أكد عدد من خبراء الإقتصاد، أن قناة السويس صمدت قوة أمام جائحة كورونا ، وذلك على الرغم من تدهور حركة التجارة العالمية بين الدول خلال الفترة الماضية ، مشيرين إلى أنها أحد الأسباب القوية التي ساهمت في الحفاظ على قوة الإحتياطي الأجنبي، خاصة في ظل توقف جميع موارد النقد الأجنبي الأخرى والتي تأثرت بشكل مباشر من الأزمة مثل، السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والإستثمار المباشر .
أضافوا أن مستقبل حركة الملاحة البحرية ومعدلات النمو فى حركة السفن مرتبط بتحسن الوضع العام، ومرهون أيضاً بإنتهاء هذه الجائحة وعودة الاقتصاد العالمى للعمل بمعدلاته الطبيعية ، لافتين إلى أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي، لديها طموحات كبيرة فى القناة تفوق النظرة السابقة لها على أنها ممر مائي، فهي تنظر اليها بإعتبارها نواة يتم بناء عليها حضارة ، ويخلق مجتمعات ساكنة فى هذه المنطقة الحيوية لمصر، لذا ستشهد حركة مشروعات كبري بالقناة تجعلها مركز لوجيستي عالمي .
أحمد الألفي الخبير المصرفي ، قال إن قناة السويس وإيراداتها صمدت بقوة أمام جائحة كورونا التى أغلقت كل من الإقتصاد العالمى والمحلى بشكل شبه كامل لمدة 4 شهور , وعلى الرغم من هذا التوقف فإن إيرادات القناة لم تتراجع إلا تراجعاّ محدوداً بلغ فقط 32مليون دولار, حيث سجلت خلال العام المالي 2019-2020 – عام الجائحة- 5.72 مليار دولار، مقابل 5.75 مليار دولار خلال العام السابق ، وحافظت على مستوى إيراداتها عند حاجز لم يقل عن 5.7 مليار دولار, وذلك برغم تراجع حركة التجارة الدولية العالمية بسبب جائحة كورونا بمعدل يقارب الـ 20%.
أشار إلى أن صمود إيرادات قناة السويس بقوة أمام جائحة كورونا ، بلاشك دعم الإحتياطى النقدى لمصر من العملات الأجنبية بشكل مباشر ، ومن ثم الحفاظ على سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن حفاظ إيرادات قناة السويس على مستواها الطبيعى خلال جائحة كورونا خلافاً لبعض التوقعات المنشورة، والتى كانت قد توقعت تراجعاً كبيراً فى إيرادات قناة السويس.
أوضح الألفى، أن مستوى التراجع سيكون مساوياً بالضرورة لمعدل التراجع لحركة التجارة الدولية العالمية بسبب جائحة كورونا ، لافتاً إلى أن السبب فى صمود إيرادات قناة السويس بقوة أمام جائحة كورونا يرجع إلى حسن الإدارة ، بالإضافة إلى تقديم الحوافز والتخفيضات الملائمة والمغرية لجذب السفن العابرة.
وفيما يتعلق بمستقبل حركة الملاحة البحرية ومعدلات النمو فى حركة السفن بشكل عام وقناة السويس بشكل خاص , قال إن الوضع العام مرهون بإنتهاء هذه الجائحة وعودة الإقتصاد العالمى للعمل بمعدلاته الطبيعية.
أما بخصوص قناة السويس فإن سياسات التسعير المرنة والمنافسة تجعل من قناة السويس الممر الملاحى العالمى الأكثر جاذبية، والأقل تكلفة والأسرع بلا منازع , ولكن تظل المخاطر السياسية قائمة بسبب الوضع فى كل من ليبيا واليمن , والتدخل التركى فى الأولى والإيرانى فى الثانية .
الدكتور حسام الغايش العضو المنتدب لشركة أوراق لتداول الأوراق المالية ، قال إن إيرادات قناة السويس فى ظل أزمة فيروس كورونا ، وتراجع معدلات حركة التجارة العالمية ، جاءت متقاربة مع إيرادات العام المالى السابق ، حيث كان هناك زيادة حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 4.4% ، لتصل إلى 9.5 ألف سفينة عبرت القناة خلال النصف الأول من عام 2020 ، وذلك مقارنة بـ 9.1 ألف سفينة عبرت القناة خلال نفس الفترة عام 2019 بالرغم من أزمة كورونا.
أضاف، أن الفضل يرجع فى ذلك الى الحوافز والتخفيضات الممنوحة ، والتى لعبت دوراً بارزاً في تحقيق طفرة كبيرة في معدلات عبور سفن الصب الجاف ، وناقلات البترول وسفن الغاز الطبيعي المسال خلال النصف الأول من 2020 ، حيث زادت سفن الصب الجاف بنسبة 36.3% ، كما زادت ناقلات البترول بنسبة 9.6% ، بالإضافة الى زيادة ناقلات الغاز الطبيعي بنسبة 10.1%.
أشار إلى أن الحفاظ على المعدلات الطبيعية لإيرادات قناة السويس ساهم بشكل قوي في الحفاظ على الإحتياطي النقدي الأجنبي، وعدم فقدان جزء كبير منه خلال فترة توقف النشاط الإقتصادي لمدة تقترب من 3 شهور ، مشيراً إلى أن هذا يؤكد على أهمية قناة السويس بإعتبارها مورد هام من موارد النقد الأجنبي .
أوضح الغايش، أن أهمية قناة السويس خلال الفترة الماضية ظهرت بوضوح مع قدرتها على الحفاظ عند معدلاتها الطبيعية، خاصة في ظل توقف مصادر النقد الأجنبي من مصادرها الأخرى المختلفة ، ولاسيما بعد توقف النشاط السياحي وتراجع إيراداتها بفضل تلك الجائحة ، فضلاً عن تراجع معدلات الإستثمار الأجنبي سواء مباشر أو غير مباشر ، وكذلك تراجع تحويلات العاملين بالخارج .
محمد دشناوي الخبير الاقتصادي ، قال إن إيردات قناة السويس زادت لتصل 27.2 مليار دولار ، وذلك بعد مرور 5 سنوات من إفتتاح التفريعة الجديدة ، مقارنة بالخمس سنوات السابقة 25.9 مليار دولار ، محققة نمو في الإيردات بلغ 5 % ، علي الرغم من تراجع معدلات النمو العاليمة وزيادة الحروب التجارية بين أمريكا والصين مما غير خريطة التجارة العالمية، بالإضافة إلى خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي إلا أن استطاعت القناة في زيادة إيرداتها ، وأن ثبت معدلات النمو والتجارة العالمية لكانت القناة حققت نتائج أفضل من ذلك.
أضاف أن إيردات القناة ناتجة عن معدلات النمو والتجارة العالمية ، وما يمر به العالم الآن من إجراءات لمواجهة كورونا ، بالإضافة لعوامل إرتفاع حدة الحروب التجارية وموجات الحمائية المرتفعة ، فمن المتوقع أن تتراجع إيردات قناة السويس خلال عام 2020/ 2021 بصورة ملموسة قد تتجاوز 6 % مقارنة بالعام السابق.
وفيما يتعلق بمستقبل الملاحة البحرية ، قال دشناوي ،إن قناة السويس هي أحد روافد العملة الصعبة للدولة المصرية وهي سلاح استيراتيجي لمصر، والدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي لديها طموحات كبيرة فى القناة تفوق النظرة السابقة لها على أنها ممر مائي، فهي تنظر إليها بإعتبارها نواة يتم بناء عليها حضارة ، ويخلق مجتمعات ساكنة فى هذه المنطقة الحيوية لمصر، لذا ستشهد حركة مشروعات كبري بالقناة تجعلها مركز لوجيستي عالمي يخدم القناة ، مشيراً إلى أن الرؤية تتركز على 3 محاور رئيسية .
ويستطرد قائلاً : أولها تنمية شرق بورسعيد عبر انشاء منطقة خدمات لوجيستية عالمية بمساحة 70 فدان ، والمحور الثاني تنمية الإسماعيلية وضاحية الأمل مع وادي التكنولوجيا بمساحة 66 ، بالإضافة إلى المحور الثالث المتمثل فى تنمية غرب خليج السويس.
أوضح أن كل هذه المشروعات الكبري ستؤثر على مصر بصورة كبيرة ، خاصة فى جذب الكثافة السكانية بالمنطقة بجانب خلق مزيد من الوظائف ، وبالتالي زيادة معدلات النمو والناتج المحلي ، وزيادة الإيردات الدولارية للدولة المصرية، مما سيخلق التوازن مع التراجعات المحتملة فى تحويلات المصريين بالخارج مستقبلاً ، وكذلك تغير الوضع الإقتصادي لمنطقة الخليج ، وهو ما يخلق توازن وإستقرار للإقتصاد المصري .