هناك تساؤل يطرح نفسه بقوة على الساحة المالية .. هل تفكر الحكومة المصرية مجدداً فى الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولى ومؤسسات التمويل الدولية ؟ .. يأتى ذلك بعد الحصول على الشريحة الأخيرة من قرض الصندوق البالغ قيمته 12 مليار دولار .
عدد من الخبراء أكدو أن مصر ليست فى حاجة خلال الوقت الحالى لطلب الحصول على قروض دولية جديدة ، مؤكدين أن الوضع الإقتصادي حالياً جيد للغاية بشهادة كافة المؤسسات الدولية ،سواء المالية أو مؤسسات التصنيف الدولية.
أضافوا أنه في ظل تحسن الموارد النقد الأجنبي متمثلاً في زيادة تدفقات الإستثمارات الأجنبية، سواء المباشرة أو غير المباشرة ،وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، وعودة نشاط السياحة ،وإيرادات قناة السويس , فإن توافرالعملة الأجنبية لم يعد يمثل مشكلة لدى الحكومة ، وأن الأمور بدت تسير بشكل طبيعي ومنتظم ،وبالتالي لم يعد هناك حاجه للإقتراض الخارجي، سواء من صندوق النقد الدولي أو أي من المؤسسات المالية الدولية الأخري.
شريف دلاور الخبير المصرفى, قال أن نجاح سياسات الإصلاح الإقتصادي يساعد في ظل تحسن المؤشرات الإقتصادية ،وتحسين التصنيف الإتماني لمصر في زيادة موارد الدولة من العملات الأجنبية , لافتاً إلي أنه عندما تتعدد وتتنوع مصادر الدولة من العملات الأجنبية ،ويرتفع التصنيف الإئتماني، وتحتل الدولة مكانة إقتصادية مرموقة في الأسواق العالمية، ويكون هناك إقبال كبير عليها من جانب المستثمرين للإستثمار بها ، فإن هذا يعني أن الإقتصاد المصري عليه طلب كبير وأن هناك ثقة فيه، بالإضافة إلى وجود ثقة في الدولة وقدرتها علي الوفاء بإلتزاماتها وسداد كل المديونيات الخارجية وفقاً لمواعيد إستحقاقها.
أوضح دلاور، أن الحكومة المصرية لم تعد في حاجة الي الإقتراض من الخارج علي الإطلاق، لاسيما بعد وصول الإحتياطي الأجنبي لمعدلات قياسية ،حيث يبلغ حالياً 44.35 مليار دولار، الأمر الذي يدعم قدرات البنك المركزي في توفير الدولار والسيولة الأجنبية للوفاء بالالتزامات , فضلاً عن قدرة الدولة خلال الفترات الماضية في سداد كافة الديون المستحقة ،والوفاء بكافة الإلتزامات الدولية لاسيما قسط نادي باريس .
من جانبه قال الخبير المصرفي محمد فاروق , أن مؤسسات التصنيف خلال الفترة الماضية حسنت من نظرتها المستقبلية للإقتصاد المصري، وأن كل المؤشرات الجيدة خلال الفترة الماضية تمنح مصر ثقل إقتصادي ، موضحاً أن كل هذه المؤشرات جاءت نتيجة لسداد مصر لكافة إلتزامتها الخارجية وكذلك الداخلية، حيث لم تتأخر مصر يوماً في سداد المديونيات ،سواء كانت قروض أو سندات في مواعيد إستحقاقاتها، علي الرغم من مرور مصر بأزمة نقص سيولة دولارية خلال فترة ما قبل تحرير سعر الصرف ،بالإضافة إلى أن حل أزمة شركات البترول والطيران والتي كان لها مديونيات بالدولار.
وفيما يتعلق بخطورة وتفاقم الدين الخارجى وتجاوزه الـ 92 مليار دولار حالياً , قال أنه لا يوجد قلق على الإطلاق من التوسع في الإستدانة الخارجية، طالما كانت محسوبة حتي لو تجاوز الدين الخارجي الـ 92 مليار دولار وهو مرشح للزيادة بعد الحصول على 2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي قيمة الشريحة الأخيرة من قرض الصندوق.
أضاف أن الأساس الذي يمكن أن نبني عليه الخوف والقلق من عدمة يعتمد على كيفية إستخدام هذة الأموال المقترضة، فهو لايمثل خطورة إذا تم إستخدامة في إقامة المشرعات ذات العائد ،وطالما أن مصر لديها من الإمكانيات والقدرات والموارد التي تساعدها علي سد هذا الدين فليس هناك مشكلة ، خاصة وأن الدولة المصرية لديها عدة مصادر من موارد النقد الأجنبي مثل، السياحة وقناة السويس وحصيلة الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج والإستثمارات الأجنبية .
منال الحديدي الخبير المصرفى , قالت أن مصر تعتمد علي مصادر متنوعة من النقد الأجنبي منها تلقى ودائع ومساعدات من دول الخليج العربى، بالإضافة الي الإقتراض من المؤسسات الدولية والإقليمية وإصدار سندات دولية في الأسواق الخارجية مثل سوق لندن، بخلاف الإستثمار الأجنبي المباشر وإيرادات السياحة في محاولة لتعزيز موارد النقد الأجنبي , مشيرة إلى أن الحكومة تعتمد على مصادر الدخل الأجنبي بشكل كبير .
أضافت أنه بعد الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، والذي يعتبر شهاده ثقة في الإقتصاد الوطني ،وإتخاذ الحكومه إجراءات فعلية في طريق تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادي، وانعكس ذلك إيجابياً على أداء الحكومة ، خاصة بعد قيام العديد من المؤسسات الدوليه بالإثناء على إجراءات الحكومة وتحسن مؤشرات الإقتصاد الكلي .
من جهه أخري توقع بنك استثمار بلتون فايننشيال استمرار الدين الخارجي لمصر في الإرتفاع ليصل إلى 107 مليارات دولار في العام المالي الجاري مقابل 92.6 مليار دولار في نهاية عام 2017-2018 , مرجعاً ذلك إلى تمويل الفجوة التمويلية المتوقع أن تبلغ 11.3 مليار دولار في العام المالي 2018-2019.
وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن نسبة الدين الخارجي بلغت 37% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية يونيو 2018، في حين يحدد صندوق النقد الدولي النسبة الآمنة لمجموعة دول الإقتصاديات الناشئة عند 58.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني أن نسبته في مصر لم تتعد الحدود الآمنة حتى الآن.
ويتوقع الصندوق أن يتراجع الدين الخارجي إلى 87.5 مليار دولار في نهاية 2019-2020، ليستقر في العام التالي عند نفس المستوى، ثم ينخفض بشكل طفيف إلى 87.1 مليار دولار في 2021-2022، ثم إلى 82.9 مليار دولار في نهاية 2022-2023.
وزارة المالية قالت أنه لا يوجد أي نية للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وذلك بعد إنتهاء برنامج القرض الحالي البالغ قيمته 12 مليار دولار , مؤكده على تحسن وإستقرار الإقتصاد المصري بشكل ملحوظ بشهادة كافة المؤسسات الدولية ولا توجد حاجة للحصول على أي قرض جديد من الصندوق.
أضافت أن الاقتصاد المصري الآن في حال أفضل، وقد إستعاد ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في ظل الإجراءات الإصلاحية التي أسهمت في تحسن مؤشرات الإقتصاد الكلى، وزيادة تدفق الإستثمارات المحلية والأجنبية وإرتفاع معدلات النمو والتشغيل.
وقد بلغ حجم الدين الخارجي 36.6 مليار دولار بنهاية 2010 , ثم بلغ 34.9 مليار دولار بنهاية 2011 , وسجل 34.3 مليار دولار نهاية 2012 , قبل ان يرتفع بمقدار 9 مليار دولار مسجلا 43.2 مليار دولار بنهاية 2013 , ثم واصل الدين الخارجي ارتفاعه مسجلا 46 مليار دولار بنهاية 2014, وزاد 2 مليار دولار مسجلا 48 مليار دولار بنهاية 2015 , واستمر الدين الخارجي في ارتفاعه مسجلا 55.7 مليار دولار بنهاية 2016 , اما في نهاية 2017 فقد بلغ اجمالي الدين الخارجي حوالي 60.1 مليار دولار , ثم بعد ذلك ارتفع بقيمة 32 مليار دولار مسجلا 92.6 مليار دولار بنهاية 2018.
الجدير بالذكر أن الدين الخارجي مرشح للزيادة خلال الفترة المقبلة وسط توقعات بتخطية حاجر الـ 100 مليار دولار، الأمر الذي قد يشكل ضغوطات كبيرة علي الحكومة للقيام بسداد قيمة تلك الديون خلال فترات معينه محدده سلفاً.