لا أحد ينكر على الإطلاق الدور الكبير والحيوى الذى لعبه القطاع المصرفى المصرى ، منذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن فى تحمل عبء الإقتصاد المصرى، حيث أثبتت البنوك العاملة فى السوق قدرتها وقوتها الكاملة على قيادة السوق، فى ظروف صعبة توقفت فيها كل عجلات الإنتاج وتراجعت فيها موارد الدولة المختلفة ، ولكن بقت البنوك هى الداعم الأول والرئيسى لهذا الإقتصاد، الذى تراجع فيه الإحتياطى النقدى إلى ما دون الـ 14 مليار دولار فى فترة من الفترات.
كانت البنوك المصرية بالفعل هى رمانة الميزان ، فى ظروف إستثئاية مرت بها الدولة المصرية ، ويرجع ذلك فى المقام الأول إلى عملية الهيكلة والإصلاح المصرفى التى بدأها الدكتور فاروق العقدة فى عام 2003 ، ويستكملها حالياً المحافظ الجرىء “طارق عامر”، صاحب أجرأ قرار فى تاريخ السياسة النقدية وهو قرار تحرير سعر الصرف “التعويم” ، حيث تم إدخال تعديلات على قانون البنوك والبنك المركزى فى 2003 ، منها على وجه التحديد إلزام البنوك برفع رؤوس أموالها إلى 500 مليون جنيه كحد أدنى .
فى ذلك الوقت كانت هناك بنوك ليست بالقليلة تدور رؤوس أموالها حول الـ 50 مليون جنيه ،منها ما تمكن من زيادة رأسماله إلى الحدود المطلوبة ، ولجأت بنوك أخرى إلى الإندماج فى كيانات مصرفية أخرى أكبر لعدم قدرتها على رفع رأسمالها ، فى حين تم بيع بعض البنوك الأخرى ما ترتب عليه دخول كيانات مصرفية جديدة إلى السوق المصرية .
وهنا نقول أنه حان الآوان لإلزام البنوك مرة ثانية ،خاصة تلك التى مازالت رؤوس أموالها تدور أدنى المليار جنيه ، لرفع رؤوس أموالها على الأقل إلى 4 مليارات جنيه ، حتى تبقى البنوك المصرية هى فرس الرهان والحصن المنيع، للدفاع عن الإقتصاد المصرى وحمايته وقت الأزمات ، وذلك لأن البنوك التى مازالت رؤوس أموالها 500 مليون جنيه ، أعتقد أنها لم تعد تتمكن من المنافسة أو خدمة الإقتصاد المصرى سواء فى الوقت الحالى أو المستقبلى .
وفى الحقيقة لا أحد ينكر إطلاقاً الدور الكبير الذى يلعبه البنك المركزى “الرقيب” ، خاصة فى إلزام البنوك بين الحين والأخر بضرورة التوافق مع المعايير الدولية، حيث أصبحت عملية تطوير البنوك عملية ديناميكية ومستمرة، ولكن تبقى نقطة واحدة يجب العمل عليها تلك الخاصة برأس المال ، ويبدو أن “المركزى” فى الطريق لإدخال تعديلات على قانون البنوك يتضمن تلك المواد ، ولكن بات من الضرورى الإسراع فى هذا الشأن،حتى يبقى الجهاز المصرفى حائط الصد المنيع وقت الأزمات .
كلنا أمل أن تكون الأيام القادمة أفضل ، وأن يكتب لمصرنا الحبيبة العبور الإقتصادى الذى يؤمن حياة الأجيال الحالية ، ويرسم مستقبل مشرق لكل الأجيال القادمة .