شهد سعر صرف الجنيه أمام الدولار إستقراراً ملحوظاً خلال عام 2018 ، وذلك بفعل إستقرار سوق الصرف ونجاح البنوك تحت قيادة البنك المركزى فى تدبير النقد الأجنبى ، ورغم زيادة سعر الورقة الخضراء بنحو 22 قرشاً خلال عام كامل منذ يناير 2018 وحتى ديسمبر 2018 ، إلا إنه بوجه عام يعد الدولار فى حالة إستقرار خاصة أن هناك وفرة من النقد الأجنبى .
وأبرز مايميز عام 2018 إختفاء السوق الموازية تماماً ، وأصبحت التعاملات على الدولار تتم جميعاً من خلال البنوك وشركات الصرافة ، كما نجح القطاع المصرفى فى تلبية كافة الإحتياجات، وذلك بفضل زيادة تدفقات النقد الأجنبى لتتجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار .
وساهم قرار التعويم فى تحقيق نتائج إيجابية ملموسة على مستوى ضبط وإستقرار سوق الصرف ، وقفزة الإحتياطى النقدى لمستوى تاريخى غير مسبوق يعد الأعلى على الإطلاق منذ التأريخ لمستوى الإحتياطى النقدى لأكثرمن 44.500 مليار دولار ، حيث مر عامان على القرار الجرىء الذى إتخذه محافظ البنك المركزى طارق عامر ، بتحرير سعر الصرف بدعم من القيادة السياسية ، والذى أعتبره الخبراء بمثابة الدواء المر الذى كان يجب أن يتجرعه الإقتصاد المصرى للتعافى .
سجل متوسط سعر الدولار نحو 17.85 جنيه للشراء ، 17.95 جنيه للبيع فى ديسمبر الجارى ، مقابل 17.63 جنيه للشراء ، 17.73 جنيه للبيع فى يناير 2018 بزيادة 22 قرشاً.
وإستقر سعر الدولار عند مستوى 17.85 جنيه للشراء ، 17.95 جنيه للبيع ، وسط إتاحة النقد الأجنبى للعملاء من الأفراد والمستوردين ، ونجح تحرير سعر الصرف فى ضبط سوق الصرف الأمر الذى ظهر بشكل واضح فى إستقرار سعر الصرف بشكل واضح خلال عام 2018 ، فعلى الرغم من القفزة التى سجلها سعر الورقة الخضراء فى منتصف العام الجارى وتحديداً فى منتصف مايو الماضى، حيث قفز متوسط الدولار من 17.61 جنيه للشراء ، 17.71 جنيه للبيع ، إلى 17.84 جنيه للشراء ، 17.95 جنيه للبيع ، ليرتفع لأعلى نقطة فى عام 2018 منذ تحرير سعر الصرف ، وذلك بفعل زيادة الطلب على الورقة الخضراء فى هذا التوقيت مع حلول شهر رمضان الكريم وزيادة طلبات المستوردين .
وكان سعر الدولار قد إستقر منذ مطلع العام الجارى 17.56 جنيه للشراء ، 17.66 جنيه للبيع حتى نهاية مارس الماضى ، ليعاود الإرتفاع لأول مرة فى أبريل الماضى ، ليسجل متوسط سعر الدولار نحو 17.66 جنيه للشراء ، 17.69 جنيه ، جاء أعلى سعر فى ابريل عند 17.75 جنيه للبيع ، ليرتفع لأعلى نقطة فى مايو ، ويعاود التراجع بشكل قليل فى نهاية يونيو الماضى مسجلاً 17.86 جنيه ، 17.93 جنيه للبيع ، وفى يوليو جاء متوسط الدولار ما بين 17.84 جنيه للشراء ، 17.94 جنيه للبيع ، ليظل سعر الدولار يدور نحو مستوى 17.83 جنيه ، 17.95 جنيه للبيع .
ويعد إستقرار سعر الدولار عند هذه المعدلات إنعكاس لنجاح سياسات المركزى فى ضبط سوق الصرف ، بدليل توافر النقد الأجنبى بالبنوك ، الأمر الذى ساهم فى تلبية طلبات العملاء من الأفراد والمستوردين وتخفيف الضغوط على الورقة الخضراء .
طارق عامر محافظ البنك المركزى، أكد أن الحديث عن صعود الدولار مجدداً ” كلام مغرض” ، مشيراً إلى إن البنك المركزى لديه مستويات مرتفعة من النقد الأجنبى وقادر على التدخل فى أى وقت لضبط السوق وتعريض أى مضاربين للخسارة .
أشار إلى زيادة التدفقات بميزان المدفوعات ليحقق فائضاً بنسبة 64% ، مؤكداً أنه لو لم نتعامل مع صندوق النقد الدولى لما نجحنا فى إدخال مايقرب من 100 مليار دولار للدولة وتنفيذ محطات الكهرباء وتلبية إحتياجات البلاد من الأدوية وجميع السلع الإستراتيجية ، موضحاً اننا نحتاج لوقود بقيمة 800 مليون دولار شهرياً ، كما أن حجم الإستيراد كان قبل هذه القرارات نجحو 76 مليار دولار بخلاف المتهرب ليصل إجماليه إلى 85 مليار دولار ، فيما تحسن التصدير فى الوقت الراهن بنسبة 17%.
أكد أن البنك المركزى قادر على سداد الإلتزامات الخارجية فى موعدها ، كما أنه لايمكن القول بأن الإحتياطى به نسبة كبيرة من القروض والديون ، لأن هذا أمر غير صحيح فالإحتياطى يضم جزء منه قروض وجزء إيرادات ، ولابد أن يتم خصم ما تم صرفه وما تم دخوله منه بخلاف القروض حتى يتم تحديد ما يشمله الإحتياطى .
أشار إلى إن فلسفة المحافظ هى أن يتم جمع إحتياطى نقدى قوى يزيد عن الـ 44 مليار دولار لتأمين البلاد ضد أى مخاطر محتملة تظهر فى المستقبل ، ولقد نجحنا فى ذلك وتم جمع 4 مليار دولار من طرح سندات دولية ، وحتى لو أن هناك تكلفة فى سعر الفائدة 6% ،فإن التكلفة ستكون أكبر فى حالة إحتياج البلاد للنقد الأجنبى .
ماجد فهمى ، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية ، قال أن التعويم معناه إطلاق سعر الصرف لقوى العرض والطلب ، مثلما هو الحال بالسوق العالمية للعملات ، والجنيه معرض للصعود أو الهبوط وهو ما يطلق عليه التذبذب ، فلا يجب أن تكون نظرتنا لإرتفاع أو انخفاض الدولار بصورة سياسية ، ولكن من الطبيعى أن يظل الدولار عند مستوى معين طالما أن يعكس قوى العرض والطلب ولايمثل أى إزعاج .
أشار إلى إن صعود أو هبوط الدولار لايدعو للإنزعاج مطلقاً ، ولكن مايزعج هو عدم توافر أو إتاحة الدولار وندرة العملة ووجود السوق السوداء ، ولقد نجحت البنوك فى تدبير الدولار لعملائها ، والقضاء تماماً على قوائم الإنتظار ، وهو الأمر الذى ساهم فى القضاء على السوق الموازية تماماً ، وهو ما يترجم نجاح سياسات المركزى .
أضاف ماجد فهمى، أن توافر الدولار بالبنوك وشركات الصرافة وعدم وجود أى قوائم إنتظار معناها أن قرار التعويم قرار صحيح جداً وبنسبة 100% ، وليس هناك تحكم من البنك المركزى فى سعر الصرف ، لأن لو كان هناك تحكم لظهرت السوق السوداء ، ومعنى أن الدولار متوافر ولم يعد هناك سوق سوداء ، فهذا دليل على نجاح قرار التعويم ، كما أن صعود وهبوط العملات يحدث لأى عملة بدليل أن الاسترلينى أمام الدولار أو اليورو فى تذبذب مستمر يقفز ويهبط ، وعندما تتزايد إيرادات الدولة سنجد سعر الدولار يعاود التراجع أمام الجنيه .
طارق متولى الخبير المصرفى ، قال أن قرار تحرير سعر الصرف ، كان قرار صعب ولكن لابد منه ، وكان ينبغى أن يتم إتخاذه منذ فترة طويلة ، ولكن الحكومات السابقة لم تتمكن من ذلك، مشيراً إلى إن الظروف السياسية السابقة لم تكن تسمح بهذا القرار .
أضاف أن نجاح قرار تحرير سعر الصرف يعود إلى إن القيادة السياسية كانت صاحبة القرار ، مؤكداً أن هذا القرار سياسى فى المقام الأول ، ونجاح الحكومة فى إتخاذه يعود لقدرة صاحب القرار متمثلاً فى القيادة السياسية فى إتخاذه .
أوضح أن الظروف لم تكن تسمح بتأجيل القرار ، مشيراً إلى إن نتائج قرار تحرير سعر الصرف إيجابية على مستوى إستقرار سعر الدولار وضبط السوق ، مشيراً إلى إنه رغم إرتفاع سعر الدولار فور إتخاذ قرار تحرير سعر الصرف مباشرة والقفزات المتتالية التى حققها ، إلا إن سعر العملة الأمريكية قد إستقر على مدار عام 2018 بين حاجز ال 17.5 جنيه ، 17.95 جنيه .
أشار إلى أن السعر الراهن للدولار أمام الجنيه هو سعر عادل يعبر عن قوى العرض والطلب على الورقة الخضراء ، مشيراً إلى إن تراجع العملة الامريكية لمستويات ما قبل تحرير سعر الصرف مسألة تاريخية .
أضاف أن سعر العملة الأمريكية سيعاود التراجع فى حالة عودة السياحة لمعدلاتها السابقة ، كما أن المسألة تتطلب حدوث نمو مستدام لفترات طويلة 7 او 8 سنوات ، مؤكداً أن تراجع الأسعار وشعور المواطنين بنتائج الإصلاح الإقتصادى مسألة تتطلب وجود نمو مستدام لفترة طويلة ، وإنتاج حقيق بمعنى أن يتم الإعتماد على موارد حقيقية للنقد الأجنبى ، وعدم الإعتماد على السياحة وتحويلات المصريين من الخارج والإستثمار فى أدوات الدين لأنها موارد قد تتأثر بعوامل أخرى على عكس النقد الأجنبى الناتج عن إنتاج حقيقى وإستثمار حقيقى ، متوقعاً أن يظل الدولار يتراوح بين مستوى 17.5 جنيه إلى 18 جنيهاً .
طارق عبد الكريم المدير التنفيذى لإحدى شركات الصرافة، أوضح أن السوق شهدت إستقراراً ملحوظاً على مستوى بيع وشراء الدولار ، وذلك بفضل زيادة تدفقات النقد الأجنبى .
أضاف أن التعاملات بشركات الصرافة باتت منخفضة طوال العام ، حيث تدبر البنوك إحتياجات العملاء سواء من المستوردين أو شركات السياحة ، وذلك بفضل زيادة تدفقات النقد الأجنبى والتى تجاوزت الـ 100 مليار دولار ، مشيراً إلى إن وتيرة الطلب تزايدت فى شهر ديسمبر ، وهو أمر طبيعى فى ظل طلبات المستوردين قبل نهاية العام لإنهاء تعاقداتهم قبل نهاية العام .