على الرغم من أن الربع الأخير من العام الحالى أصبح على الأبواب، إلا أن المشهد مازال غامضاً فيما يتعلق ببرنامج الطروحات الحكومية فى البورصة، الذى سيبدأ بطرح نحو 5 شركات فقط كمرحلة أولى .
فإذا إسترجعنا تصريحات هشام توفيق ، وزير قطاع الأعمال العام ،وذلك منذ أكثر من شهر تقريباً ، فقد أعلن أنه يتوقع طرح حصص فى أول شركتين، من الدفعة الأولى لبرنامج الطروحات الحكومية، بالبورصة، فى أكتوبر المقبل، وهما شركتى مصر الجديدة للإسكان والتعمير، والشرقية للدخان “إيسترن كامبانى”، يعقبها طروحات أخرى لشركات كالإسكندرية للحاويات وأموك للزيوت المعدنية فى نوفمبر المقبل، وأبوقير للأسمدة فى ديسمبر بحصيلة تقارب 30 مليار جنيه.
شريف سامى، الرئيس السابق لهيئة الرقابة المالية، قال إن الفيصل فى نجاح الطرح فى جذب مستثمرين أجانب للسوق من المؤسسات، وصناديق الاستثمار، أو حتى إغراءهم بضخ مزيد من الاستثمارات عدد من العوامل لا يأتى من بينها كون الطرح عام تابعا للحكومة، أو لشركة قطاع خاص.
أضاف قائلاً ، أن هناك عدد من العناصر الهامة لنجاح أى طرح منها ، نموذج أعمال الشركة، وآلية التسعير، والمزايا النسبية للاستثمار فى المؤسسة، وخضوع القرار الاستثمارى فيها لإعتبارات اقتصادية، ومالية واستثمارية بحتة .
أكد أن الشركات العامة تتطلب عناصر جذب ومحفزات أكثر لنجاح الطرح مقارنة بشركات القطاع الخاص، نظرًا لأن المستثمر الأجنبى تنتابه المخاوف فيما يتعلق بحوكمة هذه الشركات، ومدى التدخل فى قراراتها، فيما يريد هو قرار له أبعاد تجارية مربحة.
أوضح سامى، أن عنصر التسعير مهم جدًّا، ويجب أن يتم عند وضعه الأخذ فى الاعتبار عاملين الأول وضع الشركة، وربحيتها، وتوقيت الطرح، مع الإنتباه للفرص الإستثمارية الأخرى وميزتها التنافسية، مشيراً إلى أن الحملة الترويجية للطرح يُفضل أن تبدأ عقب الإعلان رسميًّا عنه خلال فترة تتراوح من شهرين إلى 3 أشهر.
يذكر أن الحكومة تعتزم طرح %4.5 من أسهم الشرقية للدخان، وطرح %20 من أسهم الإسكندرية للزيوت المعدنية، والاحتفاظ بنسبة %65، وطرح %30 من أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات، وكذلك الإحتفاظ بنسبة %61، وطرح %30 من أسهم أبوقير للأسمدة.
محمد متولى، نائب الرئيس التنفيذى لشركة “إتش سى” للأوراق المالية والاستثمار، قال إن الطروحات الجديدة وزيادة حصص الشركات المدرجة حاليًّا، كلاهما أمر مهم للسوق، إذ تخلق الأخيرة زخمًا فى السيولة، وتجذب المزيد من صناديق الاستثمار الأجنبية التى لا تنظر للسوق المحلية حاليًّا، فيما تؤدى الأولى إلى مزيد من المعروض فى الأسهم، الذى تحتاجه السوق حاليًّا.
أضاف قائلا: أن أى شركة سيتم طرحها تقل قيمتها عن 200 مليون دولار لن يمكن تسويقها أو الإقبال على أسهمها، كما أن التسعير الجيد سيكون أمرًا مهمًّا فى الإقبال على الاكتتاب.
أوضح متولى ، أن وجود فجوة كبير فى سعر الورقة المالية بين السعر المتداول قبل الطرح، والسعر بعد التقييم فيما يتعلق بالطروحات القائمة قد تؤدى إلى عزوف المستثمرين عن الاكتتاب، لذا يجب توخى الحذر فى آلية التسعير الموضوعة.
أكد أيضاً أن عدد الطروحات الحالى ، والذى لا يتجاوز فى المتوسط 4 طروحات سنويا بأنه هزيل، وأنه يجب ضخ المزيد من الطروحات بالسوق، مؤكدًا أن مناخ الاستثمار بالسوق وجاذبيته أهم من التشريعات.
نادر عقداوى ،عضو مجلس إدارة شركة أكيومن لإدارة الأصول، قال أن الشركات الـمطروحة تتمتع بعناصر جذب قوية، مشيراً إلى أن طريقة التقييم التى يتم بناء عليها تحديد سعر السهم – لم يعلن عنها حتى الآن- وكذلك سعر الطرح، وآلية الترويج والتسويق، جميعها عناصر جذب قوية للمستثمرين الأجانب.
كما أشار إلى ضرورة تنظيم حملات ترويجية قوية للطروحات الحكومية بالأسواق العالمية ، يتم خلالها توضيح خطط الشركات المستقبلية للنجاح فى جذب رؤوس أموال خارجية، وكذلك وضع سعر للطرح بسعر مقبول وذى قدرة تنافسية للطروحات الجديدة، وسعر أقل من المتداول بالسوق للشركات المدرجة بالفعل.
أيمن أبوهند الشريك المؤسس بأحد شركات الإستثمار، أوضح إنه على صعيد الطروحات القائمة بالفعل ، والتى من المقرر زيادة نسبتها الربع الأخير من العام الحالى ،فإنه فى حالة الطرح بسعر اكتتاب أدنى من السعر بالسوق ، سيكون ذلك محفزًا قويًّا ولكن للمستثمرين المحليين، ولكن على صعيد المستثمرين الأجانب سيكون ذلك صعب للغاية فى ضوء التوترات وموجات نزوح الأموال التى تجتاح عددًا من الأسواق الخارجية.
أضاف قائلاً، أن المستثمرين الأجانب يتجهون للاستثمار فى المؤشر الرئيسى للسوق فقط EGX30، متوقعاً أن تمتع الطروحات الحكومية بفرص نجاح قوية، مرجعًا ذلك إلى فرص النمو والربحية بالقطاعات التى تنتمى إليها الشركات، فضلًا عن أن عمليات الهيكلة التى ستتم قبل الطروحات سيتم إدارتها بشكل أكثر فاعلية، وهو ما سينعكس إيجابًا على الأرباح.
وحول الطرح المزدوج للشركات الحكومية ببورصة مصر وبورصات أخرى خارجية ، يرى أنه أمر جيد إلا أنه كثيرًا ما يسحب المستثمرين من السوق المصرية للتداول فى سوق الدولة الأخرى.
معتز عشماوى، العضو المنتدب لشركة عربية أون لاين للوساطة فى الأوراق المالية، أكد إن شح السيولة فى البورصة خلال فترة الربع الثالث من العام الحالى، تعتبر من أبرز التحديات التى قد تعيق فرص نجاح برنامج الطروحات الحكومية، بما يعيد الحديث من جديد حول إمكانية إجراء المرحلة الأولى من الطروحات خلال الربع الأخير من العام الحالى.
أشار إلى أن شركة إن أى كابيتال ووزارتى المالية وقطاع الأعمال العام، عليهم العمل بجد خلال المرحلة المقبلة ، لضمان وتأكيد فرص نجاح أول مرحلة من الطروحات عبر الترويج الجيد للأسهم فى الأسواق العالمية أو المحلية.
أضاف أنه خلال الشهور الماضية سعت شركة الإسكندرية لتداول الحاويات لزيادة رأسمالها بالبورصة عبر اكتتاب عام، ولم تنجح الشركة إلا فى تغطية نحو %11 من الطرح، فى ظل ارتفاع سعر بيع الأسهم فى الاكتتاب عن نظيرتها المتداولة فى السوق، واتجهت فى المرحلة الثانية لبيع باقى أسهم الزيادة لمجموعة مستثمرين دوليين.
أشار إلى أن الأزمة التى ظهرت إبان اكتتاب الإسكندرية للحاويات، مرجح حدوثها فى الطروحات الحكومية، فى ظل ارتفاع القيم العادلة لأسهم الشركات الخمس بشكل لافت عن أسعار تدولاتها الأخيرة بالسوق، لافتًا إلى أن بنوك الاستثمار قد تتجه لترويج النسبة الأكبر من الطروحات على مستثمرين أجانب، على أن يتم تنفيذ الطرح بأسعار أعلى من سعر التداول، مقابل منحهم بعض الامتيازات الإدارية.
مدير استثمار بأحد بنوك الاستثمار المحلية، أكد إن برنامج الطروحات الحكومية بالأساس أمر جيد لإنعاش البورصة، بجانب الإستفادة من دورها التمويلى للشركات الحكومية، تزامنًا مع تخفيف الأعباء المالية على الموازنة العامة للدولة.
أضاف قائلاً ، إن إعلان الحكومة عن توقيت لطرح أسهم الشركات المقيدة فعليًّا قد يضر بالطرح فى ظلِّ التزامها بتحديد سعر الطرح ،وفقًا لمتوسطات التداول فى آخر 6 أشهر وفقًا للقرار الجمهورى، فكيف سيتم تحديد السعر حال انخفاض سعر التداول؟
أشار أيضاً إلى أن اقتراب تنفيذ أول الطروحات بالربع الأخير، وعدم إنهاء شركة إن أى كابيتال مع اختيار مستشارى الطرح قد يعرقل جهود الترويج، خاصة أن ترويج الأسهم يستغرق نحو شهرين أو أكثر مثلما يحدث مع الشركات الخاصة.
أضاف أن المتابع للطروحات الخاصة ، سواء المنفذة خلال العام الماضى أو المرتقبة، يلاحظ سيطرة الطرح الخاص للمستثمرين الأجانب على النسبة الأكبر بنحو 85% من أى طرح بالبورصة، فى حين أن الطرح العام يبلغ فقط %15، مما يعنى عدم رغبة مديرى الطرح فى تحمل أى مخاطر قد تؤدى لفشل تغطية الطرح.