كل يوم يثبت أن القطاع المصرفى كان ولا زال هو رمانة الميزان للإقتصاد المصرى، خاصة فى أقوى الأزمات التى تعيشها البلاد ، كان القطاع المصرفى بوحداته المختلفة عند حسن الظن به ، حائط صد منيع بمعنى الكلمة ، تمكن من صد كل الهجمات الإقتصادية الشرسة بداية من الأزمة المالية العالمية ، ومروراً بثورة يناير وما ترتب عليها من إرتباك إقتصادى ، ووصولاً إلى أزمة “كورونا” الحالية التى يئن منها العالم كله .
لم يكتف صانع القرار بالقوة الحالية التى يتمتع بها الجهاز المصرفى، ولكنه راح يسبق الأحداث ويتحوط للمستقبل الذى يكتنفه الكثير من الغموض ، خاصة فيما يتعلق بالأداء الإقتصادى للحكومات المختلفة، وبالتالى كان مشروع قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى ، الذى وافق عليه مؤخراً مجلس النواب .
فى الحقيقة أن هذا القانون الجديد سوف يسهم بشكل مباشر فى تطبيق أفضل الممارسات المصرفية ، والتى تتماشى مع معايير ومتطلبات بازل العالمية ، وذلك لأنه شارك فى إعداده نخبة كبيرة من الجهات العالمية والمحلية ، بالإضافة إلى أنه يساير النظم القانونية للسلطات الرقابية المناظرة على مستوى العالم، بما يكفل المحافظة على الإستقرار النقدي والمصرفي، وتفادي حدوث الأزمات المالية.
بالإضافة لذلك فإن القانون يهدف إلى رفع مستوى أداء الجهاز المصرفي وتحديثه وتطويره، ودعم قدراته التنافسية، بما يؤهله للمنافسة العالمية، وتحقيق تطلعات الدولة نحو التنمية والتقدم الاقتصادي، ويؤدى إلى تعزيز قواعد الحوكمة، وضمان عدم تضارب المصالح، وزيادة التنسيق والتعاون بين الجهات الرقابية، ووضع قواعد للمنافسة ، وحماية حقوق العملاء في الجهاز المصرفي كافة.
ويبدو أن قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى جاء فى الوقت المناسب تماماً ، نظراً لأنه سيتيح للقطاع المصرفي مواكبة المتغيرات العالمية التى تشهدها الساحة المصرفية، وما يصاحبها من تطورات سريعة في مجال الخدمات المصرفية، ونظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، وهو ما يتفق مع إستراتيجية المجلس القومي للمدفوعات، وسياسة البنك المركزي المصري التى تهدف لتدعيم مفهوم الشمول المالي، والتوسع في مجالات السداد والتحصيل الإلكتروني.
ومن هنا ودون أدنى شك ، فالمتابع للوسط الإقتصادى بصفة عامة والشأن المصرفى على وجه الخصوص ، يدرك تماماً أن مشروع القانون سيذهب بنا إلى مرحلة جديدة، ذلك أن القطاع المصرفي هو عمود الإقتصاد القومي، وهذا ما أكدته التجارب السابقة من أزمات إقتصادية طاحنة، أثرت بشكل كبير فى أغلب الإقتصاديات العالمية.
خلاصة القول .. دعونا نتفاءل بالقادم رغم ما يحيط بنا من تحديات سواء داخلية أو خارجية ، ولكن ما يدعو للتفاؤل أن هناك قيادة سياسية لديها رؤية واضحة وثاقبة ، ووراءها شعب تحمل ومازال لديه القدرة على التحمل ، وذلك حتى نصل بمصرنا الحبيبة لبر الأمان .