توقع عدد من الخبراء والمصرفيين أن يواصل إحتياطى النقد الأجنبى الصعود خلال العام الحالى 2021 ، وذلك بعدما إستطاع الإحتياطى النقدى الصمود بقوة فى مواجهة أزمة كورونا خلال عام 2020 ، وأرجعوا السبب فى ذلك إلى قدرة البنك المركزى المصرى على إستخدام أدوات السياسة النقدية بحرفية بالغة فى مواجهة الأزمة ، والعمل على إستخدام الإحتياطى النقدى بشكل جيد وقت تفشى أزمة فيروس كورونا فى مارس الماضى ، ليعاود الإحتياطى النقدى الإرتفاع مجدداً ويغلق على صعود .
أشاروا إلى أن تدفقات إستثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية وإستمرار إحتفاظ مصر بجاذبية خاصة من حيث معدل أسعار العائد بالمقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى يعزز إستمرار تدفق النقد الأجنبى .
أضافوا ، أنه على الرغم من إنخفاض إحتياطى النقد الأجنبى بنحو 5.3575 مليار دولار خلال عام 2020 ، إلا أنه إستطاع الصمود بقوة رغم كل الضغوط والأزمات التى مر بها العام الماضى، بالإضافة إلى التداعيات الخاصة بتفشى فيروس كورونا ليسجل 40.0625 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر 2020 مقابل 39.221 مليار دولار بنهاية نوفمبر ،ومقابل 45.420 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2019 .
ولقد صمد الإحتياطى النقدى بقوه فى وجه كافة التداعيات السلبية التى مرت بعام 2020 ،الأمر الذى أهله لذلك هو نجاح البنك المركزى بالوصول للإحتياطى النقدى لمستويات قياسية غير مسبوقة وتاريخية تعد الأعلى على الإطلاق فى تاريخ مصر ، حيث تجاوزت حاجز الـ 45 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2019، وهو ما ساهم فى زيادة قدرة المركزى على مساندة الدولة فى ظل أزمة “كورونا” .
يذكر أن الإحتياطى النقدى كان قد إرتفع لأعلى مستوياته على الإطلاق فى فبراير 2020 عند 45.510 مليار دولار ، ليتراجع بعدها فى مارس 2020 مع تفشى أزمة فيروس كورونا ليصل إلى 40.108 مليار دولار .
أعلن البنك المركزى بنهاية شهر أبريل 2020 أن رصيد إحتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى بلغ نحو 37.037 مليار دولار أمريكى بنهاية شهر أبريل 2020 ، مقابل 40.108 مليار دولار فى نهاية شهر مارس 2020 .
أرجع المركزى السبب فى هذا الإنخفاض إلى استمرار تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد على الأسواق العالمية للشهر الثانى على التوالى ، والتى على أثرها تواصلت عمليات التخارج لاستثمارات الصناديق المالية الأجنبية من الأسواق الناشئة ، وكذلك الأسواق المصرية خلال شهر أبريل 2020 ، وأن كانت بوتيرة أقل من شهر مارس الذى شهد ذروة تخارج المحافظ الأستثمارية .
أكد البنك المركزى فى بيان صادر عنه فى ذلك الوقت، “أنه من منطلق دور البنك المركزى المصرى فى الحفاظ على استقرار الأسواق المصرية ، وفى ظل الاوضاع الإقتصادية المضطربة عالمياً ، فقد قام البنك المركزى خلال شهر أبريل 2020 ، بإستخدام حوالى 3.1 مليار دولار امريكى من الاحتياطى النقدى الدولى لتغطية احيتاجات السوق المصرى من النقد الاجنبى لضمان استيراد السلع الإستراتيجية ، بالإضافة إلى سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة تقدر بنحو 1.6مليار دولار ، والتى تضمنت استحقاق سندات دولية بمبلغ 1 مليار دولار ، وكذلك خروج بعض المستثمرين من خلال آلية البنك المركزى لتحويل اموال المستثمرين الاجانب .”
فقد قام البنك المركزي المصري خلال شهر مارس 2020 بإستخدام حوالي4.5 مليار دولار أمريكي من الإحتياطى النقدي الدولي لتغطية إحتياجات السوق المصري من النقد الأجنبى ، وتغطية تراجع استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية ، وكذلك لضمان استيراد سلع إستراتيجية، بالإضافة إلي سداد الإلتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة .
قال البنك المركزى، أنه قد تأكد أن التزايد القياسي الذى تحقق للاحتياطي النقدي الأجنبى عبر السنوات الثلاث الماضية ووصوله إلى ما يزيد عن 45 مليار دولار لأول مرة في تاريخ مصر كان أحد أسس ثبات واستقرار الأقتصاد المصرى وقدرته على تحمل أكبر الصدمات التى يعانى منها أكبر الأقتصاديات العالمية.
كما وفر هذا الإحتياطى النقدى القدرة على توفير السيولة لتمويل المشروعات الكبرى للدولة ، وكذلك القطاع الصناعى والزراعى والخدمى بما يؤدى الى دعم الإنتاج المحلى بكل مجالاته وهو أكبر ضمان لخلق فرص العمل للمصريين.
قام البنك المركزى والحكومة المصرية خلال شهر أبريل بإتخاذ إجراءات إستباقية وحاسمة للحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الإقتصادى ، وتم التقدم بطلب لصندوق النقد الدولى للحصول على حزمة مالية طبقاً لبرنامج أداة التمويل السريع RFI ، وبرنامج إتفاق الاستعداد الاتئمانى SBA وهو ما عزز قدرة مصر على مواجهة أى صعوبات اقتصادية متوقعة، وكذلك حماية القطاعات الأكثر عرضة لأضرار انتشار فيروس كورونا .
واستناداً لنجاح مصر فى تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادى السابق فقد أبدى الصندوق ترحيبه بالشديد بالتعاون المشترك مع جمهورية مصر العربية لإستمرار العمل على تطوير الإقتصاد المصرى .
كما يؤكد البنك المركزى المصرى، أنه لن يتوانى عن إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد المصرى فى ظل الأاوضاع الاستثنائية التى يمر بها العالم ويتمنى السلامة لجميع افراد الشعب المصرى .
رامى أبو النجا نائب محافظ البنك المركزى المصرى، قال أن إحتياطيات مصر وصلت لمعدلات تاريخية عند 45 مليار دولار ، ولذلك تجاوزنا بالإحتياطى النقدى لمصر أى أزمات ،وهو مستوى يفوق كل معايير الكفاية الدولية، كما يعد أكبر بكثير من إحتياجات مصر وكان يهدف إلى تأمين وضع مصر حال حدوث أية أزمات، وتحسين وضع مصر الإئتماني وتأمين كافة إحتياجات مصر، موضحاً أن الإحتياطى الخارجى مناسب وهو يكفى لتغطية 7 أشهر من الواردات السلعية ، وهو أكبر من المتوسطات العالمية .
أكد أن مصر لديها قدرة كبيرة على تعزيز الإحتياطات النقدية الدولية إن إحتاجت لذلك من خلال التعاون مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات متعددة الاطراف وسوق السندات الدولية .
وفى شهر مايو 2020 أوضح رامى أبو النجا ،أن مصر حصلت فى 13 مايو 2020 على دفعة حزمة أداة التمويل السريع من صندوق النقد الدولي بقيمة 77ر2 مليار دولار، مشيراً إلى أن اقتصاد مصر كبير ومتنوع، ويعتمد في جانب منه على التمويل الخارجي، مؤكداً أن مصر لديها قدرة على الحصول وجلب التمويل اللازم لسد أي فجوات مستقبلية قد تطرأ.
أضاف، أن الجزء الأول من حصة التمويل السريع الـ RFI التى اتفقت عليها مصر مع الصندوق بقيمة 2.8 مليار دولار ، والحزمة الثانية هى برنامج الإستعداد الإئتمانى يتم حالياً التفاوض على قيمته يتم حالياً التفاوض على أهم ملامح برنامج الاستعداد الائتمانى و قيمته ولم يتم تحديدها بعد ، ولكن لن يتم تعزيز الإحتياطى النقدى فقط من القرض ولكن الإقتصاد المصرى متنوع وبه وسائل عديدة لتعزيز الاحتياطي.
وبالفعل إرتفع إحتياطى النقد الأجنبى فى يونيو 2020 إلى 38.315 مليار دولار ، مقابل 36.004 مليار دولار فى مايو 2020، ليواصل بعدها الصعود ثانية ليصل إلى 38.315 مليار دولار فى يوليو ، و38.366 مليار دولار فى أغسطس ، و38.425 مليار دولار فى سبتمبر .
ولقد قفز الإحتياطى النقدى إلى 39.220 مليار دولار فى أكتوبر وسجل فى نوفمبر 39.222 مليار دولار ، وذلك بفعل عودة الاستثمارات فى الادوات المالية للتدفق مرة اخرى .
عاكف المغربي نائب رئيس بنك مصر، قال إن إرتفاع إحتياطي النقد الأجنبي مؤشر جيد للغاية على الثقة مع عودة النشاط الإقتصادي من جديد، ويعكس التفاؤل القوي للمؤسسات الدولية بأحد الإقتصادات القليلة التي ستحقق نموًا كبيرًا بالمقارنة بباقي الاقتصاديات، التي تكاد تنكمش حاليًا بسبب وباء كورونا.
أشار إلى أن العودة القوية للمستثمرين الأجانب للسوق المصرية، مع عودة السياحة وإنخفاض الواردات، بجانب بدء تسلم شرائح قرض صندوق النقد الدولي، سيعزّز من إستمرار ارتفاع الإحتياطيات بشكل خاص، ومعدلات النمو الاقتصادي بشكل عام خلال الفترة المقبلة.
محمد عبد العال الخبير المصرفى، قال إن مسألة تراجع إحتياطى النقدى كانت متوقعة فى ظل أزمة فيروس كورونا المستجد ، والتى أثر على جميع دول العالم ، وأدت إلى توقف حركة السياحة والطيران ، وأثرت بدورها على التدفقات النقدية الدولارية من العاملين بالخارج .
أضاف ، أن البنك المركزى نجح فى بناء إحتياطى نقدى عند مستويات تاريخية غير مسبوقة ، مما جعله قادراً على إستيعاب الصدمات الخارجية ، موضحاً أن هناك إلتزام كبير من مصر فى سداد إلتزاماتها والمستحقات الخارجية للدول الدائنة وأقساط القروض .
توقع عبد العال أن يواصل الإحتياطى النقدى الإرتفاع خلال العام الحالى ، مؤكداً أن كافة المؤشرات تدل على أن الإقتصاد المصرى قد إستطاع تجاوز الأزمة ، ومع استمرار تدفق الإستثمارات الأجنبية وقدرة المركزى على التعامل مع الأزمة وصعود الإحتياطى لما فوق حاجز الـ 40 مليار دولار مجدداً .