يبدو أن عام 2020 سيكون عاماً سعيداً على الجنيه المصرى ، الذى ظل يعانى لسنوات طويلة منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف فى بداية نوفمبر2016 ، أى لفترة تتجاوز الثلاث سنوات ، حيث أخذ “الجنيه السعيد” فى تحسين وضعه أمام “الدولار العنيد” ،الذى ظل قابعاً على أنفاس الجنيه منذ “التعويم” .
فالدولار الذى سجل أعلى سعر فى تاريخه عند مستوى 19.52 جنيه ، وظل وقتها يردد البعض أن الدولار سيصل إلى مستوى 25 جنيهاً ، بل أن البعض راح يقول أن الدولار سيصل إلى مائة جنيه ، والغريب أن هناك من صدق هذا الخيال ، ولكن المتابع لسوق الصرف جيداً، كان يعلم علم اليقين هذا السيناريو الذى يشهده السوق حالياً .
والحقيقة أن البنك المركزى كان على الموعد فى طريقة إدارة ملف السياسة النقدية ، والتعامل مع هذا الملف الشائك خاصة قرار تحرير سعر الصرف ، الذى ظل منطقة محرمة ممنوع الإقتراب منها لسنوات طويلة ، حتى وصل الوضع إلى أمراً لم يعد من الممكن السكوت عليه ، حيث كان هناك سوقين للعملة الأجنبية، أحدهما رسمى والآخر غير رسمى “السوق الموازى” ، وكان الفرق فى السعر بين الأثنين كبير للغاية ، وهنا كان القرار الصائب من البنك المركزى بضرورة تحرير سعر الصرف ، وعدم التدخل فى السعر من قريب أو بعيد وتركه لآلية العرض والطلب .
وكان البنك المركزى يعلم جيداً أنه سيحدث إنفلات فى سعر الدولار بالسوق المحلية عقب إتخاذ قرار “التعويم” ، ولكنه كان على يقين أن الإستقرار سوف يحدث بعد ذلك ، وهذا ما بدأ يشهده السوق حالياً حيث تراجع سعر الدولار مجدداً أمام الجنيه ، ليصل الدولار إلى مستوياته فى شهر “التعويم” ليدور حول مستوى الـ 15.50 جنيه.
وطبقاً لما أعلنته الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط ، أن إنخفاض سعر العملة الأمريكية أمام الجنيه وكسر الدولار حاجز الـ 16 جنيهاً ، يعزى إلى عدة عوامل، جاء في مقدمتها زيادة إستثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية، والتي إرتفعت إلى 15.29 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، بالإضافة إلى إرتفاع أعداد السائحين ، وكذلك إستقرار تحويلات المصريين في الخارج.
طبعاً يأتى ذلك بالتزامن مع زيادة إحتياطى مصر من النقد الأجنبى، حيث ارتفع الإحتياطي النقدي لمصر من العملات الأجنبية إلى 45.51 مليار دولار في فبراير الماضي، مقارنة بنحو 45.457 مليار دولار في يناير 2019.. وهذة المؤشرات الإقتصادية كلها تؤكد بالدليل القاطع أن السياسة الإقتصادية بشقيها المالية والنقدية يسيران على الطريق الصحيح.. وهذا يؤكد أن القادم أفضل بإذن الله .