بمجرد إعلان لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزى عن رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بواقع 200 نقطة أساس ، لتصل أسعار الفائدة إلى 11.25٪، 12.25٪ لكل من الإيداع والإقراض على التوالى ، تعالت بعض الأصوات غير الراضية عن هذا القرار، إنطلاقاً من التأثيرات السلبية لهذا الرفع على الإستثمار وتمويل المشروعات .
ولكن أعتقد أن هذا السيناريو ليس جديداً على السوق المصرفية والإقتصادية المصرية ، ولكن يبدو أننا ننسى سريعاً ، حيث سبق وتم تطبيق هذا السيناريو وبشكل أعلى من الوضع الحالى ، حيث قامت البنوك الحكومية بطرح شهادة الـ 20 % لمدة سنة ونصف ، وذلك فى أعقاب قيام البنك المركزى برفع الفائدة لإستهداف معدل التضخم، الذى تجاوز فى ذلك الوقت حاجز الـ 32%.
ومع تحسن الأوضاع الإقتصادية ، وبدء العد التنازلى لمعدل التضخم ، شرعت لجنة السياسة النقدية فى إجراء سلسلة من الخفض لأسعار العائد أو الفائدة ، وتلى ذلك قيام البنوك بالنزول بمعدلات الفائدة ، حيث طرحت البنوك العامة شهادات إدخارية لمدة عام واحد بمعدل فائدة 15 % ، أذكر منها على سبيل المثال شهادة “ابن مصر” التى طرحها بنك مصر حينها .
بالإضافة لذلك ، ومع حدوث مزيداً من التحسن والإستقرار الإقتصادى ، تهاوت أسعار الفائدة حتى وصلت لمعدلات ما قبل الرفع الأخير وقبل الأخير، وبدأ دوران العجلة الإقتصادية والإستثمارية ،وعادت الإستثمارات الأجنبية سواء المباشرة أو غير المباشرة للسوق المصرية .
وكان لذلك تأثيرات مباشرة على البورصة المصرية التى عاشت فترة من أنشط فتراتها على الإطلاق ، حيث صعدت مؤشراتها الرئيسية لمستويات غير مسبوقة ، وسجلت القيم السوقية لأسعار الأسهم إرتفاعات ملحوظة فى ذلك الوقت ، نظراً للإستفادة المباشرة من أسعار الفائدة المنخفضة ، ما شجع المستثمرين على التوجه والدخول فى البورصة المصرية .
ولكن مع حدوث تطورات مفاجئة للأسواق والبلدان العالمية ، سواء فيما يتعلق بأزمة فيروس كورونا ومتحوراته المختلفة ، بالإضافة للحدث الأكبر تأثيراً المتمثل فى الحرب الأوكرانية الروسية ، وما ترتب عليها من عواقب وخيمة على كافة الإقتصادات العربية والأجنبية ، كان من الطبيعى أن يتعامل صانع القرار فى كل الأسواق مع تلك المستجدات، ومن بين هذة الأسواق ، صانع القرار بالسوق المصرية .
ومن ثم أقول : لا داعى للقلق إطلاقاً من قيام البنك المركزى برفع الفائدة مؤخراً ، لأنها مازالت أقل مما تم تطبيقه فى أوقات سابقة ليست بالبعيدة، خاصة أن معدلات الفائدة يتم تحديدها بدقة بناءاً على عدد من المؤشرات والمعطيات الإقتصادية.