الأحد , 24 نوفمبر 2024

أزمة أسعار الغاز.. صناعة الأسمدة خائفة من النفق المظلم !!

كتب أميرة محمد

تعرضت صناعة الكيماويات والبتروكيماويات والأسمدة لأزمة كبيرة بالسوق المصرية ، وذلك خلال  الفترة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بتكلفة إنتاج الأسمدة على المصانع، بالتزامن مع إرتفاع أسعار الغاز الحالية المحددة من الحكومة ، وبالتالى التأثير المباشر على قدرة الشركات على الوفاء بإلتزاماتها تجاه البنوك . 

قيادات البنوك ومسئولى الإئتمان، أكدوا أن المصارف عند منح الإئتمان لأى مشروعات كبرى وفى قطاعات بعينها مثل: الأسمدة والبتروكيماويات والصناعات الإستراتيجية ، فإنه يتم دراسة المشروع بشكل جيد، بالإضافة إلى التأكد من مدى الملاءة المالية للمشروع ، وقدرته على سداد التمويل وأعباء الدين والفوائد .

أشاروا إلى أنه رغم ظهور تداعيات إرتفاع أسعار الأسمدة فى الأونة الأخيرة ، إلا أن البنوك تقوم عند منح الإئتمان بدراسة الوضع الراهن ، وتضع الإشتراطات اللازمة للمخاطر المحتملة ، كما تضع فى إعتبارها مخاطر تطورات الأسعار العالمية ، بالإضافة إلى وضع معادل لهذه الإرتفاعات بما يضمن لها استمرار تحقيق المشروع للعوائد اللازمة .

أوضحوا، أنه بجانب هذا الأمر فهناك بعد مهم لا يمكن تجاهله يتعلق بمبادرات البنك المركزى الخاصة بالصناعة ، والتى تتيح للبنوك دعم أصحاب المشروعات الصناعية الإستراتيجية ، وذلك عن طريق الإستفادة من فرصة الحصول على تمويل بسعر عائد مميز بما يخفف الأعباء التى يقابلها العميل ، وهو أمر متبع من قبل تفشى أزمة فيروس كورونا ، مشيرين إلى أنه تم منح المزيد من المزايا بعد أزمة كورونا ، الأمر الذى يجعل احتمالات تعرض أصحاب مصانع الأسمدة والبتروكيماويات للتعثر أو عدم القدرة على الوفاء بإلتزاماتها أمر غير وارد الحدوث، وذلك فى ضوء الرؤية الإستباقية للبنوك والبنك المركزى المصرى.

يأتى ذلك فى الوقت الذى ذكرت فيه بعض المصادر، أن الشركات المنتجة للأسمدة طبقا لقرارات مجلس الوزراء ملزمة بتوريد 10 % من إنتاجها اليومى بشكل سماد حر ، و55 % من الإنتاج يصل الجمعيات لبيعه بسعر مدعم بقيمة 4800 جنيه للطن فى الجمعية ، وذلك قبل أن يسمح لها بتصدير 35 % المتبقية للخارج بالسعر العالمى.

مجدى الشراكي، رئيس جمعية الإصلاح الزراعي، قال أن الأسمدة المدعمة لا تعاني من أزمات فى توافرها ، ولا تجد حالياً من يشتريها فى الجمعيات بعد تفعيل قرارات مجلس الوزراء التى فرضت توريد 55 % من إنتاج الشركات لصالح وزارة الزراعة ، و10 % للبيع بالسعر الحر خارج الجمعيات والباقى للتصدير، موضحاً أن الجمعيات الزراعية تقوم بدورها فى توزيع 55 % من إنتاج مصر من الأسمدة بشكل مدعم.

أضاف، أن السعر المناسب لتداول طن السماد الحر هو 8000 جنيه للطن، حتى يتم تسويقه ، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة سترسل بيانات لهيئة الجمارك المصرية بالكميات المسموح بتصديرها من الأسمدة من كل شركة، فعلى سبيل المثل لو قامت أحدى الشركات بتوريد 100ألف طن لوزارة الزراعة يسمح لها بتصدير 35 ألف طن وهكذا.

ممدوح حمادة رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى، أكد أن حجم التوريد اليومى لجمعيات وزارة الزراعة يتراوح بين 9 آلاف إلى 10الآف طن يومياً.

كان مجلس الوزراء قد حسم أزمة السماد قبل أيام بربط صدور موافقات التصدير للشركات بمدى التزامها بالتوريد لصالح وزارة الزراعة، حيث تقوم الأخيرة بإصدار شهادات الموافقات التصديرية ، بناءاً على ما يتم توريده لها يومياً مع ربط ذلك بمعدلات ضخ الغاز يومياً.

وطبقا للقرار فإن الشركات توجه 55% للبيع بسعر مدعم فى الجمعيات الزرعية بسعر 4800 جنيه لليوريا – سعر نهائي- ، و4700 جنيه للنترات بينما يتم طرح 10 % أخرى للبيع بالسعر الحر على أن يتم تصدير 35 % الباقية للخارج، مشيراً إلى أن الشركات العاملة فى مصر تنتج 9 ملايين طن أسمدة سنوياً، وأن من مصلحتها أن تحافظ على مستوى الإنتاج.

أضاف، أن الشركات ليس لديها مانع من ضخ نسبة الـ10 % فى السوق المحلية، ولكن المشكلة تكمن فى التخوف من عدم بيع تلك الكمية.

يذكر أن سعر طن اليوريا صعد عالمياً إلى 16 ألف جنيه، نتيجة أزمة الشحن العالمية وتجدد تداعيات فيروس كورونا من جانب وحلول فصل الشتاء فى أوربا من جانب أخر.

كانت الحكومة قد رفعت سعر الغاز الطبيعي لمصانع الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والبتروكيماويات ، والأنشطة الصناعية الأخرى بين 0.25 دولار ، و1.25 دولار للمليون وحدة حرارية، وذلك فى أكتوبر 2021 .

كما نشرت الجريدة الرسمية، قرار رئيس الوزراء، بتحديد الأسعار الجديدة للغاز الطبيعي للمصانع، وتضمن أن يصبح السعر 5.57 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لصناعة الأسمنت والحديد والصلب والأسمدة والبتروكيماويات، أو طبقاً للمعادلة السعرية الواردة في العقود (بدلاً من 4.5 دولار).

كما يحدد القرار سعر المليون وحدة حرارية بريطانية لكافة الأنشطة الصناعية الأخرى عند 4.75 دولار (بدلا من 4.5 دولار)، وفقاً للقرار، حيث تعد صناعة الأسمدة من أبرز الصناعات المؤهلة لمضاعفة صادراتها السنوية، تزامناً مع خطط تطوير مصانع الأسمدة العامة وزيادة الطاقات الإنتاجية لها، حيث تسعى الحكومة لزيادة الصادرات لـ100 مليار دولار خلال 3 سنوات، من خلال مضاعفة الصادرات 3 مرات تقريباً عبر العديد من الآليات.

يذكر أن مصر تنتج نحو 23 مليون طن سماد أزوتى، ويتم استهلاك 9ملايين طن محلياً، وبالتالى يمكن تصدير نحو 14مليون طن للخارج، كما تعد صناعة السماد واحدة من أهم الصناعات على مستوى العالم، علاوة على أهميتها الكبيرة للزراعة فإن فائدتها التصديرية كبيرة حول العالم ، وتبلغ حصة الشركات العربية من صادرات الأسمدة 33% عالمياً، تمثل 72 مليون طن، في وقت يصل إجمالي صادرات الأسمدة عالمياً إلى 224 مليون طن.

قامت البنوك بتقديم تمويلات فى قطاع  الأسمدة لدعم هذه الصناعة الحيوية ، خاصة مع إرتفاع أسعار الأسمدة ، حيث قامت مجموعة إيفرجرو للأسمدة المتخصصة، بتوقيع قد قرض مشترك ع مع  بنوك  المشرق دبي، والأهلي المصري، وبمشاركة 10 بنوك مصرية ، وذلك بقيمة 400 مليون دولار أمريكي ، يعادل 6.3 مليار جنيه  فى أبريل 2021.

يعد هذا القرض من أكبر القروض الدولارية التي تمنحها البنوك لشركات القطاع الخاص بالسوق المصري في مجال الأسمدة البوتاسية ، خلال السنوات العشر الماضية، حيث يعتبر التمويل أحد ركائز برنامج الإصلاح المالي للمجموعة برعاية البنك المركزي المصري ، ويشمل برنامج الإصلاح المالي للمجموعة منح قرض مشترك دولاري يرتبه بنك المشرق والبنك الأهلي المصري ، وبمشاركة 10 بنوك مصرية بقيمة إجمالية 400 مليون دولار (منها 326 مليون دولار لإعادة تمويل التسهيلات الائتمانية القائمة للبنوك المشاركة في ذلك القرض المشترك، كما يتضمن 74 مليون دولار لتمويل استكمال إنشاءات المرحلة الثالثة من مجمع السادات الصناعي).

المهندس محمد الخشن، رئيس مجلس إدارة مجموعة إيفرجرو للأسمدة، قال أن المجموعة تثمن مساندة البنك المركزي المصري والقطاع المصرفي لمجموعة ايفرجرو ، وتقديم كل الدعم لبرنامج الإصلاح المالي للمجموعة وزيادة قدراتها الإنتاجية، وذلك من خلال تمويل توسعاتها الصناعية الجديدة، مؤكداً أن القطاع المصرفي هو الشريك الأصيل للصناعات الوطنية في مصر.

أكد، أهمية دور مجموعة إيفرجرو ومنتجاتها في قطاع الأسمدة والأحماض والأعلاف في الوفاء بمتطلبات السوق المحلية، وزيادة فرص التصدير في هذا القطاع الحيوي الذي يخدم قطاعات الصناعة والزراعة والأمن الغذائي، مشيراً إلى أن تمويل توسعات المجموعة الصناعية الجديدة سترفع الطاقة الإنتاجية السنوية لجميع منتجات الشركة من 817,000 طن حالياً إلى 1,150,000 طن سنوياً.

أحمد خليفة، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة ايفرجرو للأسمدة، قال إن توقيع هذا القرض يمثل شهادة نجاح لبرنامج الإصلاح المالي للمجموعة، ويعكس دعم القطاع المصرفي للصناعة في مصر، موضحاً أن أعمال استكمال الإنشاءات للمرحلة الثالثة بالمجمع الصناعي بمدينة السادات ستستغرق 9 شهور، وسوف تضيف طاقة إنتاجية جديدة بدءاً من أول يناير 2022 قدرها 110 ألف طن من الأعلاف الحيوانية والسمكية، مضيفاً أن تلك الأعلاف يمثل استيرادها عبء كبير على خزينة الدولة، وتوفيرها محليا يدعم سياسات الدولة الخاصة بالأمن الغذائي.

ذكر ، أنها ستضيف نحو 100 ألف طن من أسمدة السوبر فوسفات ، و90 ألف طن من كلوريد الكالسيوم ، و33 ألف طن من حمض الفوسفوريك، مؤكداً أن القرض الذي وقعته المجموعة مع البنوك المصرية برعاية البنك المركزي يدعم مكانة ايفرجرو للأسمدة المتخصصة ، كُونها أكبر منتج أسمدة بوتاسية في الشرق الأوسط وافريقيا، وثالث أكبر منتج على مستوى العالم بطاقة إنتاجية 1,150,000 طن سنويا، تصدر حوالى 65% منها إلى أكثر من 33 دولة، بما يوفر لخزينة الدولة 200 مليون دولار سنويا، تكلفة استيراد الأسمدة البوتاسية من الخارج، فضلا عن توفير ما يزيد عن 250 مليون دولار حصيلة صادرات متوقعة للمجموعة بعد اكتمال المرحلة الثالثة من المجمع الصناعي بمدينة السادات.

هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، قال أن البنك يحرص على توفير التمويلات اللازمة للمشروعات الصناعية الكبرى ، بما يعزز من قدرات الدولة على تحقيق زيادة في الإنتاج المحلي، وخاصة المشروعات التي تساعد في الحد من الاستيراد وتعزز زيادة الصادرات المصرية، وزيادة القدرات التصديرية للدولة.

يحيى أبو الفتوح نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أكد أن دور البنك الأهلي القيادي في مجال تمويل المشروعات والقروض المشتركة هو استكمالاً للنجاحات المتعددة التي حققها في ترتيب العمليات التمويلية الداعمة للاقتصاد القومي، بالتعاون مع البنوك والمؤسسات المالية المحلية والدولية.

أضاف، يواصل البنك الأهلي المصري صدارته على مستوى البنوك في مصر، ومركزه المتقدم على مستوى دول الشرق الأوسط وإفريقيا خلال السنوات الماضية، وذلك في مجال القروض المشتركة وتمويل المشروعات .

عمرو البهي، الرئيس التنفيذي لبنك المشرق مصر، قال أن البنك يسعى دائما للمساهمة بدور فعال في دعم الاقتصاد المصري، وأن تمويل الأنشطة الصناعية الوطنية، وخاصة تلك التي تستهدف التصدير هو أحد محاور خطة عمل البنك.

أوضح البهى، أن نشاط تصنيع الأسمدة يعد من أهم القطاعات الإستراتيجية لارتباطه الوثيق بالأنشطة الزراعية والغذائية، فضلاً عن قدرته على تغطية جانب من إحتياج السوق المحلي من الأسمدة كبديل وطني للمنتجات المستوردة، وتعزيز حصيلة العملات الأجنبية للدولة بما يدعم العملة المحلية واستقرار سعر الصرف.

الدكتور هانى حافظ الخبير المصرفى، قال أن البنوك عندما تبدأ فى تقييم الدراسة الإئتمانية لمشروع معين ، فإنها تضع فى إعتبارها كافة المخاطر المحتملة ، سواء على مستوى ملاءة العميل الإئتمانية ، ومستقبل المشروع والتحديات المحتملة على مستوى المخاطر التشغيلية ، كذلك التحديات الخارجية المتوقعة .

أضاف، أنه فيما يتعلق بقطاع الأسمدة ورغم التحديات  الخاصة بإرتفاع أسعاره نتيجة لزيادة أسعار الغاز محلياً ، وإرتفاع الأسعار العالمية للأسمدة ، إلا أن البنوك تجد أن هذا القطاع  الحيوى يتمتع بملاءة مالية تؤهله لتحقيق عوائد تكفى لسداد أصل القرض والفوائد وأعباء الدين .

أشار إلى أن قطاع الأسمدة كان من أكثر القطاعات التى استفادت من مبادرة الصناعة ، حيث تم إعادة الهيكلة المالية لقرض إيفرجرو ، كما ساهمت البنوك فى تمويل مصنع كيما 2، مستبعداً تعرض العملاء من أصحاب مصانع الأسمدة للتعثر ، مؤكداً أن المخاطر المحتملة يتم دراستها واحتسابها ، وفى الوقت نفسه فإن القطاع واعد وهناك فرصة للاستفادة من وفرة الغاز محلياً لمواجهة تطورات إرتفاع السعر العالمى .

الدكتور أحمد نصار الخبير المصرفى، ذكر أن مسألة تعرض أصحاب مصانع الأسمدة الحاصلة على قروض من البنوك  للتعثر  ، بعد إرتفاع أسعار الأسمدة عالمياً، وزيادة تكلفة أسعار الغاز على مصانع الأسمدة والبتروكيماويات محلياً أمر غير وارد على الإطلاق .

أضاف، أن البنوك تقوم بدراسة التمويل دراسة إئتمانية وافية قبل إتخاذ قرار منح القرض ، وخاصة مع الصناعات الإستراتيجية والحيوية مثل صناعة الأسمدة والبتروكيماويات ، مشيراً إلى أن المبادرات التى أطلقها البنك المركزى المصرى لدعم الصناعة من قبل تفشى أزمة كورونا منذ نهاية عام 2019 ، وتم زيادة الحوافز عليها بعد إنتشار الأزمة ساهم فى دعم الصناعة .

 

 

شاهد أيضاً

  أبرزها زيادة رؤوس أمولها .. المراكز المالية للبنوك حائط الصد الأول !

  أكد عدد من الخبراء ومسؤولى البنوك أن إرتفاع المراكز المالية للبنوك العاملة بالسوق المحلية …