يرى خبراء القطاع المصرفي وأسواق المال، أن قرار تحرير سعر الصرف الصادر عن البنك المركزي في نوفمبر 2016 ، الذى مر عليه 5 سنوات ، يعد قرار تاريخى فى السياسة الإقتصادية المصرية ، لافتين إلى أن القرار ساهم في عودة الإستثمارات الأجنبية ، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة للسوق المصري مرة أخرى ، بالإضافة إلى زيادة تحويلات المصريين بالخارج وتحقيقها لمعدلات تاريخية وغير مسبوقة.
أضافوا، أن قرار التعويم ساهم في زيادة موارد العملة الصعبة، والتي ساندت الإقتصاد المصري خلال أزمة كورونا، فقد تجاوزت تدفقات النقد الأجنبي على مصر أكثر من 500 مليار دولار خلال آخر 5 سنوات .
الدكتور حسام الغايش خبير أسواق المال ودراسات الجدوى الإقتصادية ، قال إنه بعد مرور خمس سنوات على قرار تحرير سعرف الصرف ، والذى يعد قرار تاريخى فى السياسة الإقتصادية المصرية نتيجة عدد من التغيرات والأحداث ، حيث أن السوق السوداء للعملة كانت تسيطر على ما يقرب من 60% من إجمالي التعاملات بالدولار قبل التعويم، وهو ما تسبب في خسائر عنيفة وكبيرة للبنوك التي أبتعد عنها المتعاملون في ظل أسعار صرف كبيرة في السوق السوداء مقارنة بالأسعار التي تطرحها البنوك.
أضاف، إنه مع إحكام الرقابة وترك الدولار للعرض والطلب ، والسيطرة على الواردات وتقنينها بالتعاون بين البنك المركزي المصري ووزارة التجارة والصناعة، حيث استقر الطلب على العملة الصعبة وزاد المعروض الدولاري في البنوك ، خاصة أن التغيرات طالت الإحتياطي من النقد الأجنبي وحجم الصادرات والواردات ، وأيضا تحويلات المصريين العاملين بالخارج.
أشار إلى أنه على صعيد إحتياطي النقد الأجنبي، فقد قفز من مستوى 31.3 مليار دولار خلال العام المالي 2016 / 2017 إلى نحو 44.3 مليار دولار خلال العام المالي 2017 / 2018، ثم واصل الإرتفاع خلال العام المالي 2018 / 2019 ليسجل مستوى 44.5 مليار دولار، وهو أعلى رقم سجله إحتياطي مصر من النقد الأجنبي.
أوضح الغايش، أن خطة التحفيز التي أطلقتها الحكومة المصرية في مارس من العام الماضي في إطار مواجهة تداعيات جائحة كورونا أدت إلى تراجع الإحتياطي النقدي الأجنبي إلى نحو 40 مليار دولار خلال العام المالي 2019 / 2020، ليعاود الإرتفاع إلى نحو 40.825 مليار دولار في الوقت الحالي، إلا أنه بعد إعلان وزارة المالية السعودية عن تقديم وديعة بقيمة 3 مليارات دولارات لمصر، فمن المتوقع أن يقفز إحتياطي النقد الأجنبي لدى مصر إلى نحو 43.825 مليار دولار.
أما فيما يتعلق بتحويلات المصريين العاملين في الخارج، أكد أن البيانات تشير إلى أنها ارتفعت من مستوى 18.7 مليار دولار خلال العام المالي 2016 / 2017 إلى نحو 24.7 مليار دولار خلال العام المالي 2017 / 2018، لتصعد إلى نحو 25.5 مليار دولار خلال العام المالي 2018 / 2019، وواصلت الإرتفاع إلى نحو 27.8 مليار دولار خلال العام المالي 2019 / 2020، لتقفز إلى مستوى 31.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 ليصل إجمالي التحويلات خلال السنوات الخمس الماضية إلى نحو 128.1 مليار دولار.
ذكر، إنه على مستوى الصادرات والواردات، تشير البيانات إلى إرتفاع إجمالي الصادرات المصرية من 22.5 مليار دولار في 2016 إلى نحو 26.3 مليار دولار في 2017. وواصلت الإرتفاع خلال العام 2018 لتسجل 29.3 مليار دولار، ثم 30.5 مليار دولار في 2019، لكنها تراجعت خلال العام الماضي إلى مستوى 29.3 مليار دولار، أما بالنسبة للواردات، فقد سجلت نحو 69.6 مليار دولار عام 2020، مقارنة بنحو 76.4 مليار دولار عام 2019، و81.9 مليار دولار عام 2018، و66.6 مليار دولار فى عام 2017، و71.4 مليار دولار عام 2016.
حسام عيد مدير إدارة الاستثمار بشركة انترناشونال لتداول الأوراق المالية، قال إنه مع بداية تنفيذ خطة الإصلاح الإقتصادي عام 2016 وتحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية شهدت البورصة المصرية إرتفاعات كبيرة لجميع مؤشراتها .
أشار إلى أن المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية egx30 بدأ رحلة الصعود من مستوى 8500 فى نوفمبر 2016 ، وشهد صعوداً قوياً جداً مدعوماً بصعود قوي لجميع الأسهم ، وبفضل إتجاه المستثمرين الأفراد والمؤسسات المالية الأجنبية والعربية والمصرية نحو الشراء ، وفتح المراكز المالية بجميع الأسهم بالبورصة المصرية ، وضخ سيولة مالية كبيرة بسوق المال بشكل عام ، الأمر الذي إنعكس على أداء مؤشرات البورصة المصرية وحقق المؤشر الرئيسي مستوى قياسي جديد مطلع عام 2018 وسجل مستوى 15400 نقطة ، واستمرت حركة الصعود للمؤشر الرئيسي حتى أن سجل رقماً قياسياً جديداً وهو 18400 بشهر ابريل عام 2018 ،وهو مستوى قياسي وقمة تاريخية ، إلى أن ظهرت عمليات جني أرباح بعد موجة صعود استمرت أكثر من عام ونصف ظل المؤشر الرئيسي بين الصعود والهبوط بين مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية له إلى أن حدثت جائحة كورونا عام 2020 شهر مارس التي ألقت بظلالها على الأسواق المالية العالمية ، وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية من مستوى 14000 نقطة إلى مستوى 8100 نقطة.
أضاف، أن مؤشرات الإقتصاد المصري ومع استمرار تنفيذ خطة الإصلاح الإقتصادي، والتي كانت لها فضل كبير في تحسن معدلات النمو الإقتصادي المصري ، الأمر الذي أشادت به جميع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات التصنيف الائتماني العالمية ، والتي أبقت على تصنيف مصر الائتماني عند مستوى b+ مع نظرة مستقبلية مستقرة ، وذلك لتحقيق أهداف خطة الإصلاح الإقتصادي وتحقيق معدلات نمو تصل إلى 4.9% ، وإنخفاض معدلات التضخم السنوي 4% ، وهو أكثر من المستهدف وتستمر الحكومة المصرية في تنفيذ خطة الإصلاح الإقتصادي ، وتحقيق الأهداف التي تجعل النظام الإقتصادي المصري مستمراً في تحقيق معدلات نمو مرتفعة.
أشرف غراب الخبير الإقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الإقتصادية، يرى أن قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في نوفمبر عام 2016، كان مهماً وضرورياً للغاية في هذا التوقيت خاصة بعد تردي كثير من المؤشرات الإقتصادية، وقد ظهرت أهميته وأثاره الإيجابية الكثيرة على مدى السنوات الخمس الماضية حتى اليوم وبقوة لتؤكد صحة هذا القرار الذى صب في صالح الإقتصاد المصري .
أضاف، أن هناك العديد من الإيجابيات التي عادت على الإقتصاد المصري، منها تحسن مؤشرات الإقتصاد الكلي تدريجياً، وتحسن تصنيفات مصر الإئتمانية سواء السيادية أو القطاعية، وإرتفاع معدل النمو المحلي ، حيث بلغ 5.56 % فى عام 2018/2019، بالإضافة إلى أن التعويم حقق مكاسب وأرباحاً لأصحاب الودائع بالعملة الأجنبية من فرق سعر الصرف، كما مهد الطريق أمام البنك المركزي لطرح العديد من المبادرات التي دعمت القطاع الصناعي والإنتاجي والتصديري، مما ساهم في زيادة التدفقات النقدية الأجنبية لمصر .
أوضح غراب، أن قرار التعويم ساهم في زيادة موارد العملة الصعبة والتي ساندت الإقتصاد المصري خلال أزمة كورونا، فقد تجاوزت تدفقات النقد الأجنبي على مصر أكثر من 500 مليار دولار خلال آخر 5 سنوات، بالإضافة إلى اختفاء السوق السوداء للعملة الصعبة ، والتي كانت تضر بالاستثمار الأجنبي فأي مستثمر كان يدخل السوق المصري كان يجد سعرين للعملة قبل تحرير سعر الصرف ، فيجد سعر في البنوك ما بين 8.80 جنيه للشراء و9.80 جنيه للبيع، وسعر في السوق السوداء من 15 إلى 19 جنيه، فهذه المشكلة إنتهت تماماً بعد التعويم وأصبح موجوداً بوفرة في البنوك المصرية، موضحاً أن الطلب على العملة يقل عندما يزيد المعروض ما يزيد الثقة في الإقتصاد.
أحمد الألفي الخبير المصرفي ، ذكر إنه بعد مرور 5 سنوات كاملة على تحريرسعر الصرف يمكن القول بأن تحرير سعر الصرف وفقاً لآليات العرض والطلب فى نوفمبر2016 أدى إلى القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية بشكل نهائى ، وكذلك القضاء على ظاهرة تعدد أسعار الصرف ، وساهم بشكل كبير في توافر الدولار وإستقرار أسعار الصرف .
أكد ، أن قرار تحرير سعر الصرف كان لابد منه من أجل كبح جماح الدولار أمام الجنيه والقضاء تماماً على ظاهرة الدولرة والمضاربة في العملة الخضراء , ونجح البنك المركزي تماماً في القضاء على ذلك ، وأعاد الاستقرار إلى سوق الصرف، وكان ذلك عاملاً رئيسياً في عودة الإستثمارات الأجنبية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة للسوق المصري مرة أخرى ، وزادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج وتحقيقها لمعدلات تاريخية.