لا يخف على أحد أن ما فعلته وزارة المالية، خلال الفترة الأخيرة ، واتخاذها قراراً بزيادة سعر الدولار الجمركي إلى 18.64 جنيهاً ، وذلك بدلاً من 17 جنيهاً للتعامل خلال شهر مايو الماضى، أنما يهدف فى المقام الأول إلى الحد من إستيراد السلع غير الأساسية ، فضلاً عن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها سوق الصرف الأجنبي، خاصة بعد التداعيات السلبية التي خلفتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
والواضح أن المالية بهذا القرار غير المتوقع من غالبية التجار والمستوردين ، أرادت أن تضع المستوردين أمام مسئولياتهم ، لعل منهم من يفطن بعض الشىء لضرورة تقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية ، خاصة أن بعض هؤلاء التجار والمستوردين ظلوا لفترات طويلة ، همهم الأول والأخير هو تحقيق المكاسب السريعة التى تتولد من وراء استيراد الكثير من السلع الإستهلاكية “الاستيراد السفهى”، والتى لا تخدم الإقتصاد المصرى بأى شكل من الأشكال .
ولهذا كان من الطبيعى بل ومن الضرورى ، أن تتجه المالية لرفع سعر الدولار الجمركى ، وتركه تماماً لآلية الطلب والعرض ، ومدى المنافسة فى الأسواق ، وجودة وقوة آليات الرقابة على الأسواق ، ولكن فى نفس الوقت فإن هذا القرار سوف يحد من القوة الشرائية والسيولة لدى المستهلكين، نظراً لما سيترتب عليه من زيادة أسعار السلع المستوردة، خاصة فى ظل إرتفاع معدلات التضخم على كافة الأسواق العالمية.
وعلى الرغم من أن سعر الدولار الجمركي يمثل سعر الصرف الذي يتم التعامل به مع عمليات استيراد السلع من الخارج، ومن ثم يتم استخدامه في حساب قيمة الرسوم الجمركية التي يدفعها المستورد بالعملة المحلية مقابل الإفراج الجمركي عن البضائع والخامات المستوردة , ومن الطبيعى أن ينعكس ذلك القرار على ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمنتجات التي تدخل فيها خامات ومستلزمات إنتاج مستوردة .
إلا أن هذا لم يحدث نظراً لحالة الجشع التى تسيطر على بعض التجار والمستوردين، لأنه من المفترض عدم تأثر أسعار السلع والمنتجات المصنعة محلياّ ، والتى لا تدخل فيها مكونات مستوردة ، إلا أنه في الواقع امتدت عملية إرتفاع الأسعار إلى السلع غير المستوردة , حيث دارت نسب الارتفاع فى الأسعار نتيجة لهذا القرار حول 10% أو أكثر ، ولكن هذا الأمر لم يدم طويلاً ، فعندما تستقر الأوضاع الإقتصادية وتعود لمعدلاتها الطبيعية ، فمن المتوقع أن نشهد تحسناً فى الأسعار ، بالإضافة إلى تحسن قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار .
عبداللطيف رجب يكتب : الدولار الجمركى .. والأسعار !
كتب عبداللطيف رجب