أكد عدد من الخبراء وقيادات البنوك أهمية الدور الذى يجب أن تلعبه الحكومة المصرية خلال العام الجارى من أجل تذليل العقبات أمام المستثمرين المحليين ، والعمل على جذب الإستثمارات المباشرة ، وعرضوا لعدد من الإجراءات التى ينبغى أن تقوم بها الحكومة فى 2020 لجذب الإستثمارات .
استبعدوا فى نفس الوقت مسالة تأثر إستثمارات الأجانب فى أدوات الدين، نظراً لإنتهاج البنك المركزى المصرى لسياسة نقدية أكثر مرونة ، وإتجاهه لخفض أسعار العائد بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة ، مؤكدين أن أسعار العائد فى مصر ستظل الأعلى بالمنطقة ،وهو الأمر الذى سيساهم فى إستمرار جذب إستثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية .
كانت وزارة الملية أعلنت فى وقتاً سابق أن إستثمارات الأجانب في أدوات الدين بلغت بنهاية ديسمبر 2019 نحو 22 مليار دولار، بالإضافة إلى قيام البنك المركزي المصري في إجتماع لجنة السياسة النقدية، فى 16 يناير 2020، بتثبيت أسعار الفائدة على الجنيه، لأول مرة منذ شهر أغسطس الماضي، عند مستوياتها الحالية 12.25% للإيداع و13.25% للإقراض لليلة واحدة ، وذلك بعد قيامه بخفض العائد بنحو 4.5% خلال العام الماضى .
كما أشاروا إلى ضرورة أن تقوم الحكومة بجهود أكبر فى جذب الإستثمارات المباشرة ، وبما تترواح قيمته من 10 لـ 13 مليار دولار خلال عام 2020 ،وذلك لمواجهة أى تحديات محتملة فى حالة وقوع أى تطورات على المستوى العالمى أو بالأسواق الناشئة قد تؤدى لتراجع الإستثمارات فى أدوات الدين المحلية .
أكدوا أيضاً على ضرورة أن يكون هناك ممثل لوزارة الإستثمار، يستطيع المستثمر المحلى والأجنبى الوصول إليه فى أى وقت وذلك لعرض مشكلاتهم ، ويكون هناك سرعة فى تقديم حلول لهذه المشكلات ، مشيرين إلى أن هذا الأمر هام جداً للعمل على جذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة ،لتعظيم فرص الإستثمار المحلى بالسوق، بما ينعكس إيجاباً فى القضاء على البطالة، وزيادة الإنتاج الزراعى والصناعى وزيادة الصادرات .
الدكتور محسن عادل رئيس قطاع الإستثمار بمجموعة بيت الخبرة للتنمية الإقتصادية ، قال أنه إذا تم وضع عنوان لعام 2020 ، فيجب أن يكون عاماً لتشجيع الإستثمار في مصر ، موضحاً أن الأمر أصبح يستلزم البدء في وضع برنامج متكامل لمراجعة التكاليف التي تتعرض لها الشركات بدءاً من مرحلة التأسيس وحتى مرحلة التشغيل، وذلك بصورة تعكس عنصر المنافسة على مستوى قطاعات الإستثمار بأنواعها إلى جانب زيادة الدور الذي تلعبه السياسات الحكومية في عملية تشجيع الإستثمار.
أضاف أنه يجب أن تشمل عملية المراجعة هنا على ثلاثة مراحل، وتتعلق المرحلة الأولي بتكاليف التأسيس والتراخيص بأنواعها ، سواء المصروفات الإدارية أو تلك المرتبطة بتكلفة الحصول على الأرض والمرافق وغيرها من التكاليف عند بدء النشاط .
أوضح عادل ، أن المرحلة الثانية ترتبط بعنصر فترة التشغيل، ويتضمن هنا عوامل مثل تكلفة الطاقة والضرائب والتأمينات الإجتماعية ، والرسوم الإدارية التنظيمية ، وتكلفة النقل والمواد الخام ، ونقص سلاسل الأعمال، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية والأعباء الادارية ،وتكاليف تأخير الإجراءات الحكومية ،بما يضم تحقيق وفر في التكاليف التي يتحملها المستثمر دون تحقيق غبن في تحصيل مستحقات الدولة .
أما العامل الثالث فيتمثل فى مقارنة متوسطات التكاليف بالمتوسطات السائدة في المنطقة، بالمقارنة مع المتوسطات الخاصة بالعوائد أيضاً محلياً ومع الدول المنافسة ،لإبراز عنصر التنافسية الحقيقي للإستثمار في مصر ، علماً بأن هذه التكاليف يجب أن تتضمن أيضاً مراجعة شاملة لتكاليف التمويل ،سواء المصرفي أو غير المصرفي على عملية الإستثمار .
قال أنه من ناحية أخري تعاني منظومة إدارة الإستثمار الحالية من تعدد الجهات التي تقوم بهذا الدور، مثل مكاتب الإستثمار التابعة للمحافظات والادارة المحلية للعديد من المناطق الإستثمارية التابعة للمحافظات أو لجهات مثيلة، بالإضافة إلي المناطق الصناعية التي تعاني أغلبها من ذات المشكلة ،وهو ما يتطلب خطوة عاجلة بضم كافة الجهات الإستثمارية إلي تبعية الهيئة العامة للاستثمار، حتي يتسني توحيد الاجراءات والآليات المطلوبة لإدارة المنظومة، بالإضافة إلي تكوين وحدات من خلال الهيئة أسوة بالمتبع في أغلب دول العالم للترويج الإستثماري تتبع هيئة الإستثمار اشرافياً للترويج لأنشطة الوزارات أو الهيئات أو الجهات .
كما يستدعي ذلك أيضاً تفعيل مقترح قديم لم يفعل بإنشاء وظيفة جديده بالسفارات المصرية بالخارج، تختص بالترويج للفرص الإستثمارية مع إنشاء مكاتب إستثمارية تتبع الهيئة العامة للإستثمار، ليس فقط محلياً ولكن في أبرز نقاط الجذب الاستثماري عالمياً.
أكد عادل، ضرورة أن يؤخذ في الإعتبار أن المشروعات الجديدة غالباً تنفذ علي فترات تتراوح ما بين سنه إلي أربع سنوات أو علي فترات أطول من ذلك، لذا فالإستثمارات الحالية قابلة للزيادة بقيم أعلي خلال السنوات التالية ،خاصة في ضوء تحسن مناخ الاستثمار في ضوء الجهود التي تبذل ،ونتيجة لذلك فيجب تبني منهج متكامل بدء من إستكمال إصلاح البيئة التشريعية، بحيث تصبح أقل تعقيداً وإعطاء أولوية لتنمية المناطق الواعدة ،ومن منطلق ذلك فقد أصبح من الهام إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للاستثمار، لكي يتولى مراجعة الإجراءات والقوانين المتعلقة بالإستثمار فى الأنشطة والمجالات كافة ، الأمر الذى يعطى ثقة لجميع المستثمرين المصريين والأجانب بأن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية فى منظومة الإستثمار، وهو ما سينعكس إيجاباً على معدلات الإستثمار داخل السوق المصرى .
أشار إلى أن القرارات التي ستصدر عن المجلس ستلتزم بها الوزارات الموجودة ،خاصة من ناحية الإستراتيجية الإستثمارية ومتابعه التغيرات فيها ، وعرض المشكلات غير التنفيذية وسبل معالجتها، مما سيساهم في تسريع الجهود المبذولة لعودة مصر كدولة رائدة وجاذبة للإستثمار ، وسيكون ضمان لسرعة حل مشاكل المستثمرين ،وإنهاء الخلافات بين الأجهزة الحكومية والمستثمرين، خاصة من قاموا برفع دعاوي قضائية أو لجأوا للتحكيم الدولي.
طارق حلمى الخبير المصرفى ، قلل من تأثر حجم الإستثمارات فى أدوات الدين المحلية فى العام الجارى بشكل كبير ، وذلك فى ظل إرتفاع معدل أسعار الفائدة والتى تعد الأعلى بالمنطقة مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين ، وهناك سعر عائد أعلى بتركيا يصل إلى 27% أو 28% ، ولكن هناك مخاطر مرتفعة لتركيا ، بسبب تورطها فى بعض الحروب السياسية بالمنطقة، الأمر الذى يجعلها عالية المخاطر بالنسبة للمستثمرين .
أضاف أنه فيما يتعلق بالإستثمار المباشر ، فإن الأمر يتطلب إهتمام أكبر من الحكومة بعمل جولات ترويجية تضم مجموعة من ممثلى الحكومة، لجذب المستثمرين الأجانب وتعريفهم بالفرص والمزايا الموجودة بالسوق .
أشار حلمى، إلى أنه رغم إتجاه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة ، إلا أن العائد على أدوات الدين المحلية رغم هذا الخفض لاتزال الأعلى، بالمقارنة بالعائد من فرق سعر الدولار أمام الجنيه ، موضحاً أن هدف الحكومة من خفض أسعار العائد هو تخفيض العجز فى الموازنة العامة للدولة ،بالمقارنة بالناتج المحلى الاجمالى ليصل إلى 70 % أو 75% ، مقابل 80% فى الوقت الراهن .
أوضح أن العام الجارى يشهد حالة إنكماش عام بسبب التغييرات والتطورات على المستوى الدولى والعالمى ، ولكن ليس بالضرورة أن يتأثر الإقتصاد المصرى بهذه التطورات ، بل من الممكن أن تنطوى التطورات العالمية على فرص أكبر للسوق المصرية ، ولكن المهم أن يكون لدينا القدرة على الترويج للفرص الإستثمارية .
طارق متولى الخبير المصرفى، قال أن هناك تطورات كثيرة تمت خلال عام 2019 ، ساهمت فى تهيئة المناخ اللازم لجذب الإستثمارات المباشرة ، مشيراً إلى أن الإستثمار يعد بمثابة مسالة حياة أو موت للإقتصاد المصرى .
أضاف أن هناك طفرة رهيبة حدثت فى البنية التحتية فى مصر من طرق وكبارى وتحسين مناخ الإستثمار، كما تم التغلب على مشكلة الدولار وضبط سوق الصرف ، ولقد أصبح معدل النمو الإقتصادى يتجاوز 5% ، مؤكداً أن الإستثمار يقصد به الإستثمارالمباشر ، وليس الإستثمار فى أدوات الدين .
أشار متولى، إلى أننا فى حاجة لإستثمار مباشر حقيقى ، ينتج عنه الإستثمار الصناعى والزراعى ، وتقليل معدل الإستيراد ، وزيادة الصادرات ، وتحسين العجز فى ميزان المدفوعات ، موضحاً أن هناك مجهودات تمت فى ملف الإستثمار ، وأصبح هناك لجنة وزارية تحت مسئولية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ، ولكن الأمر يتطلب خطط واضحة لجذب الإستثمارات ولدفع الإقتصاد للأمام ، مشيراً إلى أن جذب الاستثمارات المباشرة لن يتحقق بالإجتماعات فقط ، ولكن الأمر يتطلب الذهاب للمستثمرين ، والترويج للإستثمارات والفرص بالسوق المصرية فى الخارج .
أوضح أن المستثمر الأجنبى يحتاج لمعرفة كل التفاصيل حول الفرص المتاحة ، وتقديم قصة حقيقية وواقعية حول الفرص المتاحة والمزايا التى يتم منحها عند الإستثمار ، والتى يمكن أن يعتبرها المستثمر بمثابة فرصة حقيقة له ويسعى لإستغلالها ، مشيراً إلى أن المستثمر ليس بحاجة للخطب والكلام الإنشائى ، فلابد أن يسمع عن خطط واضحة وفرص حقيقية تساهم فى جذب الإستثمارات المباشرة .
كا يرى متولى، أننا فى حاجة لمتخصصين فى الإستثمار ، وذلك للإستفادة من الفرص فى الوقت الراهن ، فى ظل التحديات التى تشهدها أغلب دول العالم، فنجد الولايات المتحدة الأمريكية تعانى من المشكلات، وبعض الدول والوجهات الإستثمارية بالمنطقة مثل المغرب والأردن تعانى من بعض المشكلات ، وهى فرصة مصر لتسويق الفرص الإستثمارية لديها ، مؤكداً أنه ينبغى أن تقوم الدولة بسماع مشكلات المستثمر المحلى ، والعمل على تذليلها وتقديم حلول فعلية لها ، لأنه ينبغى أن نقوم بحل مشكلات المستثمرين بالسوق المحلية ، قبل الترويج والعمل على حذب المستثمرين الأجانب .
أضاف أن المستثمر الأجنبى عندما يفكر فى الإستثمار بالسوق المصرية ، يقوم بمناقشة الأمر مع المستثمرين بالسوق المحلية ممن يتعامل معهم ، فالمستثمر فى هذه الحالة لايقوم بالإستماع لوجهة نظر المسئولين فقط ، ولكن يستمع أيضاً لوجهة نظر المستثمر المحلى ، وبالتالى لابد أن نختار لغة لمخابطة المستثمرين بالصورة التى تحقق لهم المزايا التى يطمحون لها .
أكد متولى، أن الإستثمار المحلى مهم مثل الإستثمار الأجنبى ، ولابد أن يتم الإستعانة بكفاءات فى الإستثمار قادرة على مخاطبة دول العالم الخارجى ، ولقياس النجاح الحقيقى للحكومة فى هذه المهمة ، لابد أن يتم جذب ما تترواح قيمته بين 10 لـ 13 مليار دولار بعيداً عن أدوات الدين الحكومية ، موضحاً أن مدى تأثر حجم الإستثمارات فى أدوات الدين المحلية فى عام 2020 يخضع للعديد من العوامل ، فطالما أن سعر العائد مرتفع ، وليس هناك مشاكل فى الأسواق الناشئة ستستمر التدفقات على أدوات الدين المحلية .
كما أشار إلى ضرورة أن يكون هناك ممثل لوزارة الإستثمار ، يستطيع المستثمر المحلى والأجنبى الوصول إليه فى أى وقت وذلك لعرض مشكلاتهم ، ويكون هناك سرعة فى تقديم حلول لهذه المشكلات ، مؤكداً ان هذا الأمر مهم جداً للعمل على جذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة ، ولتعظيم فرص الإستثمار المحلى بالسوق بما ينعكس إيجاباً فى القضاء على البطالة وزيادة الانتاج الزراعى والصناعى وزيادة الصادرات .
الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى،توقع أن يشهد العام الجارى إستمرار تدفق الإستثمارات فى أدوات الدين المحلية ، وذلك لأن أسعار العائد عليها ستظل الأعلى بالسوق حتى مع إتجاه البنك المركزى لخفض اسعار العائد ، موضحاً أن التطورات العالمية وتداعيات فيروس كورونا على الإقتصاد الصينى وشرق اسيا ، من شأنها أن تؤدى لتحول الإستثمارات للسوق المصرية خلال الفترة المقبلة .