توقع عدد من خبراء الإقتصاد تراجع معدلات النمو للإقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة لأدنى مستوياتها خلال العشر سنوات الماضية ، وذلك على الرغم من إجراء برنامج الإصلاح الإقتصادي ، والذي نال إستحسان وإشادة كل المؤسسات المالية الدولية , مشيرين إلى أنه على الرغم من توقعات تراجع معدلات النمو في مصر إلا أنها ستكون هى الأعلى بين دول الشرق الأوسط.
أضافوا أن هذا التراجع سيكون بسبب إنتشار أزمة فيروس كورونا في كل دول العالم , مؤكدين أنه لولا تلك الأزمة لحققت الحكومة المصرية معدلات نمو عالية للغاية تقترب من 7% أو 8% , مشيرين إلى أن مصر حققت معدلات نمو تقترب من 5.6 % قبل ظهور فيروس كورونا.
أشاروا إلى أن تراجع معدلات النمو سيؤدى إلى إرتفاع في معدلات التضخم والبطالة ، بالإضافة إلى زياده عجز الموازنة العامة للدولة مع إستنزاف الإحتياطي الأجنبي, لاسيما في ظل تراجع موارد النقد الأجنبي من السياحة والتصدير ، وكذلك توقف حركة التجارة العالمية.
محمد حسن العضو المنتدب لشركة ميداف لإدارة الأصول، توقع ان يحدث تراجعاً فى معدلات النمو المحلية على المدى القصير بشكل مؤقت، لتصل الى أقل من ٣٪ خلال العام المالى المقبل، وذلك مع وجود ضغوط على مؤشرات المالية العامة والدين وأداء ميزان المدفوعات، مؤكداً فى الوقت نفسه قدرة الإدارة المصرية على احتواء تداعيات أزمة كورونا والتعامل معها.
أشار إلى أنه طبقاً للمعطيات الإقتصادية فمن المتوقع عودة التحسن والمسار الإيجابي لمؤشرات المالية العامة والمديونية مرة أخرى بداية من العام المالى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢ , لافتاً إلى أن الأزمة الحالية لن تعطل مسيرة خفض نسبة المديونية للناتج المحلى، ولكن قد يصبح المسار النزولى لنسبة الدين للناتج المحلى أكثر تدرجًا، بسبب التكاليف الإضافية المرتبطة بحزمة الإجراءات الإقتصادية الوقائية التي تم اتخاذها وتبلغ تكلفتها نحو ٢٪ من الناتج المحلي.
أضاف أن مؤسسة موديز للتصنيف الإئتماني توقعت فى تقريرها الأخير إستمرار جهود الضبط المالي خلال الفترة المقبلة، ولكن بمعدلات أبطأ من المستهدفات السابقة، مشيراً إلى أن التقرير توقع أن يصل العجز الكلي إلى 7.٩٪ من الناتج المحلى للعام المالي الحالي و٨.5٪ من الناتج المحلى للعام المالي المقبل.
اشار حسن ، إلى قدرة المالية المصرية على إستمرار تحقيق فوائض أولية، وإن كانت أقل من النسب المستهدفة سابقًا، وقدرة الحكومة المصرية على إستكمال مسيرة الإصلاح الإقتصادي والهيكلي خلال السنوات المقبلة، والتوجه بدفة الإقتصاد لتعويض معدلات النمو إلى تحفيز الطلب الداخلى والإستهلاك المحلى .
أضاف، أن القطاعات الإقتصادية تحتاج إلى الإستفادة من المبادرات التي تتبناها الدولة في استمرارعجلة الإنتاج، وتحقيق طفرة إقتصادية خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل الإجراءات الإقتصادية المتخذة خلال هذه الفترة التي تدعم وتشجع الإنتاج في مختلف القطاعات ، وهو ما يسهم فى إرتفاع معدلات النمو من خلال تحفيز الاستهلاك المحلي ودعم الصناعة الوطنية.
الدكتور عز الدين حسانين الخبير الإقتصادي , قال أن مصر شهدت قبل إنتشار فيروس كورونا أعلي معدل نمو في منطقه الشرق الأوسط ، وكانت من أكبر الدول إنفاقاً علي البنية التحتية الضروريه لتحقيق التنميه الشاملة المستدامة , مشيراً إلى أن كورونا ساهمت في بطء معدلات النمو ، وقامت الدولة بمجهودات إستباقيه لخفض التأثير السلبي من تداعيات إنتشار الفيروس على ركائز الإقتصاد ،وتنشيط الإستثمارات المحلية ،وحماية العمالة ومحاولة استمرارالتشغيل حتي إذا كانت بنصف الطاقة البشرية ،ولكن الأزمة مستمرة وهناك قيود في كل دول العالم، الأمر الذي أثر سلباً على حركه التجارة العالمية حيث انكمشت بمعدل غير مسبوق بأكثر من ٣٠% .
أضاف أن النشاط السياحي في مصر يكاد يكون مختفي ما ساهم في تراجع إيرادات السياحة في الوقت الحالي والتصدير، وكذلك إنخفاض تدفقات الإستثمارات الأجنبية وتراجع نشاط البورصة ،بخلاف تأثرحركة الملاحة القناه بفضل تراجع حركة التجارة العالمية,بالإضافة إلى عدم قدرة الصناعات المتوسطة والصغيرة علي مواصلة الإنتاج في ظل الإنخفاض الحاد في الطلب الكلي , في حين استمرت قطاعات أخرى نشطة منها الاتصالات والأغذية والأدوية.
أوضح عز الدين، أنه دائماً يقاس الناتج المحلي الإجمالي بإجمالي ما يتم إنتاجه داخل الدولة من المصريين والأجانب في كافه القطاعات، وحالياً تشهد معظم قطاعات الإقتصاد تباطؤ في النمو ،وهذا يؤثر بالضرورة على معدل نمو الناتج المحلي , مشيراً إلى أنه قبل “كورونا” حقق الناتج المحلي معدلات نمو وصلت إلى ٥.٦% وكان مرشحا للصعود، إلا أنه مع تباطؤ الأنشطة الإقتصادية سيتباطيء معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي .
كما توقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلي ٢% خلال العام المالي الحالي ، وسيظل رغم إنخفاضه هو الأعلى في الشرق الأوسط الذي ستشهد معظم الدول به معدلات صفرية وسالبة , مؤكداً أن هذا التباطؤ سيؤدى إلى إرتفاع في معدلات التضخم والبطالة وزياده عجز الموازنة العامة للدوله مع إستنزاف للإحتياطي الأجنبي ، وهو الأمر الذي تسعي الدولة إلي إنقاذه بقدر الإمكان، وذلك من خلال حزمة الإجراءات الإقتصادية التي إتخذتها في منتصف مارس مع ضروره عودة النشاط الإقتصادي تدريجياً مع إجراءات مشدده طبياً للوقاية من كورونا.
طالب، بضرورة الإعتماد على التكنولوجيا بشكل أكبر ، وخلق وظائف من نوع جديد للعمل من بعد بتكنولوجيا متطورة , وإستخدام تكنولوجيا التواصل المصرفي من بعد ، والتفكير جدياً في الأمن الغذائي والدوائي، والإنفاق على البحث العلمي، وتوسيع مظلة الأمان الأجتماعي ،ودمج الإقتصاد غير الرسمي في الإقتصاد الرسمي , وكذلك زياده معدلات التمويل المصرفي وأدوات تمويل البورصة بالأسهم والسندات والصكوك،بهدف الحفاظ على معدلات نمو متوازنة لحين إنتهاء الأزمة.
هاني عادل الخبير الإقتصادي, قال أنه بطبيعة الحال فإن إستمرار أزمة “كورونا” يعني بلا شك إنخفاض في معدلات النمو، إلا أن ذلك يتوقف على عدة عوامل تتمثل في قدرة الدولة على العودة للإنتاج مجدداً، وإستئناف الحياة بالشكل العادي والطبيعي حتى ولو في ظل إجراءات وقائية لا تؤثر بصورة كبيرة على سير الأعمال والإنتاج , بالإضافة إلى أن الأمر مرتبط أيضاً بقدرة المجتمع الدولي على تجاوز الأزمة وعودة التجارة الدولية والسياحة إلى معدلات أقرب ما يكون من المعتاد ، مشيراً إلى أن ذلك قد يستلزم مزيد من الوقت ، خصوصاً وهناك بعض التحذيرات الدولية بهجمة فيروسية جديده في الربع الأخيرمن العالم الحالي.
أضاف،أنه لا يمكن إغفال أن الإقتصاد العالمي كله سيتغير بصورة كبيرة بعد أزمة كورونا ، ورغم هذة الصعوبات والظروف التي فرضتها الأزمة على كل دول العالم، إلا أنها قد تحمل في طياتها فرص لإقتصاديات الدول الناشئة ومصر في مقدمتهم , لافتاً إلى أنه إذا تمكنت مصر من إستغلال تلك الفرص قد ينعكس ذلك إيجابياً على معدلات النمو الإقتصادى ، وينعش معدلات التصنيع والتصديروالإستثمار.
أشار عادل، إلى أن تلك الأزمة سوف تؤثر سلباً على صناعة السياحة وبالتالي سينعكس على الإقتصاد الوطنى ، وهو أمر لن نستطيع تفادى صدماته وأثاره السلبية إلا بعد زوال الأزمة عالمياً وليس فقط محلياً , إلا أن إستقرارالأوضاع في مصر في ظل الأزمة وإنتظام الحياة بصورة شبه طبيعية، قد يمثل عامل جذب مهم لكثير من الإستثمارات التى قد تبحث عن بديل في دول تحظى بمعدلات أقل لأنتشار الجائحة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى توقعت فيه وزارة التخطيط إنخفاض معدل النمو للإقتصاد المصرى إلى 2% ، وذلك خلال العام المالى المقبل فى حالة إستمرار أزمة “كورونا”.