود زيادة كفاءة تخصيص النفقات الرأسمالية، على تعزيز وضعنا المالي وتمكيننا من الاستفادة بشكل أكبر من الفرص المستقبلية ومواصلة تعظيم ثروة المساهمين.
أضاف، تعكس مشاركة هذه البنوك الكبرى في القرض الثقة الكبيرة في الاستقرار المالي الذي تتمتع به المصرية للاتصالات وقدرتها على تحقيق المزيد من النمو مستقبلاً بما يتفق مع توجهنا الاستراتيجي ورؤيتنا طويلة الأجل.
هشام عكاشة الرئيس التنفيذي لبنك مصر، قال أن بنك مصر يعمل دائما على دعم وتمويل قطاعات الأعمال المختلفة بما ينعكس إيجابا على دعم الاقتصاد المصري، وتأتي مشاركة بنك مصر في ترتيب التمويل بالتحالف المصرفي إيمانا منه بإمكانات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر ودور ومكانة الشركة المصرية للاتصالات كرائد لهذا القطاع، والذي ازدهر بصورة واضحة على مدار السنوات الماضية، وحرصا من البنك على دعم جهود الدولة للنهوض بكافة القطاعات الاقتصادية من خلال تعزيز دور البنك في دعم التنمية الاقتصادية والمساهمة في تمويل المشروعات الوطنية.
عمرو الجنايني، نائب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك التجاري الدولي– مصر (سي أي بي – CIB)، قال: نعتز بدور البنك التجاري الدولي مرتباً ومسوقاً ووكيلاً لهذا التمويل المشترك، الموجه لصالح واحدة من كبرى شركات الاتصالات الرائدة في السوق المصري، والتي تمثل أحد الأعمدة الرئيسية للنهوض بقطاع الاتصالات في مصر ، حيث الاهتمام الرئيسي من البنك التجاري الدولي بدعم وتمويل القطاعات الحيوية التي تمثل صلة الربط الرئيسية للمساعدة في النهوض بمختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى.
أضاف، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعد من أسرع القطاعات نمواً في العالم، وخاصة في مصر التي تشهد تحولات رقمية كبيرة تستهدف تحسين جودة الخدمات وتعزيز التحول الرقمي، هذا التمويل لن يسهم فقط في تعزيز البنية التحتية والقدرات التكنولوجية للشركة المصرية للاتصالات، بل سيمتد أثره إلى الاقتصاد بأكمله، حيث يوفر فرص عمل جديدة ويعزز من قدراتنا التنافسية في المنطقة.
محمد الاتربي الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، قال أن البنك دائماً ما يحرص على ترتيب التمويلات المشتركة اللازمة لمشروعات البنية التحتية ، وخاصة قطاع الاتصالات الذي يعد حجر الأساس في بناء اقتصاد رقمي مستدام وتعزيز الشمول المالي وتدعيم مكانة مصر على المستوى الإقليمي والدولي كمركز لتكنولوجيا المعلومات والمعرفة والابتكار ، بما يساهم في تحقيق أهداف ورؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.