جاء الاجتماع السابع للجنة السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، لتحديد أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة ، في ظل ظواهر وتوجهات إقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية غاية فى الصعوبة ، والتى تكاد تكون مشابهة للأوضاع التى تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد دون تغير فى الاجتماعات السابقة.
وبالتالى هناك عوامل يمكن أن تكون مؤثرة فى فى توجهات استمرار تثبيت أسعار الفائدة على ما هى عليه ، والتي تتمثل في استمرار ارتفاع حجم السيولة المحلية بشكل مضطرد منذ بداية العام الجارى ، حيث سجلت فى ديسمبر من العام الماضى 8.9 ترليون جنيه ، وارتفعت فى فبراير من العام الجارى إلى 9.1 ترليون جنيه وإلى 10.1 ترليون فى إبريل ، وإلى 10.6 ترليون فى يونيو واستمرت فى الارتفاع لتسجل 10.9 ترليون جنيه فى أغسطس وصولا إلى 11.1 ترليون جنيه فى سبتمر من العام الجارى .
بالإضافة لذلك فإنه مع استمرار زيادة حجم السيولة المحلية بهذا المعدل المتزايد، الأمر الذى حدى بالبنك المركزى أن يعمق من آليه العملية الرئيسية أسبوعياً ، جنباً إلى جنب مع آلية رفع الفائدة ، لمزيد من الضغط لمواجهة التضخم ، ولتخفيف السيولة الفائضة لدى البنوك، وذلك فى اشارة مؤكدة إلى نيته الاستمرار فى تطبيق سياسة نقدية بالغة التشدد فى المرحلة الحالية .
أضف لذلك أن المخاطر الجيوسياسية فى منطقة الشرق الاوسط من المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الامداد ، وبالتالى إرتفاع الأسعار أى أن هناك مخاوف احتمال تولد ضغوط تضخمية مركبة جديدة تقتضى التوجس منها .
ومن هنا فإن استمرار تثبيت أسعار الفائدة للجنيه على مستواها الحالى، واستمرار الإنخفاض التدريجى فى سعر الفائدة على الدولار ، فإن ذلك يمكن أن يعزز من جاذبية الجنيه فى نظر المتعاملين الأجانب فى الاستثمار المباشر وغير المباشر ، ويحسن من مركزنا التنافسي فى أسوق النقد والمال ، مقارنة بالدول الصاعدة الأخرى ، ويحفز تدفق تحويلات العاملين المصريين فى الخارج ، خاصة مع إعلان البنك المركزى إطلاق خدمة التحويلات اللحظية من خارج مصر، وذلك عبر تطبيق إنستا باى ،حيث يستطيع العملاء من كل أنحاء العالم إجراء تحويلاتهم اللحظية من خارج مصر إلى حساباتهم البنكية أو المحافظ الذكية .
بلا شك أن قرار التثبيت جاء متسقاً مع المؤشرات الإقتصادية المحلية الحالية وتوقعاتها ، بالإضافة إلى الأحداث العالمية التي تتسم حالياً بتوترات جيوسياسية في الكتله الشرقية ومنطقة الشرق الأوسط ، فمن داخل الإقتصاد المحلي فمازالت أرقام التضخم العام والأساسي مرتفعة ومرشحة للارتفاع حتى نهاية العام انعكاساُ طبيعياً لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي حالياً ومن بنوده رفع الدعم عن المحروقات والطاقة ، والذي نفذته الحكومة في المواعيد المتفق عليها مع الصندوق والتي كان لها أثراً تضخمياً على أسعار السلع والخدمات ، وبالتالي أصبح أمام صاحب القرار النقدي مسارات ضيقة لاحتمالية خفض التضخم.
خلاصة القول .. أعتقد أن التثبيت سيساهم في مزيد من استقرار العائد على الأوعية الإدخارية الحالية لصالح المواطنين وأصحاب المعاشات ، والذين يواجهون التضخم بالعائد المادي من الإستثمار في الأوعية الإدخارية الحالية بالبنوك ، الحفاظ على استقرار تدفق الأموال الأجنبية ، والتي تستجيب حالياً للعائد الحالي بالإستثمار في أدوات الدين الحكومية والأوراق المالية بالبورصة المصرية .