الخميس , 21 نوفمبر 2024

سنة “2” تعويم.. “السوق السوداء”.. فى خبر كان !

كتب سلوى سيد

 

نجح البنك المركزى في تحقيق أحد أهم أهدافه من “تعويم الجنيه” الذي إتخذه قبل عامين تقريباً من الآن، حيث قضى على السوق السوداء للعملات الأجنبية ، كما انتهت تماماً ظاهرة “الدولرة” .

عانت البنوك العاملة في القطاع المصرفي المصري قبل قرار تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر عام 2016 من نقص الموارد الدولارية، وتراجع بيع الدولار من العملاء بالبنوك،  تأثرًا بإنتشار ظاهرة الدولرة والسوق السوداء، ونجم عن ندرة الدولار بالبنوك ظهور قوائم الإنتظار لتلبية طلبات الإستيراد ، وإعطاء أولوية للسلع الأساسية دون غيرها ،حسب قائمة الأولويات المحددة من المركزى.

المصرفيون أكدوا أن نتائج القرار باتت أكثر وضوحاً الآن بعد مرور عامين على التجربة التي شهدت إنتقادات ومخاوف من فشلها من بعض المحللين، موضحين أنه بالنظر إلى مؤشرات الإقتصاد المصري ،ومعدلات الاستثمار ومدى توافر الدولار في البنوك الأجنبية لكل مَن يطلبه سواء على مستوى الأفراد أوالشركات.

يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري ، قال إن العام الحالي أي بعد مرور عامين على قرار تعويم الجنيه ليس عام جني الثمار كما يتصوره البعض، فما عانته مصر من مشكلات إقتصادية هيكلية على مدار أربعين عاماً لم يقدم أحد على حله، مشيراً إلى أن تراجع موارد النقد الأجنبي من خلال تراجع عائدات السياحة والزيادة الهائلة في الإستيراد استوجب إتخاذ القرارات الحاسمة المؤجلة ، والتي أهمها تحرير سعر الصرف.

أضاف أبو الفتوح، أن اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف ، وليس مجرد تحريكه ورفع الدعم لتوجيهه لمستحقيه الفعليين عبر عدة مبادرات تقودها وزارة التضامن، هذا إلى جانب المبادرات الإقتصادية الأخرى الخاصة بترشيد الإستيراد للسلع الرفاهية ، مقابل تشجيع الصناعة وزيادة الإنتاج المحلي، بدأت تتضح فوائدها على المدى القصير، فيما تظل عوائد الإجراءات الأخرى سيتضح جدواها على المدى الطويل.

أكد أن هناك حالة من الإستقرار الكبير في سعر الصرف، فضلاً عن التحسن في تحويلات المصريين بالخارج والإستثمار الأجنبي المباشر، كما إنتهت مشكلة طلبات الإستيراد المعلقة والدولرة والسوق السوداء، لافتاً إلى أن ذلك بشهادة مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية الثلاثة “موديز” و”فيتش” و”ستاندرد آند بورز” ، مؤكدين على التعامل الحكيم للحكومة المصرية مع مشكلات الدولة الإقتصادية الأزلية بحلول جذرية وليس مجرد مسكنات.

أوضح أبوالفتوح، أن تعويم الجنيه لم يضبط سوق الصرف فقط ، ولكنه ضبط كافة القطاعات من خلال توافر العملة الأجنبية وسهولة الحصول عليها، كما أن السلع والخدمات أصبحت تباع بقيمتها العادلة من خلال خضوعها لقواعد العرض والطلب وليس عبر سيطرة الحكومة.

وشدد على أن وفرة السيولة الدولارية حالياً ، ساهمت في إزالة أي قيود على التحويلات بالعملة الصعبة للأفراد والشركات ، التي تسببت في تفكير البعض في التخارج من السوق المصرية قبل قرار التعويم.

الدكتور تامر جمعه، نائب رئيس البنك الزراعي المصري، قال إنه لا يزال هناك لغط حول قرار تحرير سعر الصرف، وما إذا كانت آثاره إيجابية أم سلبية على الإقتصاد والمواطن البسيط، مشيراً إلى أنه بتقييم الخطوة بعد مرور عامين يتضح أن الإيجابيات أكثر بكثير من السلبيات، ويبقى الخطأ الأكبر في تأخر إتخاذ هذا القرار ما تسبب في زيادة المشكلات.

أضاف قائلاً :  يجب على الجميع عدم التسرع في الحكم ، فبالتأكيد هناك تحسن في سعر الدولار منذ قرار التعويم حتى الآن ، ومن المتوقع استمرار إنخفاضه لحين الوصول للسعر العادل الذي يراه البعض حول مستوى الـ 13 جنيه، إلا أن الأمر متوقف على مستوى النمو الإقتصادي وعودة الإنتاجية إلى معدلات قوية، قادرة على التأثير بالتبعية على معدلات التضخم وليس سعر الفائدة.

أشار د. جمعة، إلى أن البنك المركزي لم يتخذ الخيار الأسهل وهو المسكنات عبر رفع الفائدة بشكل متواصل، بالتزامن مع إرتفاع التضخم ، بقدر ما ركز على تحسين الإنتاجية التي تعني إصلاح حقيقي وليس صوري.

كما لفت إلى أن قرار تحرير سعر الصرف كان بمثابة بنية تحتية لابد منها مهدت الطريق نحو الإنطلاق لتعزيز الاستثمارات في البلاد، هذا إلى جانب مجموعة المبادرات التي طرحها المركزي من خلال مبادرة التمويل العقاري ،ومبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي وفرت فرص عمل كثيرة ، وقللت معدل البطالة وتشغيل عجلة الإقتصاد والنمو والحد من معدلات الفقر.

ماجد فهمى ، رئيس بنك التنمية الصناعية ، قال أن إتخاذ قرار التعويم يعتبر أحد أكثر القرارات شجاعة وقوة من جانب البنك المركزي المصري، مؤكداً أن المركزي أظهر نجاحاً كبيراً في المهمة التي أوكلت إليه، خاصة مع ما يتم رصده حالياً من نتائج إيجابية على القرار التى تؤكدها المؤسسات الدولية.

أضاف أنه أصبح لدى البنوك وفرة من العملة الأجنبية لتغطية إستيراد السلع الأساسية التي كانت تشكل أزمة للبنوك قبل التعويم ، وإستلزمت تدخل المركزي من خلال عطاءات دورية وإستثنائية لتقليص صفوف الإنتظار من قبل المستوردين، وهو ما استنزف الإحتياطي الأجنبي في السابق، كما استطاع القضاء على السوق السوداء تماماً بعد أن استوحشت وباتت المسيطر والمتحكم الأول والأخير في سوق العملات الأجنبية فى وقت من الأوقات .

يرى فهمى ، أن المرحلة القادمة ستأتي بالأفضل بفضل المؤشرات الإيجابية الحالية التي يشهدها الإقتصاد المصري مع خروجه مما يسمى بالنفق المظلم ، استعداداً للإنطلاق الحقيقي على كافة المستويات.

أوضح أن ما يشهده الإقتصاد المصري من إرتفاع في معدلات الإستثمار الأجنبي والمحلي يرجع في الأساس إلى القضاء على السوق الموازية للعملات الأجنبية، التي كانت أحد أكثر المشكلات المؤرقة للشركات ، والتي تسببت في عجزهم عن توفير إحتياجاتهم من الدولار ، أو توفير إعتمادات مستندية لإستيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام المطلوبة.

 

 

 

شاهد أيضاً

  أبرزها زيادة رؤوس أمولها .. المراكز المالية للبنوك حائط الصد الأول !

  أكد عدد من الخبراء ومسؤولى البنوك أن إرتفاع المراكز المالية للبنوك العاملة بالسوق المحلية …