الخميس , 25 أبريل 2024

“البورصة” .. تبحث عن متنفس جديد !!

كتب شيماء محمد

 

لا أحد ينكر أن سوق المال المصرى يحتاج لحزمة من الآليات والإجراءات ، التى تسهم فى إنعاش السوق وإعادة الروح إليه مرة أخرى ، خاصة بعد الأداء الباهت الذى سيطر عليه خلال الشهور الأخيرة بشهادة كل المتابعين والمحلليين .. هذا ما أكده عدد من الخبراء خلال مشاركتهم فى الندوة التى أقيمت مؤخراً تحت “ماذا يحدث في سوق المال المصري؟ أزمة قطاعية أم مرآة للأداء الإقتصادي؟”،

ناقش الخبراء الأسباب الحقيقة وراء ضعف سوق البورصة المصرية ، وهل يرجع لمشاكل داخل البورصة نفسها أم مشاكل تتعلق بالإقتصاد ككل، وذلك بحضور وزير قطاع الأعمال ونخبة من المتخصصين بمجال الإستثمار والبورصة والقطاع الخاص ونواب البرلمان.

هاني توفيق الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر، قال إن المشكلة الرئيسية في أزمات البورصة المصرية،ترجع إلى مشاكل تتعلق بالإستثمار المباشر وعدم وجود حوافز لطرح الشركات في البورصة، وهو ما تسبب في إنخفاض حجم التداول اليومي بالبورصة من 400 مليون دولار عام 2000 إلى نحو 20 مليون دولار فقط حالياً.

أضاف قائلاً : كما إنخفض عدد الشركات المدرجة في البورصة من 1071 شركة عام 2000 إلى 251 شركة فقط عام 2018، وتراجعت القيمة السوقية للشركات المدرجة بالبورصة كنسبة إلى الناتج المحلى من 106% عام 2007 إلى 19% فقط في 2018، وهى نسبة متدنية جداً مقارنة بدول عربية وأجنبية، حيث تصل نسبة القيمة السوقية للشركات المدرجة بالبورصة السعودية لنحو 66% من الناتج المحلى الإجمالي، و77% من الناتج المحلى بالكويت، و337% ببورصة جنوب أفريقيا.

أوضح أيضاً أن البورصة لكى تنشط تحتاج لما أسماه “بضاعة جديدة”، أي شركات يتم إدراجها بسوق المال، لافتاً إلى إلغاء الحوافز والإعفاءات الضريبية المحفزة لإدراج الشركات بالبورصة، وعمل ضريبة دمغة على التعاملات وصفها بالـ”كارثية”، بجانب أزمات الإستثمار المباشر المتمثلة في إرتفاع أسعار الأراضي وعدم توافرها، وإرتفاع سعر الفائدة ومزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الإقتراض من القطاع المصرفي، وعدم جود عمالة فنية مدربة، بالإضافة إلى إرتفاع أسعار الطاقة للقطاع الصناعة بصورة تجعله غير تنافسي، وفساد المحليات والتشوه الجمركي.

أحمد أبو السعد رئيس مجلس إدارة شركة رسملة لإدارة صناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية، أكد أن السبب الرئيسي لأزمات البورصة يرجع لمشاكل الإستثمار، مشيراً إلى وجود تحسن في مؤشرات الأداء الإقتصادي، ولكن هذا التحسن لا ينعكس على الشركات المدرجة بالبورصة، وبالتالي لا ينعكس على أداء البورصة، مطالباً بمراجعة المعاملة الضريبية لصناديق الاستثمار لتحفيز المواطنين على الإستثمار بها بديلاً عن العقارات.

هبة الصيرفي مساعد رئيس البورصة والمشرف على قطاع الشركات،قالت إن البورصة تعكس ما يحدث في الإقتصاد بالفعل وأساسها وجود الثقة في الأداء الإقتصادي، لكن تحسين الأداء مسئولية مشتركة بين جميع الجهات من بورصة ومقاصة ووزارات معنية وجهات رقابية وجمعيات أهلية، مؤكدة على تواصل البورصة مع كافة حلقات المنظومة لعمل على جانبي العرض والطلب من خلال جذب الإستثمارات وزيادة الشركات المدرجة بالبورصة، وخلق بيئة تداول كفء وبيئة رقابية مطمئنة للمستثمر.

أشارت إلى التواصل مع نحو 80 شركة لعرض مزايا الإدراج بالبورصة، بالإضافة إلى التواصل مع بنوك الإستثمار والجامعات لنشر ثقافة الإستثمار، والعمل على توفير الإفصاحات الكاملة للشركات بما يساعد متخذ القرار على إتخاذ القرار المناسب.

هاني برزي رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، تحدث عن تجربة إدراج شركته بالبورصة عام 2015 ،والتي واجهت صعوبات نتيجة الظروف الإقتصادية للدولة، ولكنها نجحت، مؤكداً على أن الشركات العائلية عندما تصل إلى حجم معين لابد من طرحها في البورصة للوصول إلى مستوى جيد من الحوكمة.

أشار إلى أن قطاع الصناعة يعاني من مشاكل كبيرة تتعلق بارتفاع أسعار الأراضي الصناعية بخلاف الترفيق وتكلفة المباني وإنكماش السوق وتراجع القوى الشرائية، ما يؤدى لصعوبة شديدة في تحقيق العائد على الإستثمار، مشدداً على أن النمو الإقتصادي لن يتحقق إلا بالاهتمام بالصناعة، مطالباً وزارة الصناعة بتغيير الفكر في بيع الأراضي، والتوجه نحو نظام الإيجار وهو ما يحدث بالمغرب، كما دعا للاهتمام بدعم المصدرين لأنه إذا لم يتم الإهتمام بالإستثمار المحلى لن يأت الإستثمار الأجنبي ولن تزيد الصادرات المصرية.

الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي خبيرة سوق المال، قالت إن مصر تعاني مشكلة كبيرة في الأراضي بشكل عام وليس الأراضي الصناعية فقط، لافتة إلى قيام المركز بإعداد دراسة متكاملة حول هذا الموضوع وطرق حل المشكلة أسوة بالتجارب العالمية وبما يتناسب مع الواقع المصري وتم تقديمها إلى الحكومة بالفعل، مشيرة إلى وجود معوقات كبيرة أمام الاستثمار تتمثل في إرتفاع أسعار الفائدة لمستويات يصعب معها قيام إستثمارات.

هشام توفيق وزير قطاع الأعمال، قال أن البورصة المصرية مرت بمرحلتين للإنتعاش، الأولى في الفترة من عام 1993 وحتى 1997 حيث شهد تغيرات إقتصادية وانتهت بطرح 75% من شركة مدينة نصر المملوكة لقطاع الأعمال ،وهو ما أسهم في تدفق المستثمرين على البورصة المصرية، أما المرحلة الثانية فكانت في الفترة من 2005 وحتى 2008 حيث شهدت وجود مجموعة وزارية لديها رؤية مشرقة لمصر ولكن إنتهت الإنتعاشة بعدد من القرارات الإقتصادية أعقبها أزمة مالية عالمية أوقفتها تماماً.

أضاف أن البورصة المصرية مرت بمراحل جيدة إستثنائياً ولفترات محدودة وكان هناك ضبابية في المشهد، مؤكداً صعوبة إنتعاش البورصة في ظل أسعار فائدة وتضخم مرتفعة، قائلا: “أولويتنا تخفيض سعر الفائدة والمديونية”.

أكد توفيق،على ضرورة وجود جهود حكومية كبيرة وغير مسبوقة في مجال تطوير التعليم والصحة، وبناء قاعدة بيانات كاملة للأصول غير المستغلة، مطالباً بتخفيض تكلفة التداول في البورصة حيث يمكن تخفيضها لنصف القيمة الحالية التي تحصلها الجهات المختلفة.

كما نفى أيضاً وجود أي نية لتصفية قطاع الأعمال العام، مؤكداً أن الطروحات الحكومية لا تهدف لسد عجز الموازنة، حيث كان من المتوقع أن تصل قيمة ما يؤول من الطروحات إلى الموازنة لحوالي 10 مليار جنيه ،وهذا لا يمثل قيمة كبيرة من قيمة عجز الموازنة الذى يتخطى 500 مليار جنيه، مشدداً على وضوح أهداف الطروحات الحكومية بالبورصة والمتمثلة في زيادة “البضاعة” بالبورصة حتى تعود البنوك وشركات الإتصالات التي خرجت من قبل مرة أخرى.

أضاف إن الطرح بدون سوق يعد من قبيل الجنون، معلناً عن قرب طرح شركتين جديدتين، لافتاً إلى أن المرحلة الثانية لبرنامج الطروحات الحكومية بالبورصة المقرر بدئه قريباً يستهدف شركات جديدة يتم قيدها بالبورصة لأول مرة وفى قطاعات جديدة أيضاً لتنويع الشركات المدرجة.

كما طالبت الدكتورة عبلة عبداللطيف، بإقرار حوافز لزيادة الشركات المدرجة بالبورصة، وإعادة النظر إلى إدارة صناديق الإستثمار لجذب إستثمارات شريحة كبيرة من صغار المستثمرين الذين توجهوا للاستثمار في العقارات لعدم وجود بدائل أخرى، مشددة على أن نمو القطاع الخاص هو أساس الإصلاح، لافتة إلى أن منظومة الإصلاح هي منظومة متكاملة لابد أن تتم في وقت واحد وفى محورها الإصلاح المؤسسي وفى قلبه الإصلاح الإداري.

شاهد أيضاً

خبراء البورصة :« التمويل المستدام».. حجر الزاوية للإقتصاد الأخضر!

نظمت الهيئة العامة للرقابة المالية ممثلة في المركز الإقليمي للتمويل المستدام ، ومعهد التخطيط القومي، …